الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الهيئة العربية العليا والقائمة المشتركة

تميم منصور

2016 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


بين الهيئة العربية العليا والقائمة المشتركة
تميم منصور

كل يوم يمضي من عمر حكومة النكبات برئاسة بنيامين نتنياهو ، المدعومة من ائتلاف يميني فاشي لم تعرف إسرائيل مثله من قبل ، يؤكد بأن الطريق التي اختارتها القيادات العربية ، الوطنية في انتخابات الكنيست الأخيرة ، كانت طريق الصدق والصواب ، وتؤكد بأن إقامة القائمة المشتركة يعتبر انجازاً تاريخياً ، حققته الجماهير العربية ، رضي من رضى ورفض من رفض ، أدركت القيادات العربية الوطنية بعد مضي وقت طويل ، بأن إسرائيل تهدف في سياستها وتعاملها مع المواطنين العرب ، العمل على ضرب وحدتهم ، والاستمرار في تقسيمهم الى شيع وطوائف وقبائل وأطر لا قيمة لها ، كما أنها تعمل على تفريق وبعثرة قواهم السياسية ، حتى لا تتوقف المهاترات والصراعات بين أحزابهم الوطنية ، وابتعادها عن الغاية التي أقيمت من أجلها. هذا ما فعلته بريطانيا المدعومة من الحركة الصهيونية ، أثناء انتدابها على فلسطين ، في الفترة الواقعة بين عام 1918 – 1947 ، ان الخلافات والصراعات داخل صفوف الحركة الوطنية في فلسطين أثناء فترة الانتداب كانت السبب في افشال المشروع القومي الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة ،كانت مظاهر هذه الخلافات خطيرة للغاية ، تجسدت بعمليات الاغتيال والعنف ، ومحاولات الوقوف في وجه الثورة ، كما فعل حزب عائلة النشاشيبي وأعوانه ، فقد وقف هذا الحزب الى جانب السياسة البريطانية في معاداة قوى الثورة ، كما وقفت الى جانب الأمير عبد الله ، الذي لم يكن متحمساً لإقامة دولة فلسطينية مستقلة .
لكن القيادات تمكنت في النهاية من تجاوز الكثير من الصعوبات ، وأفلحت في إقامة قيادة فلسطينية سياسية واحدة ، عكس ما كان في المجال العسكري ، حيث لم تكن قيادة عسكرية مشتركة للجميع ، عرفت هذه القيادة السياسية باسم الهيئة العربية العليا ، قادها المفتي أمين الحسيني ، لم تعارض بريطانيا ومن ورائها الحركة الصهيونية إقامة مثل هذه الهيئة ، لادعاءات كثيرة ، لكن الحقيقة ان بريطانيا اعتقدت انها قادرة على وضع هذه القيادة في سلة واحدة ، كما فعلت في الجامعة العربية فيما بعد ، آمنت أنه اذا وضعت في سلة واحدة يسهل التحكم بقراراتها .
هذا ما حدث في كثير من المحطات النضالية التي وقفت وراءها هذه القيادة .
المحطة الأولى ، موافقة هذه القيادة على وقف الأضراب عام 1936 ، بعد تدخل ملوك وامراء الأنظمة العربية في ذلك الحين ، خاصة أمير شرق الأردن .
أما المحطة الثانية : حيث أثبتت عدم جدارة هذه القيادة وتبعيتها لإجندات خارجية ، سقوطها مرة ثانية داخل حلقة خداع بريطانيا ، وعملائها من الأمراء والملوك العرب ، عام 1939 ، بأن اعتبروا الكتاب الأبيض الثالث نصراً لثورتهم ، فأطفأوا نيران الثورة ، عشية اندلاع الحرب العالمية الثانية ، بدلاً من استغلال هذه الحرب لصالحهم.
لا نبالغ اذا قلنا بأن وجه الشبه ليس بعيداً بين إقامة الهيئة العربية العليا من الأحزاب الفلسطينية عام 1935 ، وبين إقامة القائمة المشتركة من الأحزاب الفلسطينية الحالية ، مع أن الأولى لم تقم تحت سقف برلمان ، كما هو الأمر بالنسبة للقائمة المشتركة ، ورغم أن مهمة كل منهما تختلف عن الأخرى إلا أنهما تلتقيان أمام القيمة والأهمية السياسية ، وهي وحدة الصف ، ووحدة الكلمة لتحقيق الغاية التي أقيمت من أجلها .
ان ممارسات ووجود أعضاء القائمة المشتركة تؤكد بأن الاتفاق على اقامتها يعتبر مشروعاً وطنياً هاماً ، رغم رفض البعض اقامتها ، كذلك فأن ردود الفعل من قبل أعضاء اليمين في الكنيست على مواقف أعضاء القائمة المشتركة من ممارسات حكومة نتنياهو ، يؤكد بأن وجود الأعضاء العرب داخل هذا البرلمان العنصري ضروري للغاية ، للتصدي للهجمة اليمنية ضد الجماهير العربية ، ولتعرية سياسة حكومات الأبرتهايد المتعاقبة .
وجودهم أثبت أنهم علة داخل صدور كل العناصر اليمنية ، خارج الكنيست وداخلها ، احدى مظاهر هذه العلة قرار أعضاء أئتلاف حكومة نتنياهو ، مقاطعة أعضاء القائمة المشتركة بالامتناع عن سماع أي خطاب يلقيه أي عضو من القائمة المشتركة لمدة أسبوع كامل ، احتجاجا على امتناع أعضاء المشتركة من المشاركة في جنازة شمعون بيرس، في رأيي أن هروب هؤلاء العنصريين من برلمانهم العنصري وحده انجازاً كبيراً ، مردوده وطني ، يؤكد أهمية وجود الأعضاء العرب ، فعند خروج نتنياهو من داخل عرينه العنصري ، لأنه يهرب من سماع عضو عربي من القائمة المذكورة ،هذا بحد ذاته هزيمة له ولعنصريته وديمقراطية لإصراره على ان تكون إسرائيل دولة للشعب اليهودي فقط .
أن ما حدث في بحر هذا الأسبوع عند افتتاح الدورة الشتوية البرلمانية ، فقد هرب أعضاء الائتلاف بعد أن بدأ العضو طلب أبو عرار بالقاء كلمته ، بهذا تحول وجود الأعضاء العرب من علة الى سعال شديد ، خاصة بعد أن طلب المتحدث باسم القائمة المشتركة من الأعضاء المتواجدين في قاعة الكنيست بالوقوف دقيقة حداد احياءاً لذكرى مجزرة كفر قاسم ال 60 ، هذا انتصار آخر تحققه هذه القائمة ، لأن هذا الطلب الصادق أثار حفيظة وزير السياحة العنصري يريف ليفين ، الذي أخذ يرغي ويزبد ، وقال أن هذا المكان ليس مسجدا أو ملكاً لكم ، بدلاً من أن يشارك الأعضاء العرب بالتعبير عن موقفهم الوطني اتجاه المجزرة المذكورة ، ان الوقوف دقيقة أو أكثر حداداً على ضحايا من المواطنين العرب ، داخل برلمان إسرائيل المسؤولة الأولى عن هذه المجزرة ، وغيرها من المجازر ، هو انتصار للمجزرة ولذكراها ، وانتصاراً هاماً ومميزاً للحركة الوطنية الفلسطينية في الداخل الفلسطيني ، وفيه رؤيا لكل المتطاولين على القائمة المشتركة ، ولكل المترددين على ممارسة حق المواطنين العرب في المشاركة في الانتخابات البرلمانية .
سوف تثبت الأيام بأن إقامة القائمة البرلمانية المشتركة له أهمية ، او تفوق أهميته اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية ، لأنه يوجد في هذه اللجنة ثغرات ونواقص ظهرت من قبل ضعاف النفوس خلال تاريخهم والتي توجوها بالمشاركة في جنازة بيرس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى