الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحاديث في الشؤون السياسية / الجزء الثالث والاخير

رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)

2016 / 11 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


هذا الجزء من برنامجنا لاصلاح النظام السياسي سيكون مخصص لشؤون العراق
العراق هذا البلد العريق بحضارته وتراثه ، والغني بخيراته وعطائاته ، قد نزلت عليه نوائب الدهر والازمان ، وتكالبت عليه قوى البغي والعدوان ، فاحالته الى بلد النكبات والاحزان ، العراق مهد الحضارة الانسانية هو انتمائي التاريخي والجغرافي ... فيه منبتي وجذوري .. وفيه احزاني وسروري .. من تربته تغذيت .. ومن مياهه شربت .. هذا البلد قد اصابته النكبات والفواجع منذ زمن طويل وما زالت تتوالى عليه في عصرنا الحالي .. فهل ان مشكلته تكمن في سوء الانظمة السياسية التي حكمته ام في سوء البناء الاجتماعي المكون له ؟ اننا من منطلق اصلاح النظام السياسي واصلاح النظام الاجتماعي للمجتمع العراقي .. نعرض هذا اليوم مقترحنا المتكون من شطرين : الشطر الاول من مقترحنا يحمل عنوان ( الحملة الوطنية للمصالحة مع النفس ) والشطر الثاني يحمل عنوان ( الحملة الوطنية للمصالحة مع التاريخ )
اولا ) الحملة الوطنية للمصالحة مع النفس : الهدف منها هو تطهير النفس من الذنوب والآثام التي ارتكبتها من خلال الاعتراف والبراءة والتوبة ، فلقد شهد العراق المعاصر حوادث سلب ونهب واعتداء على الممتلكات العامة والخاصة بالاضافة الى عمليات كسب الاموال بطرق غير قانونية وخاصة في فترة ما بعد عام 2003 ، هذه الاعمال المشينة المخلة بالشرف قد اشاعت الفساد المالي والاخلاقي في المجتمع ، وان أكل المال بالباطل اذا شاع في اي مجتمع فانه سيؤدي الى تفسخ المجتمع وهلاكه اذا لم يتم تدارك الوضع من قبل أولي الامر واصحاب القرار ، وان تدارك هذا الوضع الخاطيء يكون بتصحيح الخطأ ومعالجة الضرر وازالة الباطل واعادة الحقوق الى اصحابها ، وحيث ان الفساد المالي قد شاع في البلد على مستوى واسع فاننا نرى ان الاسلوب المناسب لعلاج هذه الظاهرة هو ان تتولى الحكومة تنظيم حملة وطنية لتطهير النفوس ، وخاصة تلك النفوس المريضة التي حل بها داء الطمع والجشع فاستمرأت أكل المال بالباطل دون احساس بالذنب او بتأنيب الضمير ، من خلال حملة وطنية تناشد ضمير ووجدان كل مواطن ليقوم بتطهير نفسه من الذنوب التي ارتكبها واعلان التوبة لكي يعود الى احضان الوطن نظيفا طاهرا ، الحملة الوطنية يطلق عليها اسم ( الحملة الوطنية للمصالحة مع النفس ) وفيها يتم دعوة جميع المواطنين المذنبين وغير المذنبين دون استثناء للمشاركة في هذه الحملة بهدف الحصول على وثيقة براءة الذمة تعبيرا عن صحوة الضمير ويقظة الشعور الوطني ، المذنبين يقومون بالاعتراف بذنوبهم واعادة الحقوق المسلوبة الى اصحابها وتسديد ما بذمتهم من اموال كسبوها بطرق غير مشروعة ان كانت للدولة او لاصحابها من القطاع الخاص ثم يوقعوا على وثيقة براءة الذمة والضمير التي تتضمن التعهد باحترام الحقوق والممتلكات العامة والخاصة وعدم القيام بالافعال المشينة المخلة بالشرف .. وبعدها يتم اعفائهم من التبعات القانونية ويمنحوا وثيقة براءة الذمة والضمير ليعودوا مواطنين صالحين الى المجتمع ونطوي بذلك صفحة الماضي بكل سلبياته ومساوئه ، اما غير المذنبين فانهم يوقعوا على وثيقة التعهد بعدم التكسب بطرق غير قانونية وعدم التقرب من المال الباطل ويتم منحهم وثيقة براءة الذمة تعبيرا عن مشاركتهم في الحملة الوطنية ، تقوم الدولة بتأسيس هيئة عليا للاشراف على الحملة وتقوم هذه الهيئة بفتح حسابات في المصارف باسم ( صندوق الشرف الوطني ) يخصص لايداع الاموال التي يعيدها المواطنون الى الدولة عن عمليات الكسب غير المشروع التي ارتكبوها سابقا ، ويقوم المصرف بتزويد كل شخص يودع اموال في الصندوق بوصل او كشف بالمبلغ الذي اودعه لكي يقوم بتسليم الوصل الى الهيئة المشرفة التي بدورها تمنحه وثيقة براءة الذمة بعد ان يوقع على وثيقة تعهد بالتوبة وعدم تكرار مثل هذه الافعال المشينة ، واذا كان المال المسروق من الدولة عبارة عن مواد عينية ويتعذر اعادتها لاي سبب من الاسباب فيتم تقدير قيمتها المالية من قبل لجنة مختصة ليقوم بعدها الشخص المعني بالمواد بايداع المبلغ المقرر عن قيمتها في صندوق الشرف الوطني ، الهيئة المشرفة تتولى وضع الية مناسبة لتنفيذ الحملة ووضع الضوابط والتعليمات لتسهيل الاجراءات ، نؤكد مرة اخرى ،اننا نريد من هذه الحملة فتح صفحة جديدة وطي صفحة الماضي بكل اخطائه وسلبياته باتباع اسلوب غسل الذنوب وتطهير النفوس لاعادة بناء شخصية المواطن الجديد وتخليصها من العيوب والشوائب والاحساس بالذنب ، نريد صفاء القلوب وطهارة النفوس وصحوة الضمائر ، هدفنا من هذه الحملة هو اعادة بناء الشخصية العراقية على اسس سليمة وصحيحة بدءا من اصلاح النفوس ، اننا بحاجة للمصالحة مع انفسنا ، لاننا اسرفنا في انحراف انفسنا ، والنفس البشرية يغريها الطمع ويعميها الجشع فتفسد اذا لم تجد ما يردعها ويقوّم مسارها كلما انحرفت .
ثانيا ) الحملة الوطنية للمصالحة مع التاريخ : الهدف منها اعادة رسم مسار التاريخ بعد ما اسأنا التصرف مع انفسنا ومع شركائنا في الوطن فصنعنا تاريخا ملطخا بالدماء والحقد والكراهية وتوجب علينا ان نراجع انفسنا ونصحح مسارنا مع التاريخ ، مرت على العراق احداث تركت بصمات مؤلمة ولمحات حزينة في سجل تأريخه المعاصر،هذا السجل الذي تشوهت صفحاته وتلطخت بالدماء من اعمال مفجعة ارتكبت وممتلكات نهبت ... كأننا في حالة عداء وخصام مع التاريخ ، واننا جميعا نتحمل مسؤولية ذلك السجل الاسود الملطخ بالدماء ، ان ما نحتاجه هو طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة من خلال اعادة بناء الشخصية العراقية ، بنفسية جديدة وارادة جديدة من اجل حياة جديدة ومستقبل جديد ، اننا بحاجة الى عملية اصلاح اجتماعي ، اصلاح البشر قبل اصلاح الحجر ، اننا اليوم بأمس الحاجة الى المصالحة مع التاريخ ... نعم المصالحة مع التاريخ لكي نطوي تلك الصفحات السوداء التي أسودّت بفعل اخطائنا وعيوبنا ... ونفتح صفحة جديدة بيضاء نسجل فيها نهجنا الجديد لبناء الانسان والوطن تحت شعار ( شعب صالح لوطن سليم ) ان الهدف من موضوع المصالحة مع التاريخ هو طي صفحة الماضي الدامي المليء باعمال القتل والسلب والنهب والاغتصاب التي ارتكبت منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عام 1921 ولغاية اليوم بحق فئات او شرائح من الشعب العراقي لاسباب دينية او مذهبية او قومية او سياسية ... والتي تعتبر انتهاكا صارخا لحقوق المواطنة ولحقوق الانسان ، وتكون المصالحة من خلال اعلان يصدر من مجلس النواب باعتباره يمثل جميع اطياف الشعب العراقي ، يتضمن الاعلان تقديم اعتذار موجه الى الضمير الوطني والى الضمير الانساني عن جميع الاعمال الوحشية التي ارتكبت من قبل الحكومة ضد الشعب او من قبل طائفة او فئة من الشعب ضد فئة اخرى مختلفة دينيا او مذهبيا او عرقيا او عشائريا او سياسيا ، والاعتذار ذو مضمون انساني اخلاقي فقط ولا تترتب عليه التزامات مالية ، هذه الحملة الوطنية بمثابة صحوة ضمير غرضها تصحيح المسار وتقويم الاعوجاج وتطهير النفس واعلان التوبة ، هذا وان الشدة والحزم مطلوبين في عملية الاصلاح الاجتماعي لان عهود الظلم الطويلة انتجت اعداد كبيرة من النفوس الشريرة المعوجّة من الرجال والنساء التي لا يمكن تقويم اعوجاجها بالكلام الحسن والنوايا الطيبة ، اذ ليس بالنوايا الطيبة تدار الامور وتعالج المشاكل ، هذا هو مقترحنا في عملية الاصلاح الاجتماعي والسياسي في العراق من خلال اعلان المصالحة مع التاريخ ، وكذلك اعلان الحملة الوطنية للمصالحة مع النفس من خلال تطهير النفوس واعلان التوبة والبراءة عن الاعمال الخاطئة التي ارتكبت سابقا في ظروف غير اعتيادية من قبل الحكومة او من قبل فئات من الشعب ،. انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - القرصان أكلة شعبية سعودية بطريقة الإيطالية مع قمر


.. صنّاع الشهرة - لا وجود للمؤثرين بعد الآن.. ما القصة؟ ?? | ال




.. ليبيا: لماذا استقال المبعوث الأممي باتيلي من منصبه؟


.. موريتانيا: ما مضمون رسالة رئيس المجلس العسكري المالي بعد الت




.. تساؤلات بشأن تداعيات التصعيد الإسرائيلي الإيراني على مسار ال