الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استبدال قطرة النفط بحبة الذرة ، انتقال من مرحلة الاستخراج والتكرير إلى الانتاج والاحتكار الكامل .

مروان صباح

2016 / 11 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


استبدال قطرة النفط بحبة الذرة ، انتقال من مرحلة الاستخراج والتكرير إلى الانتاج والاحتكار الكامل .

مروان صباح / من قواعد الأساسية للولايات المتحدة الأمريكية ، إدامة البحث عن السُبل التى توفر لها ، استمرار الهيمنة على العالم ، وبطريقة أو بأخرى ، تجد في حبة الذُرة أمرين مناسبين ، يساعدها أولاً ، التحكم بالشعوب ، كونه غذاء أساسي ، معتمد عند البشرية ويحتل المرتبة الثالثة ، بعد القمح والأرز ، واستعمله الهنود الحمر كمصدر للدقيق ، والأمر الأخر ، وجدَ عُلماء الأمريكيين في حبة الذُرة مادة الايثانول ، التى يفترض بأنها من الممكن أن تكون بديل للنفط ، وبالتالي ، سينعكس ذلك على توليد الطاقة ، الذي يعني ، ستنخفض كلفة الإنتاج وتتحرر الدول الصناعية ، الكبرى ، من النفط وسيتقدم الذُرة إلى المرتبة الأولى ، لكن ، في ذات الوقت ، هنا نتكلم عن انخفاض في الكلفة ، فقط ، أما أسعار السلع ، تبقى في الأسواق ، مجهول ، وبين هذا وذاك ، من المؤكد ، ستشهد زراعة حبوب الذرة انتعاش كبير ، وزيادة ، الطلب عليه ، الذي سيجعل من سقف سعره ، هو ، أيضاً مجهول ، وسينعكس كل ذلك سلباً ، على أغلبية سكان الأرض ، الذين ، كما هو معلوم ، يعتمدون بغذائهم على رغيف الخبز ، بل ، ستتوسع رقعة ، الافقار في العالم ، طالما ، قطرات من حبوب الذرة ، سيكونوا ، بديل لقطرة النفط ، وبالتالي ، سيِفُقد الخليج ودول أخرى ، مصدرة للنفط ، حالة الرخاء وأيضاً ، الاستمرار في استيعاب العمالة الوافدة من دول شديدة الفقر .

تركيز العلماء على حبة الذرة ، لم يكن بريء على الإطلاق ، وهنا للمرء ، أن يستذكر تونس في هذا المجال ، كونها استبقت حكومات عربية وأخرى أجنبية ، في محاولة بائسة ، قصيرة النظر ، بل هي أقرب ، إلى الصيغ التوريطية ، عندما حاولت حكومة مزالي رفع الدعم عن الخبز ومشتقاته ، أواخر عام 1983 م ، شهدت تونس في الأول من شهر يناير ، 1984 م انتفاضة شعبية عارمة ، شملت حركات احتجاجية ، في أغلب مناطق الجمهورية ، بدأت من مدينة دوز لتستقر رمادها في تونس العاصمة ، حينها ، تمسك رئيس الوزارء محمد مزالي بقرار رفع الدعم الذي جعل المواجهة مفتوحة بين النظام والشعب وأصبح العنف سيد الموقف ، تسبب النظام في قتل المتظاهرين ، كان الرد المحتجين ، بتعديل عنوان الاحتجاج ، من شعار ( الخبز خط أحمر ) إلى ( تقرأ أو لا تقرأ مستقبل في تونس لا يوجد ) ، حرق المتظاهرين ، المؤسسات العامة والخاصة وتمكنت الحشود من كسر الطوق الأمني عن الأحياء الغنية والأقل غناء ، وعاثت فيها فساداً ، في خضم حركة الاحتجاج ، اضطر رئيس الدولة ، الحبيب بورقيبة ، الخروج بذاته ليعلن عن تراجع كامل عن قرارات حكومة مزالي ، وأبدى تفهمه الشخصي للظروف الاقتصادية التى يعيشها الموطن التونسي ، هي بالأصل منهارة ، وليس من الحكمة تحمليه أعباء جديدة أو عبء تدهور الاقتصاد الوطني .

للدقّة ، عملت الولايات المتحدة الأمريكية منذ زمن بعيد ، على إغراء دول ، كانت حريصة واعتبرت زراعة القمح والحبوب من أولوياتها ، وهذا الإغرار ، شمل أيضاً ، دول أمريكيا اللاتينية كونها من الدول القديمة والتاريخية في مجال زراعة الذُرة ، وليس العرب ، منفردين ، وتحولت الأراضي الأمريكية ، المغذي الأوسع للعالم ، وعلى الأخص ، دول سُميت بالعالم الثالث ، وتحولت الحكاية مع مرور الوقت ، من علاقة ، منتج ومستهلك إلى منتج وقاصر ، الأول ، يحمل في ملفاته ، الإصلاح ، وفي خبياها مشاريع سياسية تهدف إلى التغير ، والأخر ، ينتظر قوته الأسبوعي أو الشهري من القمح أو الحبوب الآُخرى ، وهنا ، الذي يقوم بالمهمة ، تاريخياً ، صندوق النقد والبنك الدولي ، يلاحظ على الدوام ، حسب سياسات المؤسستين المتبعة ، تشترطان في أصول الدعم ، جملة إصلاحات ، تمس في جوهرها ، قوت الأغلبيّة الفقيرة ، كأن الإصلاح لا يكون ، إلا إذا تحمل الشعب عبء الفساد السابق وتدهور الاقتصاد الوطني ، الذي يطرح سؤال واسع ، كيف يمكن لبضعة ميليارات ، غير مرصودة ، لغايات التصنيع أو الزراعة أو البحث العلمي والتكنولوجي ، أن تكون جزء من الحلول ، بل ، كل ما يجرى هو دفع حكومات العالم إلى مزيد من التدهور الاقتصادي وتقليب الشعوب على حكوماتها ، لهذا ، يهدف الدعم إلى أضعاف الدولة وليس النظام ، فحسب ، فإذا كانت القروض الممنوحة ، غير قادرة على معالجة الاقتصاد ، أو غير مخصصة لزراعة القمح والحبوب أو الصناعة ، التى من المفترض ، ستُجنب التاجر ، الاستيراد من الخارج ، وبالتالي ، يؤدي ذلك إلى خفض الطلب على العملة الصعبة التى بدروها تقلل من بهدلة العملة المحلية ، إذاً ، هنا الدلائل واضحة ، الدعم ليس بريء ، بل ، الهدف هو تفكيك الدولة .

الخلاصة هكذا ، حكومات العالم تتغافل عن حقيقتين ، الأولى ، التقاعس عن الزراعة ، بشكل عام ، التي بدورها تُخرج الشعوب من تصنيف القاصر إلى البلوغ ومن ثم الاكتفاء وبعدها تبدأ دائرة التصنيع ، بالدوران ، وثانياً، الاستسلام إلى المؤسسات المالية ، الدوليّة ، وطريف في كل هذا ، سيكون البديل للنفط ومشغل الطاقة ، في المنظور القريب ، من مادة الايثانول ، مما يعني ، حبة الذُرة ، صغيرة الحجم ، سهلة الزراعة ، هي ، اللاعب الأقوى في سوق تشغيل الطاقة ، وهنا لا بد ، للحكومات العالم الإجابة عن سؤال جوهري ، قد تستغني الأغلبية عن أكل اللحوم وهي التى شرعت مؤخراً ، رسم اللحمة على موائدها ، كبديل اضطراري من أجل اسكات أطفالها وامعائها ، بسبب ارتفاع الجنوني لأسعار اللحوم ، لكن ، كيف يمكن للبنك الدولي وصندوق النقد ، إقناع الشعوب التنازل عن الخبز ، وهل يمكن للحكومات العربية ، الصمود في وجه العنف الشعبي ، الذي سيكون سيد الموقف ، أم أن ، الرضوخ والاستسلام ، الكلي ، لمكتشف مادة الايثانول هو السبيل الوحيد للنجاة ، بالتأكيد أنه سبيل تضليلي ، فإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية ، تتحكم بالبترول منذ اكتشافه ، وهي لا تملكه ، فَقَط ، تَقُوم باستخراجه وتكريره ، وحّال الأغلبية الساحقة ، في هذا الكوكب ، بين فقير وتحت خط الفقر ، فكيف سيكون الحال ، عندما تكون الوحيدة ، وهنا الوحدوية ، المقصود بها ، أنها القادرة على إمداد العالم ، بحبوب الذُرة والقمح والأرز ، بحكم أنها ، المزارع الأوسع والمسيطر على أنتاج الصين والبرازيل والمكسيك ، الذي يوفر لها ، إمكانية إستخراج مادة الايثانول بكميات كبيرة ، وبالتالي ستُشغل بها الطاقة .
والسلام
كاتب عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء