الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معركة كركوك ونينوى في المعادلة الدولية والاقليمية وحضور كوردي عسكري واعلامي مكثف مع غياب الاستراتيجية الموحدة وانعدام الوضوح في الاهداف

سامي عبدالقادر ريكاني

2016 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


بغض النظر عن التكتيك الحربي المسلم به في العرف العسكري وبداهة معرفة اسباب ما اقدم عليه داعش بهجومها على كركوك والذي نرى بان أي قوة مكان داعش كان ليبحث عن مخارج لفك الحصار عن نفسها وكانت لتستهدف منطقة ذات اهمية استراتيجية ككركوك، والذي تبين بانها كان الدافع الظاهر والارجح على اقل التقدير حاليا، خاصة بعد ان تبين بانها فتحت او تحاول فتح جبهات اخرى اليوم في الانبار بعد هجومها على الرطبة والفلوجة مستهدفة فتح مخارج اخرى نحو العالم العربي.
الا ان استهداف القوات العراقية ومعها الحشد الشيعي لخط استراتيجي مهم يلتف حول نينوى ويفصلها عن كركوك واقليم كوردستان وتركيا يراه هذا الاخير وحلفائه بانه كان بايحاء وتوجيه روسي ايراني استغلت الحرب على داعش في نينوى، للتوجه منفردة نحو اكمال السيطرة على هذا الخط ، الذي وان كان لها اهميتها العسكرية من حيث ان المعركة على داعش في نينوى لايمكن ان تنجح اذا لم تسيطر قوات عسكرية مسبقا على هذه المحاور.
الا ان الهدف المبطن من التقدم العسكري الذي يستهدف اكمال السيطرة على هذا الخط الممتد من ديالى وبعقوبة ومخمور وحويجة ومنها الى قيارة وبرطلة وتلعفر الى ربيعة وسنجار، والذي يتخوف منها اطراف داخلية واقليمية من ان تستهدف بعد اكمالها لتصل الى ربطها بسوريا عبر قاميشلي السورية ومنها الى "الباب" ضمن حلب ذات الاهمية الاستراتيجية لتركيا والى عفرين وصولا الى الساحل العلوي على البحر، فانها لاتثير مخاوف لدى داعش وحسب بل لدى الجبهة التركية والعربية ايضا ومعهم سنة العراق خاصة بعد اصدار امر القبض على اثيل النجيفي قائد القوات السنية بتهمة العمالة لتركيا في مسعى لابعاد هم عن المشاركة في تحرير نينوى، لذلك فان التحرك الداعشي تثير تساؤلات ومخاوف جمة من ان تعاد سيناريو سوريا (حلب ورقة) في العراق عبر( نينوى،كركوك) .
وتزداد مخاوف الحلف التركي اذا علمنا بانه اضافة الى ان هذا الخط ياتي مكملا للطوق على السنة ويمنع اتصالهم بتركيا وتمنع الاخير من التوغل في المناطق السنية، فانه ايضا تبعد الاخير وحلفائه ايضا من تنفيذ مشروعهم الاقتصادي لنقل الغاز العربي، الخط الذي كان من المزمع امدادها الى الاراضي التركية عبر سوريا من قطر والدول العربية ومعها اسرائيل ومنها الى اوروبا، والذي فشل امام الاصرارالروسي وحليفتها السورية التي رات روسيا فيها بانها مؤامرة تركية غربية ضد روسيا تستهدف كسر احتكارها لاسواق الغاز العالمي، وبعد فشل تركيا وحلفائها من تنفيذ هذا الخط وخيبة املها من اصدقائها الاوروبيين الذين لم يقفوا معها ضد التدخلات الروسية في سوريا، رات بانها لابد من تدارك الامر قبل فواة الاوان وفقدان الخط البديل ايضا، والذي تنوي تركيا نقل مسار هذا الخط من سوريا الى العراق بعد المفاوضات التي كانت على شكل تنازلات تركية لجميع الاطراف خاصة مع روسيا التي اوصلت اليها الرسالة التنازلية المصحوبة بايحاء مبطن وصلت فحواها الى بوتن مفادها انها تنازلت عن هذا المشروع المار عبر سوريا مقابل الحصول على الموافقة من سيادتكم بعدم الممانعة من تمريرها عبر العراق مرورا بالاراضي السنية ونينوى واقليم كوردستان الى تركيا ومنها الى اوروبا.
ويعتبر هذا تصرفا سياسيا ساذجا من تركيا وتلاعبا فجا من قبلها بمصير المنطقة، لان مشكلة روسيا لاتكمن في الجغرافية ، وانما تكمن في تاثيرات تنفيذ هذا المشروع على مستقبلها الاقتصادي وتاتي الجغرافية في المرتبة الثانية لعلاقتها بهذا المشروع وامرارها من أي منطقة يعتبر خطرا على الامن القومي الروسي ولافرق عندها اذا مرت بسوريا او العراق فانها ستواجهها مهما كلفها من خسائر اما بصورة مباشرة كما فعلت في سوريا او بصورة غير مباشرة عبر حلفائها كما تفعلها الان مع الحكومة العراقية.
لذلك سارعت تركيا بعد التفاوض مع تركيا وايران وسوريا في عد تنازلي في سباق مع الزمن لتتفاوض مع بغداد، وبدات بارسال وفودها اليها لتدارك الامر قبل ان تضيع المسالة من بين ايديها وتتطور الى فصل المناطق السنية عن المناطق الكوردية وكركوك عبر تحرك الجيش العراقي والحشد الشيعي وطرف من حلفائهم الكورد الذين بيدهم زمام اموركركوك الذين بدورهم ايضا لاينظرون الى تركيا الا كونها عدوة اولية لهم ولقضيتهم في المنطقة والذي يرون بانها لاتستهدف احدا سوى الكورد في تحركاتها حتى في الموصل فهي تعلنها جهارا ونهارا بانها تستهدف الطموح الكوردي ولاتريد ان يكون للكورد قوة تغير من ديموغرافية المنطقة او تسيطر على كركوك او نينوى مستقبلا، وكما انهم يتهمون تركيا بانها وراء الازمة الاقتصادية والسياسية في الاقليم وعلى استمرارها لحين تحقيق ماربها في المنطقة .
فان تركيا تعلم ماذا تريد بغداد منها فهي لاتريد سوى منع تسلل الارهابيين الى العراق عبر حدودها ، والضغط على حليفها في الاقليم للرجوع الى بغداد، وان كان هذا مطلبا تركيا ايضا في نهاية المطاف فهي لاتريد للكورد سوى هذا المصير الا انها تريد استغلال ورقتهم لاخر نقطة الى حين بيع قضيتهم لبغداد مقابل اعلى ثمن ترضى بها، وبغداد بالمقابل تدرك هذا وتنتظرها بفارغ الصبر وتريد ان تحصل عليها بابخس الاثمان، وذلك عن طريق الضغط على الجرح الذي تقتل تركيا ،وذلك باضعاف السنة الموالين لها كما فعلتها مع النجيفي وحليفه السابق الهاشمي، وكما انها عبر ابقاء باب الحوار مع الاكراد مفتوحا سحبت البساط من تحت رجليها حتى لاتستغلهم ضدها ،ومن ثم تتدخل بحجة حمايتهم كسبا لتعاطفهم.
وهو اختبار قد سبق ان خسر فيها تركيا مع اكراد سوريا وخسرتها امام اكراد العراق ايضا حين هاجمت داعش الاقليم الكوردي وطلبت منها اربيل المساعدة ولكنها رفضت ضرب داعش بحجة ان لديهم اسرى من القنصلية التركية وتخاف من الانتقام ، فمع كون هذه الحجة كانت واهية ومثيرة للضحك لدى الاكراد الا انها اثارة في نفس الوقت عندهم شعورا بالاستخفاف من قبل تركيا، فكيف يعقل ان تترك تركيا حليفا رئيسيا ومنطقة استراتيجية لها هذه الاهمية الاقتصادية والامنية والسياسية لمصالحها، اضافة الى تهديد ارواح حوالي مليوني نسمة من الكورد تعتبرهم تركيا حاضنة لوجودها ناهيك عن حجم استثماراتها وتجارتها في الاقليم الذي وصل حجم التبادل بينهم الى مايقارب 12مليار دورلار، كل هذا مقابل خمسة او عشرة اشخاص من رجالها لدى داعش!؟ ، كل هذا اثار لدى الكورد وبغداد ايضا شكوك بان يكون لتركيا يد في ماحدث في نينوى وسقوطها في ايدي داعش وبعدها الهجوم على شنكال والاقليم، وذهبوا الى ابعد من هذا وقالوا بان ابقاء القنصلية التركية في نينوى مع كل التحذيرات لها من قبل الجميع ومع قوة استخباراتها ودورها الكبير في المنطقة ومن ثم عودتهم بسلام عبر صفقة سميت بالسرية بين داعش وانقرة ، لاتشير الا الى كونها كان سيناريويا تركيا عربيا والى حد ما غربيا، خاصة اذا ربطنا احداث سوريا بها فان الصورة ستتضح اكثر، وهنا نقول بانه ليس الكورد فقط واقعون في العراق وسوريا ب في اللعبة التركية العربية الايرانية بل العرب من اخواننا السنة ايضا، ناهيك عن اخوتنا الشيعة الذي سلمت ايران زمام امورهم تلعب بهم كيفما شاءت.
ولهذه المخاوف حاولت بغداد ان تجمع قواتها حول كركوك لتقوية حليفها الطالباني ومنع تكرار السيناريو التركي الداعشي فيها وفي نينوى، كما سبق ان حصلت في كوبانى وبقية المناطق السورية وكما حصل في نينوى وشنكال وهددت الاقليم ايضا سابقا فهذه الاحداث وفق رؤية بغداد وحلفائها كانت مؤامرة تركية مع حلفائه العرب مسلمة بها ، مع رفض الاخر لهذا الاتهام ورسمها لسيناريو اخر من اخراجها باتهام بغداد وايران بانها وراء صناعة داعش في سوريا والعراق ولكن المعطيات على الارض هي التي تحسم هذا الخلاف.
وتحاول تركيا الضرب على وتر العاطفة القومية العربية في مفاوضاتها مع بغداد وسوريا بعيدا عن الخلافات الطائفية في مسعى منها لتقوية السنة الموالين لها في مناطقهم في كلا البلدين على حساب الكورد ، وهي تريد اتمام هذا البرنامج في العراق مع بغداد حاليا، اتماما لما بداتها مع دمشق عبر مفاوضاتها الاخيرة مع نظامها ضد كورد سوريا، وما كانت اتفاق الجزائر والتقاربات الاخيرة بين تركيا ومجموعة ايران الا لاتمام هذا الهدف بافشال أي كيان كوردي في المنطقة، وذلك لمعرفة تركيا بان سيناريو اضعاف الكورد في كل من سوريا وتركيا كما هو مطلبها فهو مطلب ايراني وعراقي وسوري ايضا، ولكن تركيا نسيت او تناست بان ايران وحلفائها ومعها بغداد، وان كانت تشاركها الهدف حول اضعاف الكورد الا انها تخالفها في الظرف، زمانا ومكانا ، كما انها لاتريد ان يكون بديلهم سنة من الموالين لها وللسعودية وقطر، كما ان التكتيك الاستراتيجي الايراني والعراقي والسوري في التعامل مع الملف الكوردي في المنطقة اكثر نجاحا من الاستراتيجية التركية المتبعة معهم.
وهكذا جاءت خيبة امل تركيا في العراق ايضا اوصلها اليه العبادي برسالة واضحة عبرتحرك جيشه لقطع الصلة بين تركيا وتدخلها في المنطقة السنية ومحاولة طرد جيوشه من العراق نهائيا والذي سبقها محاولة اخرى لانهاء العلاقة بينها وبين اربيل عن طريق الضغط على الاقليم بالعودة الى بغداد بوساطة امريكية والذي اثمر قبل الحرب بخطوات عملية كانت من تداعياتها توحيد الصف بين البشمركة والجيش العراقي في الحرب على داعش وهذا اكثر ماكانت تخاف منها تركيا.
فمع ان لتركيا دور في التقارب بين بغداد والاقليم في خطوة سياسية للتقرب من دول الجوار ومنها بغداد في سعي منها لتدارك الامر وارضاء العراق حسب مشروعها، حيث حصلت على الضوء الاخضر الخافت لتبقي جيشها في بعشيقة ولتضرب الفصائل الكوردية في سوريا ولكن تحركاتها لن تبقى ضمن هذا النطاق وان مؤامراتها ستستمر ضد الاقليم وضد كركوك وعلى الطرف السوري ايضا ، فهناك تحركات مستمرة لها لارسال قواة موالية لها الى المناطق الكوردية ومحاولاتها المستمرة للسيطرة على منطقة "الباب" لقطع اي تواصل مستقبلي بين الكانتونات الكوردية فيها وستحاول اعادة نفس السيناريو ضد المناطق الكوردية الاخرى في عفرين وقاميشلي وكوباني وانها هذه المرة لن تقتصر على استخدام الفصائل الموالية لها من عرب واتراك وشيشانيين ومتطرفين من دول اسيا الوسطى،ولكنها ستحاول هذه المرة ادخال قوات كوردية موالية لها ضمن هذه الفصائل لقتل اخوانهم ولابعاد شبهة العداء ضد الكورد عن نفسها ولخلخلة التوازن في القوى المسيطرة على الارض لاضعاف اوطرد الفصائل الكوردية التي ترى بانها معادية للطموح التركي او في مسعى اقلها تكرار ونقل سيناريو الففتي ففتي الموجود في اقليم كوردستان الى المناطق الكوردية في سوريا وحتى في تركيا ايضا، والايام القادمة ستظهر مدى حقيقة هذا السيناريو .
لذلك فان الاكراد ومعهم العالم يتفهمون التصرفات الهستيرية التركية بعد اصابتها بالفوبيا الكوردية عبر تصريحاتها الاعلامية المكثفة المتباينة والمتناقضة في ان واحد المهددة باجتياح شمال العراق فهي هجومية ودفاعية تارة، وامبراطورية ذات مغذى توسعي وبالمقابل دبلوماسية وقانونية ذات طموحات قطرية تارة اخرى، وتراجعية واستسلامية في النهاية، حتى اضطرت بعد كل هذا بان تقبل بالامر الواقع، وتذهب لتلتمس الرجاء من بغداد حتى تقبل بوجودها.
ولعل صعوبة الحل يعود ايضا الى اهمية هذا الخط كونه اضافة الى اهميتها التي ذكرناها اعلاه فانه يعتبر خط نجدة وامداد للنظام في دمشق لربطها ايران عبر العراق وسوريا بالعلويين ويعتبر منفذا على البحر ومعبرا بريا الى لبنان لحماية حزب الله اللبناني وبعدها تصل الى حماية بقية الموالين لها في المناطق العربية ، ومما زاد من هذه المخاوف ايضا اذا علمنا بان هذا التحرك جاء مكملا للطوق على السنة بعد سيطرة الجيش العراقي والحشد الشيعي سابقا في حروب الانبار على الخط السفلي والذي يربط بغداد عبر الفلوجة الى الرطبة وصولا الى القائم على الحدود السورية فاصلا السنة العراقيين عن عالمهم العربي ،لذلك جاء تحرك داعش لانقاذ ليس فقط داعش ولكن لنجدة السنة ومحورها التركي العربي وفق نظرة هذا المحور الذي لايرى في الحرب الدائرة الا كونها حرب اقتصادية تقودها قوميات من اجل الخبز والامن القومي في صراع على النفوذ مغلفة بالشعارات الطائفية عبر استعادة الامجاد والثأر من الخيبات في الحروب الدموية التاريخية بين السنة والشيعة والعثمانيين خدمة لهذا الصراع السرمدي.
خاصة اذا راينا بان امريكا واوروبا يشاركان العرب وتركيا هذه المخاوف الى حد ما ، وان هذا الهدف الاستراتيجي لدى الحلف الروسي غير مستبعد على المدى البعيد، لكون ساحة المعركة العراقية والسورية واقعة ضمن الاشراف الامريكي والروسي وتدخل ضمن الاولية المصلحية لكليهما وكما اسباب خلافهما حول كلا الدولتين متشابه ومرتبطة مع بعضها الى حد بعيد مع الفارق في الساحة العراقية التي هي تقع ضمن النفوذ الامريكي الخالص الا ان لروسيا اوراق كثيرة تستطيع استخدامها في العراق لذلك فان التحولات الاخيرة في العراق لاتخلو من مخاوف وان لم تكن انية الا ان لها ابعادها المستقبلية الخطيرة على مصالح هذه الاطراف وذلك للاهمية الاستراتيجية التي تحظى بها هذا الخط ، خاصة اذا ما طالت الازمة العراقية السورية وخرجت الامور من بين ايديهم.

وفي هذا الموقف ياتي تفضيل الداعشيين على الشيعة وحلفائهم لدى الجبهة السنية هي الارجح ،اذا لم تقبل بغداد وحلفائهم ببديل لداعش يتكون من المكون السني واذا استمرت الحكومة العراقية وحلفائها على تعنتها ولم تقبل بغير الجيش والحشد الشيعي كبديل لداعش على الاراضي السنية متذرعة باسم الشرعية السيادية العراقية التي تعمل باوامر حلفائها الاقليميين والدوليين حسب الرؤية السنية فان داعش ستتلقى الدعم والمساندة ولن تنتهي الحرب بل ستتمدد اكثر اقليميا ودوليا .
واما مسالة السلام بين الاطراف الاقليمية وفق المعطيات الحالية ومع وجود كل هذا الكم الاعلامي والتواصل الدبلوماسي بين تلك الاطراف للتفاوض على النقاط الخلافية الا انها لاتكون الا تفاوضا من اجل التفاوض ولاتكون الا مرحليا وجزئيا ولا تسيرالا بخطى بطيئة لهشاشة المواقف وفقدان الثقة بين الاطراف وهي مهددة بالوقوف وفوضوية في المسير ولاتشير سوى الى المراوغة التي لاتوحي سوى الى نية وعزيمة من الاطراف في الاستمرار في الصراع او اعادة جدولتها مرة اخرى حتى تحقيق اهدافها عبرالحرب بالوكالة ، لذلك فمسار السلام والحلول في المنطقة ستطول كثيرا والخاسر الاكبر فيها هم الكورد لغياب أي استراتيجية موحدة مع وفرة الفرص المتاحة بنقل قضيتهم الى مستويات اكثر ضمانا لمستقبلهم .
كل هذا يوحي بان هناك ابعاد ومضامين اخرى لهذا التحرك الداعشي على كركوك لايخلوا من كونها عملية استخباراتية اقليمية ودولية تهيء لها الارضية لتتحرك بالوكالة وحيث انها جاءت بعد التطورات الاخيرة من التقدم السريع للجيش نحو نينوى مما دفعت الاطراف التي ترى بان مسار المعركة تسير لغير صالحها وانها جاءت مستبعدة للقوة الموالية للجبهة السنية و حلفائهم الاقليميين من المشاركة في الحملة الدولية على داعش فوجدت نفسها مضطرة للانتقال الى الخطة البديلة بعد ان رات بان سير المعارك ونتائجها اذا ماسارت على هذا المنوال فانها ستحسم لغير صالحها، وهذا مالا يحتمل الوقوف امامها كمتفرج ولابد من خطة بديلة.
ولعلم الاطراف باهمية كركوك فان فتح جبهة اخرى عليها ستوفر للجميع مساحة اخرى للمناورة ربما ستساندهم في تقوية مواقفهم التفاوضية ضد بعضهم البعض، كما ان وجود قوة محسوبة على بغداد لديها السلطة على ادارة هذه المدينة ، تزيد المخاوف وتبرر لدى الجبهة التركية لاتخاذ الفوضى طريقا لدخول قوات موالية لها بغية تغيير التوازنات في القوة فيها ربما ستفيدها مستقبلا في ان يكون لها صوت مسموع تشاركها في رسم مستقبل كركوك السياسي والديموغرافي، وهو سيناريو مشابه لما تخطط لها ضد المناطق الكوردية في سوريا .
خاصة اذا راينا بان بعض القنواة التي تريد تشويه صورة الكورد خدمة لاطراف اقليمية حاولت تصويرالمعركة كانها مؤامرة من الكورد ضد العرب وتحاول بكل الوسائل تبرئة داعش من هذا الهجوم وهو مسعى تهدف من ورائها تلك القنواة التاثير على الوجود الكوردي وشرعية ادارتهم لهذه المحافظة ذات الاهمية .
وباعتقادي وان كان قد اثمرت بعض هذه النقاط التفاوضية والتي هي جزء من المفاوضات المستمرة بين تركيا وايران، وتركيا و روسيا وسوريا وكذلك مع امريكا حول معالجة الازمة السورية والعراقية والتي ظهرت كثيرا من بوادر هذا التحول بعد التنازلات التركية للجميع ، ولكن ليس من السهولة ان تسير هذه التحركات او المفاوضات وفق الرؤية التركية او العراقية او الايرانية لان لامريكا وروسيا حساباتها الخاصة في المنطقة خاصة مع الاكراد ومع المثلث العربي التركي الايراني، تخرج من نطاق الحسابات التي ترسمها الاطراف الاقليمية مع او ضد بعضها البعض او ضد الكورد، وكما ان روسيا لن تتنازل وتسمح بعبور أي خط للغاز بدون ان تكون لشركة غاز بروم الروسية حصة الاسد منها وحينها لن يكون في انجاز هذا المشروع لتركيا أي اهمية استراتيجية ولن تنقذها واوروبا من احتكار روسيا للغاز العالمي ايضا.
ولكن بين غياب التوصل الى حل يرضي الاطراف الاقليمية والدولية حول مستقبل العراق وسوريا التي تهددها باستمرار اشعال الحروب الارتدادية ، وبين اصرار امريكا في قيادة الجميع للتخلص من داعش يبقى سيناريو الدولة الموحدة في سورية والعراق هو الخيار الارجح لدى الجميع وان كان خيارا هشا ومؤقتا ولكنها الافضل من بين كل البدائل الاخرى.
وبين هذا وذاك سيبقى اثار الصراع على الوضع الكوردي وازديادها وتفاقمها من اظهر معالم هذه المرحلة، خاصة مع غياب أي علامات تلوح حتى في الافق البعيد بان هناك حلولا للازمات السياسية والاقتصادية في الاقليم اضافة الى غياب وابعاد أي استراتيجية كوردية موحدة ،باستثناء مايرتب لهم مصالح الدول الكبرى كامريكا وروسيا واروروبا من رسومات متحركة لمستقبلهم في المنطقة ، والذي يعتبر ذلك اضمن واقوى ورقة متوفرة لديهم لحد الان.
فالتلاعب بالقضية الكوردية تارة بالسماح لتركيا من قبل المجتمع الدولي بالدخول الى الاراضي السورية عبر جرابلس، للفصل بين المناطق الكوردية لصالحها، ودفع القواة الكوردية للانسحاب من منبج باوامر امريكية نزولا على رغبة تركيا،لارضائها بالموافقة على ابقاء الاسد والتوافق معه حول مستقبل سوريا والوقوف معها ضد الكورد وداعش
وكذلك موافقة تركيا عدم المشاركة في حرب نينوى، ودفعها للاقليم للرجوع الى بغداد، والذي اثمر ذلك بزيارة مفاجئة لرئيس اقليم كوردستان الى بغداد والذي جاءت بعد عودته من زيارة اخرى لانقرة واوروبا .
وكذلك الموافقة التركية للاشراف على القواة السنية لتشارك ضمن غطاء الجيش العراقي في تحرير نينوى، في خطوة لارجاع السنة الى بيت الطاعة العراقية وهي ورقة اخرى تركية عربية لطالما استغلوها لماربهم في سوريا والعراق كلما احتاجوا اليها ومن ثم تركوهم لمصيرهم دون أي حل جذري لقضاياهم فتارة يدفعونهم ضد بغداد ودمشق وتارة يتركونهم تحت رحمة آلتهم العسكرية لتنهش باجساد ابنائهم، وفي النهاية يتركونهم فريسة للحشدين الشيعي والداعشي ، وفي مقابل هذا يحصل الجيش التركي على موطيء قدم لها في بعشيقة اضافة الى بقاء قواتها في بقية مناطق اقليم كوردستان بحجة ضرب القواة المسلحة من الحزب العمال الكوردستاني التركي المتواجدون في العراق.
وكما جاء اعلان الهدنة في حلب من قبل روسيا وسوريا بعد انسحاب جيش النصرة بامر من تركيا من حلب.مقابل السماح لتركيا بضرب القواة الكوردية في عفرين بالطائرات والتوجه عبر الفصائل الموالية لها نحو "الباب "المنطقة الاستراتيجية في حلب. فهذه السلسلة من الاحداث هي صورة من الواقع الكوردي الذي عليه ان يتعود العيش معه او يحاول بكل قوة التحرر منها قبل ان تقضي عليهم وعلى حلمهم .
واخيرا نقول بانه مع الحضور المكثف للقواة الكوردية وفعاليتهم في الحرب الدولية ضد داعش ومع الاهتمام الشديد لجميع الاطراف الاقليمية والدولية ورغبتهم بان يكون للاكراد دور في الاجندات المتصارعة الا ان ايا من هذه الاطراف لاتبذل أي جهد يذكر لحل قضاياهم في أي من الدول الذي يتواجدون فيها، اويبدون أي محاولة للتقريب بين الاطراف الكوردية لحل الازمات السياسية والاقتصادية والمؤسسية الذي يعاني منها الاقليم ماعدى التركيز والاهتمام على تهيئة كل الاجواء بين الاطراف الكوردية مع بعضهم وبينهم وبين الاطراف الاقليمية والدولية لتسهيل الاستفادة من الجانب العسكري والامني الذي يمتاز به الكورد.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط