الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كوبا بعد فيديل كاسترو

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2016 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


كوبا بعد فيديل كاسترو
د. جاسم الصفار
في الخامس والعشرين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني فارقت الحياة احدى اهم الشخصيات السياسية التي عرفها القرن العشرين. انه الثائر العنيد والخطيب المفوه والقائد الحازم فيديل كاسترو، الذي قاد كوبا في اصعب الظروف التي واجهتها، من حصار قاس ضربته عليها امريكا الى انهيار اقوى واقرب حليف لها، الاتحاد السوفيتي، عقائديا واقتصاديا. وتمكن في وضع عالمي معقد من انتزاع اعتراف صريح من عدوته اللدودة، الولايات المتحدة الامريكية، بعدم جدوى الحصار الذي ضربته لعقود على بلاده.
رحل فيديل كاسترو، تاركا وراءه بلاد ينعم نظامها باستقرار نسبي، مع مشاكل اقتصادية واجتماعية مستعصية وتنمية متعثرة. وكان لوجوده دورا كبيرا في استقرار النظام السياسي رغم اعتزاله في اواسط العقد الاول من القرن الواحد والعشرين، العمل السياسي وتنازله عن منصبه لصالح اخيه راؤول كاسترو، فهو القائد الرمز للثورة، وبالتالي، فهو المظلة التي كان يستظل بها النظام ويستمد منها راؤول قوته.
من هنا يكتسب السؤال عن مستقبل كوبا بعد فيديل أهميته. وأنا في هذه المقالة سأحاول عرض خيارات او احتمالات المستقبل القريب بعد رحيل الاب الروحي للنظام، فيديل كاسترو. وقد لا تتجاوز تخمينات المقالة الفترة الزمنية حتى نهاية العقد الثاني من القرن الحالي. أي أنها تتناول المرحلة الحالية بكل تشابكاتها، على انها مرحلة انتقالية بين الماضي الثوري الكاستروي وما بعده.
الاحتمال الاول، هو استمرار حالة الاستقرار النسبي للنظام على حالها لفترة طويلة الى حد ما، خاصة وان هذا الاستقرار كان قد تعزز منذ اعتزال فيديل السلطة وتولي راؤول كاسترو لها، أي منذ 2006 وحتى رحيل فيديل كاسترو. ويرجح هذا الاحتمال الكثير من المتابعين والمحللين للسياسة الكوبية.
الاحتمال الثاني هو أن غياب القائد الرمز سيؤدي الى زعزعة وانحسار تأثير راؤول على النخبة الحاكمة في كوبا، والى ظهور منافسين لراؤول كاسترو على قيادة البلاد. فالنخبة السياسية في كوبا موحدة من حيث الظاهر، حسب ما يراه عدد من المحللين، أما في الواقع فان هنالك طموح وكاريزما كافية عند البعض ليدفعه الى المقدمة كمنافسين اقوياء لراؤول كاسترو في ادارة دفة الحكم. ومن هؤلاء، الشخصية القيادية الشابة البارزة ميكيل دياسكانيل المعروف بآرائه الخاصة بشأن تخفيف القيود عن الاعلام والانترنيت، وتجدر الاشارة الى ان راؤول كاسترو البالغ من العمر 85 عاما، كان قد وعد باعتزاله السياسي بعد انتهاء الفترة القانونية لبقائه في اعلى هرم السلطة الكوبية والتي ستنتهي في العام 2018.
الاحتمال الثالث، هو في ان تعيد المعارضة الكوبية حساباتها وترص صفوفها لتجرب ثورة ملونة او ربيع كوبي مدعوم من الغرب لزعزعة الاستقرار السياسي في كوبا، مستغلة غياب الشخصية الملهمة للجماهير والسلطة الثورية في كوبا. على ان احتمال تحقيق المعارضة لتغيير جذري في النظام بأساليبها التقليدية، يبقى ضعيفا، حسب المتابعين للوضع في الجزيرة. الا انها قد تحث السلطة على اتخاذ تدابير احترازية تتقلص فيها مساحة الحريات على ضيقها، وهذا ما حذرت منه واحدة من منظمات حقوق الانسان في الجزيرة "ألنساء ذوات القمصان البيض".
ويبقى الاحتمال الراجح برأيي، كما هو برأي العديد من المحللين السياسيين المهتمين بالوضع في كوبا، هو الاحتمال الاول. فراؤول كاسترو كان قد أثبت طيلة فترة ادارته لشؤون البلاد، بعد اعتزال شقيقه فيديل كاسترو، أنه يملك مرونة كافية وبراغماتية ملموسة، تجعله ليس فقد قادرا على صيانة استقرار الوضع السياسي في كوبا بعد رحيل فيديل، لا بل وان رحيل فيديل سيمنحه فرصة اكبر لإجراءات قد كان مترددا عن اتخاذها بوجود فيديل كاسترو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت