الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فارس قرطاج

أسامة سليم

2016 / 11 / 17
الادب والفن


> محمود درويش
راج يجول في أرجاء غرفته ... هي نفسها لم يتغير منها شيئ ... فقط بعض الملابس المتسخة هنا و هناك و بعض أعقاب السجائر و أوراق في سلة المهملات .. كتب مبعثرة في خزانته ... و بعض الأحلام مختفية بين طيات سريره ... تأمل كثير .. قشعريرة إنتابت جسده . أمسك بسيجارته التي كانت مثبتت فوق أذنه ... راح يجول بخياله بعد أن دس راسه داخل معطفه الشتوي , فتح النافذة و راح يتأمل
المساء أحمر بعض الشيء...حزينْ .. الطقس في الخارج يجمّد كل شيئ , الضوء الذي ينحدر من سماء الليل باهتا بين الغيوم يشبه إلي حد كبير شمعة الأمل التي مازلت تضيئ داخل وجدانه , قمر شاحب ينذر بأخر خيباته , السماء تمطر و تحدث قرعا علي بلّور النافذة , يهتز له قلبي , الكلاب في الخارج تعوي و صوت إطلاق رصاص بين الفينة و الأخري , فتاة تحمل محفظتها علي رأسها تخوفا من المطر و تقف في حركة إغرائية كي توقف سائق التاكسي كي يقلها إلي وجهتها , بريق و رعد ,,و ليل شتائي بارد هنا في تونس , و بقايا هباء السجارة يسقط علي يدي فأصحوا من حلمي , مذا أفعل في هذا المكان القذر , تحت هذا السقف المحشو بالنميمة و الكذب و النفاق , أفتقد أصدقائي , حتي رائحة هذه المدينة كريهة للغاية ... لا شيئ يشبه مدينتي سوي في الطيف الحالك الذي يحضنها ليلا , أراقب الشارع المقابل لشرفتي ,,, في حي مونفليري , من جهة مقبرة الجلاز , و من جهة أخري مستودع بلدي مملوء بالسيارات و الدراجات النارية و البضاعة , فتاة تجلس لوحدها تنتظر الباص وسط مضايقات من الشباب , رجل سبعيني يحمل كيس مليئ بالقوارير البلاستيكية , و من جهة أخري , ساحة مليئة ببعض النباتات و القمامة و القذارة ,, يتوسطها طريق يؤدي إلي محطة الميترو الخفيف , مكان هادئ ممزوج بالقذارة , انتظر بفارق الصمت مرور دورية شرطة كي تُفسد ليالي السكاري الهادئة تحت صفاراتها المزعجة ,
مسكت كتابا , حاولت عنوت أن أقرأ منه قليلا, دونما جدوي , هنالك شيئ ينقصني , هنالك فكرة تريدني أن أُفصح عنها لكن لم أجد السبيل إلي ذلك , أجلس علي نفسي الكرسي ,, قبالة نفس الحائط الابيض ,, كم هو غامض ذلك الجدار ,هو أيضا له آذان , لكنه لا يتلكم إبن العاهرة , الأرضية كلها قذراة , بها بعض أعقاب السجائر الرخيصة و بعض الأحلام التي تحطمت و أنا أحملها إلي سريري كي يحميها , أرضية بجليز أبيض تحول لونه إلي اقرب إلي السواد لتاثير السنين الطوال عليه , حاول كثيرا ان يتذكر الفكرة الشيطانية التي داعبة مخيلتها لكنه فشل ,

كعادته ... راح يفكر في فتياة الكلية .. تبا كم هم جميلات ,, إلاهي , كل هذه الجميلات و لا واحدة منهم في قلبي , أجمل الفتياة ,, يتحدثون بلهجة غير لهجتي ... أحادثيهم ممزوجة بلغة مولير.... يحتاسون السجائر و يتحدثون بكلام بذيئ ... يشربون الكحول و يعضون البارسينغ ... لون شعرهم مختلف ,,, ليس من الحنّة إنما من الصبغة ,, راح يناجي مخيلته ,, كم من الوقت حتي يصطاد سمكة ,,, كم من وقت حتي يأسر غزالة,, ظلّ ينظر و يترقب فرصة حتي يسبح مع التيّار ,, لكن السباح الماهر لا يتعلم السباحة من الأمواج الهادئة ..,
كم هو صعب البقاء في هذا المكان القذر ,,.العيش في مكان لا يعني الحياة فيه.... لا شيء جديد .. فقط أنا أكبر كل ليلة مئة ليلة ..هاأنا كالعادة أتعثر في درب الوصول إلي هدفي. لا شيء جديد .. أستمع لنفس الموسيقي كل يوم .. لا يوجد أغاني جديدة .. أشرب القهوة كل صباح منذ شهرين .. ومنذ شهرين و مازال قلبي تعيس ينبض على أوتار موسيقى الحب المنتهي قبل أن يبدأ..."أحمل قلبي مثل برتقالة مضى الموسم ولم تنضج" ... لم أنضج .. لا أنا و لا قلبي ,,, حتي صاحبة العيون الجميلة تركتني لانه بيني و بينها إختلاف كبير و فارق عظيم ...

لا شيء جديد .. فقط أنا وحيد بلا أنا .. أين أنت يا أناي ؟!...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه