الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- فيديل كاسترو

مازن كم الماز

2016 / 11 / 28
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى "روح" "الرفيق" فيديل كاسترو

كل ما حدث في الاتحاد السوفيتي و بقية الدول الشيوعية , جرى بشكل مختلف تماما عما توقعه القادة – حتى الكبار منهم مثل لينين , ستالين , تروتسكي و بوخارين . توقعوا أن الدولة ستختفي سريعا , و أن الديمقراطية ستصبح أقوى . ما حدث هو العكس تماما . و توقعوا تحسنا سريعا في مستوى الحياة – بينما لم يحدث هناك أي تغير حقيقي في هذا المجال , أما في بلدان أوروبا الشرقية الخاضعة أو التابعة فإن هذا المستوى يتدهور . في أي الأحوال لم يرتفع مستوى الحياة بما يتناسب مع مستوى التصنيع الذي كانت وتيرته أسرع . كان يعتقد أن الفارق بين المدينة و الريف , بين العمل الفكري و اليدوي , سيختفي تدريجيا , بدلا من ذلك تفاقمت هذه الفوارق . توقعات الشيوعيين في مجالات أخرى – بما في ذلك توقعاتهم عن تطور العالم غير الشيوعي – لم تتحقق أيضا . كان أكبر تلك الأوهام هو أن التصنيع و "جمعنة" ( الزراعة ) في الاتحاد السوفيتي و القضاء غلى الملكية الرأسمالية ستؤدي إلى قيام مجتمع لا طبقي . في 1936 عندما صدر الدستور ( السوفيتي ) الجديد , أعلن ستالين أن "الطبقة المستغلة" ( بكسر الغين ) قد تم القضاء عليها و اختفت من الوجود . في الواقع لقد دمرت الطبقة الرأسمالية و الطبقات الأخرى القديمة بالفعل , لكن طبقة جديدة , غير معروفة سابقا في التاريخ , كانت قد نشأت . من المفهوم أن هذه الطبقة , مثل من سبقوها , تعتقد أن تأسيس سلطتها سيؤدي إلى تحقيق السعادة و الحرية لكل البشر . الفرق الوحيد بينها و بين بقية الطبقات هو أنها تتعامل مع تأخر تحقق أوهامها بصورة أكثر فجاجة ( فظاظة ) . من المؤكد أن سلطتها أكثر اكتمالا من سلطة أية طبقة أخرى في التاريخ و أن أوهامها و أفكارها المسبقة الطبقية أكبر بكثير . هذه الطبقة الجديدة , أي البيروقراطية , أو لنكون أكثر دقة : البيروقراطية السياسية , تملك كل مميزات الطبقات السابقة إلى جانب بعض الخصائص الجديدة الخاصة بها . نشوءها له أيضا ما يميزه , رغم أنه في الجوهر يشبه نشوء الطبقات الأخرى . الطبقات الأخرى أيضا حصلت على قوتها , و سلطتها , عن الطريق الثوري , مدمرة كل الأنظمة السياسية , الاجتماعية , و غيرها , التي وقفت في طريقها . لكن تلك الطبقات , دون استثناء تقريبا , أقامت سلطتها بعد أن أخذت الأنماط الاقتصادية الجديدة ( المرتبطة بها ) بالتشكل داخل المجتمع القديم . لكن الوضع مقلوب مع طبقتنا الجديدة في الأنظمة الشيوعية . فهي لم تصل إلى السلطة لتستكمل إقامة نظام اقتصادي جديد ( كانت بداياته قد ظهرت بالفعل ) بل لتؤسس نظامها الخاص , و من خلال ذلك تؤسس سلطتها على المجتمع . في العصور السابقة كان وصول طبقة ما أو جزء من طبقة أو حزب , هو الحدث الأخير في عملية أو صيرورة تبدأ بتشكل تلك الطبقة و تطورها . العكس هو الصحيح في الاتحاد السوفيتي . حيث تشكلت الطبقة الجديدة فقط بعد وصولها إلى السلطة . لكن كان يجب تطوير وعيها قبل قوتها الاقتصادية و الفعلية , لأن تلك الطبقة لم تكن لها أية جذور في حياة الشعب . ترى هذه الطبقة دورها في علاقتها بالعالم من زاوية مثالية . لكن قدراتها العملية لم تضعف أبدا بسبب تلك الرؤية المثالية . على الرغم من أوهامها , لكنها تمثل اتجاها موضوعيا نحو التصنيع . دورها العملي في الممارسة يقوم على هذا الاتجاه ( المضووعي نحو التصنيع ) . الوعد بعالم مثالي يقوي الإيمان داخل صفوفها و يخلق الأوهام بين الجماهير . و في نفس الوقت يحفز على القيام بأعمال هائلة . لأن تلك الطبقة لم تنشأ كجزء من الحياة الاقتصادية و الاجتماعية قبل وصولها إلى السلطة , كان من الممكن خلقها فقط عبر تنظيم من نوع خاص , يتميز بانضباط خاص يقوم على الآراء الفلسفية و الإيديولوجية لأعضائه . دمج مثل هذا الإيمان بالانضباط الحديدي كان ضروريا للتغلب على ضعفها . أصول الطبقة الجديدة تعود إلى هذا الحزب الخاص , من النمط البلشفي . كان لينين محقا عندما قال أن حزبه استثناء في تاريخ المجتمع البشري , رغم أنه لم يتوقع أن ذلك بسبب أنه كان بداية لظهور طبقة جديدة . لنكون أكثر تحديدا , لا يمكن أن نجد أوائل أعضاء هذه الطبقة الجديدة في مجموع الحزب على النموذج البلشفي بل في طبقة الثوريين المحترفين التي شكلت مركز هذا الحزب حتى قبل وصوله إلى السلطة . لم تكن مصادفة أن يؤكد لينين بعد فشل ثورة 1905 أن الثوريين المحترفين فقط – أشخاص مهنتهم أو حرفتهم الوحيدة هي العمل الثوري – يمكنهم أن يبنوا حزبا جديدا على النمط البلشفي . و ليست مصادفة أيضا أنه حتى ستالين , المؤسس المستقبلي لهذه الطبقة الجديدة , كان هو المثال الأبرز لذلك الثوري المحترف . كانت الطبقة الحاكمة الجديدة تتطور تدريجيا من تلك النخبة أو الفئة المحدودة جدا من الثوريين . شكل هؤلاء الثوريين مركزها لفترة طويلة . لاحظ تروتسكي أن الثوريين المحترفين قبل الثورة كانوا هم أساس البيروقراطية الستالينية المستقبلية . ما لم يقله أو يدركه هو أنهم كانوا بداية لطبقة جديدة من الملاك و المستغلين . هذا لا يعني أن الحزب الجديد و الطبقة الجديدة متطابقين . لكن الحزب هو مركز تلك الطبقة و قاعدتها . من الصعب جدا , ربما من المستحيل , أن نحدد حدود الطبقة الجديدة و نعرف أعضاءها . قد يمكن القول أن الطبقة الجديدة تتألف من أولئك الذين يملكون امتيازات خاصة و مركزا اقتصاديا أفضل بسبب احتكارهم للإدارة . بما أن الإدارة ضرورية في المجتمع فإن وظائف الإدارة الضرورية توجد جنبا إلى جنب مع الوظائف الطفيلية في نفس الشخص . لكن ليس كل عضو في الحزب هو عضو في الطبقة الجديدة , أكثر مما كان أي حرفي أو عضو في الحزب المديني عضوا في البرجوازية .....

يرجع الأصل الاجتماعي للطبقة الجديدة إلى البروليتاريا بنفس الطريقة التي ظهرت فيها الأرستقراطية بين الفلاحين , و البرجوازية من جماعة التجار و الحرفيين . هناك استثناءات , تعتمد في الأساس على الظروف الوطنية , لكن البروليتاريا في البلدان المتأخرة اقتصاديا , كونها متأخرة هي أيضا , تشكل مادة خام تنشأ منها الطبقة الجديدة . هناك أسباب أخرى لتصرف الطبقة الجديدة و كأنها بطلة أو متصدرة ( لنضال ) الطبقة العاملة . فالطبقة الجديدة معادية للراسمالية و تعتمد بالتالي , بشكل منطقي , على الفئة العاملة . لقد استفادت الطبقة الجديدة كثيرا من نضال البروليتاريا و إيمانها التقليدي بمجتمع اشتراكي , شيوعي , خال من أي استغلال . من الضروري للطبقة الجديدة أن تضمن استمرار عملية الإنتاج بشكل طبيعي و إلا ستفقد صلاتها بالبروليتاريا . أكثر من ذلك , لا يمكن للطبقة الجديدة أن تحقق التصنيع و تشدد قبضتها ( سلطتها ) دون مساعدة الطبقة العاملة . من جهة أخرى ترى الطبقة العاملة في توسيع الصناعة خلاصا لها من الفقر و اليأس . مع مرور وقت طويل , فإن مصالح , أفكار , اعتقادات , و آمال الطبقة الجديدة و أجزاء من الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء تتقاطع و تتحد . حدث مثل هذا التلاقي أيضا في الماضي بين طبقات مختلفة بشدة . ألم تمثل البرجوازية الفلاحين في نضالهم ضد ملاك الأرض الإقطاعيين ؟ تقدم الطبقة الجديدة نحو السلطة يأتي كنتيجة لجهود ( نضالات ) البروليتاريا و الفقراء . هذه هي الجماهير التي سيعتمد عليها الحزب أو الطبقة الجديدة و التي ستتلاقى مصالحها معها إلى حد كبير . لكن هذا يبقى صحيحا حتى تستولي الطبقة الجديدة على السلطة . إن الطبقة الجديدة مهتمة بالبروليتاريا و الفقراء فقط إلى الدرجة الضرورية لتطوير الإنتاج و الاستمرار بإخضاع أكثر القوى الاجتماعية تمردا و عدوانية ( تجاهها ) . الاحتكار أو السلطة المطلقة التي تقيمها تلك الطبقة الجديدة باسم الطبقة العاملة فوق المجتمع , هي بالضرورة , احتكار أو سلطة مطلقة فوق الطبقة العاملة نفسها . تكون هذه السلطة المطلقة فكرية في البداية , فوق ما يسمى بالبروليتاريا الطليعية , ثم على كامل البروليتاريا . هذه هي أكبر عملية خداع يجب على هذه الطبقة أن تقوم بها , لكنها تكشف أن قوة و مصالح هذه الطبقة الجديدة تكمن في الصناعة . من دون الصناعة لا يمكن للطبقة الجديدة أن تعزز من قبضتها و من سلطتها . أبناء الطبقة العاملة السابقون يشكلون أكثر أعضاء الطبقة الجديدة حزما و شدة . كان قدر العبيد دائما أن يقدموا لسادتهم أذكى و أكثر ممثليهم موهبة . في هذه الحالة تولد الطبقة المستغلة ( بكسر الغين ) و الحاكمة الجديدة من الطبقة المستغلة ( بفتح الغين ) نفسها ...

طغيان على العقل
... المادية الشيوعية هي ربما الأكثر محدودية ( حصرية , شمولية ) من أية رؤية أخرى للعالم . إنها تدفع أنصارها إلى نحو موقف لا يمكنهم فيه أن يؤمنوا بأي شيء آخر . إذا لم تكن هذه الفكرة مرتبطة بأشكال حكم و ملكية خاصة , فإن الأساليب الهمجية للاضطهاد و التدمير لم يكن من الممكن تفسيرها بهذه الفكرة فقط . كل إيديولوجيا , كل فكرة , تحاول أن تقدم نفسها على أنها الوحيدة الصحيحة و الوحيدة الكاملة . هذا شيء متأصل في التفكير البشري . إنها ليست الفكرة نفسها بل الطريقة التي طبقت بها هو ما ميز ماركس و أنجلز . لقد أنكرا وجود أية قيمة علمية و تقدمية اشتراكية في أفكار معاصريهم , ليجمعوا تلك الأفكار تحت ما سموه "بالعلم البرجوازي" , و محرمين بالتالي أي نقاش جدي و أية دراسة ( لأفكار الآخرين ) سلفا . هذه الفكرة كانت ما تزال محدودة و عامة عند ماركس و أنجلز , الفكرة التي ستستمد منها الشيوعية فيما بعد عدم تقبلها الإيديولوجي للآخر و ضيقها به , فكرة عدم وجود فصل بين الآراء السياسية لأي عالم أو مفكر أو فنان و بين قيمته الحقيقية أو العلمية كمفكر أو فنان . إذا كان أحدهم في معسكر الخصم السياسي فيجب رفض أو عدم الاكتراث بأي من أعماله حتى ذا الصفة الموضوعية . يمكن تفسير موقف ماركس و أنجلز هذا جزئيا على أنه كان نتيجة المعارضة القاسية من الملاك الذين أقلقهم "شبح الشيوعية" منذ ظهوره . حصرية ماركس و أنجلز ولدت و نمت من شيء آخر وجدت في أساس ما تعلموه : مقتنعين أنهما قد سبرا أغوار كل فلسفة , اعتقدا أنه من المستحيل على أي كان أن يقول شيئا مهما إلا إذا انطلق من رؤيتهما للعالم كأساس لكلامه . من الجو العلمي لعصرهما و من حاجات الحركة الاشتراكية , اعتقد ماركس و أنجلز أن كل شيء غير مهم لهما , "للحركة" , ليس مهما على الإطلاق , حتى إذا كان موضوعيا مستقل عن "الحركة" . و هكذا تقدما دون أن يطلعا على أهم مفكري عصرهم , و هم يزدرون كل أفكار خصومهم ضمن "الحركة" نفسها . لا يرد أي ذكر في كتابات ماركس و أنجلز مثلا لفيلسوف بارز مثل شوبنهاور أو عالم جماليات مثل تاين . و لا ذكر لأي من الكتاب و الفنانين البارزين في عصرهم . لا يوجد حتى أية إشارة لأولئك الذين ينتمون إلى نفس التيار الإيديولوجي و الاجتماعي التي كان ماركس و أنجلز ينتميان إليه . حسما أمورهما مع معارضيهم في الحركة الاشتراكية بطريقة عنيفة جدا تقوم على رفض الآخر و الإجهاز عليه ( عدم تقبله ) . ربما لم يكن ذلك مهما لسوسيولوجيا برودون لكنه كان شديد الأهمية لتطور الاشتراكية و النضال الاشتراكي , خاصة في فرنسا . يمكن أن نقول نفس الشيء أيضا عن باكونين . في سحقه لأفكار برودون , ذهب ماركس في بؤس الفلسفة بكل ازدراء أبعد من دوره ( مكانته ) الحقيقي . فعل هو و أنجلز نفس الشيء مع الاشتراكي الألماني لاسال , و مع بقية معارضيهم داخل حركتهم بالذات . من جهة أخرى لاحظا بحرص الظواهر الفكرية المهمة في عصرهما . فقبلا داروين مثلا . و التقطا خاصة التيارات القديمة و تيارات عصر النهضة التي تطورت منها الثقافة الأوروبية . في علم الاجتماع استعارا من الاقتصاد السياسي الانكليزي ( سميث و ريكاردو ) , و في الفلسفة من الفلسفة الألمانية الكلاسيكية , و في النظرية الاجتماعية من الاشتراكية الفرنسية أو التيارات التي ظهرت بعد الثورة الفرنسية . كانت هناك اتجاهات علمية و فكرية و اجتماعية هائلة خلقت ذلك الجو الديمقراطي و التقدمي في أوروبا و بقية العالم ( الذي عاشا فيه ) . هناك منطق و استمرارية في تطور الشيوعية . كان ماركس أكثر علمية و موضوعية من لينين , الذي كان قبل أي شيء , ثوريا كبيرا , نشأ تحت ظروف الحكم المطلق القيصري , و الرأسمالية الروسية نصف الاستعمارية و النزاعات العالمية بين القوى المتنافسة على مناطق النفوذ . بالاستناد إلى ماركس قال لينين أن المادية كانت , كقاعدة , تقدمية طوال التاريخ , و أن المثالية كانت رجعية . لكن هذا ليس أحادي النظرة و غير صحيح فقط , بل أدى أيضا إلى تقوية حصرية ( شمولية ) ماركس . نشأ هذا الموقف أيضا من عدم كفاية معرفة ( لينين ) بالفلسفة التاريخية . في 1909 عندما كان لينين يكتب "المادية و الوضعية التجريبية" , لم يكن على اتصال بأي فيلسوف كبير , كلاسيكي أو حداثي . بسبب الحاجة للانتصار على خصومه الذين أعاقت أفكارهم تطور الحزب , رفض لينين كل شيء لا يتفق مع الأفكار الماركسية . كان كل شيء خاطئ و لا قيمة بالنسبة له إذا لم يتوافق مع الماركسية الأصلية . يجب أن نقر بأن عمله في هذا الصدد هو مثال صريح على الدوغمائية المنطقية و المقنعة . معتقدا أن المادية كانت دائما إيديولوجيا الحركات الاجتماعية الثورية و الهدامة , توصل إلى استنتاج أحادي مفاده أن المادية هي تقدمية عموما ( دائما ) – حتى في مجال البحث و تطوير الفكر الإنساني – أما المثالية فرجعية . خلط لينين بين الشكل و الأسلوب مع المضمون أو المحتوى مع الاكتشافات العلمية . كان يكفي أن يكون أحدهم مثاليا في تفكيره ليرفض لينين قيمته الحقيقية و قيمة اكتشافاته . و وسع لينين رفضه أو عدم تقبله هذا للآخر إلى مجمل تاريخ الفكر البشري . في 1920 لاحظ برتراند راسل , الفيلسوف البريطاني الذي كان قد رحب بقيام ثورة أكتوبر , بدقة , جوهر تلك الدوغمائية اللينينية أو الشيوعية : "لكن هناك جانب آخر من البلشفية أختلف فيه معها بشكل أكثر جوهرية . ليست البلشفية مجرد مبدأ سياسي , إنها أيضا دين , له دوغما ( عقائد جامدة ) و نصوص موحى بها . عندما يريد لينين إثبات فكرة ما , فإنه يفعل ذلك إن أمكن بأن يقتبس من نصوص ماركس و أنجلز . الشيوعي كامل العضوية ليس مجرد شخص يؤمن أننا يجب أن نملك الأرض و رأس المال بصورة مشتركة و أن نوزع ما ننتجه بأكثر الطرق مساواة قدر الإمكان . إنه شخص يؤمن بمجموعة اعتقادات محددة و دوغمائية – مثل المادية الفلسفية , مثلا – التي قد تكون صحيحة , لكنها ليست كذلك بالنسبة للمزاج ( العقل ) العلمي , الذي يشك في إمكانية معرفة كل شيء بيقين قاطع . هذه العادة , أي اليقين الحماسي أو القاطع , في مسائل لا يمكن القطع فيها موضوعيا , هو الشكل الذي كان العالم منذ عصر النهضة يحاول أن يبتعد عنه باتجاه مزاج من الشك البناء و المثمر الذي يمثل ( جوهر ) النظرة العلمية ( للعالم ) . إني أعتقد أن هذه النظرة العلمية شديدة الأهمية للجنس البشري . إذا كان نظام اقتصادي ما أكثر عدالة ممكن فقط من خلال إغلاق عقول البشر أمام النقد و التفكير الحر , و إعادتهم إلى السجن الفكري للعصور الوسطى , فإني أعتبر هذا الثمن باهظ جدا . لكن لا يمكنني أن أنكر أنه على المدى القصير , أن الإيمان الدوغمائي يساعدنا في القتال" . لكن تلك كانت مرحلة لينين . ذهب ستالين أبعد من ذلك , لقد "طور" لينين , لكن من دون ال............

عن المؤلف
ميلوفان ديلاس ( 1911 – 1995 ) كاتب , سياسي , و منظر , عضو سابق في الحزب الشيوعي في يوغسلافيا منذ عام 1932 , زج في السجن بين عامي 1933 و 1936 , انتخب عام 1938 عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوغسلافي و في مكتبه السياسي عام 1940 , ساهم في تأسيس حركة الأنصار اليوغسلافية بعد عام 1941 و كان أحد قادة الانتفاضة في مونتينيغرو ضد الحكم الموالي للفاشيين , ثم عزل من قيادة الأنصار هناك بسبب "أخطائه اليسارية" و عين مسؤولا عن جريدة الحزب الرئيسية , ذهب عام 1944 إلى روسيا كمبعوث عسكري و حزبي و قابل هناك فياتشسلاف مولوتوف و جيورجي ديميتروف و جوزيف ستالين . قاتل مع الأنصار الذين حرروا بلغراد من أيدي النازيين , و أصبح نائبا لتيتو في جمهورية يوغسلافيا الشعبية الفيدرالية , ذهب إلى موسكو عام 1948 ليحاول حل الخلافات التي ظهرت بين القيادتين الروسية و اليوغسلافية , و وقف إلى جانب القطيعة مع ستالين , و كان أحد منظري سياسة التقدم نحو اشتراكية مستقلة تقوم على التسيير الذاتي للعمال , كان يعتبر خليفة تيتو في بداية الخمسينيات و أصبح رئيس الجمعية الفيدرالية اليوغسلافية .. بين أكتوبر 1953 و يناير 1954 كتب عدة مقالات قال فيها أن طبقة جديدة قد تشكلت في يوغسلافيا و أن الكثير من كبار موظفي و ضباط الدولة يتمتعون بامتيازات هائلة و أصبحوا يملكون شققا فخمة في أفضل أحياء بلغراد .. قرر تيتو طرده من اللجنة المركزية للحزب و عزله من كل مناصبه السياسية بسبب نقده هذا , في ديسمبر 1954 أعطى حديثا للنيو يورك تايمز وصف فيه الوضع في يوغسلافيا بالشمولية و أن البلاد تحت حكم قوى غير ديمقراطية و رجعية , و أخذ يدعو إلى تشكيل حزب اشتراكي ديمقراطي جديد و إلى قيام نظام الحزبين , حكم عليه بسبب هذا بالسجن عام و نصف , أعيد اعتقاله في نوفمبر 1956 بعد تصريح إلى وكالة الأنباء الفرنسية ينتقد فيه امتناع يوغسلافيا عن التصويت على إدانة الغزو السوفيتي لهنغاريا و على نشره مقالا دعم فيه الثورة الهنغارية و حكم عليه بالسجن 3 سنوات .. صدر كتابه الطبقة الجديدة : تحليل للنظام الشيوعي قبل أن ينفذ قرار الحكم .. حكم على ديلاس بالسجن لسبع سنوات إضافية عام 1957 عقابا على كتابه , أطلق سراحه بشكل مشروط عام 1961 و هددته الحكومة بإعادته إلى السجن بسبب نشاطه الإعلامي , و سجن مرة أخرى عام 1962 بسبب نشره كتابه محاورات مع ستالين , و حكم عليه بالسجن لخمس سنوات أخرى بسبب الكتاب , أثناء سجنه كتب ديلاس بعض القصص القصيرة و ترجم كتاب جون ميلتون الفردوس الضائع على ورق التواليت , في 1966 أطلق سراحه بعفو و غادر السجن الذي لن يعود إليه مرة أخرى , بقي يعيش في بلغراد حتى وفاته عام 1995 , عارض ديلاس تفكك يوغسلافيا و انزلاقها إلى حروب قومية و أثنية في الثمانينات و التسعينيات لكنه تبنأ بهذا التفكك عام 1981 بعد وفاة تيتو "لقد بني نظامنا على مقاس تيتو لكي يحكمه . الآن و قد ذهب تيتو و أصبح وضعنا الاقتصادي أكثر صعوبة سيكون هناك اتجاه طبيعي نحو مركزة أكبر للسلطة . لكن هذه المركزة لن تنجح لأنها ستكون ضد القاعدة السياسية الإثنية في الجمهوريات . لن تكون قومية كلاسيكية بل أخطر , قومية بيروقراطية تبنى على مصالح اقتصادية ذاتية . هكذا سيبدأ انهيار النظام اليوغسلافي" . و انتقد الرئيس الصربي سولوبودان ميلوسيفيتش و تتبنأ بأن إجراءته السلطوية ستؤدي إلى انفصال بقية الجمهوريات : "سلطوية ميلوسيفيتش في صربيا ستؤدي إلى انفصال الجميع . تذكر أن هيغل قال أن التاريخ يكرر نفسه كمأساة و كملهاة . أعني أنه عندما تتفكك يوغسلافيا هذه المرة فإن العالم الخارجي لن يتدخل كما فعل عام 1914 ... يوغسلافيا هي مختبر للشيوعية ككل . إن تفككها سيبشر بتفكك الاتحاد السوفيتي . إننا نسبق السوفييت" . عن الويكيبديا

نقلا عن
http://www.uciteljneznalica.org/upload/ebook/816_%C4%90ilas,%20Milovan,%20The%20New%20Class%20-%20An%20Analysis%20of%20the%20Communist%20System,%20Thames%20and%20Hudson,%201957.pdf








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الطبقة الجديدة
فاخر فاخر ( 2016 / 11 / 28 - 13:11 )
الطبقة الجديدة في الاتحاد السوفياتي هي طبقة البورجوازية الوضيعة التي انقلبت على الاشتراكية
سممت ستالين في عشاء 28 شباط 1953
وطردت 12 عضواً من المكتب السياسي في 6 آذار 1953
وألغت الخطة الخمسية الخامسة في أيلول 1953
وأملت على خروشتشوف خطاب إدانة لستالين شباط 1956
وبانقلاب عسكري تم طرد 7 أعضاء من المكتب السياسي والإبقاء على 2 فقط في حزيران 1957
وإلغاء دولة دكتاتورية البروليتاريا في 1961

من يتجاهل هذه الوقائع إنما هو شاهد زور مثل مازن كم الماز

اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي