الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المعارضة السورية و أياديها البيضاء على الثورة السورية
مازن كم الماز
2016 / 11 / 2مواضيع وابحاث سياسية
لن أتكلم هنا من منطق لاسلطوي , و لن أتكلم عن الجماهير السورية , و لا عن تهافت الصراع التركي الإيراني أو السعودي الإيراني أو الأمريكي الروسي و عبثيته من زاوية مصالح الجماهير , سأتكلم من منطلق سلطوي يتجاهل قتل السوريين العاديين و قمعهم على يد من نصبوا أنفسهم مدافعين عنهم ضد وحشية الأسد , سأتكلم من منطلق سلطوي يعتبر انتصار المشروع السعودي أو الإردوغاني على أنه بالفعل انتصار لحرية السوريين العاديين و أن تحولهم إلى رعايا في إمارة إسلامية ما على منهج النبوة سيكون قفزة نوعية لا مثيل لها مقارنة بكونهم رعايا أسديين أو أن السلطنة الإردوغانية ستكون أفضل من الخامنئية أو أن الإسلام السني السياسي أفضل من الشيعي , على الأقل لأنه يفرض على السنة أن يكونوا سنة لا أن يتحولوا إلى شيعة , أو لأن أبو بكر أو معاوية أفضل من علي حقا و فعلا , الخ الخ , و سأفترض أيضا أن أوباما , أو كلينتون أو ترامب , مستعد فعلا للدخول في حرب نووية كيلا يخسر نفوذه في سوريا , أو أن بوتين لن يرد من الأساس على أي تدخل أمريكي فعال , أو أن هناك بالفعل طريقة لخوض حرب نووية على مستوى العالم دون تدمير الأرض , بما في ذلك قصر الشعب بدمشق , لكن إذا تصادف و تحقق كل ذلك بالفعل , سيتعين على المعارضة السورية , الليبرالية تحديدا و أختها الإسلامية المعتدلة التي تطالب أمريكا بالتدخل لحماية مصالحها الإمبراطورية أو الإمبريالية , و في نفس الوقت : لحماية الشعب السوري من الإبادة , أو حماية السنة أو الحلبيين أو الأطفال الخ , أن تجيب على عدة إشكاليات و أسئلة تهم بكل تأكيد كبار الجنرالات و المخططين الاستراتيجيين لتلك الدولة الامبريالية التوسعية الكولونيالية , الديمقراطية و العنصرية في نفس الوقت , حسب المعارضة السورية .. مثلا , كيف ستحكم هذه المعارضة سوريا .. أية قوة ستسند إليها في هذا الحكم .. كيف ستقاوم هجوما داعشيا أو من حبيبتها فتح الشام ( النصرة سابقا ) إذا قررت الأخيرة أن تبني دولة الخلافة المنتظرة و لا تخضع للحكم الجديد بدمشق , خاصة أن الديمقراطية كفر بواح و تشبه بالكفار و من تشبه بقوم فهو منهم .. هل يجب أن تبقى قوات المارينز في سوريا لحماية الديمقراطية الوليدة حتى تشكيل قوات كافية للدفاع عن قصر الشعب ضد هجمات الدواعش و أشباههم .. و هل عليها أن تتدخل مرة أخرى في حالة انهار الجيش الديمقراطي المدني , أو الإسلامي المعتدل , الذي يفترض أن يكون درع الديمقراطية الوليدة كما انهار جيش المالكي دون قتال أمام حفنة من مقاتلي داعش .. و ماذا إذا أفتى الشيخ المحسيني دام ظله أو قدس سره , بقتال الأمريكان , أين سيميل هؤلاء الليبراليون و الإسلاميون المعتدلون , و قلوبهم يتنازعها هوى المحسيني و الأمريكان , فتارة لا يرون في سوريا إلا هؤلاء الفتية المؤمنين بربهم و يستنكرون أن يتفق لافروف و كيري على قتالهم , و يحق للمرء أن يتساءل لماذا يخشون عليهم و معهم رب السماء و رسوله و ملائكته أجمعين , أيريدون أن يحولوا بينهم و بين حورياتهم , لا و رب الكعبة إن هذا لبهتان عظيم , و تارة يتغزلون بالأمريكان و ديمقراطيتهم و تارة يصفقون لشتائم الإسلاميين لكولونياليتهم الغربية الاستشراقية المعادية للإسلام , السني على الأغلب .. للحقيقة , ربما كان من الممكن بالفعل في منتصف 2012 أن يؤدي إسقاط الأسد إلى صعود حكومة من النخبة المعارضة كبديل ممكن عن النظام رغم أن تلك الحكومة لم تكن لتتمتع بسلطة فعلية على معظم الأراضي السورية , و كانت ستضطر للدخول في لعبة القط و الفأر مع أمراء الحرب و الجهاديين و الزعماء المحليين , على الأغلب بدور الفأر , و ستعمل كحكومة حل نزاعات بين هذه القوى المتنافرة و تهدئة الخواطر الطائفية و المذهبية و القومية و الأثنية و تبويس الشوارب و ترديد عبارات الوطنية السورية الزائفة في حفلات تصفية القلوب و تقاسم النفوذ أو كرد وحيد ممكن على جرائم أمراء الحرب و صراعاتهم الخ .. حتى في ذلك الوقت , كان تشكيل مجلس حكم أو حكومة من هذه النخبة من أصعب المهام و أقربها للاستحالة , و كانت أشرس معارضة لهذه الحكومة ستأتي من داخلها أو من المرشحين لها , لا من الإسلاميين أو من الفوضويين .. كان كل من أقصي أو استبعد أو خسر في لعبة الكراسي الحكومية التي تمارسها المعارضة بشغف منذ بداية الثورة تقريبا , سينتقد أكثر من غيره فساد و لا ديمقراطية الحكام الجدد و ربما وصفهم بأنهم أسديين أو نصيريين أو روافض , بينما كان هؤلاء الحكام سيردون باتهام منتقديهم بالعمالة للأسد و إيران و ربما بأنهم روافض نصيريين .. الحقيقة أن المعارضة لم تحاول خوض المعركة على الأرض أبدا , بل سارعت لتقاسم جلد الدب حتى قبل أن يكون ذلك الجلد موجودا بالفعل , قبل قتل الدب .. افترضت أن المعركة محسومة بالفعل , ليس غريبا أن تقرأ أو تسمع من المعارضين من يقول أن الثورة انتصرت منذ اليوم الأول , منذ اليوم الأول و المعارضة تعيش مرحلة تقاسم التركة لا مرحلة الثورة .. لكن من المستبعد اليوم أن يقبل أمراء الحرب أو الجولاني و شركاه بالتنازل لهؤلاء عن إماراتهم عن طيب قلب .. سيكون على المارينز بعد إسقاط الأسد و تدمير داعش أن يقنعوا الجميع بالسمع و الطاعة للنخبة الليبرالية التي تفترض أنها الأجدر بحكم سوريا , ديمقراطيا بالطبع .. لا يوجد سبيل آخر لإقناع هؤلاء بالتنازل عن إماراتهم لصالح سوريا الجديدة الديمقراطية , لسلطة تلك النخبة .. الحقيقة أنه لم يوجد أمام أوباما , و لا حتى في منتصف 2012 , مشروعا سلطويا متكاملا عن سوريا الجديدة و علاقتها بأمريكا الخ , لم تقدم له المعارضة و لا لغيره , لا يومها و لا حتى اليوم , مشروع سلطة بديلة بقيادتها ذات إمكانية منطقية على الوجود و الاستمرار .. لم تحاول المعارضة حتى خلق مثل هذا التصور أو المشروع أو تسويقه أو أن تزيد من احتمالات قيامه على الأرض , كانت مشغولة بصراعاتها الداخلية و حفلاتها الثورية الخمس نجوم ... أما الإمكانية الموضوعية لوصولها إلى السلطة في منتصف 2012 فلم تساهم هي حتى في صنعها و لم تسع لها بل كانت في الأساس نتيجة موضوعية للامركزية القوى المنفجرة المعادية للنظام الأسدي و غياب قوى مؤثرة أو كبرى ذات مشاريع مختلفة عن مشروع بناء حكم يستند إلى صناديق الاقتراع و إعادة بناء المؤسسات الدولتية تحت سلطة نخبة جديدة .. كفوضوي , لا أعتقد بوجود بديل عن حكم السوريين لأنفسهم , عن التسيير الذاتي لكل شارع و مصنع و حي و قرية , لا بديل عن مجتمع , و عن عالم , يكون فيه الجميع أحرارا و متساوين .. كان من الطبيعي أن نشكل , نحن الفوضويون , مع الإسلاميين "المتطرفين" و أولئك المستبعدين من تقاسم النفوذ و المكاسب في الحكومات الأولى , المعارضة الجذرية للحكم القادم في سوريا , في اللحظة التالية لسقوط نظام الأسد .. لكن استعدادنا لمثل هذه المعارضة لا يعفينا أيضا من مسؤولياتنا أمام أناركيتنا و أمام الناس العاديين و التاريخ , كان علينا أن نشكل الجناح اليساري للقوى المسلحة المعادية للأسد , نحن الوحيدون أو أفضل المرشحين لهذا الدور , كان علينا أن نحمل مشروعنا لحرية كل السوريين على أفواه بنادقنا .. صحيح أننا لا نملك تقاليد الكفاح المسلح للسلفية الجهادية , لكننا نشبههم أو نعادلهم , أو نفوقهم كما قد يفترض : من المفترض أنه لا يوجد مايعادل أو يفوق إيمانهم بإلههم و جنته و حورياته مثل رغبتنا بالحرية , إن فشلنا في بدء تجربتنا "الجهادية" الخاصة هزيمة مهمة لأفكارنا عن التسيير الذاتي للناس العاديين , يتعين علينا مواجهتها بكل شجاعة .. أما بالنسبة للمعارضة السورية فقد كان منطقيا أن تكتفي بمطالبة الجميع بأن يقوموا بمهامها هي , بدلا من أن تحاول أن تضع حلولا يومية لمواجهة المصاعب و النكسات الضرورية في أي صراع كأية قيادة ميدانية , حتى لو كانت سلطوية أو شمولية كحال "الفصائل الإسلامية" , اكتفت بتكتيك واحد هو مطالبة الغرب بدعمها دون حتى أن تضع أمامه مشروع سلطة قابلة للحياة , في حال اقتنع الغرب أو رأى بالفعل أن مصلحته تتمثل في وصولها إلى السلطة .. في السياسة لا يمكن البناء على الأوهام , هذا درس ابتدائي في السياسة السلطوية ... و أسوأ الأشياء هنا أن يحتاج السلطويون للأناركيين كي يعلموهم أو يذكروهم بمبادئ و أولويات السياسة السلطوية
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. نتنياهو: أقدر النصائح التي قدمتها لندن وبرلين لكن إسرائيل ست
.. فلسطينية تشكو من حصولها على مساعدات فاسدة في غزة
.. مراسل الجزيرة يرصد الأوضاع بعد انسحاب الاحتلال من بلدة بيت ح
.. عذاب وتنكيل.. شهادة أسرى محررين من سجون الاحتلال الإسرائيلي
.. عادات وشعوب | قصف -هان دان- لجلب الحظ السعيد