الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو مراجعة تاريخية لمحطات وعد بلفور واستخلاص الدروس في المرحلة الراهنة

عليان عليان

2016 / 11 / 9
القضية الفلسطينية


نحو مراجعة تاريخية لمحطات وعد بلفور واستخلاص الدروس في المرحلة الراهنة
بقلم : عليان عليان
لا يتسع المجال هنا لأن نعود للسياق التاريخي الاستعماري التآمري على الوطن العربي وعلى فلسطين كجزء من هذا الوطن ومن بلاد الشام ، ذلك السياق الممتد منذ نهاية القرن الثامن عشر ، عندما اقترح نابليون إقامة دولة لليهود في فلسطين وحتى صدور الوعد المشؤوم عام 1917.
فقط نشير إلى ثلاث محطات رئيسية هنا، شكلت الخلفية السياسية والأيديولوجية لهذا الوعد ، المحطة الأولى هي محطة المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا عام 1897 بزعامة ثيودور هرتزل- الصهيوني العلماني- الذي دعا إلى إنشاء دولة لليهود في فلسطين ، على قاعدة توظيف الرواية التوراتية الزائفة في فلسطين ما يضمن تحفيز اليهود من مختلف أرجاء العالم للهجرة إلى فلسطين.
لقد قام خطاب هرتزل السياسي بشأن إقامة هذه الدولة وفق ما جاء في كتابه كتابه " الدولة اليهودية " - الذي نُشر في فيينا ولايبزيغ في 14 فبراير 1896 قبل ثمانية عشر شهرا من انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول- على شرط التطهير العرقي الذي دعا فيه بكل صراحة إلى إبادة كاملة للمواطنين العرب في فلسطين ، ليتسنى للصهاينة إقامة دولة نقية لليهود في فلسطين.
لقد كان هذا الكتاب أساس الصهيونية السياسية الراهنة، والذي كان يعتقد أنه من أجل تحقيق الاعتراف الدولي والحقوق القانونية المزعومة للشعب اليهودي في فلسطين ،لا بد من الحصول على الضمانات القانونية للحقوق السياسية من الدول الاستعمارية ليصبح من الممكن بدء الهجرة الاستيطانية إلى فلسطين.
المحطة الثانية: هي محطة مؤتمر الدول الاستعمارية( 1905- 1907 )الذي سمي مؤتمر " كامبل بانرمان" نسبةً إلى وزير خارجية بريطانيا آنذاك - الذي صاغ قرارات المؤتمر ، وشارك فيه ممثلون عن الدول الاستعمارية الأوروبية وهي: انكلترا، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، البرتغال، بلجيكا وهولندا، إلى جانب كبار علماء التاريخ والاجتماع والاقتصاد والزراعة والجغرافيا والبترول.

لقد اشتملت قرارات المؤتمر على العديد من القضايا والبنود نذكر منها:
- " إن في منطقة شرق المتوسط شعوب عربية تنتمي إلى أمة واحدة ، يجمعها تاريخ واحد ودين واحد ولغة واحدة ومصير مشترك ، فإ ذا ما توحدت هذه الشعوب فإنها ستشكل خطراً على مجمل المصالح الاستعمارية في المنطقة ، ما يتطلب إقامة كيان يهودي في فلسطين يفصل الجناح العربي في آسيا عن الجناح العربي في أفريقيا. "
-إ"ن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي للاستعمار! لأنه الجسر الذي يصل الشرق بالغرب والممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والأفريقية وملتقى طرق العالم ، وأيضا هو مهد الأديان والحضارات، والإشكالية في هذا الشريان هو أنه يعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص، شعب واحد تتوفر له وحدة التاريخ والدين واللسان ما يتطلب بقاء شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة متأخرة".
وفي عام 1908 ، وترجمةً لمقررات كامبل بانرمان لصالح بريطانيا ، قدم الوزير البريطاني اليهودي هربرت صاموئيل ، مذكرة اقترح فيها تأسيس دولة يهودية في فلسطين تحت إشراف بريطانيا، مبيناً ما ستجنيه بريطانيا من قيام هذه الدولة في قلب العالم العربي والقريبة من قناة السويس.
المحطة الثالثة : محطة وعد بلفور في الثاني من تشرين ثاني 1917،حين أصدر
أصدر وزير خارجية بريطانيا آنذاك آرنست بلفور وعده المشؤوم، بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ، على حساب الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب العربي الفلسطيني ، ذلك الوعد الذي أقل ما يقال في وصفه" بأنه وعد من لا يملك لمن لا يستحق" وقد نص الوعد على ما يلي : " ن حكومة صاحبة الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية ، وعلى أن يكون مفهوماً بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في بلد آخر" .
لقد شكل هذا الوعد الاستعماري الظالم ، مرجعية المخطط التآمري لاغتصاب أرض فلسطين وتهجير أصحابها الشرعيين العرب، من خلال مجازر التطهير العرقي وتسهيلات هجرة اليهود إلى فلسطين ، وتمكينهم من السيطرة على مساحات من أرض فلسطين ، وذلك عبر صك الانتداب البريطاني على فلسطين، الذي تضمن الآليات اللازمة لوضع الوعد موضع التنفيذ ، ولتحقيق إستراتيجية الحركة الصهيونية المقرة في بازل عام 1997 ، وعبر تواطؤ وتبعية عدد من الدول العربية لبريطانيا ، لوضع حد للثورة الفلسطينية آنذاك وللقبول بقرار التقسيم عام 1947 ، رغم رفض هذه الدول الشكلي له، ما قدم خدمة كبيرة للمشروع اليهودي في فلسطين .
ورغم مرور 99 عاماً على ذلك الوعد المشؤوم ، الذي أرسى الأساس الظالم وغير الشرعي لهذا السلوك الاستعماري العنصري- بدعم غير محدود من الإمبرياليتين الأميركية والبريطانية- والذي كلف الشعب الفلسطيني معاناة اللجوء والتشريد ، ومئات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى وما زال ، فإن بريطانيا والولايات المتحدة لا تزالان تمارسا ذات الدور الاستعماري البشع بحق الشعب الفلسطيني وتتنكر للحد الأدنى من حقوقه الوطنية المشروعة، ولا زالتا تلعبا ذات الدور التآمري والعدواني على الأمة العربية وقضاياها العادلة.
إن التعامل مع هذه الذكرى ، يشكل مناسبة لاستخلاص الدروس ، ووضعها موضع التطبيق وأبرز هذه الدروس :
أولاً: وضوح الرؤيا عند رسم الإستراتيجية ، بأبعادها السياسية والثقافية والنضالية ما يقتضي أن نقول بوضوح أن بريطانيا والولايات المتحدة ، رغم أنهما تندرجان في إطار " الآخر" ، إلا أنهما تصنفان في دائرة المعسكر المعادي للحقوق الفلسطينية وللقضايا العربية عموماً.
ثانياً: أن القوى المحلية والإقليمية الرجعية العربية المرتبطة والتابعة لقوى الاستعمار التي لعبت دوراً رئيسياً في خلق النكبة، لا تزال تشكل الاحتياطي الرئيسي للاستعمار والصهيونية في تفعيل مفاعيل النكبة ، ولا تزال هذه القوى تلعب دوراً أساسيا في تمرير مشاريع التسوية الأمريكية.
ثالثاً: أن الطريق الوحيد لتحرير فلسطين هو طريق الوحدة الوطنية ، المستندة إلى العمق العربي وإلى المقاومة بكافة أشكالها ، بعد أن ثبت وبالملوس بؤس الرهان على خيار المفاوضات والتسوية عبر أوسلو" وواي ريفر وخارطة الطريق وأنابوليس ووادي عربة وكامب ديفيد وغيرها.
رابعاً: أن فلسطين قضية عربية بامتياز، وليست قضية الشعب الفلسطيني وحده وهي جوهر الصراع العربي – الصهيوني، وأن مسؤولية تحرير فلسطين تقع على عاتق الأمة العربية جمعاء.
فما يميز قضية التحرر الفلسطينية عن غيرها من قضايا التحرر الأخرى في العالم هو أن شعب هذه القضية لا يملك وحده، اتخاذ قرارات مصيرية حاسمة وخوض حرب التحرير ضد العدو الصهيوني ومن وراءه دول المعسكر الامبريالي دون الاستناد إلى الحاضنة القومية العربية ، التي ينتمي إليها بحكم أن القضية الفلسطينية هي قضية قومية وأن صراع الفلسطينيين مع العدو الصهيوني هو جزء لا يتجزأ من الصراع العربي الصهيوني.
ولهذا لا يمكن النظر إلى القضية الفلسطينية على أنها فقط قضية تحرر وحقوق محصورة في جماعة وطنية ترتبط مع غيرها من المجتمعات، ببعض العلاقات التحالفية التي يمكن أن تستخدمها سلاحا في صراعها مع العدو خدمةً لقضيتها ، بل إنها قضية تحرر وطني في الإطار القومي العربي ، وفي إطار حركة التحرر الوطني العربية.
خامساً: التأكيد على ثوابت الصراع مع العدو الصهيوني بأنه صراع وجود وليس صراع حدود، وان سمة الصراع معه ، ومع المشروع الصهيوني في فلسطين والوطن العربي سمة تناحرية.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را