الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور النُخب السياسية الحاكمة في عرقلة الإصلاح والتغيير المطلوب

صبحي مبارك مال الله

2016 / 11 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


دور النُخب السياسية الحاكمة في عرقلة الإصلاح والتغيير المطلوب
تدور الآن معركة شرسة وقاسية بين قوى الشعب العراقي وقواته المسلحة وبين عصابات داعش الغاشمة ، معركة وطنية لأجل تحرير نينوى وإعادة الحياة إلى هذه المحافظة المنكوبة بجرائم هذه العصابات التي حولت حياة الناس إلى جحيم حقيقي وفق فكرها الظلامي الرجعي التكفيري ، وهاهي تباشير النصر باتت تلوح في الأفق . ولكن القلق والشك وعدم الإطمئنان على المستقبل ليس في هذه المحافظة حسب أو المدن المحررة ، ولكن في عموم البلاد وهذا التخوف جاء من خلال الأجواء السياسية التي يعيشها الوطن منذُ ثلاثة عشر سنة، أجواء عدم الثقة والخوف من المخططات الخفية السرية والمعلنة المرسومة للعراق لما بعد داعش وكيف ستكون الأوضاع ؟ وهل هناك تفاؤل أم تشاؤم هل سيستمر التنسيق والتفاهم بين الكتل السياسية أو بين النُخب السياسية أو نسميها الطبقة الحاكمة خلال فترة التحرير أم هناك صفحة جديدة ستفتح تتميز بشدة الصراع بين هذه القيادات ؟.
لقد حكم الشعب على هذه النُخب والقيادات السياسية بالفشل في إدارة شؤون البلاد بعد أن تفشى الفساد السياسي والإداري والمالي ونهب الأموال بمليارات الدولارات ، وآلاف القضايا التي حولت إلى القضاء وثُبت عليها الأدلة الجرمية و التي لم تُحسم من قبل القضاء . وبالرغم من وجود هيئات النزاهة ودائرة المفتش العام و الرقابة المالية الإدارية والبرلمانية ألا أنها لم تردع لمن تسول له نفسه نحو سرقة أموال الشعب . لقد أزداد الأمر سوءً وبقي العراق وشعبه أسير القروض وشروط صندوق النقد الدولي .فعند الإطلاع على الأحصائيات سنجد صورة مخيفة ومُذهلة فيما يخص كل جزء من مؤسسات الدولة وفي كل المجالات( السياسية والإقتصادية والإجتماعية والخدمات والصحة والتعليم والثقافة )وأصبح خط الفقر أكثر إرتفاعاً . وهناك عدة مشاكل قائمة وماثلة أمام الجميع ومنها مشكلة النازحين بسبب إحتلال داعش السريع لثاني أكبر محافظة في العراق والذين يُقدر عددهم أربعة ملايين نازح ومُهجّر، وتداعيات هذا الإحتلال الذي كاد أن يصل إلى بغداد، كثيرة ومتشعبة و الذي جاء بدعم دولي وأقليمي وداخلي ، والملاحظ لم يُحاسب المسؤولين عن هذا السقوط المريع لحد الآن، كما هناك مشاكل المدن المُهدّمة ودمار البنى التحتية ومشاكل التداعيات الإجتماعية وأنتشار العنف وظهور مجتمعات عنيفة دُمرت فيها الطفولة وسبي النساء وقتل الإنسان لأتفه الأسباب .
من المسؤول عما جرى في العراق منذُ التخلص من النظام الدكتاتوري عام 2003 ، وشرعنة الإحتلال الأجنبي ؟ وقبل ذلك عندما أستسلمت أكثرية المعارضة المكونة من الأحزاب الأسلامية والقومية والليبرالية والعديد من الشخصيات أو بعض منظمات المجتمع المدني المصطنعة ، لإرادة الإحتلال في التخطيط حيث لم يوضع برنامج ديمقراطي حقيقي وبإرادة وطنية لتأهيل العراق مدنياً وديمقراطياً لما بعد حُكم صدام الشمولي ، ولم يوضع برنامج المصالحة الوطنية الحقيقية المجتمعية كما حصل عند بعض البلدان ذات الظروف المشابهة وإطفاء بوادر إشتعال الفتنة الطائفية التي زرع بذورها الأساسية النظام السابق . لقد أعتمدت قيادة النُخب السياسية ، نظام لم يُثّبت في دستور العراق الدائم 2005 ، وهو نظام المحاصصة الطائفية والسياسية والإثنية حيث أصبح كقانون غير مُعلن . وبدأت الكتل السياسية المتنفذة تعمل بكافة الإتجاهات ، إتجاه بناء مليشيات مسلحة خاصة بها وبدون سند دستوري الذي يدعو إلى حل المليشيات ، إتجاه السيطرة على السوق المحلية ، السيطرة على الوزارات ومؤسساتها ، السيطرة على التجارة والأقتصاد ، وتكوين شبكات مافيوية تعمل لصالح الكتل المتنفذة ، تتدخل في كل شيئ يهم المواطن بما فيها التعيينات والنتيجة أصبحت تتمتع بقوة مالية وقوة عسكرية ونفوذ. وبعد التدهور السريع وفي مقدمتها فشل المشاريع الإقتصادية والصناعية ، عقود ومشاريع جديدة لم تُنفذ لأنها كانت وهمية ، أصبح الإعتماد على واردات النفط فقط لعدم وجود زراعة وصناعة وتجارة هكذا أصبح الحال . وعندما وضعت الوزارات المتعددة منذ ُ 2004م برامجها ، بقيت حبرعلى ورق . لقد كان المعّول أن تستفيد النُخب االسياسية من التجربة وتعمل بإخلاص ووطنية عالية ، ولكن الأمر أصبح مُعقداً بسبب الإرتباطات والولاءات الإقليمية والدولية ، فتراكمت الأزمات وأخذت تتطور إلى درجات عالية من الصراع التناحري وعندما لم يلمس الشعب إستجابة لمطاليبه ، خرج بعشرات ومئات الألوف بحراك جماهيري واسع ، الأمر الذي جعل الحكومة تطرح حلول من خلال الإصلاحات المقترحة من قبل رئيس مجلس الوزراء السيد حيدر العبادي ، ولكن بسبب عدم وجود إتفاقات حول الإصلاحات ومحاربة الفساد وسلوك سياسة وطنية وإلغاء نظام المحاصصة الطائفية ، لم يحصل الإصلاح ولا التغيير ولابناء الدولة المدنية الديمقراطية ، وبالرغم من الإنقسامات في البرلمان ومحاسبة الفاسدين وحسب تبعية هذا وذاك لكتلة معينة بموجب حسابات دخيلة على السياسة العراقية وتحت ضغط الوضع الإقتصادي المتدهور ، وبوجود الإحتلال الداعشي وظهور مشاكل الإقاليم أو بين الإقليم والحكومة الإتحادية ، تراجع السيد العبادي عن الإصلاحات بل عقد إتفاق سياسي جديد بين القيادات أو النُخب السياسية لتكريس المحاصصة الطائفية من جديد .
وبعد بدأ المعارك التحررية بين الجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب والشرطة الإتحادية والمحلية والبشمركة والحشد الشعبي والحشد العشائري ضد عصابات داعش بدعم من القوات الدولية الحليفة ، وتحقيق إتفاق سياسي وتهدئة بين حكومة الإقليم والحكومة الإتحادية وبين الكتل السياسية نفسها وتجاوز الخلافات وتقليل حالة التشضي ، ظهر الموقف الوطني العراقي ولكن العزم والإصرار على عرقلة وحدة الشعب ، بدأ يظهر من خلال إجندات سياسية بدفع وتحريض من الذين لايريدون لهذا الشعب الإستقرار والسلام والبناء ، وهذه الإجندات تقودها النُخب والملتفين حولها من ذوي المصالح والمكاسب األأنانية والإنتهازية، فظهرات النعرات الطائفية الدينية من جديد أو فرض سياسة إسلامية أو نظام دولة إسلامية تحلل وتحرّم حسب مشيئة النُخب كما حدث ذلك في تشريع المادة 14 من قانون واردات البلديات المنافي للدستور ، أو إتباع سياسة تعليمية خاطئة مع عرقلة تزويد الطلاب بالمناهج التعليمية أوإتباع سياسة مرفوضة و التي تطبقها وزارة التعليم العاالي ووزارة التربية بفرض الزي الإسلامي وعدم السماح للطالبات بالدخول للجامعة أو الكلية أذا لم تلتزم بهذا الزي كما يحصل في جامعة الكوت . أن الذي يجري هو تهميش حكم المؤسسات وتثبيت حكم المليشيات والسياسة المتطرفة والتي حاربناها في داعش . أن مايجري الآن في المؤسسات الدستورية والتي أشار لها الدستور مخيب للآمال ، سواء في مجلس الوزراء وإختلاف الرؤى وعدم الإنسجام في المجلس وكل وزير يريد تطبيق سياسة كتلته ، البرلمان ضعيف جداً والتناحر والتناقض واضح للعيان والتوجه نحو تشريع القوانين التي لاتهم الشعب وتعطيل تشريع القوانين الضرورية ، وكل مشكلة تشكل لها لجنة ويتأخر الحل وتضيع الحقوق والقوانين بين اللجان كما حصل في عملية إسترداد الأموال المهربة والمبيضة وغيرها الكثير من موضوعات الفساد العام ، والقضاء كمؤسسة يعاني من الضغوطات السياسية ،ففي مسألة إلغاء نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء أعاد القضاء النواب وأمتيازاتهم إلى مناصبهم .
إن الأحزاب التي لاتمتلك برنامجاً واضح لايمكنها الحكم كما في الأحزاب الإسلامية سواء السنية أوالشيعية ، بل أنها وقفت سداً منيعاً أمام تطلعات الشعب العراقي والذي لازال يبذل الدماء مستمرة في معركة التحرير والنخب تتوسع في تنمية مصالحها ومكاسبها ، كما أنها لاتريد الإنتخابات خوفاً من تغير مزاج الناس وقد يفقدون مناصبهم كما يحصل الآن فيما يخص إنتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي. كما إن إستخدام الرموز الدينية والدين السياسي أصبح مستهلكاً لايؤمن به الشعب حتى لوتم تحريك الملايين بدغدغة العواطف الدينية أو إستعمال المناسبات الدينية للدعاية . الشعب بحاجة للتغيير وإعادة النظر في العملية السياسية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية بعد إنكشاف الزيف والكذب الإعلامي على المواطنين ، عندما يجري تضييق على الحريات والتعرض لحقوق الإنسان والمخالفات الدستورية المستمرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات في بريطانيا لبناء دفاع جوي يصُدُّ الصواريخ والمسيَّرات


.. جندي إسرائيلي يحطم كاميرا مراقبة خلال اقتحامه قلقيلية




.. ما تداعيات توسيع الاحتلال الإسرائيلي عملياته وسط قطاع غزة؟


.. ستعود غزة أفضل مما كانت-.. رسالة فلسطيني من وسط الدمار-




.. نجاة رجلين بأعجوبة من حادثة سقوط شجرة في فرجينيا