الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيطرة -عقل العولمة- قمع ل -عقل العالمية-

محمد بوجنال

2016 / 11 / 11
العولمة وتطورات العالم المعاصر


سيطرة "عقل العولمة"
قمع ل "عقل العالمية"

العالم اليوم يسير وفق وحدة التناقض اللامتكافئ بين نظامين: الواحد يتبنى قاعدة تحرير الإنسان، والثاني يتبنى قاعدة تسليع الإنسان. فالأول،" العقل العالمي"، يرى أن النظام أوالصيرورة المنطقية لبنية التاريخ والمجتمع يكمن في القول أن في النظام كمنظق وكصيرورة توجد " المحايثة" التي هي، وبالكاد، التطور في أشكاله التعددية لكن الحاملة لمعيار تحرير الإنسانية أو ما يسميه بالإنسانية الحقوقية أو العالمية؛ وفي مقابله يوجد ما يسمى ب "العقل العولمي" باعتباره النظام الذي اغتصب منطق الأول بالإستيلاء على مجمل مستويات الواقع أو المكان أو قل خوصصة الكلي لصالح الفردي أو الفئوي أو الطبقي بجعل السوق القانون الوحيد والأوحد لضمان توازن العالم وبالتالي تبعية العقل حتميا لقواعده وقوانينه؛ فأصبح ويصبح بذلك عقلا مسلعنا يبني ويحلل ويفكك ويركب وفق قواعد وقوانين السوق ذاك. لذلك نجد الصراع بداية الألفية الثالثة أقوى بين ما يسمى بالسياسات الخارجية للدول القومية الكبرى، والمنظمات العالمية ذات التشكيل الجديد الرامي إلى تهيئ وتوفير شروط تحرير صيرورة الإنسانية كتجاوز لمرحلة العقل العولمي؛ وبلغة أخرى، فالتطور ، في راهنيته، يقتضي حتما تجاوز مرحلة سلعنة العقل الإنساني إلى مرحلة تحرره حيث ستتميز وحدة المتناقضات بإيقاع سريع ونوعي وببرامج أساسها الإنسان لا القانون الخالص للسوق المبني على سلعنة الإنسان وإلغائه مجازيا.فالعقل العولمي كمرحلة مسيطرة راهنا، تشكل بنية مطلقة تنطلق من مرجعيتها القائلة بالتفوق المطلق للسوق الذي لا يمكن أن يكون تنظيمه على مستويي الفكر والممارسة إلا لصالح الإنسانية وتتويجا للمستوى المتفوق لبنيته العقلية. وهنا على المواطن ألا يقع ضحية خبث اللغة وهو السائد اليوم؛فالإنسانية كما يريده ويحددها العقل العولمي هي الفئة العليا من النوع الأبيض التي تتميز وحدها بالتفوق العقلي والمسئول عن تدبير وحماية الإنسان الذي هو ذاته متجسدا في قوانين وقواعد السوق. وليه، فالإنسان أو الإنسانية هو تلك النخبة من الدرجة الأعلى من النوع الأبيض وهي بالذات النخبة الغربية. لذا، فالسوق، كما يحددها العقل العولمي، لا يهمها باقي مكونات الإنسانية إلا باعتبارها الوجود المسلعن.
ومعلوم أن مرجعية السوق تفرض الرفع من كمية الإنتاج أو ما يسمى بالإنتاجية وهي العملية المترجمة مباشرة لارتفاع نسبة الأرباح باعتبار ذلك الجهاز العصبي للسوق؛ وبلغة أخرى، فحصول ذلك يقتضي تسليع باقي الفئات المكونة للإنسانية. بهذه العلة والتوظيف، تفهم دلالة الاعتراف بها الذي لا يمكن أن يتجاوز درجة التسليع كقوة إنتاجية. هذا الهوس المادي هو ما دفع الإنسان الأبيض كنخبة، من خلق شروط انفجار الحروب بالدول الضعيفة لتبرير استغلال مواردها الطبيعية الغنية ومواقعها الجيو- سياسية. بهذه الدلالة نفهم السياسات الخارجية للدول الكبرى؛ فالصراع بينها هو صراع من أجل الامتداد الجغرافي حيث المواد الأولية والأهمية الجيو- سياسية. فالعالم قرية صغيرة، يقول العقل العولمي؛ والفوز بأغلى غنيمة منها يقتضي حنكة مؤسسة السياسة الخارجية ليبقى" العقل العولمي" العقل المسيطر على ما كان يمكن أن أن ينافسه عنه" العقل العالمي"؛ وبلغة فلسفية دقيقة، فالعقل العولمي الراهن عمل على قلب قانون الوجود: فالمنطقي كون الخاص جزء من العام، الفرع جزء من الكل الذي هو الإمكانات، هو اللانهائي، ليصبح الخاص هو الكلي أو قل النموذج الذي على المجتمعات المتخلفة تبنيه لحصول نموها وتنميتها. فالعقل العولمي الغربي هو نهاية التاريخ، هو المطلق وما على غيره سوى اعتباره كذلك. إنه قمع الإمكانات التي هي انفتاح على" العالمية" أو قل " الإنسانية الحقوقية" نقيضة "العولمة" أو قل الإنسانية المسلعنة.
انطلاقا من السابق، نقول أن التاريخ الصحيح، وبالتالي الاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة، هو التاريخ حيث "العقل العالمي" يشتغل على الخاص من داخل العام ،على الجزئي من داخل الكوني. فالخاص هو الوضع الذي يكونه "العقل العالمي" متحدا مع الكلي ومنفصلا عنه في نفس الآن، هو المعلوم الذي يحتوي المجهول أو قل الإمكان. ومعلوم أن الكوني، كما سبق القول، هو "العالمية" أو "الإنسانية الحقوقية" وبالتالي فالمعلوم لن يكون سوى المساواة والعدالة والحرية بدلالاتها في الزمن وهو ما يعني أن البحث في المجهول لن يكون بدوره سوى ما يحفظ للإنسانية كرامتها وحقوقها وتحمل مسئولياتها. فالمساواة والعدالة والحرية هي إحدى أهم مكونات "العقل العالمي" والتي تعني، وبالكاد،خلق شروط انفتاح وتفتح وإبداع "العقل" أو قل تحريره من سيطرة وسلطة "العقل العولمي" قلب قانون الوجود لكي يتخلص من تهديد "العقل العالمي". بهذا الانقلاب نفهم دلالات الوضع المأساوي الذي يعيشه العالم العربي- وغيره من الدول الضعيفة ذات الموارد الأولية الغنية- من حروب وتطاحن ومجازر وتدمير وهضم لحقوق الإنسان تفقيرا وقتلا وتهجيرا. ف"العقل العالمي" الذي هو نقيض ما يحصل في العالم العربي تم قمعه لتستمر سيطرة غيره الذي هو " العقل العولمي" حامي البربرية والعصبية والمذهبية ومجمل الأشكال الظلامية.فالسيطرة تلك تعني، وهو الحاصل فعليا، اغتصاب وقمع العقل العربي – وغيره في مناطق عدة من العالم - وخلق شروط تبعيته وتشكيله وتسليعه بالأشكال التي يراها صالحة لمصالحه كنظام عولمي رأسمالي. فلا وجود إلا للواحد الذي هو "العقل العولمي" الرأسمالي، ولا وجود إلا لحضارته؛ وبناء على ذلك، بطبيعة الحال، تم تأسيس البرامج الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. هذا هو معنى " الإنسانية" كما نادى وينادي بها "العقل العولمي" وكذا مثيلاتها "الشفافية" و"الشراكة" و"الدموقراطية".هكذا،فالعقل العربي، بفعل هذه السيطرة، بقي عقلا جامدا ومقموعا ومسلعنا يؤمن بدونيته وإعجابه ب"العقل العلمي" الذي هو الأب الرأسمالي؛ يؤمن بمحدودية قدراته كعقل عربي واعترافه بتفوق وواحدية حضارة "العقل العولمي". نستخلص من الوارد أعلاه، أن العقل بصفة عامة، سواء لدى الحضارة الغربية كما أسست لها مراحل الأنظمة الرأسمالية التي راهنها العولمة، أو بالدول الضعيفة والمتخلفة قد تم قمعه بوضعه تحت الوصاية والمراقبة ومنعه من التفكير في الخيارات البديلة. فالعقل بمعناه لصحيح، معنى"العالمية" هو العقل الذي لا يمكن لأنشطته الفصل بين فعاليته والإمكانات الإيجابية المحايثة له . فالنهائي يوجد في اللانهائي ولا يمكن الفصل بينهما لأن ذلك هو منطق الوجود ليمكن أن نتكلم عن "الإنسانية" وبالتالي "العقل العالمي" كإبداع وبناء حضاري. أما ما عدا ذلك فهو سيطرة عقل خاص يدعي مكرا "الإنسانية" التي ليست سوى اعتقال " العقل العالمي" ومنعه من حقه المنطقي في بناء وتطوير "العالمية" كعقل ونظام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في