الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة كجلد للذات

أسامة سليم

2016 / 11 / 13
الادب والفن


الكتابة أمر مؤذٍ للغاية، قد تشكّل ضغطاً نفسياً عنيفاً في مرحلة من المراحل، طبعاً أقصد هنا الكتابة المخلصة لقضية الأدب وليست تلك التي تُكتب من باب التسرية، ان تكتب رواية ما يعني ان تتلبسك حالة خاصّة وغامضة من الإلهام لا تعرف كنهها ولا تعرف كيف تعمل في الحقيقة، تلك الحالة قد تفصلك عن الواقع لأسابيع طويلة، وربما أشهر، قبل أن تعود إلى حالتك الطبيعية، لهذا أقول دائماً ان الرواية حالة خاصّة لا يمكن ان نحملها أفكاراً أو توجهات محدّدة أو نخضعها لتوجهات معينة، مرّة كتب راي براد بيري يقول: أتعجب لمن يكتب رواية حقيقية ولا يصاب بالجنون، طبعاً الجنون الذي يقصده هنا افتراضي، لكنه قول أقرب للحقيقة. فالرواية لا تحتمل الترميز، لأنه يصادر عفويتها كما ذكّرت، ما زلت أذكر بعض العبارات المضحكة التي كانت تعج بها بعض روايات الستينات كرمزية للتحايل على حظر تناول الجنس أو انتقاد الحكّام أو الدين وما شابه، عبارات من مثل: "فشعر بقطيع من الخيول يجري في عروقه والدماء تتفجّر على صخرته"، في وصف العملية الجنسية، أو "نجح أهل الحي أخيراً في القضاء على عم زيدان، صاحب الدكّان الذي طالما امتص دمائهم"، في التعبير عن التخلص من السلطة الغاشمة، وهكذا، مثل هذه الرموز أصبحت مضحكة في عصرنا الحالي. الرواية يجب أن تكون فادحة في صراحتها وتتجه لأهدافها مباشرة من دون أن تثقل على القارئ بالرموز والاحالات وتفكيكها أو تدخله في متاهات مُعقّدة.
الأدب يكتب في مصر و يطبع في لبنان و يقرأ في العراق .... هذا ماكان من حالة الأدب في العالم العربي لسنوات ... لكن يتأثر الأدب عموماً بحركة التاريخ، والمجتمعات الخاملة، الخالية من التناقضات هي مجتمعات غير روائية، وحيث تجد الطبقية والتنوّع العرقي في المجتمعات تجد الرواية، لننظر إلى أدب أميركا اللاتينية على سبيل المثال. لكن الأدب بطبعه متأن ويلزمه تخمير الأحداث والتناقضات في وجدانه، ومتى ما اختمرت تلك الأفكار حان أوان الطلق الذي ليس سهلاً، أعني طلق مُتعسر في الغالب، ربما الرواية أسرع أجناس الأدب هضماً وتمحيصاً وقدرة على استلهام الأحداث الكبيرة والانقلابات الاجتماعية. من وجهة نظري.. نعم.. الآن يحين موسم الطلق بالنسبة للرواية العربية على الأقل، ربما ثمَّة خلاف بشأن الشعر، لكن بالتأكيد الرواية العربية بدأت تتبرعم وتطرح ثقال ثمارها الناضجة، ثمار مليئة بالمرارة والخوف والحِرقة، لكنَّها ناضجة على أية حال. الانقلابات السياسية تترتب عليها انقلابات سوسيولوجية عميقة في المجتمعات ـ الضحية، وهذا ما حصل لمجتمعنا.. تلك المتغيرات أوّل من يلتقطها هو المبدع بوعيه المتقدّم، وهو أوّل من يتأثر بها أيضاً.. والمخيَّلة، كما أعتقد، ليست أثيراً في عقل المبدع وحسب، بل هي وجود فيزيائي بحت، وبالتالي تحتاج إلى حاضنة ومناخ ما،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد