الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محترفو الشر

محمود عبد الله
أستاذ جامعي وكاتب مصري

(Dr Mahmoud Mohammad Sayed Abdallah)

2016 / 11 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


محترفو الشر!
بقلم: د. محمود محمد سيد عبدالله (كلية التربية – جامعة أسيوط)

هناك أناس حولنا لا يمكن إختزال وصف نفوسهم المريضة وعقولهم الفارغة ونواياهم المريضة ورغباتهم الدنيئة في كلمة "أشرار"..فلقد تعدوا ذلك وأدمنوا الشر حتى صار حرفتهم وصنعتهم التي لا يجيدون غيرها..مثل هؤلاء يتنفسون الكذب ويتنسمون الهواء الملوث بالنميمة ويتفوهون أشر العبارات..فقد آثروا أن يتخلوا عن إنسانيتهم ويتحولون إلى حيوانات عشوائية ضالة مضلة لا غاية لها إلا تحقيق الدمار والخراب وإلحاق الأذى بكل من حولهم..

هذه النفوس الدنية تلوثت فطرتها السوية بشرور الحياة وعقدها حتى أنها إختارت العيش في ظلمات ومجاهل النفس بلا ضمير أو وازع أو أخلاق..فاستقرت في مستنقعات الرذيلة والجهل والظلم..وكلها عزم ألا ترى نور الحق والخير والجمال والفضيلة! لقد فضلت ممارسة الظلم على تتحقيق العدل..وغلبت الشر على الخير..وتاهت في غياهب وسكرات الكفر والحسد والسفه والغرور..لقد اختارت أن تحجب شعاع الشمس ونورها وتخرج في ظلمات الليل – مثل خفافيش الظلام – تعيث في الأرض فسادا كي تبث الكره والحقد والعبث..لقد إختارت أن تحارب العلم وتنصر الجهل..وأن ترجح كفة الظالم على المظلوم..وأن تقيم الحد على الضعيف وتترك القوي يتجبر ويتبختر..وأن تشن الحرب على كل من يجد ويجتهد ويسمو وينجح!

في زمن "شقلبان" (وهو اسم لمسرحية جميلة جريئة قدمتها فرقتنا المسرحية بكلية التربية – جامعة أسيوط في قصر ثقافة أسيوط قبيل منتصف التسعينات لانتقاد الأوضاع المقلوبة في مجتمعنا المصري) الأوضاع معكوسة والميزان مقلوب! في زمان "شقلبان" يكافأ المهمل ويعاقب المجتهد..الغني يزداد غنى والفقير يزداد فقرا..وتعلو بعض الهامات بالبلطجة تارة ، وبالوصولية والمحسوبية تارة أخرى..هناك بعض الناس في أي مهنة أو سلك وظيفي دائما فئة محظوظة "طريقهم أخضر" مفروش بالرمال والورود..تذلل لهم المصاعب والسبل ويصلون إلى غاياتهم بأيسر الطرق..وآخرون (الغلابة) – الفئة المقهورة – يوضع لهم العراقيل وتفرش في طريقهم الأشواك ولا يصلون إلى أهدافهم – إن وصلوا – إلا بشق الأنفس!

هذا المناخ هو بحق البيئة الخصبة التي يترعرع فيها الشر وتقوى شوكة محترفيه..فيصولون ويجولون و"يبرطعون" كما شاءوا دون حسيب أو رقيب..تجدهم يتحكمون في مصير العباد ويختزلون الدنيا في أشخاصهم وذويهم..وينشرون فكر "التهليب" و"التقليب" وإقتناص الفرص والضغط على العامة والفقراء والمحتاجين..كل يوم يمر – في ظل المنظومة الفاشلة التي تحميهم – لا تزيدهم إلا تجبرا وقهرا وتنكيلا بالعباد..لا يهمهم الصالح العام والعيش الكريم وتحقيق العدالة..كل ما يهمهم "تضخيم الأنا" لديهم وازدياد ثرواتهم وسلطانهم ونفوذهم..وبالتدريج ، يتحول هؤلاء إلى "شياطين" الإنس – معدومي الضمير والإنسانية – لا يشعرون بالذنب ولا يحسون بتأنيب الضمير ويتصورون أنهم "آلهة مخلدون" لن يصيبهم الردى أو يدركهم الفناء!
خالص تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر