الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعيون و الهوموفوبيا أو رهاب – كراهية المثليين , حوار مع المعلقين على مقال المثلية الجنسية في الاتحاد السوفيتي

مازن كم الماز

2016 / 11 / 8
حقوق مثليي الجنس


الشيوعيون و الهوموفوبيا أو رهاب – كراهية المثليين , حوار مع المعلقين على مقال المثلية الجنسية في الاتحاد السوفيتي

للمسألة عدة جوانب , أولها التاريخي , فليس من الصعب فعلا على الرفاق المعلقين معرفة حقيقة "الوضع القانوني" للمثليين , أو الإجهاض أو الطلاق في روسيا السوفيتية .. صحيح أنه مع إسقاط القيصرية و إلغاء الحكومة السوفيتية للقوانين القيصرية حدثت انفراجة مفاجئة في أغلب هذه الأمور , أصبح الطلاق سهلا و من حق أي من الزوجين و سمح بالإجهاض و أصبح للأطفال الشرعيين و غير الشرعيين نفس الحقوق و ألغيت عقوبة المثليين جنسيا التي تعود إلى أيام القيصر بطرس الأكبر و أوقف تطبيق قوانين الإرث , لكن هذه العملية سرعان ما توقفت ثم بدأ التراجع السريع عنها مع بداية العشرينيات : منع الإجهاض مرة أخرى و أصبح الطلاق أصعب و يحتاج إلى قرار من المحكمة و أعادت الدولة قوانين الإرث مرة أخرى و منذ عام 1944 أصبحت تعترف فقط بالزيجات المسجلة لديها على أنها زيجات شرعية , و في نفس الوقت بدأت تعطي ميداليات للأمهات اللواتي يلدن أكثر من خمسة أطفال و فرضت ضرائب أعلى على غير المتزوجين و المتزوجين الذين ليس عندهم أولاد , و أخيرا أعيد تجريم المثلية الجنسية مرة أخرى , أولا في أذربيجان عام 1923 ثم أوزبكستان عام 1926 و تركمانستان في العام التالي , حتى أضيفت أخيرا المادة 121 إلى قانون العقوبات السوفيتي عام 1934 التي نصت على اعتبار المثلية الجنسية جريمة يعاقب عليها بالسجن خمس سنوات .. كانت تلك بداية لحملة شعواء على المثليين , ساوتهم بالفاشيين تارة و تارة بالبرجوازية المنحطة و استخدمت السلطة الحاكمة في هذا السياق "الطب السوفيتي البروليتاري" لمحاولة شفاء هؤلاء "المرضى" , بشكل يماثل تماما ما تعرض له المثليون أيضا في ألمانيا النازية و إن بحجج مختلفة طبعا : أنهم يمثلون الثقافة اليهودية المنحطة و جزء من المؤامرة البلشفية اليهودية العالمية على العرق الآري المتفوق و أخلاقه و روحه العسكرية و معدل مواليده , لكن في الحالتين , الستالينية و الهتلرية , كان قمع المثليين جنسيا إحدى العلامات , ليس فقط لنشر هستيريا معادية لكل ما هو مختلف كتبرير للقمع الوحشي و سحق أية معارضة و تشويه سمعتها , بل أيضا لصعود قيم ذكورية أبوية بطريركية ترتبط مباشرة بعسكرة المجتمع و العمل و الفكر , و الجسد طبعا .. فقط بعد موت "الرفيق" ستالين و عبر عملية معقدة و مترددة من تخفيف وطأة تدخل الدولة و تراجع هيمنة القيم الذكورية و الأبوية – البطريركية , على طريقة لينين الشهيرة : خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء , تراجعت تلك القيود تدريجيا رغم حضور قوي و لافت للقيم الذكورية و الأبوية – البطريركية حتى يومنا هذا بشكل لا يقل أحيانا عما كان عليه الحال أيام ستالين .. أعتقد جازما أن الرفيق عبد المطلب العلمي يمكنه معرفة ذلك بكل سهولة , و كذلك الرفيق طلال الربيعي يمكنه أيضا أن يتأكد من تاريخية المادة 121 بنفس السهولة .. لكن الرفيق سعيد زارا هو الأكثر اتساقا مع نفسه , إنه يعتبر الجنس غريزة حيوانية لا غريزة إنسانية , ورثناها من عصور الكبت الجنسي , و يعتبر المشاهد الإباحية انحطاطا , برجوازيا بالضرورة , أما السينما الشيوعية فهي تهدف للرقي بالذوق الإنساني و القيم الإنسانية .. لكن ليس الشيوعيون وحدهم هم الذين سعوا وراء ذلك الارتقاء بالذوق و القيم التي يصفها بالإنسانية , هناك قائمة طويلة من أعداء الانحطاط البرجوازي , لا تبدأ بهتلر و لا تنتهي بداعش .. كل هؤلاء يتقفون مع الرفيق سعيد و من يرى رأيه من الشيوعيين فيما يتعلق بحيوانية الغريزة الجنسية و يتساءلون أيضا "لم يبق لصاحب المقال إلا أن يقول أن الزواج للكل و إن أراد أن يتحرر أكثر فليعلن مشروعية العلاقات الجنسية مع الحيوانات" .. نحن نريد فعلا أن نتحرر , و لا أشعر بأي خزي أو تردد و أنا أقولها .. أما بقية الرفاق المعلقين فيهتمون بقضية واحدة فقط : نفي أن يكون المثليين جنسيا قد تعرضوا للقمع في روسيا السوفيتية , خاصة في فترة حكم ستالين , و هم لا يعبرون بالتالي لا عن رفض و لا عن قبول حق المثليين في الوجود و ممارسة خياراتهم بحرية و بمساواتهم مع الآخرين و منع التمييز ضدهم و اضطهادهم , و لا أن المثلية الجنسية ليست مرضا و لا ضد "الطبيعة البشرية" الخ الخ , بل هي تعبير نفسي بيولوجي غريزي طبيعي الخ , إنهم يتهربون من كل هذه الأسئلة و يحتفظون بأجوبتهم الحقيقية لأنفسهم , وحده الرفيق سعيد زارا يعبر عن هوموفوبيا صريحة , ستالينية بعض الشيء , لكنها أيضا ماركسية و لينينية أيضا بدرجة ما .. نعرف أن أحد أوائل دعاة حقوق المثليين أرسل بعض الأدبيات الداعية لتحريرهم إلى ماركس الذي مررها بدوره إلى أنجلز , في تعليقه ساوى أنجلز بين المثلية الجنسية و البودوفيليا , أي ممارسة الجنس مع الأطفال , و علق بسخرية سلبية على تلك الدعوة .. كانت تلك لفتة عابرة تؤكد أن أنجلز , و ماركس ربما , مصابان بالهوموفوبيا .. إن مساواة أنجلز المثلية الجنسية بالبودوفيليا هو الجواب الكلاسيكي لكل المؤمنين بالقيم الذكورية الأبوية – البطريركية على سؤال المثلية الجنسية .. لينين أيضا رفض دعوات الحب الحر , التي تردد صداها داخل الحزب البلشفي ( الكسندرا كولونتاي و إينيسا أرماند ) , و كان القطب الآخر المقابل لالكسندرا كولونتاي فيما يتعلق بالموقف من الزواج و العائلة و الجنس الخ , أما بالنسبة للمثليين جنسيا فنحن لا نعرف رأيه بالضبط لكنه على الأرجح لن يكون مختلفا عنه في قضية الحب الحر و العائلة الخ .. قد يمكن لوم هؤلاء بشكل ما على موقفهم هذا , على أنهم هم أيضا كانوا هوموفوبيك بدرجة ما , أو قد نعذر ماركس و صديقه , جزئيا على الأقل , لأنهما عاشا في عصر هوموفوبيك , أبوي و ذكوري بشدة .. مثلا الحزب الشيوعي الثوري في الولايات المتحدة الأمريكية تخلى عن "النضال للقضاء على المثلية الجنسية و إصلاح المثليين جنسيا" عام 2001 و أصبح من دعاة حقوق المثليين جنسيا , هذا ليس عيبا في النهاية , قد يكون قصورا حقيقيا : العجز عن رؤية الاضطهاد و التمييز الذي يتعرض له المثليون و الصمت عليه و تبريره , لكننا جميعا أولاد عصرنا أولا .. مشكلة الرفاق المعلقين هو أنهم يفترضون أن ماركس , أنجلز , لينين الخ هم خارج عصرهم , خارج التاريخ , أنهم قد تحدثوا عن كل شيء قد يقال أو يثبت اليوم أو في الغد .. ترى الماركسية أن كل شيء هو ابن عصره , إلا الماركسية نفسها , فهي خارج التاريخ , إنها ليست نتاجا لعصرها و لذلك هي لا تتطور , لقد ولدت كاملة دفعة واحدة إلى الأبد .. يذكرنا هذا بالمسلمين الذين يجدون كل شيء من نظرية الانفجار الأول إلى قانون الجاذبية الخ الخ في آيات القرآن أو أحاديث الرسول , إنهم يفترضون أنها تحتوي دون شك على كل المعارف و العلوم , إلى يوم الدين .. لقد اكتشفت الماركسية الحقيقة المطلقة , و هي لذلك معصومة , لكل زمان و مكان .. و هنا نأتي إلى تعليق الرفيق حميد خنجي , إنه يتفق لأول مرة مع الآخرين .. غريب أمر هذه الماركسية , التي تعرف كل شيء لكن التي يختلف أشد مؤيديها صلابة على أبسط التفاصيل , فيتشاتمون و يتخاصمون و يكفر بعضهم بعضا .. مرة أخرى يذكرنا ذلك بالأديان .. الخلاف بين الفرق و النحل على صفة من صفات الله أو على تعريف فكرة أو تفسير آية أو حديث , يشبه تماما خلافات ماركسيينا .. إنهم متفقون جميعا على قدسية النص , لكنهم يختلفون على تفسيره .. و خلافاتهم في الحالتين لا تقبل القسمة على اثنين , إنها تعني الردة أو الكفر , الخيانة و الهرطقة و التحريفية و الانتهازية الخ .. أحد الأشياء الغريبة هنا هو أن هذه الأرض التي نعيش عليها , شهدت ذات يوم مواقف مختلفة تماما من قضية الجنس و الملكية الخاصة و حتى المثلية الجنسية , عرفت منطقتنا إرثا مهما من المطالبة بمشاع الأرض و النساء يعود إلى مزدك و بابك الخرمي و بعض الفرق الهرطقية الصغيرة الأخرى , حتى أن بعضها ذهب إلى إلغاء كل المحرمات فيما يتعلق بممارسة الجنس , أن يكون الزواج للكل بتعبير الرفيق سعيد زارا .. من المهم أن نتساءل لكي نفهم : كيف كان هؤلاء أولاد عصرهم , أيضا ؟ أخيرا , وضع المثليين غريب جدا , كأية أقلية مختلفة تستخدم لصالح البروباغندا السلطوية السائدة , لتبرير القمع و انتهاك إنسانية البشر و سحق فردانيتهم و حريتهم .. قد يمكن أن نقبل أن هناك إسلاموفوبيا حقيقية في الغرب , لكنها ليست إلا جزءا من اللعبة السلطوية السائدة : قد يزعج المسلمين أن يكون كرههم أو رهابهم جزءا فقط من هذه اللعبة التي تشتمل أيضا على كراهية المثليين جنسيا .. اليمين المحافظ , المسيحي و الليبرالي , في الغرب يستخدم كراهية المثليين على نطاق واسع , بشكل لا يقل أبدا عن الإسلاموفوبيا , ليحتفظ بسطوته على العقول و يمنع تحرر المثليين و مساواتهم بغيرهم .. ليس غريبا أن نسمع تعليقات من قبيل : أن زواج المثليين جنسيا و الدعوات لحقوق كاملة للمثليين , انعتاقهم و تحررهم , هي جزء من مؤامرة , تارة شيوعية و تارة غير ذلك لكنها ليست داعشية بالتأكيد , لتدمير الإله و أمريكا و سلاحها النووي ( رافائيل كروز , والد تيد كروز السيناتور الجمهوري الأمريكي المدعوم من حزب الشاي المحافظ ) .. في أمريكا المكارثية حاول مكارثي وإدغار هوفر و شركاه وصم الشيوعية بالمثلية جنسيا , بينما كان المثليون جنسيا الأعضاء في الحزب الشيوعي الأمريكي يطردون من الحزب بسبب مثليتهم .. في ألمانيا النازية استخدام النازيون مصطلح البلشفية الجنسية لوصف المثليين جنسيا , أما في روسيا الستاليينية كان الحزب الحاكم يصفهم بالفاشيين , في الحالتين تمت تصفيتهم بأبشع الطرق الممكنة .. داعش و النصرة و أخواتها تسير اليوم على خطا هتلر و ستالين , وسط صمت الجميع .. أحد أغرب الأشياء اليوم أن ترمي داعش و النصرة و أخواتها المثليين من فوق الأبنية العالية بينما تبيح البودوفيليا و اغتصاب الإيزيديات لأفرادها لأن شخصا تعتبره نبيا مارس البودوفيليا و اغتصاب السبايا ذات يوم , و أن يصمت الجميع على ذلك .. إن نظريات المؤامرة السلطوية , التي تشكل أساس البروباغندا السلطوية غالبا , تستخدم هؤلاء المختلفين عادة لإثارة ما يمكن أن نسميه بحق الغرائز القطيعية التي تتغذى بالفعل على الكبت الجنسي أساسا , رهاب المختلف هو دائما سلاح قوي بيد السلطة , ليس فقط لاضطهاد تلك المجموعة و محاولة القضاء عليها , بل لقمع الآخرين و سحق فرديتهم و قدرتهم على التفكير المستقل و انتقاد السائد و السلطة .. إنها طريقة مضمونة و مجربة لخلق القطيع و المحافظة عليه من أي محاولة نقدية أو تحررية لاختراقه ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليس بعض الظن إثم
سامية سلامة ( 2016 / 11 / 8 - 17:28 )
بت أشك أن مازن سوري


2 - الماده121 من قانون العقوبات
عبد المطلب العلمي ( 2016 / 11 / 8 - 18:44 )
انا لم انفي وجود هذه الماده، بل فسرت كيف كان استعمالها. من ناحيه اخرى اود لفت النطر الى صيغه الماده:الجماع الجنسي للرجل مع رجل (اللواط) يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.
اللواط، المرتكب مع استخدام العنف الجسدي اوالتهديد، أو ضد قاصر، أو باستغلال الجاني لوضعه و وضع الضحية، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثماني سنوات.
لاحظوا التركيز على الاغتصاب و هذا هو المقصود و لا اعتقد ان المدافعين عن المثليه يدافعوا ايضا عن الاغتصاب.
حسب احصائات وزاره الداخليه لم يتجاوز عدد المحكومين حسب هذه الماده الالف في السنه
نقطه اخرى بخصوص الضرائب على غير المتزوجين. الضريبه كانت مفروضه فقط على المتزوجين المار على زواجهم اكثر من عامين دون خلفه ، في حال عدم وجود تقرير طبي يثبت عقم احدهم.و مقدارها1%من دخل احد الزوجين حسب اختيارهم.
اما بخصوص الزواج الشرعي، نعم هو المعترف به في اطار الارث و المساعده الحكوميه في حال وفاه احد الزوجين قبل بلوغه سن التقاعد.اما القضايا المدنيه الاخرى مثل تسجيل الاولاد في شهاده الميلاد الخ فيكتفى بعرضحال يوقعه الزوجان بانهما يعيشان معا معيشه الازواج.


3 - انا مع الكاتب في كل ماجاء بالمقاله ولكن الامرثقافي
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2016 / 11 / 9 - 05:13 )
تحياتي للكاتب ولجراءته اهذا بنظر الاعتبار ان الموقف من القضايا الجنسيه بما فيه المثليه هي قضيه وموقف ثقافي لم يكن لماركس وانجلس الا ان يكونا كمواطنين في القرن 19 والمعروف ان العادات والتقاليد والافكار والمفاهيم الاخلاقيه تتسم بالمحافظه وليست متوازيه بتطورها مع الافكار السياسيه مثلا والمتسمه بديناميكيتها بما في ذالك ثوريتها كالشيوعيين في بلادنا العربيه هم ثوريون سياسيا ولكنهم دراوشه سلوكيا -واتذكر انني كلفت ان انقل البريد لحشع من بغداد لمحافطة جنوبيه عام 1952 فوصف لي الرفيق البغدادي الزقاق والمقهى التي نلتقي فيها لاستلام-البريد-وحينما وصلت المكان وجدت نفسي ي المبغى العام بباب الشرجي ولولا شدة الالتزام بدقة المواعيد حيث حضر الرفيق المسؤل واوضح قائلا-اسكت ماكو اءءمن من هذا المكان الشرطه تؤمن هنا لايتواجد الشيوعيون -والناس في العراق في النصف الاول من ق 20 يقولون ماكو شيوعي عرقجي او قحبجي - ولكن بعد ثورة 14تموز والاختلاط بالشعوب الاخرى تغيرت الكثير من الافكار والسلوكيات الاجتماعيه

اخر الافلام

.. غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح


.. اعتقال مؤيدين لفلسطين في جامعة ييل




.. الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟ • فرانس 24


.. وكالة الأونروا.. ضغوط إسرائيلية وغربية تهدد مصيرها




.. آلاف المهاجرين في بريطانيا يخشون الترحيل إلى رواندا