الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثانيا : الأيديولوجيا الماركسية

رمضان عيسى

2016 / 11 / 1
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


تطرح الماركسية أفكارا مترابطة عن الكون والمجتمع ، وحلولا عصرية لكل ما يواجه الإنسان من معاضل أو تساؤلات في هذا العصر .
كما وتؤمن الفلسفة الماركسية بالتطور التاريخي للمجتمعات الذي يرتكز على تطور وسائل الإنتاج الغذائي والصناعي ، والذي سوف يقابله مستوى معين من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية .
كما وتؤمن الفلسفة الماركسية بأن كثير من العوامل تساعد على دفع عجلة التاريخ إلى الأمام ، إلا أن المحرك الرئيسي للتطور التاريخي هو الصراع الطبقي الذي تقوم به الطبقات المظلومة ضد الطبقات الظالمة من أجل إعادة توزيع خيرات الوطن .
والماركسية تفترض الوعي في الحراك الشعبي الهادف للتحرر الاجتماعي ، وليس العفوية . فالعفوية في أي حراك شعبي لا يمكن أن تأتي بالنتائج المطلوبة ، ومن الممكن الالتفاف على المطالب الجماهيرية بسهولة ، وإفراغها من محتواها .
لهذا تؤمن الماركسية بأن المهمة الأولى التي تقع على كاهل الأحزاب العمالية ، هي نشر الوعي والترشيد الطبقي بين صفوف العمال والفلاحين ، لأنهم أولى الطبقات التي لها المصلحة القوية في التغيير لأنهم لا يملكون شيئا ، وفي التغيير لن تخسر غير قيودها الاقتصادية والاجتماعية .
وفي التحليل النهائي ، تهدف الماركسية إلى إقامة مجتمع خال من جميع سلبيات الملكية الخاصة ، وإقامة مجتمع خال من الفوارق الاقتصادية الحادة التي تكون نتيجتها خلق طبقات اجتماعية تسيطر على وسائل الإنتاج وتستأثر بالدخل الوطني ، وبالتالي يتم حرمان جموع غفيرة من السكان من وسائل العيش الكريمة .
إنها تهدف إلى إقامة مجتمع الكفاية والعدل ، مجتمع " من لا يعمل ، لا يأكل " ، مجتمع لا مجال فيه للكسالى والطفيليين ، مجتمع " لكل حسب حاجته " .
من هنا لما كانت الرأسمالية مجتمعا متعدد الطبقات ، متعدد الأزمات الاقتصادية ، من كساد إنتاج إلى إضرابات إلى تضخم نقدي ، إلى انهيار مؤسسات إنتاجية ، إلى فقدان العمال لمصادر رزقهم . فلا مفر من صراع الطبقات ، لا مفر من الصدامات الطبقية ، وبالتالي تكوين الأحزاب العمالية التي تدعو إلى اللجوء إلى الحلول التي تطرحها الماركسية .
ورغم التنازلات العينية أو المالية التي تقوم البرجوازية بدفعها على هيئة ضرائب لتسكين الصراع الطبقي ، ألا أنها لا يمكن أن تخفي علائم الظلم الاجتماعي الذي يعشش في ثنايا النظام الرأسمالي .
إن الماركسية لا تطرح حلولا خارج المجتمع ، بل حلولا لما ينشأ في المجتمع من تناقضات أهمها التناقض الذي ينشأ بين مستوى تطور وسائل إنتاج الخيرات المادية ، وبين العلاقات الاجتماعية المحصورة بالملكية الخاصة التي تتيح للطبقة المالكة السيطرة على خيرات المجتمع ، تاركة جموع غفيرة من الناس في حالة من العوز الاقتصادي ، والخوف من المستقبل 0
كما أن الماركسية تؤمن بالترابط بين جانبين هما الجانب النظري الأيديولوجي والجانب العملي الاجتماعي . فالجانب النظري الفلسفي يجري استيعابه من قبل المثقفين الثوريين والبؤرة الثورية ، والكادر التنظيمي ، وفيه يحتاج العنصر لأن يكون لديه إلمام بمعلومات علمية وفلسفية وتاريخية واقتصادية واجتماعية ليصل إلى مرحلة الوعي والاعتقاد بالمُثل الثورية للأيديولوجيا الماركسية ، والالتزام بالأخلاق النضالية للوصول إلى مرحلة الانتماء والتفاعل الثوري والتضحية من أجل هذه المثل .
أما الجانب العملي الاجتماعي ، فهو النضال والتفاعل النشط مع الجماهير من خلال النقابات المهنية المتعددة ، والجمعيات الزراعية والنسائية والمؤسسات التعليمية والصحية ، والنوادي الشبابية والتجمعات الثقافية .
وهذا هو المدخل إلى الجماهير الغفيرة من المظلومين والفئات التي تعاني من الإهمال والتهميش أو الاضطهاد بسبب اللون أو الدين أو الجنس .
فبقدر ما ينشط الحزب الماركسي اجتماعيا ، وبقدر ما يطرح من حلول واقعية للمشاكل التي تعاني منها الجماهير ، بقدر ما يكسب مزيدا من الأنصار والمؤمنين بالمثل الإنسانية الجماعية التي تدعو لها الماركسية .
ولما كانت الرأسمالية بحكم تركيبها المتناقض دائمة الأزمات ، وتتهرب من الحلول الاقتصادية ذات المصلحة الفعلية للجماهير من عمال وفلاحين ، لهذا كانت الحلول الاجتماعية والاقتصادية التي تطرحها الماركسية هي التي تستجيب لطموحات هذه الجماهير في التحرر الاقتصادي والاجتماعي.
إن الماركسية هي الفلسفة الوحيدة التي تُجد في أدبياتها المبررات النظرية لكل حراك ثوري اجتماعي ، فهي تنطلق من قوانين الجدل الماركسي وخاصة " قانون التراكم الكمي يؤدي إلى تغير كيفي " ، والذي يوضح حتمية التغيير الثوري ، " الطفرة "، الانفجار الثوري في حال احتدام الصراع بين أضداد المجتمع .
إن هذا هو الأساس النظري الملهم لكل حراك ثوري هادف إلى التغيير الجذري . فالماركسية هي فلسفة التغيير ، وهذا ما قصده ماركس حينما قال :
"إن الفلاسفة لم يقوموا في الماضي إلا في تفسير العالم بهذا الشكل أو ذاك ، ولكن المهم هو تغييره" لهذا أصبحت الماركسية دوما هي الملهمة لكل حراك ثوري اجتماعي أو تحرر وطني هادف إلى تغيير الواقع السيئ الذي تعيشه الجماهير .
ولما كانت المادية الجدلية فلسفة الماركسية هي نظرة شمولية تطورية للطبيعة والمجتمع والتفكير الإنساني ، وتؤمن بالترابط التسلسلي السببي بين الظواهر ، لهذا فهي ذات منهجية يمكن الاعتماد عليها في التحليل والمحاورة والاستنتاج والتنبؤ العلمي .
لهذا فهي فلسفة باقية يجد فيها الفرد أو الجماعة المبررات النظرية والفكرية لكل طموح نحو تغيير المجتمع إلى الأفضل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد رمضان
فاخر فاخر ( 2016 / 11 / 1 - 20:18 )
أنت تبتذل الماركسية
الماركسية قوانين علمية قبل أن تدخل إلى العقل البشري لتصبح أفكارا
انها فعل الديالكتيك في المجتمعات البشرية
إتها بلا أهداف كل النظريات العلمية لا أهداف لها
قانون الصراع الطبقي يقود لدكتاتورية البروليتاريا التي تعمل آلياً على إلغاء كل علاقات للإنتاج في الشيوعية

أنت كمن يقول أن المادية الديالكتيكية تعمل في الطبيعة من أحل الوصول إلى أهداف مقررة مسبقاً!!!!


2 - الى فاخر +++
رمضان عيسى ( 2016 / 11 / 1 - 21:02 )
أنت تقول أنني أبتذل الماركسية ،
والملاحظ أنك تحفظ اتهامات ولا تعرف أين توجهها ، فقط تبذرها هنا أو هناك لتدلل أنك تعرف . +++ فهل قرأت كل فكرة في الموضوع ؟ الابتذال هو الفهم الميكانيكي لقوانين الجدل وللماركسية ، وما طرحته أنا هو الفهم الديناميكي الذي ينطلق من فهم قوانين الجدل والمتناقضات في المجتمع وفهم الرؤى المستقبلية لكيفية وآلية الحلول ، والاقتناع بها والتفاعل معها لتكون ملهماً ومرشداً في العمل الثوري للتغيير الاجتماعي لصالح الطبقات المضطهدة .
ولتسريع فعل قوانين التاريخ يجب أن يكون هناك حراك اجتماعي تقوده أحزاب عمالية أو ممثيليها من المثقفين الثوريين المنضويين ضمن أحزاب الطبقة العاملة والمخلصين لمبادئها الثورية .
ان التغيير يفترض الوعي والمشاركة الفاعلة بالتفاف الجماهير وايمانها بالمُثل الاشتراكية +++
== اقرأ ، راجع مقالاتنا الفكرية عبر موقعنا في الحوار المتمدن وشكراً -


3 - المادية
فاخر فاخر ( 2016 / 11 / 3 - 06:13 )
االمفكر رمضان عيسى يتجاوز حقيقة أن الفكر إنما هو انعكاس للواقع
عليه أن يفهم أن الإنسان لا يبدأ التفكير بتفكيك أي تناقض قبل أن يكون هناك تناقض وتناقض لحوح

اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري