الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظام الحكم المخزني المغربي في مواجهة تفاعلات الحراك الفكري الافتراضي

جلال مجاهدي

2016 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


يعتمد النظام المخزني المغربي كغيره من الأنظمة الشمولية على آلية القمع كأداة إقصائية و إلغائية لأي صوت يعارض سياسته أو بالأحرى سيادته الشمولية على كل ما هو سياسي و اقتصادي و اجتماعي , العقل الأداتي الشمولي للدولة القمعية يقتضي اغتيال كل صوت أو تحرك معارض لتوجهاتها جزئيا أو كليا , هذا الطرح الذي كان صحيحا إلى وقت قريب أصبح متجاوزا حاليا بالنظر لكون الأمن المعرفي أو بالأحرى الأمن التجهيلي الذي كان سدا منيعا أمام اتساع رقعة المعارضين قد انهار أمام جيل المتعلمين و لا سيما المتعلمين الافتراضيين الذين لم يعودوا يقبلون الأساطير المؤسسة للدولة القمعية و لم تعد لهم القابلية للخضوع للقمع تحت أي مبرر, النظم الشمولية القمعية لم تعد قادرة على التحكم في تدفق المعرفة و لم تعد قادرة على ضبط المعلومات و الافكار , نعم التحكم في الحراكات الفكرية التي تتسبب مباشرة في الحراكات الميدانية أصبح أمرا غير ممكن نتيجة عولمة المعلومة عبر الاذاعات الرقمية و الصحف و المجلات الالكترونية و اتساع رقعة استعمال مواقع التواصل الاجتماعي خاصة الفايسبوك بين جيل المتعلمين , استمرار الانظمة اللاديموقراطية في السير بنفس الاليات القديمة كالاعتماد على التضليل الاعلامي الرسمي و الاستعمال المفرط للعنف و ما إلى ذلك, يعرضها لا محالة للسقوط , فهي أصبحت معرضة أكثر من أي وقت مضى للثورات النابعة من القاعدة , لم تعد هناك إمكانية لفرض الرقابة على الأفكار و لا على الآراء السياسية و لا وسيلة لقياس وزن و حجم الحراكات الفكرية و لا مدى ثأثيرها و لذلك نجدها في كل مرة مذهولة أمام حجم و قوة الحراكات الميدانية , مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ميادين لحراكات فكرية لامتناهية و لامنتهية , الكل يحلل و الكل ينظر و الكل يتفاعل و الكل يقدم المعلومة دون مقابل , شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت مصدرا سريعا لكل ما يحدث في العالم من أحداث و من قلب الحدث , وبواسطة معدات بسيطة غالبا الهواتف الذكية التي تصور و تنقل الخبر هذا ما سمي بالاعلام البديل او الاعلام الاجتماعي, لم يعد هناك شتات أو عزلة , الكل مرتبط ككثلة واحدة عبر شبكات متقاطعة من الصداقات الافتراضية و الخبر ينتشر بين قنوات مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم , الانتشار لا يقتصر على المعلومة فحسب , بل على المشاعر أيضا , فالخبر لا ينتقل بموضوعية بل ينتقل و معه مشاعر المعلقين و عواطفهم و نواحهم و عويلهم أيضا و هذا الشحن القوي هو ما يكون ضميرا جماعيا و محركا معنويا لأشكال من ردود الفعل , فالعالم الافتراضي كالعالم الواقعي ,الامور فيه تتطور و هي أسرع في ذلك من تطورات العالم الواقعي بكثير , فغالبا ما تتطور مشاعر الغضب الى نداءات و دعوات إلى نقل الغضب من العالم الافتراضي الى الفعلي و في غضون ساعات قليلة يجمع المجتمع الافتراضي المتعرض للشحن على اتخاد بادرة ميدانية و بذلك يتكون رأي عام بخصوص موقف ما في بضع ساعات لينتج آثاره دون مقدمات واقعية على أرض الواقع , نعم مواقع التواصل الاجتماعي و خاصة الفايسبوك أصبح فاعلا سياسيا لا يستهان به , و الانظمة الديكتاتورية التي كانت تراهن على عزلة مواطنيها المعنوية و المعرفية و على الشتات و التشتيت و على إضعاف الضمير الجماعي , لم يعد بإمكانها الاستمرار بنفس الخطوات و التكتيكات , فتشكيل الوعي السياسي أصبح يخضع لتيارات من الافكار اللامنتهية و العابرة للحدود التي تنساب في العالم الافتراضي ,نعم انتقل العالم من الحديث عن الليبيرالية الاقتصادية الى الليبيرالية المعلوماتية و المعرفية ,و من الديموقراطية السياسية الى الديموقراطية الرقمية و الالكترونية هذه الليبيرالية و الديموقراطية الانترنيتية حيث يمكن لأي كان التعبير عن رأيه السياسي كما يشاء و مشاركة تلك الافكارالسياسية مع عدد من الفاعلين السياسيين الافتراضيين, من غير الممكن أن لا يكون لها ثأثير على الوعي الجماعي و على الضمير الجماعي للمجتمعات و أن لا يحدث تغييرات , النظام المغربي إبان حراك حركة عشرين فبراير , أصبح يعرف خطورة مواقع التواصل الاجتماعي , لكنه بعد خمود الحركة المذكورة عاد إلى ممارساته القمعية و إلى تكريس ديكتاتوريته معتقدا أن الأمر انتهى إلى غير رجعة , إلا أن ما حدث بعد فرم الشهيد محسن فكري تاجر الاسماك بحاوية النفايات بمدينة الحسيمة و بخروج احتجاجات عارمة بمعظم المدن المغربية و التي رفعت نهارا جهارا شعار اسقاط النظام واصفة إياه بالديكتاتوري و المستبد هو أن النظام المغربي وجد نفسه و لمرة أخرى أمام وضعية إلى حد ما مشابهة لما كانت عليه الامور خلال هبة عشرين فبراير, هذا النظام القمعي وجد نفسه مرة أخرى مضطرا إلى إخفاء عصي القمع و اللجوء إلى أساليب الدعاية المضادة و الحوار و المناورة و المجادلة عبر جميع وسائل الاتصال بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي و ذلك من أجل إدارة الازمة الجديدة إلا أن طروحات النظام التي لم تكن متينة و مقنعة لاقت سخرية عارمة من طرف مستعملي مواقع التواصل الاجتماعي الذين على مر الايام طوروا ما يعرف بالثقافة الافتراضية ,هذه الثقافة الافتراضية هي ثقافة ممانعة ناضجة الى حد ما مستعصية على التسليم بالقصاصات الرسمية طالما أنها نتاج عن تلاقح الافكار و تبادل المعلومات و الخبرات بين عدد من المتعلمين , نجد من بينهم مثقفين و صحفيين و سياسيين و أطر يعبرون عن أفكارهم بكل حرية في تحد للاحتباس الثقافي و السياسي المفروض عليهم من طرف النظام , هذا الأخير و لغير ما مرة وجد نفسه في مواجهة جيل جديد غير مألوف من الكائنات الافتراضية التي تمارس التمرد و العصيان السياسي على الانترنيت قبل ان تفاجأه في العالم الواقعي بأشكال نضالية غير مسبوقة ,و هو ما اضطره غير ما مرة إلى الانحناء أمام العواصف التي تحدثها , انطلاق من عشرين فبراير التي اضطرته لتغيير الدستور الى حادثة الكراطة التي استغنى فيها عن خدمات وزير الرياضة الى حادثة مغتصب الاطفال كالفان الذي أعيد إلى السجن بعد العفو عنه و ما إلى ذلك , الآن النظام المخزني و على المدى القريب و كحتمية للاحتجاجات التي تلت مقتل تاجر الاسماك فلا يمكنه الاستمرار في تكريس نظرته للسلطة كما هي عليه حاليا و الا سيجد نفسه في مواجهات مباشرة مع الشارع الغاضب و هو ما لن يكون في مصلحته بالمرة , ثم على المدى المتوسط لا بد له من التضحية ببعض سلطاته و منحها كاملة للحكومات المنتخبة و على المدى البعيد فهو مضطر إلى الانتقال إلى شكل ديموقراطي آخر كالملكية البرلمانية حيث الملك يسود و لا يحكم فلا مجال للقول ببقاء نظام الحكم كما هو عليه الآن طالما أن إمكانية سقوطه هي الواردة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي