الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحن الشيوعيين بحاجة الى مقدسات ؟

مازن الحسوني

2016 / 11 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


ابتدع الإنسان وفي أزمان وأماكن عديدة أشياء خاصة يعتبرها مقدسة له، تعطيه القوة والطمأنينة حتى وإن كان هذا الإحساس خادعا ولكنه يوهم نفسه بذلك لأجل مواصلة الحياة بطريقة أفضل وتقبل مصاعبها ولهذا كانت عبادة الأشياء المعقولة وغير المعقولة مثل النار والاصنام والحيوانات، ومن ثم جاءت الأديان وعبادة رسل وأنبياء هذه الأديان ليستمر الحال حتى عند البعض تقديس الملوك والشخصيات الدينية والسياسية.
وفي كل هذه الأشياء هنالك عامل مشترك واحد ألا وهو غياب العقل عند الانسان الذي يقوم بهذه الطقوس وتغليب مشاعره عند ممارسة هذه الظواهر بدل وعيه.
- إحدى هذه القضايا المقدسة لدى البعض هي تقديس الرمز سواء كان دينيا أو سياسيا حتى أصبح من المحرمات نقد سلوك وتصرف هذا الرمز في أي شيء بغض النظر عن صحة وخطأ تصرف هذا الرمز. لا أعتقد أن من الممكن الحديث عن أخطاء يرتكبها مسعود البرزاني في إدارته لإقليم كردستان مع أشخاص من داخل حزبه ونفس القضية مع الرموز الحزبية الأخرى سواء كانت كردية أو عربية ناهيك عن رموز الأحزاب الدينية مثل مقتدى الصدر أو عمار الحكيم أو نوري المالكي وغيرهم.
- يمتاز الشيوعيون بأن لديهم نظرية علمية (الماركسية) تحلل هذه الظواهر بشكل نقدي وعلمي لتصل إلى نتائج خاصة بهم تفيدهم في وضع البرامج السياسية الخاصة بنشاطهم الحزبي في هذا البلد أو ذاك وبالتالي من المفروض أن لا يخطئوا مثل الاخرين في كيفية التعامل مع هذه الظواهر.
- في عام 2010 كنت أعمل مع مفوضية الانتخابات كمدير لمحطة انتخابية ويتواجد بالمحطة ممثلو أحزاب متعددون وكان من ضمنهم ممثل الاتحاد الوطني الكردستاني (جماعة جلال الطالباني) يومها كان جلال رئيس الدولة العراقية وهو في المانيا للعلاج وغابت أخباره وكثرت التكهنات حول صحته. أثناء العمل شاهدت ممثل الاتحاد الوطني الكردستاني يقبل (يبوس) التليفون ودموعه تنزل على خديه وسألته لماذا هذه الدموع أجاب، التلفزيون العراقي ينقل بشكل مباشر تصويت جلال الطالباني من المانيا وهو على كرسي نقال وهذه دموع الفرح بالحدث. أعتقد ان الحدث لم يشكل عندي ولا عند الكثيرين غيري نفس الشعور لأنني لا أنظر لجلال بنفس الطريقة. هو بالنسبة لي رجل سياسة له مواقفه الخاصة والتي أتفق مع بعضها والبعض الآخر لا وهذا هو منطق العقل بالتعامل مع الأشياء وليس العواطف. نفس القضية عند الحديث عن ستالين فهو عند المتعصبين للحزب رجل وطني ومقدس أما بالنسبة لي وللكثيرين غيري هو قاد البلاد للتخلص من الفاشية وتحريرها وهذا يحسب له كثيرا ولكن بنفس الوقت هو دكتاتور في مرحلة بناء الدولة حيث أعدم ونفى الالاف من المعارضين لفكره وسياسته.
*نحن الشيوعيين العراقيين أين نحن من هذه القضية؟
- عندما كتبت عدة مقالات طارحا فيها النقد والتحليل لعمل قيادة الحزب والسكرتير مع إعطاء بعض الحلول لهذه القضايا لأجل رسم مستقبل أفضل للحزب بعد هذا التراجع في دوره السياسي بالعراق لامني البعض بل حتى زعلوا وأعتبروا ذلك خروجا عن الثوابت الحزبية وكأنني تجاوزت عن مقدسات معينة لا يجب خوض النقاش حولها وإن كان لابد من النقاش فيجب أن يكون بغرف خاصة ومجموعات صغيرة (داخل الهيئات الحزبية).
- نحن الشيوعيين نحلل وننتقد كل الظواهر حولنا حتى مقدسات البعض (القران، الانجيل .... الخ) والرموز الدينية والسياسية ونعطي رأينا بما هو صائب أو خاطئ وبشكل علني. لماذا لا يحق لنا ممارسة نفس الموقف حول حزبنا؟
- الجواب هو أننا مثل الآخرين تربينا على تقديس أشياء دون وعي وغلبنا مشاعرنا وعواطفنا على عقولنا حتى باتت هذه العواطف هي ما تسيرنا بالعمل وليس الوعي وبالتالي لا نختلف بالتصرف عن الآخرين وما زاد الطين بله هو قيام القادة بتكريس هكذا تصرف والحد من الدعوات التي تنادي بتغليب العقل في المواقف بل حتى أحيانا محاسبة من يطالب بهذا الشيء بحجة الإضرار بالحزب وهيبة ومكانة قيادته وكأن هذه الدعوات هي التي ترفع أو تقزم من مكانة هذه القيادة وليست سلسلة أعمالها ومواقفها من الأحداث أو الحديث عن هجمة معادية ومنظمة ضد الحزب. الحياة تسير بوتيرة سريعة جدا وتطرح كل يوم الكثير من المتغيرات وعلينا الاستفادة منها لا الحد من التأثير الإيجابي لهذه المتغيرات وأحدها هو خوض النقاشات العلنية عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة لأنها تصل بشكل سريع جدا لكل العالم وبلحظات بدل الكتابة اليدوية والتي تضيع أغلبها في وسائط نقل هذه الكتابات أضافة إلى حذف ما يراه المسؤول غير مناسبا لتسمعه الجهات الأعلى منه وكذلك وضع الجهات العليا أمام مسؤولياتها من الأحداث ولا تتعكز بعدم ورود أية معلومات حول هذه النقطة او تلك.
* ما هو مقدس لدي هو حبي لبلدي والدفاع عن مصالحه وكذلك حبي للحزب ومصالح الحزب من وجهة نظري دون تقديس فرد وفكرة ما حيث كل الأشياء قابلة للنقاش والتغيير ولأجل أن أبقى أحافظ على هذه الحالة وعلى ذاتي لا أخشى لومة لائم.
* أثناء الهجمة البعثية على الحزب في نهاية سبعينات القرن الماضي وبعد تعرضي للملاحقة ومحاولة الاعتقال قيل لي وللكثيرين مثلي وقعوا على قانون 200 (التخلي عن العمل الحزبي أو الإعدام) واللي بقلبك بقلبك. رفضت هذا العرض لكي لا أخسر ذاتي وأنا فرح جدا بذالك الموقف واليوم أجدني أكثر فرحا عندما أعبر عن ما بداخلي بكل علنية وحرية ومسؤولية دون خشية لأن انتمائي لهذا الفكر هو انتماء للعقل أولا قبل كل شيء أما العواطف فلقد تركتها منذ زمان حين سارت قدماي بدرب المجهول منذ عام 1978 لتجنب الوقوع بأيدي الطغاة ومحاولة رسم حياة سياسية جديدة لي ولغيري الكثيرين ممن لاقوا نفس المصير. وجودي داخل الحزب هو عمل طوعي ولا أقبض عليه ثمن بل أدفع الكثير من وقتي وصحتي ولست بنادم على هذا العطاء الذي سأبقى أواصله ولكني لن أقبل أن أرى تعب وتضحيات المئات والآلاف يذهب سدى لرغبة فرد أو مجموعة صغيرة تتحكم بمصير هذا الكيان الذي يهم البلد وليس أعضاءه فقط.
* المؤتمر العاشر على الأبواب وهذه فرصة كبيرة لكل المخلصين داخل الحزب والمندوبين منهم لتصحيح الكثير من الأخطاء التي سادت العمل سابقا نتيجة لاستحواذ فرد او مجموعة فقط على القرارات المصيرية للحزب. هل ستكون عقولكم يا مندوبين هي الحاضرة عند مناقشة واتخاذ القرارات التي تفيد مستقبل الحزب أم تبقى المقدسات الخاطئة والخشية من خدشها هي ما تسير مواقفكم؟
* الجواب بعد أيام حين ينتهي المؤتمر!!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة