الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراعُ الكلاب والقطط

إدريس سالم

2016 / 11 / 20
الادب والفن


صراعُ الكلاب والقطط
إدريس سالم


رائحةٌ عفنةٌ تفوحُ من كوباني
كلابٌ وقططٌ تتصارعُ ليلاً
بحثاً عن قطعة عظمٍ مثقوبةٍ بالرصاص
مليئةٍ بجيوش النمل، التي تنحتُ فيها
لا تجدُ شيئاً في الأكياس المكوّمة على الأرصفة
أو أسطلِ بواباتِ المنازل المهجورة واللا مهجورة
أكياسٌ فيها من الأشياء لا قيمة لها
*** *** ***

قططٌ تصرخُ من وجع الجوع
كلابٌ تبكي لأوجاعهم
تصرخُ من وجع الحصار
وكلابٌ تعوي لأزمتهم
تعوي لتشعرَهم بالخوف
لينسوا جوعَهم
ويلتهوا بالفرار
باحثين عن الأمان في مخادع الحرمان
كلابٌ فقدتْ سمعَها من صمت الضجيج
ضجيجِ الرحيل والنزوح إلى الغربة
وقططٌ تحاولُ أن تهاجرَ من المدينة
*** *** ***

شوارعُ دبّتْ فيها الصدأ
باتتْ فارغة من روح الله الهشّة
فارغة من اختراعات ذاك المجنون
من قطعة لحمٍ لكلبٍ لم يعدْ يشعرُ بأنه كلب
وكَسرة خبزٍ مجفّفةٍ كالحجر
لقطةٍ تتمنّى لو لم تكنْ قطة
*** *** ***

كلبٌ وجدَ قطعة من الحلوة
لم يتذوقها حتى
قالها في نفسه:
"إنها ليستْ نصيبي
إنها لطفلٍ مشرّدٍ جائع
سيستيقظُ في الصباح لأن يتشرّدَ مثلي
وتبدأ رحلته في البحث عن قطعة حلوة
فلما آكلها؟!
لا..
إنها ليستْ لي..
إنها لذاك الطفل
الذي يشعرُني بأنني كلب،
وأكثر إنسانية من الإنسان
لا لن آكلها..
لكنني سأشمّها
علني أشبع!"
*** *** ***

قطةٌ تعيشُ في الأزقة المُعنكبة
وجدتْ قطعةَ قماشٍ ممزوجةٍ بماء القشطة
لم تلحسْها بلسانها الممزوج بالتراب
ببراثنها الهالكة الحالكة
خافتْ كثيراً
صرختْ في ذاتها:
"إنها لطفلةٍ ستأتي في الصباح
لتخيطَها ثوباً وتلبسَها لدميتها
فإن لحستُها.. خدشتها
وإن خدشتُها.. شققتها
وإن شققتُها.. فستصبحُ دميتها عارية
وإن أحسّتْ بعري دميتها
ستحسُ بأنّها لا تملكُ الكرامة
وأنا أقبل بأن أكونَ فاقدة الكرامة
لكن لا أقبلُ بأن تكون دمية الطفلة عارية".
*** *** ***

كلابُنا من كلابهم
في موطنهم هم كالدجاجات
وفي موطننا علينا ديوكٌ رومية
يجنّدون عصافيرَنا وحماماتنا
لأجل أبٍ يجثو منذ سنين في بهوِ قبوٍ فاخر
وأولادٍ نصفهم مساجين في بلادهم،
والآخرون سجّانون وجلادون في قرانا ومدننا
لا يسجنون إلا اللحيةَ البيضاء
وبراعم ضائعة بين الانتماء والاحتماء
*** *** ***

هكذا يولدُ الألمُ يومياً في مدينتي
هكذا نطفئُ ذاك الفراغ من برودة البنادق
نفرطُ بالأمل وسط ركامٍ عبثٍ
نجمعُ شظايا عديمةَ الشكل
نحاولُ جاهدين أن نرسمَ معالمَ روحٍ الإنسانية
وننتظرُ الغدَ في عنق زجاجات الماء المتصدّئة
والمصابيح المنيرة بالظلمة
هكذا تتحشرجُ ذواتنا صعوداً ونزولاً


إدريس سالم: شاعر كوردي سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-