الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يجب أن تطالب منظمة التحرير الفلسطينية بريطانيا بتحمل مسؤوليتها عن مأساة شعبنا الفلسطيني؟

ماهر الشريف

2016 / 11 / 3
القضية الفلسطينية



كنت قد كتبت نص هذه المقالة، قبل عام بالتمام. واليوم نشهد حملة واسعة تنتظم على مستوى العالم ترمي إلى دعوة الحكومة البريطانية في الذكرى المئوية لوعد بلفور سنة 2017 الى تحمل مسؤوليتها عن الماساة التي لحقت بالشعب الفلسطيني. وذلك من خلال اتخاذ الإجراءات السياسية التي تدعم مطالبه الوطنية العادلة.

في سنة 1905، أغلق آرثر جيمس بلفور، الذي كان يشغل منصب رئيس وزراء بريطانيا، أبواب بلاده أمام الهاربين اليهود من مذابح سلطات قيصر روسيا... وشرعت دوائر وزارتي الخارجية والمستعمرات البريطانيتين، منذ ذلك الحين، في البحث عن "ملاذ" لهؤلاء اليهود الملاحقين خارج حدودها، مقترحة على زعماء الحركة الصهيونية تارة أوغندا، وتارة أخرى سيناء، أو العريش...

في "مؤتمر بلتيمور" في نيويورك، الذي عقده الصهيونيون الأميركيون، في أيار (مايو) 1942، تخلت الحركة الصهيونية عن هدفها "المخادع" بإقامة "وطن قومي" لليهود في فلسطين، متبنية صراحة هدفها الحقيقي الرامي إلى جعل فلسطين "دولة يهودية"، وصرّح دافيد بن غوريون، الذي شارك في مداولات ذلك المؤتمر، قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية بفترة قصيرة، بما معناه أن الحرب العالمية الأولى فتحت الطريق أمام قيام دولة يهودية في فلسطين، بينما ستجعل الحرب العالمية الثانية قيامها أمراً ممكناً...

والواقع، أنه كان من الصعب تصور صدور "وعد بلفور"، ومن ثم فرض "نظام الانتداب" على الولايات العربية التي كانت تخضع للسيطرة العثمانية، لولا اندلاع الحرب العالمية الأولى... كما كان من الصعب تصور قيام "دولة إسرائيل"، وحصولها على الاعتراف الدولي، لولا اندلاع الحرب العالمية الثانية وقيام النازيين الألمان بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بحق الملايين من اليهود الأوروبيين، والتي جيّرتها الحركة الصهيونية لخدمة مشروعها في فلسطين.

كانت الحكومة البريطانية، بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، قد بدأت تفكر بكيفية حماية مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، وبخاصة بعد أن لاح في الأفق احتمال انهيار السلطنة العثمانية؛ فوجدت أن أفضل وسيلة لحماية هذه المصالح هي في دعم مشروع الحركة الصهيونية في فلسطين... فإقامة كيان يهودي/حاجز فوق الأرض الفلسطينية، يفصل مشرق العالم العربي عن مغربه، سيمنع قيام وحدة عربية، وبخاصة بين مصر وسورية، وسيحمي الوجود البريطاني في مصر وفي قناة السويس، وسيضمن بالتالي حماية الطريق إلى الهند "درة تاج" بريطانيا العظمى.

كما أن دعم المشروع الصهيوني سيجعل بريطانيا وحدها تسيطر على فلسطين، ويحول دون مشاركة حليفتيها، فرنسا وروسيا، معها هذه السيطرة، في حال تم تدويل فلسطين وفق "اتفاقية سايكس- بيكو" في أيار (مايو) 1916.

انطلاقاً من كل هذه الاعتبارات الجيو- سياسية، "تكرّم" آرثر جيمس بلفور نفسه، الذي صار يشغل منصب وزير الخارجية، على الحركة الصهيونية بوعده الشهير في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) 1917، وذلك حتى قبل أن تكون القوات البريطانية، بقيادة الجنرال اللنبي، قد بدأت احتلالها فلسطين.

كان ذلك الوعد البريطاني، الذي تعامل مع الفلسطينيين ليس بصفتهم شعباً له حقوق سياسية وإنما بصفتهم جمعاً من "طوائف" لها حقوق دينية ومدنية، بداية مأساة الشعب الفلسطيني...

فبفضله، راحت الحركة الصهيونية، التي كانت ضعيفة النفوذ بين جماهير اليهود الأوروبيين - المتعاطفين بأغلبيتهم، قبل صدور الوعد، مع أنصار "الاندماج" أو مع المتدينين الأرثوذكس أو مع الأحزاب الاشتراكية الثورية- راحت تتحول إلى قوة مؤثرة في أوساطهم... وعلى أساس إدراج هذا الوعد ضمن صك الانتداب، قامت بريطانيا، الدولة المنتدبة، وبتغطية من عصبة الأمم، بتوفير مقومات قيام "الوطن القومي" عن طريق تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين وتمكينهم من استملاك الأراضي، وبخاصة الأميرية منها، ومنح أغنيائهم امتيازات استثمار ثرواتها الطبيعية.

لقد طالبت معظم الشعوب التي خضعت للاستعمار أو القهر العنصري من مستعمريها أو قاهريها – وبعضها ما زال يطالب – بتعويضها عما لحق بها من مآسٍ... ويتوجب على الشعب الفلسطيني، وممثليه الشرعيين، مطالبة بريطانيا، الدولة الأولى المسؤولة عن مأساته، بتعويضه عما لحق به –وما زال يلحق به- من ظلم وتشريد وسلب...

ونظراً إلى أن هذا الشعب يرفض أن يكون التعويض عما لحق به تعويضاً مالياً - لو قبل آباؤنا تعويضات مالية لاندثرت قضيتنا؛ ونحن نرفض مثلهم وكذلك سيرفض أبناؤنا- يصبح مطلوباً من الحكومة البريطانية أن تعترف أولاً بمسؤوليتها عن مأساته، ثم أن تساهم، ثانياً، في المحافل الدولية، وبشكل فعال، في دعم نضاله من أجل إقامة دولته المستقلة وضمان عودة لاجئيه إلى وطنهم، وذلك، أولاً، عن طريق الاعتراف بدولته المعلنة، التي نالت اعتراف أكثر من 130 دولة، ثم، ثانياً، عن طريق المشاركة في طرح مشروع على مجلس الأمن يضع سقفاً زمنياً لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن الأرض الفلسطينية، ويرغم الحكومة الإسرائيلية على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، بما فيها القرار 194.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أنت في أي زمن تعيش يا ماهر؟
أفنان القاسم ( 2016 / 11 / 5 - 07:19 )
لما كنت طالب مشحر في باريس؟ لما كانت أفكارك الثورجية عملتك الرائجة؟ يا زلمة استح على نفسك، وطالب منظمة التعبيد بشيء معقول: أن تنهي نفسها بنفسها، هذه هي المسؤولية التاريخية، وأن ترمي بأعضائها -عملاء أو ممسحجية كنادر- في الزبالة!!!

اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا