الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مُحاربة الابتزاز الإلكتروني

بان علي

2016 / 11 / 29
حقوق الانسان


رغم أنّ العالم صار ينحدرُ إلى القاعِ بسرعةٍ قياسيةٍ لا مثيل لها، ألا أنَّ ذلك لا يمنعُ من بصيصِ أملٍ قادمٍ من اللا بعيد ليبعثُ النور في محاولةٍ لتغيير المسار نحو أفقٍ أجمل.
منذ أيامٍ معدوة أنطلقت حملةً واسعة النطاق لمحاربة الابتزاز الإلكتروني الّذي بدأ ينتشرُ بشكلٍ كبيرٍ ومفزعٍ في عمومِ العراق والعالم بشكلٍ عام، ولأنني أتحدثُ عن العراقِ خاصةً، ابتدأ الأمر أولًا بصفحةِ "محاربو الابتزاز الإلكتروني" في موقع التواصل الأجتماعي "فيسبوك" و الّتي تتولى الأمر بشكلٍ سري ودقيقٍ للغاية بغيابِ الدعم الأمني الّذي يُفترض أنّ يكون سيدًا للموقف وفقًا للقانون، يعملُ الفريق بشكلٍ دؤوبٍ دون مقابل مادي أو حتى معنوي منذ اليوم الّذي أنطلقت فيهِ الصفحة حتى هذا الوقت، يقول السيد س.م مدير الصفحة: أنَّ السبب الأول لأنتشارِ حالات الابتزاز الإلكتروني هو غياب الوعي الإلكتورني للضحية والّتي غالبًا ما تكون أنثى. ولأن العراق من الدول الّتي تتميزُ بغلبةِ الطابع القبلي على المجتمع، تعتبر قضية نشر الصور قضية شرف مُخلة بالآداب، ذلك لأن أغلب الصور أو المحادثات الّتي يقوم "الهاكرز" أو ممن لهم صلّة قريبة بالضحية بنشرها أو التهديدِ بها ذات طابع عائلي ويمكن أن تتعرض الضحية للقتل بمجردِ نشرِ صورها الخاصة على أحدى مواقع السوشيال ميديا، لذا من السهلِ جدًا أبتزاز الفتاة في مثل هذا الوضع. من جهةٍ أخرى يُعتبر أنتهاك خصوصية الفرد جريمة يُحاسب عليها القانون تحت أي مسمى، لأنها حقٌ من حقوق الإنسان وعنصر في العديدِ من التقاليدِ القانونية الّتي يمكن أن تحظر على الحكومة والقطاع الخاص اتخاذ إجراءات يمكن أن تُهدد خصوصية الأفراد، إذ ينص البند الثاني عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: "لا يجوز تعريض أي شخص للتدخل التعسفي في خصوصياتهِ أو في شؤونهِ الأسرية أو المنزلية أو في مراسلاتهِ، ولا حتى إثارة حملات تستهدفُ شرفهِ وسمعتهِ. ويمتلك كل إنسان الحق في الحصولِ على حمايةِ القانون ضّد مثل هذا التدخل أو تلك الهجمات" أما على صعيد العراق فلقد أعتبر القانون العراقي الحفاظ على خصوصيةِ الأفرادِ من الحقوقِ الأساسيةِ الّتي يسعى القانون لحمايتها وقد حرص المُشرع العراقي على حمايةِ الحياة الخاصة إذ نص الدستور العراقي على حرمةِ الحياةِ الخاصة وأعتبر الأعتداء على حرمتها من الجرائم الماسة بحرية الإنسان، وحرمته جريمة يُعاقب عليها قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المُعدل حيث نصت المادة 438 منهُ على: ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنه وبغرامة لا تزيد على مائة دينار في أحدى هاتين الحالتين:
- من نشر بإحدى طرق العلانية أخبارًا أو صورًا أو تعليقات تتصل بأسرار الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد و لو كانت صحيحة إذا كان من شأن نشرها الأساءة إليهم.
- من أطلع من غير الّذين ذكروا في المادة 328 على رسالةٍ أو برقيةٍ أو مكالمةٍ تلفونيةٍ فأفشاها لغير من وجهت إليه إذا كان من شأن ذلك ألحاق الضرر بأحد).
هذا يعني أنّ القانون العراقي لم يهمل هذا الجانب من حيث التشريع، لكننا وغالبًا ما نقعُ بفخِ التنفيذِ فالحقيقة أنّ هذهِ القوانين ليست كافية بالشكلِ الّذي يحدّ من أنتشار ظاهرة الابتزاز الإلكتروني طالما أنّ الجهات المعنية ترفضُ وبشكلٍ صريحٍ مساندة أي منظمة أو مشروع تطوعيّ يُسهل مهمة القبض على المُبتزين ويضمن عدم تعرض الضحية للخطر كوننا في مجتمعٍ يأبى دخول المرأة لمراكز الشرطة لتقديم بلاغٍ رسمي ضدّ المبتز ولستُ أبالغ إن قلت، حالات الشكوى الّتي تُرفع للمحاكم المحلية من قبل الضحية أو ذويها لا تتجاوز أصابع اليد في حالٍ كانت فيه الضحية أنثى.
المفزع في الأمر أن الفريق يقوم بتلقي أعدادًا هائلة من الضحايا يوميًا، ففي غضونِ عشرين يومًا تلقى الفريق ما يقاربُ المئتين ضحية، وحدث في أحد الأيام أن تصل إلى 1003 حالة تم العمل على معالجة 80% منها بسريّةٍ تامّة.
يشير السيد س.م. إلى أنّ أهم مشاكل الابتزاز الّتي تتعرضُّ لها الفتيات تكون عن طريق الروحانيين والدجالين الّذين يمارسون شعوذتهم بلا رقيبٍ وحسيب، إذ يؤكد فريق محاربة الابتزاز عن وصول أكثر من حالة لفتيات طُلب منهن تصوير أجزاء من أجسادهن ليعمل السحر والشعوذة مفعولهُ وبعد أرسال الصور تبدأ عمليات الابتزاز لغرض المال أو الجنس، بالأضافة إلى صفحات تدعي أنها خاصة للتعيينات تقوم بإيهام الفتاة عن طريق أساليب شيطانية لأقناعها والإيقاع بها في شركِ الابتزاز، من جانبٍ أخر يؤكد مدير المشروع على أنّ ضحايا الأبتزاز يجب أحتوائهم والتعامل معهم كونهم أناس مثلنا بالضبط وعلينا مساعدتهم للحد من الضغط النفسي الّذي يتعرضون له، فاللوم ليس حلاً ولا وقت للتأنيب، علينا الوقوف جنبًا لجنب لمساعدة الضحايا، لأن أغلب الحالات الواردة لدينا لا تتطلبُ تدخلًا تقنيًا بقدرِ تقديم الأرشاد والنصح لكيفية التعامل مع المُبتز بُغية الوصول إلى نتيجة.
ثمانية شباب وقفوا وقفة نخلةٍ عراقيةٍ شامخة لا تهابُ جموح الرياح، تعاونوا، جدّوا، فأنجزوا، و أستطاعوا شنّ حملة لا سابق لها على كلّ ذميمٍ يحاول أنتهاك خصوصية الأفراد وابتزازهم بطريقةٍ دنيئة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: لاجئون سودانيون يتدافعون للحصول على حصص غذائية في تشاد


.. تقرير أميركي.. تدهور أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة




.. واشنطن تدين انتهاكات حماس لحقوق الإنسان وتبحث اتهامات ضد إسر


.. الأمم المتحدة: الأونروا تتبع نهجا حياديا وإسرائيل لم تقدم أد




.. تقرير المراجعة المستقلة بشأن الأونروا: إسرائيل لم تقدم أدلة