الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشتراطات نجاح التغيير في السياسة الامريكية

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2016 / 11 / 21
مواضيع وابحاث سياسية



اعتاد المحللون السياسيون الامريكان وصف انتخابات الرئاسة الامريكية في كل دوراتها السابقة ب " الحدث التاريخي" ايٍ كانت نتائجها. ويصح هذا على اساس ان تبادل السلطة، حتى وان لم يفضي الى تغيير في السياسة الامريكية، فانه تأكيد على الالتزام بواحدة من اسس النظام الديمقراطي. الا انهم في هذه المرة بعد اعلان نتائج فرز الاصوات وفوز الشخصية الغريبة الاطوار والمتمردة على قواعد اللعبة السياسية الامريكية، دونالد ترامب، صمتوا من هول المفاجأة او كتبوا بخيبة امل عن ما تمخضت عنه نتائج الانتخابات والتي كانت عن حق تاريخية وتستحق التوقف عندها طويلا.
فقد تحققت ونجحت، بدون اي مبالغة، انتفاضة شعبية ضد مؤسسات الاستقرار الوطني بكل اطرافها ومنظوماتها. وانتصرت في نزال غير متوازن مع جبهة موحدة للنخبة السياسية والمالية والعسكرية في امريكا، جمعت الديمقراطيين وبعض من الجمهوريين وكبرى الشركات المالية في وول ستريت ورأس المال الاستثماري. واصطفت معهم ضد المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب، كبرى وسائل الإعلام الوطنية والجامعات ومؤسسات الرعاية الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني، اضافة الى النخب الامريكية ومن بينهم حائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد، والغالبية العظمى من مراكز التحليل السياسي.
تعبئة هائلة لكل أنصار استقرار واستمرار الوضع الراهن للنظام الامريكي، في داخل الولايات المتحدة الامريكية وخارجها، تساهم فيه النخب من الاصول الاوربية والملونين والاقليات العرقية والمهاجرين الجدد، مع دعم مفتوح لهيلاري كلينتون من حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين في جميع أنحاء العالم، اضافة الى نشاط اعلامي غير مسبوق في البحث عن مثالب وفضائح شخصية وعائلية تبعد الناخبين عن هذا "المغرور السياسي الوقح" المتجرء على النظام، والذي توقعت له الهزيمة اغلب مراكز استطلاع الرأي.
كل هذا لم يكن كافيا لاخماد اندفاعة التأييد الجماهيري لترامب، بعد ان اصبح مطلب التغيير أقوى من العادة في الجنوح الى الاستقرار. وتمكن الملياردير الطامح لادارة البيت الابيض من ان يكون اكثر قربا وفهما من الناخبين الامريكيين العاديين مقارنة بالخطيبة المفوهة والخبيرة في الالعاب السياسية هيلاري كلينتن.
على انه لابد من التأكيد على أن الخطاب الجديد للرئيس المنتخب دونالد ترامب لن يتحول الى واقع جديد في السياسة الامريكية دون اشتراطات عدة، أولها، الطريقة التي سيتعامل بها ترامب مع خصومه السياسيين والنخب الامريكية التي وقفت ضده وشهرت به فترة الانتخابات، وهنا لابد من الاشارة الى اهمية الاقتراب من هذه النخب واعتماد لغة التفاهم مع خصومه، فليس من المنطقي تحقيق اي انجاز اقتصادي او سياسي او اجتماعي دون تعاون مع المؤسسات التي يقوم عليها النظام الامريكي.
الجانب الاخر من اشتراطات نجاح الرئيس المنتخب في تحقيق تغيير حقيقي في الواقع الامريكي هو مدى تعاون الكونكرس معه. فمع ان الاغلبية في الكونكرس هي من حزب ترامب الجمهوري الا ان هذا لا يعني ضمان تعاونها معه خاصة وان هنالك اعضاء جمهوريين في الكونكرس وقفوا ضد ترامب في الانتخابات وصوتوا لصالح غريمته هيلاري كلنتن. لذا يتعين على ترامب مراعاة هذا الواقع واختيار السبل الناجحة من اجل خلق اغلبية متعاونة مع ادارته في الكونكرس.
اما الجانب الثالث من اشتراطات النجاح فهي في البدائل التي سيقترحها ترامب لتعديل السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية. فاتهام اوباما بالضعف وعدم التقدير الصحيح لاولويات المصالح الامريكية في النهج السياسي الخارجي غير كاف من اجل اقناع النخب الامريكية وحلفاء امريكا في العالم بدعم توجهاته، وهنا سيتعين على ترامب تهدئة المخاوف التي ولدتها تصريحاته الانتخابية عند حلفاء امريكا في اوربا واسيا وامريكا اللاتينية بأقل تراجع ممكن عن نهج التجديد الذي وعد بتحقيقه.
ويبقى الموضوع الاهم في السياسة الخارجية الامريكية الجديدة، هو العلاقات الامريكية الروسية والتي وفقا لطبيعة تطورها يمكن ان تترتب الجوانب الاخرى للسياسة الامريكية في العالم. الا انه ليس من المعقول المضي قدما في تحسين العلاقة بموسكو دون تبديد مخاوف المواطن الامريكي التي زرعتها فيه ثقافة وسياسة واعلام مرحلة تاريخية طويلة صورت روسيا عدوا شريرا يسعى لتدمير الحضارة الامريكية وقيمها العليا.
وهنا لابد من التعويل على تجاوب روسي في تفكيك الازمات القائمة في العالم، وخاصة في اوكرانيا وسوريا، بالتعاون مع امريكا، اذا ما غيرت هذه الاخيرة من اولوياتها في ترتيب الاعداء والاصدقاء. وسيكون على روسيا من اجل تعزيز التوجه الامريكي للانفراج ان تقدم مبادرات للتعاون مع الجانب الامريكي في جميع المضامير التي من شأنها ان تبدد المخاوف الامريكية والاوربية من النوايا الروسية، بما فيها مبادرات لم تكن لتطرحها روسيا على الادارة الامريكية السابقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط