الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتهى زمن القادة العظام

وليد يوسف عطو

2016 / 12 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



لكي يحترم الاخرون مقدساتي , علي ان احترم مقدسات الاخرين .هذه هي القاعدة الذهبية في التعامل بين الناس .

يقول الباحث حامد عبد الصمد في كتابه (سقوط العالم الاسلامي )انه في العصر الذهبي للحضارة الاسلامية بين القرن الثامن والقرن الحادي عشر لم يلتفت المسلمون الى نقد وذم غير المسلمين , بل ان الخليفة العباسي كان ينظم في بلاطه مسابقات للهجاء , ينتقد فيها الشعراء ديانات بعضهم دون الخوف من الموت او النفي .وانتشرت في تلك الفترة الحانات والاشعار المثيرة جنسيا واشعار الزندقة دون ان يخشى الناس على دينهم . اما اليوم فقد المسلمون تلك الثقة بالنفس وصاروا ينظرون بعين الحذر والريبة الى ماهو غير اسلامي.

من المعروف ان اهل السنة يطلقون كثيرا من الشائعات على الشيعة والعلويين ,ويطلق المسلمون الكثير من الشائعات حول اصحاب الديانات الاخرى من المسيحين واليهود والصابئة المندائيين وغيرهم .تعودنا في مجتمعاتنا ان نحمل الاخرين مسؤولية اخطائنا وخطايانا ويجري الحديث عن نظريات المؤامرة التي تتعرض لها شعوبنا .

المثقف الكلاسيكي الايديولوجي لايريد ان يغادر موقعه وان يعترف باخطائه ,فهو يحول القادة التاريخيين الى الهة لايمكن نقدهم بتاتا ويحول الفكر القومي والماركسية الى ايديولوجيا , ويحول الايديولوجيا الى دين جديد لايمكن نقده .

ان النظر الى حركة الضباط الاحرار في مصر في يوليو – تموز 1952 وحركة الضباط الاحرار في العراق في تموز – يوليو 1958 لايمكن النظر اليها الا وفق سياقها التاريخي .

لم يكن فيدل كاسترو قديسا ولا شيطانا ,بل كان ثائرا وانسانا وكان ابن ظروفه وعصره حاله كحال رفيقه جيفارا الذي كان مؤمنا بتصدير الثورة .لذا قام بحرب العصابات في مجتمعات الفلاحين في اميركا الجنوبية بينما كان من المفروض ان يعلن الثورة في المدن والمصانع والمناجم وفي الجامعات والمدارس , استورد الشيوعيون العراقيون بحسن النية هذه التجربة وطبقوها على اهوار العراق وفشلوا بها لان العمل المسلح لم يقم به ابن الاهوار نفسه.

فيدل كاسترو ابن عصره ومجتمعه ولا يمكننا استنساخ تجربته . ظهر كاسترو في زمن القادة العظام وزمن الكاريزما للقائد الفذ , اما اليوم فمن يقوم بالتغيير هي المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني وشاشة الحاسوب وتداول المعلومة عن طريق الكومبيوتر والموبايل الذكي وعن طريق الشبيبة الصاعدة .

في كتابه (من محمد الايمان الى محمد التاريخ )يشير المفكر والباحث التونسي العفيف الاخضر الى الذهنية العتيقة , ذهنية التقديس الساذج لنبي الاسلام والسائدة الى اليوم , والتي لم تعد مقبولة .

يكتب العفيف الاخضر( رحلة البحث عن محمد التاريخ تهدف الى العثور , وراء محمد الافتراضي , كما تقدمه السيرة , على محمدالحقيقي بمقاييس علوم الاديان المعاصرة ).

لذلك اقول لاصدقائي الشيوعيين بمختلف مشاربهم عليكم الانتقال من تحويل الماركسية الى دين بالعودة الى مفهوم الديالكتيك ونقد العقيدة الماركسية والبحث عن الشخصيات التاريخية لدى جيفارا وكاسترو .
الاستنارة والديالكتيك لايبقى لهما من معنى في ظل اسطرة الماركسية ورموزها وفرض الوصاية عليها , وهذا احد الاسباب في فشل اليسار الماركسي في مجتمعاتنا .

ختاما اقول : وداعا للقائد الثوري فيدل كاسترو !

اتقدم في هذا اليوم الخميس الاول من كانون الاول 2016 باطيب التهاني والتبريكات الى الحزب الشيوعي العراقي بمناسبة انعقاد مؤتمره العاشر في الرابعة عصرا على صالة سينما سمير اميس متمنيا النجاح للمؤتمر نحو تجديد الخطاب الفكري!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التركيز مهم وعدم القفز بين المواضيع يعكس النضج
رياض ناجي ( 2016 / 12 / 1 - 14:34 )
نقد
لا يمكن الحكم المطلق في انتهاء زمن القادة العظام وإلا ستكون منظر جديد في طرح ايديولوجي يلغي الاخر و آرائه, ان البعض يصاب بالعمى لسبب تعصبه لآرائه, فيرى القشة في عين الشيوعي جيفارا ولا يرى الخشبة فى عينه.

لا اعرفك ككاتب على صعيد العراق و لا على صعيد العالم, لارى انك تنصح الشيوعيين و تنتقد جيفارا و الثورات العربية من ثورة مصر ام العراق, ولتقدم انت للعظام نصائح.

تطالب بعدم تحويل الماركسية الى دين, لكن اجد الوصايا التي تقدمها هي الاخرى جامدة بلا حياة و اتعس من الدين, فإذ للثورة انصار و أبطال و شهداء, فما تدعو اليه خالي من التطبيق و ليس له انصار و لا ممكن حتى تطبيقه, لكن من السهل ليس نقده فحسب بل سحقه و تفنيده لان ما تطرحه ليس فيه شئ من العظمة و لا يحمل على التغيير و الثورة بل جل ما اجد, هو قفزٌ في عالم الافكار و في حالة من عدم الايمان و بشئ كبير من التذبذب والريبة و الخوف من الثورة والقادة العظام و الافكار الكبيرة.

يا رجل انتجبت فرنسا رجال عظام ولا زالت تنجب فمن روبسبير إلى سارت رحلة جبارة والمانيا قدمت الفلاسفة و لا زالت تقد الرجال العظام.لكن ديدنك ودينك هو انك لا تريد رؤية ذلك .


2 - القائد واقتباسات
متابع العراقي ( 2016 / 12 / 1 - 15:49 )
الأستاذ وليد، أتفق معك في القول إن زمن القادة العظام قد ولّى. لكن لا أعتقد أن لذلك علاقة للشروط المجتمعية فقط بالعالم الذي نعيش فيه، بل أن هناك رفضا لفكرة القائد العظيم. ومع ذلك فمَن يدري ربما يظهر قائد عظيم في العراق مثلا يتوفر على مجموعة من الخصال الشخصية والإيديلوجية التي تجعل التفافا للناس حوله وتأييده ممكنا. لا نتحدث عن قائد بحجم كاسترو ولا حتى بجبروت صدام، لكن لنقل بحجم السيسي مثلا. هذه مسألة، أما المسألة الأخرى فأستغرب كثيرا منك الاقتباس من حامد عبد الصمد. فلا هو مفكر ولا ناقد للإسلام، بل إنه مجرد شخص يسعى للشهرة، ولو على حساب أي شيء. ما يُحسب له هو فقط شجاعته في تبني المواقف. أقول هذا كي لا أغمطه حقه في تبني مواقف جدالية، رغم قناعتي بأنه اتخذها لأجل الشهرة فقط.


3 - الاخ متابع عراقي
وليد يوسف عطو ( 2016 / 12 / 1 - 16:27 )
شكرا على حضورك وتعليقك على مقالتي ..

الاهتلاف في الراي لايفسد للود قضية..

الزمن اليوم ليس للقادة العظام بل لنظام المؤسسات والمجتمع ىالمدني وللصورة وللبث الالكتروني.


4 - الأستاذ وليد عطو المحترم
عابر سبيل ( 2016 / 12 / 2 - 09:02 )
القيادة موهبة وضرورة لا بد منها لبناء مجتمع ناجح وفعال . البشر جزء من المملكة الحيوانية والحيوانات التي تعيش بشكل قطعان تتحتاج إلى قائد حتما. كذلك المجتمعات البشرية لا بد لها من قادة .
الوضع الجاري الذي حدث بعد ثورة تكنولوجيا المعلومات لا يلغي دور القائد ولكنه لن يسمح له بالمجازفة والاستبداد بالرأي واحتكار السلطة طوال العمر.
لن يتمكن القادة بعد اليوم من اختطاف الشعوب بالسيطرة على الأجهزة الأمنية والتحكم بوسائل الدعاية والاعلام وسيحرمون من الكذب والتحايل.
ومع ذلك القائد الذي يملك الموهبة والكارزما القوية قطعا سيكون له تأثير كبير في حياة المجتمع . في كل الأحوال القائد القوي ضروري ومهم بوجود المؤسسات أو بانعدام وجودها.
تحياتي


5 - السيد عابر سبيل
وليد يوسف عطو ( 2016 / 12 / 2 - 12:03 )
شكرا على حضوركم وتعليقكم على مقالتي.

دمتم بالف خير ..


6 - الحزب يعوض وجود القائد العظيم
حميد فكري ( 2016 / 12 / 3 - 21:29 )
تحية للسيد وليد عطو. مع وجود الحزب الشيوعي ،لم يعد ضروريا انتظار قائد عظيم ،فالحزب كمؤسسة ،يعوض وجود هذا القائد. لانه بالذات يمثل العقل الجماعي المفكر. لكن هذا الامر ،لا يعني ،انتهاء زمن القادة العظام ،فالتاريخ يصنع المواهب الافذاذ،كما يصنع هؤلاء بدورهم التاريخ نفسه ،بما هم جزء من الناس .


7 - الاستاذ حميد فكري المحترم
وليد يوسف عطو ( 2016 / 12 / 4 - 12:13 )
شكرا على حضوركم وتعليقكم على مقالتي ..

اخر الافلام

.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار


.. المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: ل




.. هجوم إسرائيل على إيران امتداد لـ-دبلوماسية المُسيَّرات والصو


.. صحفي إسرائيلي: لا يجب أن ننسى غزة ونركز على الانتقام من إيرا




.. تقارير استخبارية تتحدث عن فرضية مشاركة مقاتلات إسرائيلية بقص