الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جورج أورويل ، و الأخ الكبير الإسلامي 3/1 .

صالح حمّاية

2016 / 11 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حين كتب الكاتب الكبير و المبدع " جوروج أورويل" روايته الخالدة " 1984 " و التي قدمها للجمهور سنة 1949 ،كان المفروض أن هذا العمل هو محاولة منه لتصور حال مجتمع شمولي في سنة 1984 ، وكيف سيعيش سكانه في ظل نظام يحكمهم بتلك الطريقة البشعة ، وعلى رأي كثير من النقاد حول طبيعة تلك الرواية ( والتي أساسا تتحدث من منطلق عالم متخيل ) فهي في الواقع إسقاط لحالة الدولة السفياتية بقيادة الديكتاتور جوزيف ستالين وكيف كانت تدار ، و قد كان جوزيف ستالين حينها ، هو التجسيد الإسقاط الحي لصورة الأخ الكبير الذي طرحه أورويل، و لكن طبعا فأورويل في الرواية لم يكتفي بالحديث المباشر عن السياسات الشمولية للحزب الشيوعي السفياتي بقيادة ستالين فقط ، ولكنه أضاف له ما يمكن للشمولية ان تبلغه في المستقبل ، فقد تخيل أنه سيأتي اليوم وتصل فيه الشمولية إلى خلق أساليب أقسى من المخبرين و المفتشين و البوليس السري الذي يراقب المعارضين ، فقد طرح مثلا فكرة أجهزة الرصد ، وهي أجهزة لها القدرة على النفوذ داخل عقل الإنسان حيث ترصد أفكاره الداخلية ، فيما ستتولى لاحقا شرطة خاصة إعتقال هؤلاء ، وقد دعاها شرطة الفكر ، و التي مهمتها هي إعتقال المخالفين حتى في دواخلهم الشخصية لرغبات الأخ الكبير ، كما جرى في النهاية للبطل تعيس الحظ في رواية أوريل "وينستون سميت" حيث ألقي عليه القبض بسبب رصد الشاشات أفكارا معارضة في عقله للأخ الكبير ، وهو ما أنتهى به إلى عذاب لا يحتمل ، وهنا سنسأل هل حق نجج أورويل في روايته في إستشراف مستقبل المجتمع السفياتي ونظامه السياسي كما تمنى يعد فترة من إستمراره ، أم أنه قد قصّر قليلا في هذا وربما هناك نماذج أخرى تليق عليها الرواية أكثر ؟ .

بالنسبة لنا اليوم ، ولما نملكه من معارف تاريخية على واقع الإتحاد السفياتي ، فيمكننا القوم و الحكم الآن أنه نعم لقد إستطاع أورويل ملامسة الواقع السفياتي بشدة ، فسخرياته مثلا كوزارة الحقيقة التي كانت تنشر الأكاذيب ، كانت مجسدة حقا في الإتحاد كما كانت الإعلام السفياتي المعروفة بدعايتها الفجة ، وأما عن وزارة الوفرة التي تحقق الرفاه للناس كما تهكم عليها ، فقد كانت ايضا متجسدة ، في وزارة التموين التي تدعي تموين الناس ، و الإتحاد السفياتي في آخر أيامه رفوف محلاته خاوية من الناس لا تجد أي أكل الخ.. ولكن في المقابل هناك أمور لم كقصة شاشات مثلا الرصد ، ففي العالم 1984 كان الإتحاد السفياتي لم ينهار ، ز لكن لم يكن هناك شاشات رصد في الإتحاد السفياتي ولا ما يشبهها ، رغم أنه نعم كان هناك قمع و إرهاب بوليسي وكل شيء ، و لكن يبقى أن الأمر لم يصل لهذا .

وعموما ولكي نعود لجوهر السؤال الذي طرحنا فليس هذا بالأمر الذي يقلل من قيمة رواية أرويل ، والتي تعتبر برأي الأعظم أدبا وسياسة في فضح الأنظمة الشمولية ، فأورويل في الواقع بها غطى كل جوانب النزعات الشمولية لذى الأنظمة الحاكمة، والطرق التي تنتهجها لمحاول فرض هيمنتها ، سواء من الناحية النفسية ، او السياسية او الأمنية ، بل و حتى الثقافية واللغوية حين تحدث عن تلاعب الأخ الكبير مثلا بالتاريخ و اللغة و الفكر الخ ، لصناعة المواطن الصالح في دولته ، وكيف كانت كل تلك آليات لصياغة إنسان من حيث نشوءه بالأساس وليس حكمه ، وعن نفسي أرى أنه و إذا كان الإتحاد السفياتي قد خيب ضن أورويل في صناعته الشمولية المطلقة التي تحدث عنها أورويل ، فهناك نظام آخر فعل ، فعل كما حكا أورويل عن دولته ، بل و أضاف عليه الكثير ، وهذا و للغرابة قبل مئات السنين من ولادة أورويل أساسا ، فالنظام الذي جسد دولة الأخ الكبير الحقيقة ، هو موجود منذ 1400 عام كما سنبين ، و هو لا يزال مستمرار لم يسقط ، وبكل الحيتيات التي حكاها اورويل ونقصد هنا نظام الأخ الكبير الإسلامي ، و المدعو الدين الإسلامي .

إن الدين الإسلامي في الواقع ، ولو تم إسقاط رواية جورج أورويل عليه ، فهو التجسيد الحي لنظام الأخ الكبير ، فمن الأسطر الأولى( و أتحدث عن شعار الحزب الذي كان يردده المواطنون في دولة الأخ الكبير ) فنحن نجد التطابق الحرفي بين نظام الأخ الكبير و الدين الإسلامي ، فحين يصيح المواطنون ( الجهل هو القوة ) كما كان يقول الشعار ( الجهل هو القّوة ، الحريّة هي العبودية ، الحرب هي السلام..) فهذا بالذات احد شعارات الدين الإسلامي ، فهذا الدين وللعارفين به يرى أنه لا قيمة للعلوم سوى العلوم الشرعية ، و أنه يا أيها اللذين أمنوا ، لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسوؤكم ، وهو التمجيد المباشر للجهل كقيمة ، وقس هذا طبعا على باقي التصورات الإسلامية، و أنه من أعتمد على عقل ضل ، و أن من تمنطق تزندق الخ من الكلام الممجد للجهل و الجاهلية ، و التي يعتبرها الإسلام قوة و قيمة .

يتبع ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جميل .. جميل
بارباروسا آكيم ( 2016 / 11 / 18 - 17:15 )
إلتفاتة جميلة وربط منطقي

وكما قال الشاعر :

دينٌ دعائمه الجرائم والدم .. تتحطم الدنيا ولا يتقدم

تحياتي وتقديري

اخر الافلام

.. نحو 1400 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى ويقومون بجولات في أروق


.. تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون




.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية