الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تكتيكات موسكو ودمشق السياسية والعسكرية لتحرير القسم الشرقي من حلب

عليان عليان

2016 / 11 / 26
الارهاب, الحرب والسلام


خطوات جريئة ومدروسة، أقدمت عليها القيادتان الروسية والسورية منذ أكثر من شهر، لتهيئة المسرح الاقليمي والدولي،أمام الجيش العربي السوري وحلفائه لتحرير القسم الشرقي من حلب من فصائل الإرهاب، ولتجريع واشنطن وأدواتها الإقليمية كأس السم وهم يرون حلب الشهباء تعود بالكامل لسيطرة الدولة السورية.
ففي الوقت الذي حطم فيه الجيش العربي السوري وحلفاؤه مؤخراً، غزوة جيش الفتح الإرهابية بمرحلتيها ،والتي حملت إسم الإرهابي " أبو عمر سراقب" محرراً كافة المواقع التي سبق لفصائل الارهاب احتلالها، خلال الغزوات السبع السابقة بقيادة جبهة النصرة منذ 31 تموز الماضي ، مثل مجمع أل 1070 شقة ، وبلدة منيان، وضاحية الأسد وغيرها من المناطق غرب وجنوب حلب ، ..في هذا الوقت لجأت القيادتان الروسية والسورية إلى تكتيكين مدرروسين بدقة :
التكتيك الأول : تكتيك منح حلب الشرقية سلسلة " هدن " والتوقف عن القصف الجوي لها، بهدف إفساح المجال للأمم المتحدة لأيصال المساعدات وإخراج المرضى والجرحى للعلاج في المستشفيات في حلب الغربية.
وهذا التكتيك استهدف كشف تواطؤ مؤسسات في الأمم المتحدة مع واشنطن، جراء تلكؤها في أخذ دورها، في القيام بالمهام المطلوبة منها حيال إيصال المساعدات الإنسانية وإخراج المرضى من القسم الشرقي من المدينة ، حيث أعربت وزارة الخارجية الروسية على لسان نائب وزير خارجيتها غينادي غاتيلوف -إثر لقائه مع نائب المبعوث الأممي الخاص رمزي عز الدين رمزي – عن استيائها لعدم استغلال الأمم المتحدة الهدن الإنسانية في حلب ، من أجل إيصال المساعدات الإنسانية لأحياء المدينة الشرقية .
كما بين هذا التكتيك للرأي العام الدولي ، أن الجماعات الإرهابية بقيادة جبهة النصرة في القسم الشرقي من مدينة حلب ،هي التي تفشل الهدن وتحول دون وصول المساعدات الإنسانية، وأن المجلس المحلي للقسم الشرقي من المدينة- المشكل من فصائل الإرهاب- يستخدم المدنيين كرهائن ، وأنه يستخدم المساعدات التي سبق أن وصلت إلى القسم الشرقي من المدينة لمصلحة الإرهابيين فقط .
يضاف إلى ما تقدم فإن مسلسل الهدن ، حرك الشارع في شرق المدينة باتجاه الضغط على الإرهابيين لمغادرة المدينة ، ولعدم الاستحواذ على المساعدات الغذائية والطبية ، حيث شهدت حلب الشرقية ما يزيد عن عشر مظاهرات تطالب بفتح مستودعات الغذاء أمام المدنيين ، ووجهت بإطلاق النار عليهم من قبل فصائل الإرهاب ، ارتقى خلالها ما يزيد عن 26 شهيداً .
التكتيك الآخر، ثمثل في قيام الجيش العربي السوري وحلفائه،بصد المرحلة الأخيرة من مرحلة " فتح حلب الارهابية" على مدى أكثر من أسبوعين دون غطاء من سلاحي الجو الروسي والسوري- التي استهدفت فتح ثغرة، تتيح لفصائل الارهاب التواصل مع الارهابيين في القسم الشرقي من حلب .
وهذا التكتيك استهدف مسألتين :
المسـلة الأولى : منح الفرصة للإدارة الأمريكية للفصل جغرافياً بين جبهة النصرة وبقية الفصائل – التي تعتبرها معتدلة - ولتعرية هذه الإدارة التي أعلنت لاحقاً على لسان أكثر من مسؤول فيها ، باستحالة الفصل بين النصرة وغيرها من الجماعات المسلحة مثل أحرار الشام وغيرها ، ما كشف لأوساط الرأي العام الدولي، بأن الإدارة الأمريكية لا تريد استهداف جبهة النصرة ، بل تريد الاعتماد عليها في ضرب النظام في سورية، لأنها حسب الروس ، تشكل أل Backbone لفصائل الارهاب، وبدونها لن تتمكن الإدارة الأمريكية وأدواتها الإقليمية من تحقيق أهدافها الجيوسياسية في سورية.
لقد بانت أهداف الإدارة الأمريكية على حقيقتها ، عندما أوعز الرئيس أوباما- عشية وغداة فوز المرشح الجمهوري الرئاسي دونالد ترامب على خصمه هيلاري كلينتون برئاسة الولايات المتحدة – إلى سلاح الجو الأمريكي وطيران التحالف الذي تقوده واشنطن باستهداف قادة جبهة النصرة فقط، دون البنية العسكرية للتنظيم ، على أمل انخراط قواعد النصرة في تشكيل عسكري جديد، يبعد عنه صفة الارهاب ، في محاولة مكشوفة لغل يد الرئيس ترامب بعد تسلمه مقاليد الرئاسة في مطلع العام 2017 ، والذي وعد بالتعاون مع الروس في مكافحة الارهاب في سورية .
أما المسألة الثانية المستهدفة، من تكتيك تصدي الجيش العربي السوري وحلفائه لغزوة " أبو عمر سراقب الإرهابي " دون غطاء جوي ، فتتمثل في البرهنة على أن الجيش العربي السوري، بات قادراً على حسم المعارك دون غطاء جوي ، ومن ثم تعرية مزاعم الإرهابيين ومشغليهم في واشنطن والرياض وأنقرة والدوحة، في أن الجيش السوري لا يستطيع حسم أية معركة دون تغطية من سلاح الجو الروسي والسوري، فالجيش السوري لم يكتف بصد هجمات الارهابيين على حلب ، بل انتقل إلى حالة الهجوم محرراً معظم المواقع التي سبق لجيش الفتح الارهابي احتلالها منذ أكثر من ثلاثة شهور .
هذه الإدارة المتزنة للصراع ووفق التكتيكات السابقة ، فتحت المجال واسعاً أمام القيادتين الروسية والسورية، للبدء في معركة تحرير حلب الشرقية ، وتحرير بقية المناطق السورية من سيطرة الإرهابيين.
وفي هذا السياق جاءت تعليمات القيادتين الروسية والسورية في الخامس عشر من شهر تشرين ثاني الجاري، بالشروع في معركة تحرير حلب الشرقية ، وفي شروع عاصفة السوخوي بقصف مواقع الارهابيين في إدلب وشمال حمص ، وفي هذا السياق بدأنا نشهد الدور العسكري المتعاظم للأسطول الروسي ممثلاً " " بالطراد حاملة الطائرات "الأميرال كوزنيتسوف" ، والطراد الذري الثقيل "بطرس الأكبر" وبفرقاطة "الأميرال غريغوروفبتش" في قصف مواقع الإرهابيين في سورية .
وفي هذا السياق – وفي استعراض هائل للقوة أمام فصائل الإرهاب ومشغليه الإقليميين ، وأمام الولايات المتحدة – قطعت القاذفات الروسية الإستراتيجية ما يزيد عن عشرة ألاف كيلو متر من قواعدها في روسيا ، عابرة سماء البحور الشمالية والمحيط الأطلسي، لتقصف قواعد الإرهابيين في سورية .
باختصار شديد فإننا نعيش هذه الأيام، أجواء معركة تحرير أحياء حلب الشرقية ، أما ما يدور في شرق وشمال حلب، من غزو تركي يقترب من مدينة الباب ، فإن الجيش العربي السوري، بات على مسافة بضعة كيلو مترات من المدينة التي تحتلها " داعش"، وهو على أهبة الاستعداد لتحرير المدينة والتصدي للغزو التركي، لكنه بانتظار ما سيسفر عنه لقاء رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم مع القيادة الروسية في موسكو نهاية الشهر الحالي ،حول حدود التدخل التركي في شمال سورية ، وحول الزمن الذي تمكث فيه القوات التركية في شمال سورية، بعد أن استولت حتى اللحظة على حوالي 1500 كيلو متر مربع من الأراضي السورية، بذريعة منع قيام فيدرالية كردية على حدود تركيا ، وبذريعة طرد تنظيم داعش الإرهابي من مدينة الباب السورية.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار