الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمريكيون يقتربون من المسار المستقبلى للثورات

محمد رؤوف حامد

2016 / 11 / 11
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



إذا كان سباق الإنتخابات الأمريكية - 2016 - قد إنتهى بفوز أحد االمرشحين على الآخر, وهو أمر طبيعى، فإن الأكثر أهمية فى هذا السباق أنه قد شهد بداية للتغيير فى الحس بالسياسة عند الأمريكيين ، خاصة عند المواطنين العاديين كأصحاب مصالح جماعية, وذلك على إختلاف أصولهم وهوياتهم, وأعمارهم وثقافاتهم.
فى هذا الصدد تجدر الإشارة الى بزوغ توجهات وتفسيرات وتعليقات من نوع جديد بخصوص الشارع السياسى الأمريكى, وذلك على غرار: إرتفاع درجة عدم اليقين - بزوغ تيارات شعبوية يسارية ويمينية - رفض المشهد السياسى التقليدى ... الخ.
بمعنى آخر, وعلى غير العادة, صار للشارع السياسى الأمريكى إحساسات, ورغبات (وربما أيضا حركيات) تقوم على مزيج من الإختلاف والرفض لما هو كان قد صار مقبولا بحكم العادة, على مدى عقود عديدة مضت.
هنا يستحق الأمر جذب الإنتباه الى أن تغييرات فى الإهتمامات والتوجهات السياسية للمواطن العادى فى عديد من المجتمعات الغربية الأخرى كانت قد برزت الى الوجود مع نهاية العقد الأول من القرن الحالى, وقد تعدد حدوث هذه التغييرات جغرافيا فى المجتمعات المختلفة, خاصة فى فرنسا وأسبانيا واليونان والبرتغال وإنجلترا, ... الأمر الذى كان قد جرى أيضا فى بعض المجتمعات العربية التى قد شهدت ما قد وصف بالربيع العربى, خاصة فى تونس ومصر.
هذا, وبالرغم من أن المتغيرات فى الإنتباهات والإهتمامات بالشأن السياسى عند المواطن العادى الأمريكى قد جاءت تالية لتلك التى شهدتها مؤخرا بلدان أخرى فى شمال العالم وفى جنوبه, إلا أنها تفوقها أهمية, وذلك لأسباب نعتقد أن أهمها (فى الإطار الزمنى الحالى) يتمثل فى وجود فكر أمريكى رصين ورائد لأكاديميين وخبراء أمريكيين كبار يقاومون فيه ,بل وأيضا يكشفون ويفضحون, السياسات الأمريكية برمتها, سواء منها ما هو محلى (أى داخل الولايات المتحدة), أو دولى (أى عابر لبلدان العالم وشعوبه).
ذلك أنه إذا كان هذا الفكر الأمريكى الأصيل لم يصل بعد الى المواطن الأمريكى العادى, وبالتالى لم يتغلغل عبر ثقافاته الحياتية, ولم يؤثر على تصوراته وأفعاله, فإن إتجاه هذا المواطن (الأمريكى العادى) الى الإهتمام بالشأن السياسى, بكيفية جديدة عما كان الوضع عليه سابقا, سيدفع به الى محاولات للفهم, ولإتخاذ مواقف جديدة واضحة, فى مجابهة تقليديات درج عليها الشارع السياسى الأمريكى, مثل هيمنة حزبين رئيسيين, ووزن المال ورجال الأعمال ...الخ.
محاولات الفهم وإتخاذ القرارات بواسطة جماهير المواطن العادى فى الولايات المتحدة, على تباين خلفياته (فى الهوية والثقافة والإنتماءات ...الخ), ستدفع الى ظهور سلاسل من الأسئلة والإستفسارات والحوارات السياسية على المستوى القاعدى (أى على مستوى الشارع).
عندها سيتجه المواطن العادى تلقائيا الى المتاح بالفعل من فكر ذى صلة للمفكرين الأمريكيين الكبار بخصوص الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية فى الولايات المتحدة.
كنتيجه لهذه الحركية الجديدة ستتسع وتتعمق الأسئلة والإشكاليات والإجابات من كل الأطراف, مواطنين عاديين, ومفكرين, وسياسيين, وسيصبح الشارع السياسى الأمريكى أكثر إمتلاءا بالتفاعلات النظرية والتطبيقية مع رؤى ونظريات مفكرين من أمثال ناعوم تشومسكى, وستيجليتز, وجور فيدال, و وليام بلان, و هاورد زن, ... وآخرين كثيرين.
فى هذا المسار..., مسار التفاعل التغييرى بين المفكرين وسائر الناس فى الولايات المتحدة, يُتوقع أن تتطور مكانة الفكر الأصيل فى الحياة السياسية المباشرة, ..... وبالتدريج ستبزغ تغييرات رئيسية فى الوعى الجمعى وفى اللاوعى المجتمعى, وذلك كـ " إنعكاس رنينى" لقوة الدفع الفكرى, وللجدلية بين التطورات الفكرية وإنكشافات الواقع وحقائقه.
نتوقع عندها أن الولايات المتحدة, وغيرها من بلدان العالم, ستكون على أعتاب ماكنا قد أشرنا اليه منذ حوالى أربعة أعوام, وتحديدا فى 2 فبراير 2013 ب "ثورة المفكرين", بإعتبارها مسار مستقبلى جديد للثورات (دراسة بعنوان "مستقبل جديد للثورات: ثورة المفكرين" - الحوار المتمدن - العدد 3991, وقد نشرت كذلك فى إصدارات الكترونية وورقية أخرى).
فى الدراسة السابق الإشارة اليها, ودون الولوج الى التفاصيل, والموجودة بالفعل فى هذه الدراسة الأصلية, تجرى الإشارة الى أن العالم - نتيجة لما يعيشه من مستجدات وظروف وأزمات - يتجه الى توليد (وإبداع) معارف إنسانية تغييرية جديدة.
هذه المعارف الجديدة يكون من شأنها تشكيل موجة ثورية تؤثر على الأطر الفكرية المرجعية بخصوص علاقات الحكم وممارسات الديمقراطية والتعامل مع المستقبليات ... الخ.
فى هذا المسار تبرز "جماعية المفكرين", ويكون للفكر قوة أكبر من فكر القوة, وتتحول إدارة المجتمعات لتكون أقرب الى الممارسات الإنسانية الإبداعية, مقارنة بالممارسات القائمة على التوجهات النيوليبرالية (أو الرأسمالية الشرسة).
التحول الى الفكر الجماعى الناجم عن التفاعل الجدلى مع الواقع يعنى الإتجاه الى زيادة إمكانات التمكن المجتمعى, محليا وعالميا, من إدماج للحكمة بكل من تطورات العلم والتكنولوجيا, والقيم الإنسانية العليا, والحاجات الأساسية للمواطن العادى.
عندها لن تكون الإشكالية الكبرى فى السياسات الدولية ما إذا كانت أحادية أم متعددة القطبية, و إنما ما إذا كانت هذه السياسات تعكس الفكر الإنسانى التغييرى العالمى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوساطة القطرية في ملف غزة.. هل أصبحت غير مرحب بها؟ | المسائ


.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها




.. مصر.. شهادات جامعية للبيع عبر منصات التواصل • فرانس 24


.. بعد 200 يوم من الحرب.. إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة وتستعد ل




.. المفوض العام للأونروا: أكثر من 160 من مقار الوكالة بقطاع غزة