الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا وكيف يصبح النّص مُقدَّسًا؟ (5)

ناصر بن رجب

2016 / 11 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لماذا وكيف يصبح النّص مُقدَّسًا؟ (5)
بعض الأفكار حول تاريخ القرآن

تأليف:
غيليوم دي*

ترجمة وإعداد:
ناصر بن رجب


ملامح أوّليّة لتاريخ آخَر للقرآن
إنّ رفض التاريخ التقليدي لأصول القرآن ليس مع ذلك كافيًا. يجب بالمقابل اقتراح أُنموذج آخر أكثر واقعيّة. ولضيق المجال هنا، فإنّني سأقتصِر على إعطاء ملامح أوّليّة مُدَّخِرًا البراهين المفصّلة أكثر إلى دراسات لاحقة.

دعونا نعود قبل كلّ شيء إلى الفكرة التي مفادها أنّ القرآن لم يكن حاضرا حضورا قويّا في حياة مُؤْمِني(90) القرن الأوّل للهجرة. وهذا سوف يصدِم بدون شكّ ذلك القارئ الذي قد تعوّد على تقبُّل المصادر الإسلاميّة والأخذ بها دون جدال ولا نقاش. وذلك بالرّغم من وجود عناصر مختلفة تدعم هذه النّظريّة(91). وهذه العناصر تتكوّن من صنفين: الصنف الأوّل منها له علاقة بحالة النّص القرآني (من الصّعب جدّا على آيات لم تُؤلَّف بعد أن يكون لها تأثير على أيّ أحد مّا)، والصّنف الثاني هو الذي له علاقة بمعرفة النّص القرآني وكيفيّة استعماله. سأترك جانبا الصّنف الأوّل مُفضِّلا مناقشة بعض الملامح البارزة للصّنف الثاني.

يمكننا قبل كلّ شيء أن نهتمّ بطبيعة الوثائق الرّسميّة (مواثيق، معاهدات، كتابات منقوشة، إلخ). وثائق القرن السّابع ميلادي قصيرة ولا تحتوي على اقتباسات قرآنيّة. وهكذا فإنّنا نجد أنّ نصوص معاهدات الاستسلام والولاء المُبرمة مع المدن المفتوحة لها صياغة واضحة وكلّها على نسق واحد. فهي تبدأ بالبسْملة، ثمّ أسماء الأشخاص الذين يُعطُون الأمان والذين يتسلَّمونه، وتأتي بعد ذلك شروط المعاهدة، وأسماء الشّهود، ثمّ اسم النّاسخ، والتّاريخ، وأخيرا الإمضاءات أو، في بعض الأحيان، الأختام. فالأمر يتعلّق هنا بتكييف لتقليد قديم في الشرق الأوسط(92) – وهذا لا يمتّ للقرآن بأيّ صلة. ونفس الشيء ينطبق كذلك على معاهدات الصّلح بين المؤمنين مثل المعاهدة التي حصلت بين مُعاوية وعمرو بن العاص، هذا على الأقلّ إذا كان نصُّها الذي وصلنا هو نصّ أصلي. وبالمقابل فإنّ:"(الوثائق) التي أنتجتها النُّخَب الحاكمة لخدمة نفس الأغراض في أواسط القرن الثّامن ميلادي وما بعد تنحو إلى الإطالة والإطناب أكثر مع إيحاءات قرآنيّة أكثر تفصيلا وتوسُّعًا ونجد فيها حتّى اقتباسات قرآنيّة"(94).

قد يحدث أن تستعمِل معاهدات القرن السّابع ميلادي من حين لآخر عبارات نجدها في القرآن (مثل عبارة "عهد الله"). وتعترضنا في نقوش العشريّات الأولى للهجرة حالة مشابهة لذلك. ولكن مع كلّ هذا، هل يحقّ لنا أن نقول أنّ القرآن: "أشبَع النقوش الإسلاميّة المُبكِّرة"، وأنّ لغة هذه النّقوش كانت: "مُستوحاة من مُعجَم ألفاظ القرآن ومُتشبِّعة بها"(95)؟ إذا كان الجواب بنعم، فهذا يعني أنّنا نتعاطى مع اقتباسات أو صياغات قرآنيّة تفترض وجود نصّ سابق كان قد اكتمل تأليفه أو يكاد. هذا في الوقت الذي يمكن أن نرى فيه الأشياء بطريقة معكوسة: هذه النّقوش تندرِج بالأحرى ضمن صيغة من صِيغ الوَرَع (غالبا ما تكون متأثِّرة بالمسيحيّة(96)) التي كانت شائعة في الشرق الأوسط في تلك الفترة مُمثِّلة الوسط الذي ظهر فيه القرآن (من وجهة النّظر هذه لا يجب أن نستغرِب من العثور، في يوم من الأيام، على نقوش ما قبل إسلاميّة تحتوي على آيات قرآنيّة). ولكن بحكم أنّ هذا الموضوع يقبَل تأويلات مختلفة، فلا داعي إذن أنّ نتوقّف عنده طويلا. بالمقابل، ما يمكن أن يتّفق حوله الجميع هو الاختلاف الجوهري بين نصوص أواسط القرن السّابع ميلادي (وهي نادرة) وتلك التّي ثَبُت أنّها تعود إلى قرن أو قرنين لاحقا.

نُذكِّر هنا بأنّ الأمر يتعلّق بنصوص رسميّة. فالقضيّة لا تشمل إذن كلّ ما استطاعت أن تعرفه عن القرآن تلك البلدان المفتوحة والشعوب التي أسلَمَت حديثا، ولكن تتعلّق جيّدًا بلُبِّ نظام الخلافة. بعبارة أخرى، كانت المرجَعيّة القرآنيّة، قبل فترة حُكم المروانيّين، غائبةً عن الإيديولوجيا السّياسيّة للخلافة، وهذا ما يمكن للبعض أن يُفسِّره بالقول ببساطة أنّ الخلافة لم تكن لها إيديولوجيا - وهو حلّ جذري للقضيّة ولكنّه مُفرِط. وبالرّغم من أنّ مسألة الطبيعة الحقيقيّة لخلافة السُّفيانيّين تبقى محلّ نقاش، وبالرّغم من أنّ التواصل بين الممارسات البيزنطيّة وممارسات بني أميّة مُلفِت للنّظر (كما تُظهِر ذلك الأركيولوجيا)(98)، إلاّ أنّه ممّا لا شكّ فيه أنّ السفيانيّين كانت لهم إيديولوجيا سياسيّة، ربّما كانت بدائيّة بسيطة، إلاّ أنّها في كلّ الأحوال كانت أقلّ تَفْرِقة من إيديولوجيّا المروانيّين(99). ولذلك، فإنّ غياب أيّ ذِكْر للقرآن، وأيضا لأيّ اقتباس أو تلميح لآيات قرآنيّة (ليس هناك أيضا ذكر لمحمّد) له دلالته حتّى ولو أنّ التفسير الذي ينبغي تقديمه لهذا الغياب يبقى مفتوحا.

إنّ تحليل الأيديولوجيا المروانيّة يجب أن تبدأ بدراسة قبّة الصّخرة، ولكن هذا موضوع يتجاوز بشكل واسع حدود هذا المقال(100). سأقتصِر على ملاحظة واحدة: نقوش قبّة الصّخرة (أوّل شاهد مادّي مؤرَّخ (691-692 م) لنصّ قرآني غير متقطِّع) تتحدّث على محمّد(101) وتحتوي على آيات قرآنيّة تختلف اختلافا طفيفا عن المصحف الرّسمي. هل يجب علينا أن نفسِّر هذه الاختلافات على أنّها حصيلة تكييف لنصّ قانوني كان موجودا قبل السّياق المحدَّد لهذه النّقوش(102)، أو بمثابة دليل على حالة ما قبل قانونيّة للنّص القرآني الذي كان قد بقي في حالة هلاميّة وغير مستقرّة(103)؟ أنا قد أميل إلى الفرضيّة الثّانية، ولكن إذا اكتفينا بالاعتبارات النقشيّة بالتّحديد فإنّه ليس بإمكاننا استبعاد الفرضيّة الأولى استبعادا تامّا (هذا حتّى وإن كانت في الواقع تفترِض مسبقا ما تريد تأكيده).

النصوص التي تتحدّث عن القرآن ولا تقتصر على "ذِكر" آياته هي ولا شكّ أكثر دلالة. وأقدم الشّواهد على هذا النّوع من النّصوص تنتمي إلى الحقبة المروانيّة المتأخِّرة. مثلا، نجد مَقطَعيْن مُهمَّين عند عبد الحميد الكاتب (ت 750 م)، وقد كان رئيس ديوان الإنشاء عند الخليفتيْن الأمويّين هشام بن عبد الملك (حكم 724-743 م) ومروان الثّاني (حكم 744-750 م). المقطع الأوّل يصف المعارف التي يجب أن يمتلكها الكُتّاب: قبل كلّ شيء عِلْم "كتاب الله"، ثمّ الإلمام بالفرائض وبالعربيّة، والإجادة في الخطّ، ورواية الأشْعار، ومعرفة تاريخ العرب والشّعوب الأخرى ("أيَّامَ العربِ والعَجَمِ وأحاديثَها وسيَرَها")، وأخيرا إتقان الحساب ("رسالة إلى الكتّاب، ص 238، 1. 3-8"). والمقطع الثّاني، المأخوذ من "رسالة إلى الأمير وليّ العهد عبد الله بن مروان"، ينصح الأمير بأن يقرأ في كلّ صباح جزءًا من "كتاب الله" (ص 219، 4): وذلك شُكرا لله على ما أعطاه من صحّة وعافية بدن وسُبوغ نِعمٍ وظُهور كرامة، ولأنّه واجد فيه "شفاء القلوب من أمراضها، وجلاء وسواس الشيطان وسفاسفه، وضياء معالم النّور تبيانا لكلّ شيء، وهدى ورحمة لقوم يؤمنون... إلخ" (ص 219، 5-9)(104).

"كتاب الله" الذي يتعلّق به الأمر هنا هو بكلّ وضوح مصحف القرآن. فإذا كانت هاتان الرّسالتان صحيحتين(105) فإنّنا نمتلك شهادة مِن أولى الشّهادات الصّريحة على وجود القرآن، وعلى أيّة حال فيما وصلنا من الأدب الإسلامي. وهذا يتوافق مع شهادات المصادر المسيحيّة. فنصوص القرن السّابع ميلادي التي في حوزتنا (حتّى تلك التي تُظهِر أنّها تعرف "الإسلام" معرِفة جيّدة مثل نصوص يعقوب الرَّهاوي (ت 708 م)، أو تلك التي تعتمد اعتمادا كبيرا على مُخْبرِين "مُسلمين") لا تتحدّث عن القرآن، ولكنّ الأشياء تتغيّر بداية من الرُّبع الثّاني من القرن السّابع ميلادي، أي بعارة أخرى، بعد خلافة عبد الملك بن مروان.

يجب أيضا التشديد على السياق المؤسّساتي والإجتماعي التي تُبْرزه هذه الإشارات إلى القرآن. قبل الفترة المروانيّة لم يكن الكُتّاب مسلِمين. هذا في حين أنّنا نرى في نهاية حُكم العائلة المروانيّة أنّ القرآن يدخل أو بالأحرى كان قد دخل ضمن موادّ تكوين الكُتَّاب. وهذه نقطة حاسمة لصناعة نصّ قرآني: فقد الأصبح لدينا الآن مُناوِبين لسلطة الخليفة، السّياسيّة والدينيّة. قبل المروانيّين، ومهما كانت الحالة التي كان عليها القرآن في تلك الفترة، هذا العُنصر النّاقِل للنّص القانوني لم يكن موجودا.

هناك نقطة بارزة أخرى جلب إليها الانتباه جوزيف شاخت (Joseph Schacht) تتعلّق بدور القرآن الضّئيل في بدايات تبلوُر الفقه الإسلامي: "ما عدا أبسط القواعد، فإنّ المعايير [الفقهيّة] المُستمَدَّة من القرآن قد وقع إدخالها في التشريع المُحمَّدي دائما تقريبا في مرحلة ثانية"(106). وبالرّغم من انتقادات هارالد موتزكي (H. Motzki)، فإنّني لا أرى سببا للتّخلّي عن هذه الأطروحة التي تظلّ، في خطوطها العريضة، وجيهة(107). وقد يحدث أيضا أنّ تُناقِض الممارسة الفقهيّة المُحتوى الصّريح للكتاب المقدّس [القرآن](108).

غير أنّ هذا قد يكون بإمكانه أن يتلاءَم بشكل من الأشكال مع تاريخ النّص القرآني، كما لاحظته جيّدا باتريشيا كرونه (Patricia Crone). فعلا، لو أنّ القرآن كانا نصًّا مركزيًّا وقانونيًّا (مُقدّس) منذ البداية، وبعبارة أخرى، إذا كان قد اكتسب السّلطة الحاسمة التي ينسبها له التقليد، في البداية في شكله "المُتفَرِّق"، الذي سبق الجمع، ثم في شكل مُصحَف، كيف نُفسِّر، في عدد لا يُستهان به من الحالات، أنّ التشريع الإسلامي يختلِف عمّا يُصرِّح به القرآن؟ بالإضافة إلى ذلك، لماذا ظلّ المفسِّرون غير قادرين على شرح بعض الألفاظ والمقاطع القرآنيّة، ويَبْدون عاجزين أمام النّصوص، ولم يُنْقَل إليهم أيّ متْن تفسيريّ [مجموع الأدوات الضروريّة للتّفسير]؟ تقترح كرونه أنّ تفسير هذه المسألة يجب البحث عنه في فكرة مفادها أنّ تدوين وقونَنَة القرآن حصلتا في زمن متأخِّر(109).

إنّ الدور الهامشي الذي لعبه القرآن في الممارسة الحياتيّة لأجيال المؤمنين الأولى (وهذا لا يقتصر على المؤمن العادي أو مَن أسْلَموا حديثا)، وحيرة المفسِّرين، على الأقل بخصوص بعض المقاطع، نظرا لانقطاع عمليّة النّقل وعدم تواصلها، يُظهران أنّ الأشياء التي يقدِّمها التقليد لنا غالبا على أنّها أشياء كانت معروفة وحاضرة حضورا قويّا، أنّها بالفعل لم تكن كذلك. وهذا الانقطاع لا يخصّ فقط التفسير، فهو يشمل أيضا نقل النّص. وبالفعل، فإنّ الطبيعة نفسها للغالبيّة العظمى لاختلافات القراءات تؤكِّد أنّنا لسنا أمام انتاج للتّقليد الشفوي (الذي لا ينقطع) بل أمام جهود يقوم بها فقهاء اللّغة لفهم الرّسم الغامض للقرآن في ظلّ غياب تقليد شفوي يُسْعِفهم(110).

كلّ هذا يصبّ في اتّجاه قَوْنَنة متأخِّرة للقرآن حصلت مثلا تحت حكم عبد الملك بن مروان. ولكن هل هذا من شأنه أن يُثْبت مقولة حدوث جَمعٍ أوّل للنّص القرآني في تلك الفترة؟ بكلّ صراحة، لا؛ إذ من المُستحسن التفريق بين "التأليف" وبين "القَونَنة". هناك فرق بين أن تَخُطَّ نصوصا أو مجاميع من النّصوص، وبين أن ترى هذه النّصوص تكتسِب سلطة اجتماعيّة ودينيّة تسمح بأن نعتبرها كتابات قانونيّة (مُقدَّسة). ويجب حتّى التفريق ليس فقط بين مرحلتين بل بين ثلاث مراحل: اللّحظة التي يتشكّل فيها المصحف (تكوين المدوّنة)، اللّحظة التي تقرِّر فيها السّلطة السياسيّة فرض هذا النّص واتّخاذ كلّ الإجراءات اللاّزمة لذلك (قرار القَوْنَنة)، واللّحظة التي يقع حقيقة استلام النّص وقبوله وإدماجُه داخل مُختَلف شرائح الجماعة الإسلاميّة (القَوْنَنة الفعليَّة).

المرحلة الثّانية، تلك التي اتُّخِذ فيها قرار القوْنَنة، يجب أن توضَع بكلّ وضوح في فترة عبد الملك والحجّاج: فَبِدَفْعٍ منهما تمّ إنجاز "طبعة" (جديدة) للقرآن، ووقع نشر المصحف نشرا أوسع، وأصبح يتمتّع بدور مركزي في أداء الشّعائر، وصارت مقاطع مُهمّة من النّص القانوني تجد مكانا لها في النّصوص الرّسميّة للخلافة. قبل الإصلاحات التي أدخلها عبد الملك والحجّاج فإنّه من الصّعب الحديث عن القرآن وكأنّه "قانون معياري" (أو "قانون 2")، وذلك باعتبار أنّه لم يكن يلعب إلاّ دورا هامشيًّا في الممارسة الفقهيّة، وعلى ما يبدو لم يكن له أيّ دور أو حضور في النّصوص الرسميّة(111). كما لا يمكن الحديث عن "قانون تكويني"، ولا على "قانون قُدْوة"، ولكنّ الأشياء بدأت تتغيّر، كما رأينا، مع رسائل عبد الحميد الكاتب الذي يُوصي بفحص النّص القرآني بانتباه شديد لكي يتشبّع المرء بجمال لُغَته ("وتُزَيِّنُ لَفْظَكَ بقِراءَتِه"، رسالة إلى الأمير عبد الله، ص 219، 5-6). الأمر ذاته مع "القانون 1" الذي يكون النّاقل فيه هي ممارسة الشّعائر: بعض النّصوص في القرآن كان لها بكلّ تأكيد دور في العبادات والورع، ولكنّ إدخال الحجّاج قراءةَ القرآن في المساجد مباشرة من المصحف يُمثِّل تغييرا مُهمًّا جدًّا.

المرحلة الثّالثة، وهي القَونَنة الفعليّة، تتمثّل في مسار طويل نوعا مّا والذي يمكن تحديد زمن انتهائه بطرق مختلفة بحسب المؤشِّر الذي نستعمله – مثلا، عام 848 م، بعد إنهاء "المِحْنة" [محنة خلق القرآن]، أو في السّنوات 930م مع ابن مُجاهد وتحديد عدد القراءات المسموح بها، أو أيضا في نهاية القرن العاشر ميلادي عندما بدأ الشيعة في الاعتراف بصحّة المصحف العثماني وعدم القول بتحريفه. تبقى المرحلة الأولى، أي مرحلة تَكَوُّن المُدوّنة، أو بالأحرى علاقاتها بقرار قَوْنَنة القرآن.

في هذه النّقطة، يقترح سيناي نموذج "الكتابة الخفيّة":

"يمكن أن يكون القرآن قد أُغْلِق منذ سنة 650 م، ولكنّه ظلّ غائبا عن التّاريخ الإسلامي إلى غاية سنة 700 م، عندما وقع ضمُّه عَرَضًا، بدون تنقيح يُذْكَر، إلى تقليد ديني موجود (...). لقد كانت هناك، على أقلّ تقدير، مصاحف معزولة مُتداوَلَة، وهذا لسبَبَيْن، وجود مخطوطة صنعاء 1 [التي عُثِر عليها في سبعينات القرن الماضي] وكذلك لأنّه من الإجحاف أن نرفض ذلك الكَمّ الهائل والمتميِّز جدًّا من الأخبار الموجودة في المصادر الإسلاميّة بخصوص المصاحف غير العثمانيّة أو الأخبار حول إتلاف الحجّاج ودفنِه لمخطوطات قرآنيّة"(112).

قد تكون الأمور قد حدثت بهذه الطريقة بالنّسبة لبعض أجزاء المدوَّنة القرآنيّة، مع نصوص كُتِبت في وقت مُبكِّر جدًّا ولكنّها ظلَّت معروفة معرفة ضئيلة من طرف أغلبيّة المؤمنين (مثلا لأنّها لم تكن تتماشى مع الممارسة الشعائريّة على غرار قصار السّور في نهاية المصحف)، ثمّ أُضيفَت في الجَمْع النهائي(113). وعلى العكس من هذا، هناك نصوص أخرى، مثل السورة 112 (الإخلاص)، التي نعرف لها تنويعات عديدة، كانت معروفة جيِّدا وكانت موضوع تناقل شفوي. أمّا أن نَستَنتِج بأنّ النّص القرآني لم تَدخُل عليه إلاّ تعديلات ضئيلة بين الجمع العثماني وجمع الحجّاج فهذه مقولة أخرى يُريد سيناي أن يدعَمها بحُجَّتَيْن غير مُقنِعتين بالمرّة. الأولى تتعلّق بمخطوط صنعاء 1، وهي ليست حجّة قاطعة إلاّ إذا تبنَّيْنا تأريخ صادقي – وقد مرّ ورأينا مدى مصداقيّة هذا التّأريخ. والثّانية مرتبطة بالتجميعات غير العثمانيّة. أن يكون هناك نصوص قد وقع تداولها وأن يكون الحجّاج قد أتلفها فهذا ما لا يتناطح فيه عنزان. ولكن إذا أخذنا بعين الاعتبار ظاهرة الإسقاط التي سبق وأن تحدّثنا عنها هنا، فإنّه يصبح من الصّعب أن نحدِّد بدقّة الشّكل الذي كانت تتّخذه هاته المصاحف، وبالتّالي ما هي الاختلافات التي كانت بين مصحف عثمان ومصحف الحجّاج.

بالنّسبة لكثير من الباحثين، لم يكن مصحف الحجّاج إلاّ نسخة مُطوَّرَة لمصحف عثمان – إلاّ أنّ هذا الطرح لا يقوم إلاّ بترديد روايات المأثور السنّي. مثلا، عمر حمدان يؤكّد باندفاع جميل خارج عن التّاريخ: "(...) أيُّ تغيير أو تَلاعُب بالنّص، حتّى ولو كان ضئيلا، من طرف الحجّاج أو أيّ شخص آخر (...) لا يمكن أن يكون قد حدث بدون أن يُثير ردّة فعل العلماء المعاصرين [في تلك الفترة]"(114). هذا الحُكْم، بالإضافة إلى أنّه يقوم باستحضار فئة اجتماعيّة (العلماء)، وهو استحضار غير صائب في مثل هذا السّياق، يفترض أنّ قَوْنَنة القرآن سبق وأن تمَّت في تلك الفترة – وهذا هو بالضّبط الذي لم يحصل. من الأكيد أنّ مختلف الشواهد تصف أنّ الاختلافات بين مُصحَفَيْ عثمان والحجّاج كانت عبارة على تغييرات طفيفة ومحدودة: فهي لم تشمل إلاّ رسم 11 كلمة، وترتيب الآيات والسّور، والهجاء (إضافة التنقيط والحركات) وعدد الحروف والألفاظ والآيات(115). إنّ "جَمْع" الحجّاج يمكن أن يكون قد أدخل بعض الإصلاحات كترتيب السّور والآيات؛ وبالمقابل فإنّ ما قيل عن إضافة نقط الإعجام لا يؤكِّدُه التراث المخطوط(116).

في الواقع، قراءة المصادر السنيّة تترك عند المرء انطباعًا مُزدَوجًا. أوّلا، يبدو أنّ المحدِّثين لم تكن لديهم معرفة جيِّدة بطبيعة الإصلاح الذي قام به الحجّاج، وهذا غير مُستَغرَب، عندما نفكِّر بأنّ التقليد الشفوي كان غائبا وبأنّه بكلّ تأكيد لم يتبقّى أيّ مُصحف من "المصاحف العثمانيّة (أو، في أحسن الحالات، عدد قليل منها فقط) لأنّ الحجّاج كان قد صادرها وأتلفها كلّها(117). فقد كان إذن من المستحيل تقريبا أن نُقارِن بدقّة بين مصحَفَيْ عثمان والحجّاج. يمكننا بالأحرى أن نتوجّس غالبا حدوث إسقاط على فترة الحجّاج، وهي ممارسات تأكّد وقوعها في فترة متأخِّرة أكثر. ثانيا، هذه الأحاديث تعمل في إطار دغمائي محدّد جدًّا: بالنّسبة لكلّ هؤلاء المحدِّثين لم يكن في مقدورهم أن يتصوّروا أنّ النّص القرآني كان قد تعرّض بين فترتي عثمان والحجّاج لتغييرات أخرى غير تلك التغييرات السطحيّة التي أشاروا إليها في مؤلّفاتهم.

بعض المصادر المسيحيّة، على غرار رسائل عبد المسيح بن إسحاق الكندي إلى عبد الله بن إسماعيل الهاشمي(118) ورسائل ليون الثّالث إلى عمر الثّاني(119) أو الحوار بين إبراهيم الطبَراني وعبد الرحمان الهاشمي(120)، كلّ هذه الرّسائل تَعْزو للحجّاج دورا أكثر أهميّة من ذلك بكثير. هذه النصوص هي نصوص جداليّة ومنافحة عن الدين، ولكنّها تُورِد أحاديث كانت متداولة في القرن الثّامن ميلادي والتي وقع تهميشها فيما بعد(121). فمثلا، يصف عبد المسيح الكندي دور الحجّاج كالتّالي:

"ثمّ أنّ الحجّاج بن يوسف لم يَدَعْ مصحفاً إلا جَمَعَهُ وأسقط منه أشياءَ كثيرةً ذَكَروا أنَّها كانت نَزَلَتْ في بَنِي أُميّة بِأَسْماءِ قَومٍ، وفي بَنِي العبّاس بأسماءِ قومٍ، وزَادَ فيه أشياء"(122).

ويذهب ليون الثالث في نفس الاتّجاه حيث يقول:
"أمّا بخصوص (كتابك) [المصحف] فقد قدّمتم لنا أمثلة عن هذه التحريفات، ونحن نعرف، من بين ما نعرفه من أشياء أخرى، أنّ المدعو الحجّاج الذي عَيَّنْتُموه والِيًا على فارس وقد كان قد كلّفه رجاله بجمع كُتُبِكم القديمة [مصاحف القرآن] وقام بتعويضها بكتب أخرى ألَّفها هو بنفسه، حسب هَوَاه، ثمّ بثّها في كلّ مكان بين أفراد أُمَّتِك"(123).

أخيرا، هذا ما قاله إبراهيم الطبراني:
"لقد أَلَّفَ الحجّاج ورَتَّبَ [القرآن]"(124).

هناك العديد من المؤرِّخين يميلون إلى التّقليل من أهمّية هذه الشهادات. مثلا، حسب آرثر جفري، كان المسيحيّون قد سمعوا بوجود تغييرات طفيفة قام بها الحجّاج، وقد بالغوا في أهمّيتها لأسباب جداليّة(125): فالحجّاج لم يفعل في الحقيقة سوى رعاية نُسخَة مُطَوَّرة من مصحف عثمان(126).

هذه الأحكام تبدو لي مُعَبِّرة جدًّا. فلماذا يُعْتَقد أنّ المصادر المسيحيّة أو الشيعيّة، لأسباب عَقَديّة جداليّة، هي التي تُبالغ في التحويرات التي قام بها الحجّاج، في حين أنّه بإمكاننا أن نقول مثل هذا تماما بأنّ المصادر السنّية، كذلك لأسباب إيديولوجيّة، هي التي قلَّلَت من أهمّية هذه التغييرات؟ فلا يجب على المؤرِّخ، بدعوى أنّ المذهب السُنِّي صار هو التيّار السّائد في الإسلام، أن يعتقد بأنّ الأحاديث التي ينقله هذا المذهب، ولأنّها الأكثر انتشارًا، هي الأحاديث الأكثر مصداقيّة. فهي ليست بالضرورة الأحاديث الأَقْدَم، وهي كذلك أحاديث مُنحازة إيديولوجيّا بقدر ما هي منحازة الأحاديث الشّيعيّة. ولكي نعرِف أين تكمن الفرضيّة المعقولة أكثر، يجب إذن أن نجُدَّ في البحث عن قرائن وأدِلَّة أخرى.


(يتبع)
_________
الهوامش:
* صدر النّص الأصلي بالفرنسيّة تحت هذا العنوان:
Guillaume Dye: «Pourquoi et comment se fait un texte canonique? Quelques réflexions sur l’histoire du Coran», in Christian Brouwer, Guillaume Dye, Anja Van Rompaey, Hérésies: une construction d identités religieuses, édition de l’Université de Bruxelles, 2015, p. 55-104.

(90) وهي لفظة أشاعها فراد دونر:
Fred Donner, Muhammad and the Believers: at the Origins of Islam, Cambridge (Mass.), The Belknap Press of Harvard University Press, 2010.
ولكنّ العبارة سبق وأن استعملها م. شارون للإشارة إلى الجماعات النّاطقة بالعربيّة المرتبطة بشكل أو بآخر بدعوة محمّد إلى غاية فترة المروانيّين. وأنا أستعملها هنا محلّ وعوضا عن "مُسْلِم" لأنّ هذا الاستعمال في هذا السيّاق هو خارج عن التّاريخ. وأنا لا أُشاطر دونر في النّظرة التي يمتلكها عن "المؤمنون" والذي يعتبرهم كحركة مسكونيّة. أنظر أيضا:
M. Sharonm «The Birth of Islam in the Holy Land», in Ibid. (éd.), Pillars of Smoke and Fire. The Holy Land in History and Thought, Johannesburg, Southern Book Publishers, 1988, p. 225-236).
(91) هذا الطرح لا يعني أنّ جماعات المؤمنين الأولى لم تكن تعرف شيئا عن القرآن، ولكنّ النّصوص (بالتّأكيد النصوص القصيرة جدّا، والتي لم تكن بالضرورة كثيرة، على الأقلّ في بداية الدّعوة) التي كانت معروفة أو مُهمَّة بالنّسبة إليها والتي نجدها اليوم في القرآن، لم تكن نصوصا يقع التعامل معها وكأنّها أجزاء من مصحف أو كتاب من شأنه أن يحلّ محلّ كتابات مقدّسة سابقة.
(92) أنظر:
M. Levy-Rubin, Non-Muslims in the early Islamic Empire: from surrender to coexistence, Cambridge, Cambridge University Press, 2011, p. 32-56.
(93) أنظر:
A. Marsham, «The Pact (amāna) between Mu‘āwiya ibn Abī Sufyān and ‘Amr ibn al-‘Āṣ (656´-or-658 CE): «Documents» and the Islamic Historical Tradition», Journal of Semitic Studies, 57/1, 2012, p. 69-96.
المسائل المتعلّقة بمعركة صِفِّين (657) وقضيّة التحكيم هي من التعقيد بمكان بحيث لا مجال للخوض فيها هنا بالتّفصيل. إنّ الرواية التي تحكي بأنّ جيوش الشّام كانت قد رفعت مصاحف القرآن (على رؤوس رماحهم؟ وكيف يمكن أن تتمّ مثل هذه العمليّة؟) لكي توقِف تقدّم جيوش عليّ هي رواية من محض الخيال.
(94) A. Marsham, loc. cit., p. 75. Quelques exemples dans M. A. Amir-Moezzi, op. cit., p. 73.
(95) أنظر:
R. Hoyland, «New documentary texts and the early Islamic state», Bulletin of the School of Oriental and African Studies, 69/3, 2006, p. 406.
(96) أنظر:
A. Baumstark, «Jüdische und christlicher Gebetstypus im Koran», Der Islam, 16, 1927, p. 229-248 Ibid., «Zur Herkunft der monotheistischen Bekenntnisformeln im Koran », Oriens Christianus, 37, 1953, p. 1-17 G. Dye et M. Kropp, «Le nom de Jésus (‘Īsā) dans le Coran, et quelques autres noms bibliques: remarques sur l’onomastique coranique», in G. Dye et F. Nobilio (éd.), op. cit., p. 196-198.
(97) يرى (C. Foss) أنّه كانت هناك حكومة مركزيّة جدّا وبيروقراطيّة تحت حكم معاوية («A Syrian Coinage of Mu‘āwiya», Revue numismatique, 158 (6e série), 2002, p. 353-365) غير أنّ (J. Johns) يعتقد أنّه لم توجد مثل هذه الحكومة («Archaeology and the History of Early Islam : The First Seventy Years», Journal of the Economic and Social History of the Orient, 46/4, 2003, p. 411-436).
(98) أنظر:
A. G. Walmsley, Early Islamic Syria. An Archaeological Assessment, Londres, Gerald Duckworth & Co. Ltd., 2007 G. Avni, The Byzantine-Islamic Transition in Palestine. An Archaeological Approach, Oxford, Oxford University Press, 2014.
(99) الإيديولوجيا السُفيانيّة (بنو أبي سفيان) كانت تتمثّل في جوهرها في الإعتقاد بوجود إله واحد رحمان رحيم (ولا شيء غير هذا: لا مسيح، ولا محمّد، ولا قرآن)، واعتماد التّأريخ الهجري.
(100) أنظر:
F. vander Velden, «Die Felsendominschrift als Ende einer christologischen Konvergenztextökumene im Koran», Oriens Christianus, 95, 2011, p. 213-246.
(101) وهذا بعد بضعة أعوام، في 685-686 م (66 هـ)، من الظهور الرّسمي لأوّل مرّة للنّبيّ على قطعة نقود مكتوب عليها (بسم الله - محمد رسول الله) كان قد سكَّها الوالي على بيشابور عبد الملك بن عبد الله (من آل الزُّبير أي من أعداء المروانيّين) في خلافة عبد الملك بن مروان. أنظر:
J. Johns, loc. cit., p. 426-427.
(102) أنظر:
E. Whelan , «Forgotten Witness: Evidence for the Early Codification of the Qur’ān», Journal of the American Oriental Society, 118/1, 1998, p. 1-14.
(103) أنظر: C. Robinson, op. cit., p. 103 S. J. Shoemaker, op. cit., p. 148.
(104) حول عبد الحميد الكاتب، أنظر:
W. al-Qāḍī, «Early Islamic State Letters: The Question of Authenticity», in A. Cameron & L. I. Conrad (éd.), The Byzantine and Early Islamic Near East. Vol. 1: Problems in the Literary Source Material, Princeton, Darwin Press, 1992, p. 215-275. Sur ces deux passages, cf. Ibid., «The Impact of the Qur’ān on Early Arabic Literature: The Case of ‘Abd al-Ḥamīd’s Epistolography», in G. R. Hawting et A.-K. A. Shareef (éd.), Approaches to the Qur’ān, Londres, Routledge, 1993, p. 287. Les références sont à l’édition de I. ‘Abbās, ‘Abd al-Ḥamīd b. Yaḥyā al-kātib wa-mā tabqā min rasā’ilihi wa-rasā’il Sālim Abī l-‘Alā, Amman, Dār al-šurūq li-l-našr wa-l-tawzī‘, 1988.
(105) مثلما يعتقد الواقدي. وهذه هي الفرضيّة الأكثر احتمالا، بالرّغم من أنّه من الصعب الجزم بذلك جزما قاطعا. ومن المعروف جدّا أنّ المسائل المتعلّقة بصحّة وتأريخ المصادر الإسلاميّة القديمة بصفة خاصّة أمر في غاية التعقيد. أنظر:
R. Hoyland, «Review of Cameron & Conrad», Journal of the American Oriental Society, 114/2, 1994, p. 288 M. Cook, op. cit., notamment p. 153-158.
(106) أنظر:
J. Schacht, The Origins of Muhammadan Jurisprudence, Oxford, Oxford University Press, 1953², p. 224.
(107) أنظر:
H. Motzki, The Origins of Islamic Jurisprudence. Meccan Fiqh before the Classical Schools, translated by M. H. Katz, Leyde, Brill, 2002.
(108) الأمثلة على هذا متنوِّعة: رفض الاعتراف بالوثائق المكتوبة كحجّة شرعية (سورة البقرة، آية 282)، الرّجم في حالة الزّنا (سورة النّور، آية 2)، لفظة "كتاب" بمفهوم عقد انعتاق وليس بمفهوم عقد نكاح (سورة النّور، آية 33)، إلخ... أنظر:
J. Schacht, op. cit., p. 224-227 P. Crone, «Two Legal Problems Bearing on the Early History of the Qur’ān», Jerusalem Studies in Arabic and Islam, 18, 1994, p. 10-12 [1-37].
(109) P. Crone, loc. cit., p. 10-21.
(110) أنظر:
110 M. Kropp, «Résumé du cours 2007-08 (Chaire européenne)», Annuaire du Collège de France. Résumé des cours et travaux, 108e année, 2008, p. 787 K. E. Small, Textual Criticism and Qur’ān Manu-script-s, Plymouth, Lexington Books, 2011, p. 145-146.
ولهذا من الأجدر، مرّة أخرى، ألاّ نُسقِط على القرن السّابع وضعيَّة متأخِّرة جدّا تتحدّث عن أدب القراءات.
(111) من البديهي أنّ بعض النّصوص الموجودة في القرآن كانت لها سلطة على المؤمنين قبل خلافة المروانيّين، ولكن هذا لا يجعل من القرآن نصًّا قانونيّا مُقدَّسً. انظر: K. W. Folkert, loc. cit., p. 173
(112) N. Sinai, «Part I», loc. cit., p. 289.
(113) ليس من المستبعد أن تكون هناك نصوص قد وُجِدت قبل محمّد. يكفي أن ننظر لسورة قريش التي لها طابع عتيق إلى أقصى حدّ وكذلك من ناحيّة الأسلوب، فهي لا تتنافر مطلقا مع مدوّنة نقوش ما قبل الإسلام. ولكن، يبقى السؤال لأي سبب وقع ادماج هذا النّص في القرآن؟
(114) أنظر: O. Hamdan, «The Second Maṣāḥif Project», loc. cit., p. 799-800.، نفس الحجّة الخارجة عن التّاريخ (بدون ذكر كلمة "علماء" ولكن بخصوص الجمع العثماني للقرآن) في: GQ, vol. 2, p. 91.
(115) السّجستاني، مرجع سابق، ص 49-50، 117-118.
(116) K. E. Small, op. cit., p. 165
(117) السجستاني، ص 35 "حدّثنا ابن وهب، قال: سَأَلْت مالكًا عن مصحف عثمان رضي الله عنه، فقال لي: "ذَهَبَ". يمكن كذلك أن نستشهِد بالسّمهودي، ص 669 "قال الشّاطبي [ت 1194] ما حاصِله: إنّ مالِكًا قال: إِنَّمَا يُكْتَبُ المُصحَف على الكتابة الأولى، لا على ما استحدَثَه النّاس. قال: إنّ مصحف عثمان رضي الله عنه تَغَيَّبَ فلم نَجِدْ له خَبَرًا بين الأَشْيَاخِ". أنظر أيضا رسالة عبد المسيح الكندي التي تتشكِّك في مصداقيّة الخبر القائل بحفظ النّسخة الوحيدة من مصحف عثمان.
(118) أنظر:
G. Troupeau, «Al-Kindi, Abd al-Masiḥ», Encyclopaedia of Islam², Leyde, Brill, 1986, vol. 5, p. 121-122.
(119) المراسلة المنسوبة للإمبراطور البيزنطي ليون الثالث بنه وبين عمر الثّاني مُذْهلة سواء من حيث المحتوى أو تاريخ النّص. وهي ذات تركيبة مماثلة للمراسلة التي دارت بين الكندي والهاشمي: رسالة قصيرة من كاتبها المسلِم مشفوعة بدحض طويل من الجانب المسيحي. لقد عُرِفت رسالة ليون الثالث بفضل ترجمة أرمنيّة أُدْرجَت في كتاب "تاريخ الحروب والفتوحات العربيّة في أرمينيا" للمؤرِّخ لوفوندLewond (m. ca 790) ، أنظر:
Z. Arzoumanian, History of Lewond, the Eminent Vardapet of the Armenians, Wynnewood, Pa., St. Sahag and St. Mesrob Armenian Church, 1982, p. 72-105 A. Jeffery, «Ghevond’s Text of the Correspondence between ‘Umar II and Leon III», The Harvard Theological Review, 37/4, 1944, p. 269-332.
(120) أنظر:
G. B. Marcuzzo, Le dialogue d’Abraham de Tibériade avec ‘Abd al-Raḥman al-Hashimi à Jérusalem vers 820, Rome, Pontifico Istituto Orientale, 1986.
(121) شهدة عمر الثّاني بخصوص محمّد هي، من وجهة النّظر هذه، شهادة مُؤثِّرة. أنظر:
P. Casanova, op. cit., vol. 2, p. 110-122, notamment p. 119 A. Mingana loc. cit., p. 402-414 H. Motzki «The Collection of the Qur’ān», loc. cit.
(122) G. Tartar, op. cit., p. 190.
(123) A. Jeffery, loc. cit., p. 297-298.
(124) G. B. Marcuzzo, op. cit., CXXVI, p. 331
(125) A. Jeffery, loc. cit., p. 298, n. 48.
(126) R. G. Hoyland, Seeing Islam as Others Saw It, op. cit., p. 501.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم


.. شبكات | مكافآت لمن يذبح قربانه بالأقصى في عيد الفصح اليهودي




.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟


.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني




.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح