الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة في الأدب..إلى أحلام مستغانمي!

ساكري البشير

2016 / 11 / 9
الادب والفن


هل نتحدث عن الأدب والفن ورسالته بصفة عامة أم عن أدب الجنس - السكس - والسخط لأحلام مستغانمي؟
إن كان الأول، فقد أفاض فيه من قبلنا مثل توفيق الحكيم ومصطفى صادق الرافعي والعقاد وغيرهم الكثير، وإن كان الثاني فنحن أمام مجال محصور، وفن فاسد لا يرقى حتى أن يسمى أدبا، خصوصا إذا تم مقارنته بالبيئة التي نحن فيها.
إن واقعنا الأدبي اليوم أصبح بعيدا عن الهوية الاصلية التي نحتمي من خلالها من عواصف الغزو الثقافي الغربي، فإختلط فيه الأدب المنحط من الراقي، ولم يعد الشباب اليوم يميز بين مدن الملح وعابر سرير أو مدن الملح و الأسود يليق بك..
يجب علينا إعادة بعث المفهوم الرفيع للأدب، وتمييزه عما هو فاسد، لأن الفن لا يكون فنا إذا لم يكن غرضه خدمة الإنسانية...
إذا رجعنا قليلا بالزمن إلى الوراء، لرصدنا مفهوم الأدب بصفة عامة، ولوجدنا أنها من أدب الإنسان، فتكون رسالة الأدب رسالة الإنسان، ويحدد في الحال رسالة الأدب ويجعلها مسألة إنسانية محضة.
يقول إبراهيم ناجي في مؤلفه - رسالة الحياة - : " إذا رجعنا إلى هذه الكلمة – الأدب - في الإسلام وجدناها ترد بمعنيين: الأول بمعنى التهذيب (أدبني ربي فأحسن تأديبي )، والثاني بمعنى الدعوة ( هذا القرآن مأدبة الناس في الأرض)، والأصح أن هذه الدعوة، دعوة الناس إلى التلاقي، إما على مأدبة الطعام، وإما إلى غرض خلقي نبيل"
والروايات صنف أو فرع من الأدب، يغمره الخيال، فيصور لنا ذلك الجبل الجامد إلى جبل فيه روح تئن حين تتألم وتبتسم حين تسعد، ويصف لنا كيف تتكلم الطبيعة، وكيف يصرخ العصفور، وكيف تترنح القلوب، وذلك لا يكون إلا عن طريق العاطفة..
والعاطفة هي الوقود الذي يغمر العمل بالضوء، فهي الإشراق المنبعث من الضوء، أما الفكرة فهي عمل العقل أو الصنعة، وأما الحركة والخيال فهما صفتان من صفات الحياة، ومنها يمكن أن يعرَّفَ الأدب بأنه: " التصوير الخيالي لحقائق الحياة"، أو المحاكاة الخيالية لحقائق الحياة".
ولكن للأسف..
لو بحثنا عن الروايات الأكثر شهرة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية لرصدنا عددا هائلا من الروايات الأكثر جنسية، والأكثر إثارة، والأكثر تشويقا لتلك الساقين العاريتين، والهمسات الغريزية..
وهذه الظاهرة ظاهرة عالمية، بل هي من سمات هذا العصر المادي الميكانيكي الذي تحول فيه الأدب والفن إلى أدوات للقتل الجماعي بدلا من أن يكون أسلوبا للرقي بالإنسان نحو أفق جديدة، إنه نوع من القتل الجميل الرائع، تخنق فيه العقول بجبال من حرير، وتخنق الخيالات بالعطور الفواحة.. وتخاط فيه الشفاه بتلك القُبُلات الساحرة..
وكلما زادت مقاومة القارئ لهذا الأفيون زاد الروائيون من المساحة العارية المسموح بها من صدر بطلة الرواية ومن ساقيها، وسكبوا كمية من الدم أكثر في رواياتهم، وكمية من البترول المشتعل أكثر على أعصاب الناس..
ونظرا لذلك الجمال الفاتن وتلك الخُطى الساحرة لبطلة الرواية، نجد في شوارعنا أن كل فتاة تُحب أن يقال إنها حلوة وساحرة وفاتنة مثل تلك الرواية ، وملكة جمال، لنقع مرة أخرى في سؤال جديد وهو: ما الجمال؟
هل الجمال هو البودرة المصبغة على الوجه والأحمر على الشفاه والكريم على الجبين والكحل على العين، وتنقية الحاجبين؟
هل هو لون الشعر، طول الشعر، وشكل التسريحة، ومقاس الصدر ومحيط الوسط، وخرطة الرجلين، وإستدارة الردفين؟
هل الجمال فستان قصير عاري وحقيبة يد عليها رسومات مثيرة ومنظار حجمه نصف الوجه؟
للأسف! إن الفتيات اليوم اللاتي يقرأن مثل ذلك الأدب الرخيس يخيل إليها أنه ذلك هو الجمال..
كل تفكير المرأة اليوم في شكلها ... في مقاساتها الخارجية..في اللون والنقشة التي ترسمها حول العين والحاجب والشفة..
يخيل لها أن الجمال يمكن رسمه على الوجه، ويمكن تفصيله بالتحزيق والتقميط والمكواه والمشط..
لأننا علمناها من ذلك الأدب الذي يسمح لها بأن ترمي ستررتها على يدها وتسير في الشارع شبه عارية..وعلمناها أن الحرية هي حرية التعري، لا حرية التفكير السليم ببناء وتكوين أسرة...
دون أن نقدم لها روايات تكسف لها أن الجمال الحقيقي هو جمال الشخصية، وحلاوة السجايا، وطهارة الروح..
النفس الفياضة بالرحمة والمودة والحنان والأمومة، هي النفس الجميلة..
النفس العفيفة والعفة درجات..عفة اللسان، وعفة اليد، وعفة القلب، وعفة الخيال..وكلها درجات جمال..
أي قيمة لوجه جميل وطبع قاس خوان مراوغ خبيث.
وأي قيمة لمقاسات الوسط والصدر..والقلب مشحون بالطمع والدناءة..
وأي قيمة للشفاه المرجان واللسان يقطر بالسم والقطران..
وأي قيمة للساق الجميلة خرط المخرطة التي تمتد لك بشلوت .. والذراع الفاتنة التي تمتد لك بقباب..
وأي قيمة لنهد نافر خصصته صاحبته لإرضاع العشاق لا إرضاع الأطفال، وأرداف تتزين للنزوات، وفم فاتن لا ينطق إلا الكذب..
إن الأدب رسالة إنسانية عليك أن تقرأها بعقلك أولا، وأمانة عليك تأديتها بذوق الناقد الحاذق الغيور على مجتمعه والذي يسعى لحل مشاكله بطريقة عاطفية خيالية وليس بذوق العاشق الذي يتخفى خلف اللغة المبهرجة والمفرغة من روحها الأدبي الرفيع..
إن مسؤولية الروائي حين يريد أن يخرج عن المعتاد، ويتمرد على هذا الإتفاق، من أجل ملئ وقت الناس، فعلى الأقل يجب أن يكون هذا في محاولة شريفة لإحياء وقت الناس بما يثقفهم ويعلمهم في البحث عن الحق، وإضاءة جوانب من الحياة كانت غامضة، لا أن يزيد عن التسلية إشراك الناس فيما يقتل وعيهم، بل يجب إعادة كل شخص إلى نفسه وقد ازداد ثراءاً ووعيا لا سلبه من نفسه وسرقته من حياته، ورفع شعارات الحرية لتفسح الروح الإنسانية عن مكنونها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با