الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة مكثفة إلى تاريخية الضباط الأحرار( 3-4)

عقيل الناصري

2016 / 11 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


نظرة مكثفة إلى
تاريخية الضباط الأحرار( 3-4)

ثانيا: التنظيميات الجمعية الغائية (1948- 1958):
توضح تاريخية حركة الضباط الأحرار أن جملة سمات رافقت صيرورة بدايات حِراكها التنظيمي والفكري وصلاتها الأفقية والعمودية, ونواتها التأسيسة الأولى والشخوص التي مثلت المحور الأرأس لتتمركز حولها. بمعنى آخر لازمت هذه الحركة بصورةِ عامة تباينات عميقة حول:
- تأريخية النشوء وأولوية التأسيس؛
- طبيعة التوجه الفلسفي ومكوناته الفكرية؛
- تبلور التنظيم وبداية العمل؛
- القادة الأرأسيون للتنظيم الغائي للضباط الأحرار.

وتشير كثير من الدلائل إلى أن الشكل الجنيني الأول للتنظيم الغائي، وليس الظرفي كما هو الحال ما قبل عام 1948، قد تكون أثناء حرب فلسطين الأولى وفيها بالذات, كفكرة ودافع. في الوقت ذاته هناك من ينفي وجود مثل هذا التكتل الغائي في تلك الفترة,كما يقول نعمان ماهر الكنعاني إذ "... أنا أتصور أن حركة الضباط الأحرار ليس لها تاريخ يمتد إلى تلك الفترة (حرب فلسطين 1948- الناصري) ولهذا أحببت أن ألقي ضوءاً على الموضوع لعل فيه فائدة ... ". لكن الكثير من الدراسات تؤكد على على وجود مثل هذا التنظيم .
*** االضباط الوطنيون .
كان أول تنظيم غائي وقد أطلق عليه اسم ويميط الباحث د. علاء الدين الظاهر, اللثام عن هذه النقطة بالقول: "... إن بداية التنظيم تعود إلى حرب فلسطين عندما أُحيل عبد الكريم قاسم إلى مجلس عرفي لأنه قام خلافاً للأوامر بتقديم دعم مدفعي للجيش المصري في الفالوجة. أثارت إحالة قاسم للمحاكمة حنق ضباطه فأقدموا على تشكيل تكتل الضباط الوطنيين ... ".
وكان التنظيم يضم كل من : العقيد الركن نجيب الربيعي ؛ المقدم الركن عبد الكريم قاسم ؛ الرائد الركن طارق سعيد فهمي ؛ الرائد الركن عبد الوهاب الأمين ؛ الرائد الركن داود الجنابي ؛ الرائد طاهر يحيى ؛ النقيب محسن الرفيعي ؛ الملازم الأول خليل إبراهيم حسين.
وتشير العديد من المصادر المقترنة بالوقائع التاريخية, رغم تضاربها في التفصيلات, أن تكتل الضباط الوطنيين قد تفتت كمجموعة موحدة عاملة, عند عودة الجيش من فلسطين. لكن مع ذلك بقى بعض من أعضائها(بخاصة عبد الكريم قاسم ورفعت الحاج سري) يواصلون التكتل مستثمرين العلاقات التضامنية /المهنوية/ السياسية، بغيىة تجميعهم حول فكرة التكتل الغائي والتي تطورت لاحقاً إلى تكتلات متبلورة غير ظرفية وذات بناء منظم, أستقلت نسبياً بعضها عن البعض الآخر في المرحلة الأولى, ومن ثم توحدت أكبرها (رغم ما إنتاب مضمونها من خلاف تنظيمي وفكري) في مرحلة لاحقة .
وهنا لابد من التنويه من أن اي باحث جاد لا يستطيع أن يقرر بصورة حاسمة ويقينية وبالأدلة القطعية, متى وكيف تشكلت كتل الضباط الأحرار ومن كان المؤسس الأول لها. فالكل, مع إستثناءات قليلة, تحاول إبراز ذاتها على حساب الآخرين أو تعطي لذاتها الفردية أو التكتلية, على غير إستحقاقها التاريخي , مكانةً أو دوراً بالقرب من القادة المحوريين في الحركة. وسوف نتتبع بصورة مكثفة عن أهم هذه التنظيمات التي تشكلت ما بعد عودة الجيش العراقي من فلسطين عام 1949، منها :
*** التنظيم الشيوعي :
تركز بالأساس آنذاك في قاعدة المؤسسة العسكرية (المراتب- من ضباط صف وجنود) وقد ضم هذا التنظيم خلال الفترة 1947-1949 حوالي 262 عضواً في الجيش. كان منهم 7 طلاب في الكلية العسكرية, في حين مثل ضباط الصف والجنود، المتطوعون والمكلفون، ما يقارب 55% من المنتمين, أي 144 عضواً, وخلا هذا التنظيم من أي ضباط آنذاك. ونتيجة للقمع الذي مُرس ضد الحزب بعد وثبة كانون 1948 وإعدام الحياة لقادته, أنخفض عدد الأعضاء العسكريين في الحزب إلى 92 عضواً كان منهم 6 ضباط وطالب واحد في الكلية العسكرية وآخر في المدرسة الطبية العسكرية وطبيب عسكري .
وهذا التنظيم يمثل استمرار لتكتلين ذو طبيعة حزبية بحتة, إذ "... في أواسط الأربعينيات تمكنت رابطة الشيوعيين العراقيين بقيادة داوود الصائغ المنشق عن ح. ش. ع بقيادة الرفيق فهد, من تكوين منظمة عسكرية برئاسة لجنة من الضباط هم:(الرئيس الركن سليم الفخري, الرئيس الركن غضبان السعد, الرئيس عبد القادر الله ويردي, الملازم حسين خضر الدوري, الملازم عايد كاطع العوادي والملازم صالح الدريعي) ومقرهم في الموصل. وهناك تنظيم عسكري يشرف عليه الرفيق فهد ومسؤوله الملازم عبد العزيز عبد الهادي الذي التحق بالحزب الشيوعي عام 1941, يتكون من خلايا الجنود وضباط الصف... ".
ومن ثم وبعد وثبة كانون الثاني وما تعرض له الحزب الشيوعي من اضطهاد طالت أغلب تنظيماته فقد ألف الملازم الأول (فاضل البياتي) من الحرس الملكي منظمة بين الجنود وضباط الصف. وأتصل بالحزب الشيوعي العراقي وكان قد حقق اتصاله بالمنظمات اليسارية التي سبقته وإنضم إليها. وقد تطور لاحقاً إلى تنظيم ذات سمات حزبية وكون كتلته الخاصة عام 1955 وأطلق عليها إسم "اللجنة الوطنية لإتحاد الجنود وضباط الصف والضباط. وهذه الكتلة الجديدة كانت تظم مستويين من التنظيم : الأول، تنظيم الضباط والثاني، التنظيم الخاص بالمراتب ( ضباط صف وجمود). ويتميز برنامجها برؤيتها الطبقية الرديكالية وبرنامجها ذات البعد اليساري وخطابها السياسي الصارخ الذي تتسم به, وإلى أساليبها التنظيمية التي لا تنسجم مع ما تطرحه الكتل الأخرى. كما إن الاسماء المنظوية ضمن هذه الكتلة أكثرهم تقريباً من المحسوبين على قوى اليسار ومن المنتمين إلى جناحها الرديكالي (الحزب الشيوعي العراقي).. هذا البرنامج وتلكم الشخوص المسيسة كان السبب الأراس في أبعادهم من التنسيق مع أغلب كتل الضباط الأحرار التي لا تقبل في عضويتها غير كتل الضباط. قبل أو بعد توحدها في عام 1957،
*** تنظيم ما بين النهرين
" ... في أوائل العام 1950 تم تشكل تنظيم في الفوج الثالث من اللواء الرابع في الديوانية, منظمة سرية أتخذت لها الإسم السري (ميسوبوتاميا: ما بين النهرين) برئاسة إبراهيم حسين الجبوري. وتم الاتفاق على بذل المجهود في ضم أكبر عدد من الضباط تحت هذا الشعار. بقيت منظمتنا محدودة داخل اطار اللواء المذكور في الديوانية وفي عام 1953 كانت المنظمة تتألف من 23 ضابطاً بمختلف الرتب . وإلتحق بها جملة من الضباط من ذوي التوجهات الديمقراطية منهم بالمنظمة منهم :العميد المتقاعد (إسماعيل علي) وإبراهيم حسين الموسوي. وأتصلت المنظمة بـ (وصفي طاهر) وقرروا تغيير أسم المنظمة, التي أطلق عليها (اللجنة العسكرية المتحدة الحرة) وانتخب العميد (إسماعيل علي) رئيساً والرائد إبراهيم حسين الجبوري نائباً أول وأنتخب (وصفي طاهر) نائباً ثانياً.
وحدث تطور مهم للكتلة بعد إنضمام ما أطلق عليه ب "... جماعة القسم وهم من الضباط الشباب الذين بدأوا نشاطهم بدفع ربع دينار لكل منهم والقسم بالحفاظ على السر ويقود التنظيم طه الدوري ومن بين افراده خزعل السعدي وخليل إبراهيم العلي وأحمد محسن العلي الذين إنضموا إلى صفوف الحزب الشيوعي العراقي فيما بعد بإستثناء الدوري... " وتأسيساً على ذلك فقد كان مآل هذه المنظمة, التي لم تسلط عليها الأضواء الكافية. ورغم تداخلهما من حيث المنطلق الفكري والإشراف الحزبي.
أما علاقة قاسم بالكتل اليسارية فلم أعثر ما يدلل على ما ذهب إليه الزوجان خيري من أن الزعيم قاسم كان عضواً في اللجنة الوطنية لاتحاد الجنود والضباط عندما يقولان: " كما أنظم إليها عدد من الضباط ومنهم وصفي طاهر وعبد الكريم قاسم وإسماعيل علي ", بقدر ما كان له علاقات مع بعض الضباط الشيوعيين سواء أكانوا في الخدمة أو أُحيلوا على التقاعد, منهم: إسماعيل علي وإبراهيم حسين الجبوري ووصفي طاهر وسليم الفخري وغضبان السعد وغيرهم هذا من جهة, ومن جهة أخرى فإن أغلب الضباط المسيسين يعرف بعضهم البعض الآخر وكانوا ينسقون العمل في بعض الآحيان.
*** تنظيم المنصورية :
وهو أكبر الكتل وأكثرها سريةً وانضباطاً. يؤرخ اللواء الركن المتقاعد خليل سعيد فكرة انبثاقه, بقوله: "... ولكن في رأي الشخصي إن البداية للتنظيم الذي فجر ثورة 14 تموز, قد بدأت بعد العودة من حرب فلسطين 1948-1949 وكانت في معسكرات التدريب الإجمالي لسنة 1950 على شواطيء الحلة " بقيادة عبد الكريم قاسم. هذا الرأي فيه شيء من الموضوعية, لكن هذا التنظيم بشكله وقوامه لم يفجر الثورة, بل كان عمودها الأرأس. لكن (أزعم) أنه أرسى حجر الأساس للتكتلات اللاحقة. في الوقت ذاته راح البعض ينفون وجود مثل هذه الكتلة, دون الإستناد لوقائع مادية وبغير تمحيص للوقائع التاريخية, منهم عضو اللجنة العليا الضابط القومي محسن حسين الحبيب كما ورد في مذكراته .
"... وهكذا يظهر للقارئ أن عبد الكريم قاسم ترأس في سنة 1955 أكبر مجموعة من الضباط القادة والأعوان الذين يعسكرون في المنصورية وجلولاء وكان لعبد السلام عارف وطاهر يحيى القدح المعلى في المفاتحة في المفاتحة والضم وكان عبد الكريم قاسم موضع ثقة ضباط جلولاء- المنصورية, وإن الإدعاء القائل بأن عبد الكريم قاسم لا يملك التنظيم ولا ترتبط به كتلة من الضباط يحتاج إلى مراجعة وتدقيق لأنه يفتقر إلى الدليل والوثيقة... ".
أن "... كتلة المنصورية التي يترأسها عبد الكريم قاسم والتي كانت تضم كتلتي المنصورية جلولاء ومن قادتها طاهر يحيى وناظم الطبقجلي (قبل أن ينقل في 15/3/1958 إلى الموصل) وعبد الرحمن عبد الستار وعبد اللطيف الدراجي (بعد أن نقل إلى جلولاء في 15/6/1958) وعبد السلام عارف, ومن أعضاءها فتاح سعيد الشالي وقاسم الجنابي وحافظ علوان وعبد الرزاق محمد سعيد وحسين صادق وعارف يحيى الحافظ ويونس الدوري ورشاد كمال الدين وحسن عبود (قبل أن ينقل إلى اللواء الخامس عشر) وعبد الفتاح المراياتي وعبد الوهاب ياسين ورشيد شاكر وعبد المجيد جليل وعلي العاملي وأحمد صالح العبدي وغيرهم, وفي بغداد كان من كتلة قاسم كل من: عبد الكريم الجدة ومحمود عبد الرزاق ووصفي طاهر, وفي المسيب كان الكثير من ضباط اللواء الأول الذي قاد عبد الكريم قاسم أحد أفواجه يرتبطون بعبد الكريم قاسم, فعلى سبيل المثال لا الحصر منهم: عبد الرضا عبيد وكاظم مرهون الفتلي وكاظم مرهون الكريطي وأكرم محمود وعبد الجبار عبد الكريم الظاهر وغيرهم , ومنهم من كان يرتبط بعبد السلام عارف كالعقيد أحمد حسن البكر والعقيد هادي الراوي... ومنهم من كان له دور فعال في السيطرة على اللواء نفسه منهم على سبيل المثال لا الحصر الملازم الأول طارق عباس حلمي والملازم الأول كامل محمود خطاب...وهكذا يظهر للقارئ أن عبد الكريم قاسم ترأس في سنة 1955 أكبر مجموعة من الضباط القادة والأعوان الذين يعسكرون في المنصورية وجلولاء... ".
لقد أنطلق قاسم يسبر غور الاحزاب العراقية ذات المنطلق العراقوي وبالتحديد: الحزبين الوطني الديمقراطي والشيوعي العراقي ، وأوفد لهما (رسول الثورة - رشيد مطلك) منذ منتصف الخمسينيات ليكسبهما إلى تأييد الثورة، ومعرفة موقفهما، ويسترشد بأرائهما ويقف على مطاليبهما .. ثم كلفهما بمعرفة رأي كل من مصر عبد الناصر حيث تم إبفاد كل من حسين جميل ومحمد حديد، وكذلك كلف الحزب الشيوعي لمعرفة موقف الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية من الثورة المنتظرة وقام بالمهمة عامر عبد الله وجمال الحيدري في البدء وسلام عادل وعامر عبد الله في المرة الثانية .
*** كتلة رفعت الحاج سري- رجب عبد المجيد:
كان رفعت الحاج سري من الضباط القلائل الذين ثابروا على مواصلة العمل التنظيمي الغائي.. وقد تعمق ذلك بعد نجاح الانقلابات العسكرية في سوريا في البدء ومن ثم في مصر ولبنان, أن رفعت الحاج سري كان, بحق, أحد المؤسسين الأوائل لحركة الضباط الأحرار, وليس المؤسس الأول للحركة، في الوقت نفسه لا توجد دالة معلومة ومؤكدة توضح من هو المؤسس المحوري الأول دون غيره. ولذا فإن حركة من هذا القبيل, كانت في البدء ذات صفة سرية من جهة، وذات طبيعة جمعية وليس فردية من جهة أخرى, وهذا ينسجم ودرجة النضج الذاتي للحركة ذات الطابع السري والتي ظلت بعيدة عن أن تؤكد ذاتها كظاهرة في المؤسسة العسكرية في مطلع الخمسينيات. كان رفعت وبحكم مهنويته, ينحو في حياته العسكرية نحو هذا الغائية المستهدفة .
عمل رفعت الحاج سري بمعية رجب عبد المجيد ونظرا لاختلاف طباعهما فقد افترقا كل على حده, أنت في طريق وأنا في طريق ، حسب توكيد رجب (في حين تؤكد بعض الأراء أن رفعت لم يرغب مطلقاً في العمل الموحد مع رجب). وأستمرت هذه الحالة بينهما لغاية 14 تموز. إذ لعب التنافس بين الضباط الأحرار المحوريين، دوراً في تكوين وتفرق بعضهم بخاصةً أولئك الطامحين للزعامة, الذين يرون في أنفسهم أحق من غيرهم من أصحاب الرتب الأعلى في كتلتي المنصورية والقادة (كتلة بغداد) اللتان أصبحتا مركز ثقل اللجنة العليا لاحقاً, وزداد وزنها بعد توحيدهما, حيث كانت رتبة أغلب كتلة القادة أعلى, من رتبة رفعت الحاج سري في فترة تكون هذه الكتلة من أمثال الزعيم الركن ناجي طالب والزعيم الركن نجيب محي الدين.. ولهذا لم ينظم رفعا إلى اللجنة العليا رغم تثبيت عضويته.
وعليه دأب رفعت على تكوين سمعة لنفسه وسط زملاءه في المؤسسة العسكرية, ضمن حدود مفاهيمه الدينية والاخلاقية, المتسمة بالتزمت والصرامة, والابتعاد عن المحرمات الدنيوية المتعارضة مع قيمه الإسلامية ونظرته الاجتماعية وهندسة أبعادها. كما كان متأثراً بالمروث الاجتماعي/الثقافي السائد. هذه السمعة حققت له شيء محدود من الكارزمية في عالمه العسكري وخلقت ثقة لديه في إداء دور مهم في الحياة, وتغذت هذه النزعة من موروثه العائلي (الأرستقراطي) العسكري.
وقد كللت هذه المثابرة نفسها بتكوين هيكلة تنظيمية قائمة على أساس خلوي, تضم كل خلية عدد محدود من الضباط, تطورت لاحقاً إلى تنظيم وتأليف لجنة لقيادة التنظيم في نهاية عام 1951 ومما يؤيد تحليلنا هذا، هو أن أكثر أعضاء لجنته كانوا من ضباط دورته المارة ذكرها, وها أنني أثبت بعض الأسماء للتدليل وليس للحصر متجنباً ذكر الرتب العسكرية لكل منهم وهم: إسماعيل العارف, نعمان ماهر الكنعاني, وصفي طاهر, مجيد جليل, عبد الوهاب الأمين, صالح مجيد السامرائي ومحي عبد الحميد وغيرهم . ومن الملاحظ أن الرجل الذي لعب دوراً في هذه الكتل لاحقاً لم يكن من المؤسسين الأوائل لها .. وأعني به رجب عبد المجيد. ومن هذا المنطلق أني سأقترب من الحقيقة أكثر فأكثر, إذا أطلقتُ على هذه الكتلة أسم كتلة رفعت سري – محي الدين عبد الحميد, نظراً لما لعباه من دور في تنظيمها قبل إنشطارها بعد إنضمام رجب عبد المجيد, الذي سلط الأضواء على ذاته أكثر من الآخرين في كتلة القادة أو تنظيم (بغداد).
لقد توسعت كتلة القادة (بغداد) مجدداً وبصورةٍ كبيرة بعد العدوان الثلاثي على مصر في خريف 1956, الذي ترافق مع تزايد روح التحدي لدى الضباط الأحرار وتصلب عزيمتهم وإصرارهم على بلوغ غائيتهم.. وقد أمتد تأثيراتها إلى أغلب الوحدات العسكرية, وأنظم إلى الكتلة (أو نسق العمل معها) العقيد طاهر يحيى والعقيد عبد الرحمن عارف وغيرهم. كما نسجت الكتلة علاقات وإتفاقات (جنتلمانية) مع بعض الكتل الأخرى بصورة جمعية أو مع بعض أفرادها القياديين بصورة فردية.
الهوامش
18 -راجع: الذاكرة التاريخية لثورة 14 تموز ص. 252, الشؤون الثقافية ،بغداد 1987.
19 - للمزيد راجع ، خليل إبراهيم حسين الزوبعي، موسوعة 14 تموز، ج. 6، ص. 60 وما بعدها، مصدر سابق. "... وقد أصدر التنظيم أول منشور له بعنوان ( الموت للعرب والحياة للجواسيس)... ". ص.66، ذات المصدر.
20 - د. علاء الدين الظاهر, الجوانب الإيجابية في عهد شخصية الفريق الركن عبد الكريم قاسم، , مجلة الموسم ,ص. 58, العدد 32، أمستردام 1997. كذلك د. سيار الجميل، تفكيك هيكل، ص، 465، مصدر سابق.
21 - إن تاريخية المؤسسة العسكرية العراقية وولوجها في عالم السياسية، كما اتضح لنا، يعود إلى بدايات تأسيس الدولةالعراقية من خلال تسنمهم المناصب الحساسة، وان تكتلات الضباط المسيسن تشكلت في مطلع الثلاثينيات، أما التكتلات الغائية لتغيير النظام فقد بدأت إرهاصاتها منذ أول تنظيم لهم كما مذكور أعلاه.. وبالتالي فليست حركة الضباط الاحرار في العراق، كما روج لها التيار العروبي، من أنها بدأت بعد انقلاب 1952 في مصر.
22 - بطاطو, ج.2.ص. 447- 443, مصدر سابق ..
23 - حامد مصطفى مقصود, ثورة 14 تموز، ص. 15-16, مصدر سابق.
24 - يبدو أن هذه الكتلة قد أتحدت مع كتلة سبق وأن أسسها في الديوانية " ... العميد إسماعيل علي آمر مدفعية الفرقة ، بعد أن إستقال عن التنظيم الأم (يقصد تنظيم رفعت الحاج سري- ع.ن) وأخذ يصدر منشورات ولما علمت الإستخبارات ... أُحيل على التقاعد ضمن قائمة تضم ثلاثة ضباط آخرين لا علاقة لهم بحركة الضباط الأحرار... وبعد التقاعد حاولت الإستخبارات إرضاءه وإرساله إلى سوريا للإستفادة منه ولكنه رفض..." اخليل إبراهيم حسين الموسوعة , ج.6, ص. 284, مصدر سابق. إن هذا النص المختزل لا يوضح ماهية علاقة إسماعيل علي بكتلة سري ولماذا إنفصل عنها، وغير محدد سنة إحالته على التقاعد.. وتم إنتخاب إسماعيل علي رئيساً لهذا التنظيم الديمقراطي لفترة محددة ومن ثم قدم إستقالته منه كما تشير مذكرات إبراهيم الجبوري المنشور مختصرها لدى جرجيس فتح الله، العراق في عهد ، الجزء 2، صص.496-522ـ مصدر سابق.
25 - يشير ليث الزبيدي إلى أنه " كان هناك تنظيم شيوعي آخر مقره لواء الديوانية ومن أبرز أعضائه النقيب إحسان مهدي البياتي والنقيب حسن الوائلي والنقيب كاظم عبد الكريم والملازم الأول منعم جاسم و يرتبط هذا التنظيم بتنظيم بغداد الذي يرأسه الرائد فاضل مهدي البياتي المنوه عنه أعلاه ". ويبدو أن هذا التنظيم هو إمتداد إلى ما ذكره إبراهيم الجبوري أعلاه. راجع : ثورة 14 تموز 1958 في العراق، ط. 2,ص. 110, مكتبة اليقظة العربية، بغداد 1981،
26 - ثابت حبيب العاني, الحزب الشيوعي : السلطة والقوات المسلحة الثقافة الجديدة, العدد 266 ص. 33.
27- الزوجان سعاد وزكي خيري, دراسات في تاريخ ص. 261, مصدر سابق.
28 - لقد أختلفت الروايات وتضاربت المدونات, وتنابز الرواة, حول تاريخ نشوء تنظيم المنصورية بين مؤيد ونافي , التي إنحصرت بالتحديد في الفترة بين 1948-1956. إذ قال بعضهم إنها تأسست في عام 1954 ؛ وآخرون أشاروا إلى عام 1955؛ وغيرهم قال أنها تكونت في عام 1956 أو 1957. فمثلاً ذكر كمال عمر نظمي: "... وهو شيوعي وصديق لعبد الكريم قاسم قبل الثورة, أن عبد الكريم قاسم فاتحه بوجود تنظيم عسكري سياسي سري يعمل على القيام بثورة وطنية أما في أواخر عام 1954 أو أوائل 1955 ". مستل من جعفر عباس حميدي, التطورات السياسية في العراق 1953-1958، .285 بغداد 1980. في حين قال ليث الزبيدي أنه: " بنفس الوقت الذي تم فيه تشكيل اللجنة العليا, تشكلت تنظيمات أخرى للضباط الأحرار بين صفوف القوات المسلحة كتنظيم المنصور(ية) الذي يرأسه عبد الكريم قاسم... ", أي آواخر عام 1956.
29- راجع مجلة البداية, العدد 5, ص.6, بغداد 2004.
30 - محسن حسين الحبيب، حقائق عن ثورة 14 تموز في العراق، دار الاندلس 1981، المكان بلا.
31 - خليل إبراهيم حسين, الموسوعة, ج.6, ص. 288, مصدر سابق..
32 - المصدر السابق, ج.6, ص.286-, مصدر سابق.
33- يقول القيادي الشيوعي عامر عبد الله عن هذه العلاقة : "...وموقف الحزب منها وتطور صلاته بها, والدور الذي يجب أن يلعبه في توحيد صفوفها, لا سيما مجموعتي عبد الكريم قاسم ومحي الدين عبد الحميد. وكان الجانب الأساسي من محتوى التقرير ناتجاً عمّا كنت أنقله إليه عن قاسم وصلتي المستجدّة به... ". مستل من :سنوات الفقر والأمل الخائب، مجلة أبواب العددان 2و3، لندن 1994.
34 - حول محمد حديد وايفاده، راجع مذكراتي - الصراع من أجل الديمقرطية ؛ وحسين جميل، مجلة آفاق عربية ؛ وعامر عبد الله الاتحاد السوفيتي وثورة 14 تموز، الغد الديمقراطي ، العددان 57 و58 في 1983. كلها مصادر سابقة.
35 - حتى أنه أراد التماثل مع الرئيس ناصر في قيادة الحركة وهما كانا في ذات الرتبة الصغيرة. لكن رفعت لم يستطع بلوغ ذلك لأن هناك في حركة الضباط الأحرار في العراق, خلافاً لمصر, من كان أعلى رتبة منه وأكثر كفاءة عسكرية وسياسية ومرونة فكرية وتجربة عملية من جهة؛ ولديهم تنظيم اوسع من الكتلة التي كان يعمل فيها رفعت من جهة ثانية؛ وأن التراتيبية العسكرية العراقية كانت الأقرب قبولا من التراتيبية الحزبية من جهة ثالثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي