الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كرسي فاطمة المرنيسي و الحضوراالإنساني المتكامل .

عائشة التاج

2016 / 12 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كرسي فاطمة المرنيسي
و الحضوراالإنساني المتكامل .


خلدت الذكرى الأولى لوفاة الفقيدة فاطمة المرنيسي أيام من نونبر 30 إلى 2 دجنبر 2016 بإنشاء كرسي يحمل اسمها ويجمع محبيها وأصدقاءها وصديقاتها للاستمرار في ضخ نور الإشعاع والأبداع المنسجمين مع اختياراتها الفكرية والوجودية ,
وتناول بالنقاش مجموع القضايا التي باشرتها وتبنتها الفقيدة والعديد من الشهادات الحية التي تشي بتفاعلها الحي مع مجموعة من الكتاب والباحثين والفاعلين في حقول البحث والإبداع والفعل المدني .

السسيولوجيا الحداثيىة في خدمة المرأة والشباب والمهمشين :

فاطمة المرنيسي زاوجت ما بين البحث الرصين والفعل المؤثر في الواقع الملموس من خلال احتضانها للكثير من الفعاليات المدنية نسائيا أو تنمويا أو فنيا .

لقد شقت فاطمة المرنيسي طريقها كسسيولوجية تبنت الفكر الحداثي وسعت لتأسيسه أكاديميا ,واجتماعيا ,وإنسانيا ,
فساءلت من خلاله وضع النساء العربيات والمسلمات ولم تجد بدا من الغوص في التراث الفكري الإسلامي بعدتها الفكرية والمنهجية بهدف إزالة الستار والغبار عن جذور تلك الأغلال المؤسسة لنكوصية الوضع النسوي بشكل خاص والوضع السسيوثقافي بشكل عام ,,,,باحثة في نفس الوقت عن تلك الواحات المونعة في صحراء العرب القاحلة خصبا وعدالة وإبداعا ,.
ومن ثمت أخرجت للوجود عشرات النساء المميزات اللواتي أخفاهن التأريخ الذكوري الذي أصر على ألا يسمع إلا صوت المهيمن ذكرا و سلطانا , راميا بما تبقى من الفاعلين والفاعلات في بحور النسيان والمواراة ،
فالتاريخ كان دوما لسان المالك بزمام السلطة والنفوذ ,
كما أخرجت للواقع عددا من الفاعلين والفاعلات في الحقل المدني مطالبة وبناء للهيئات المؤسسة للتغيير الحداثي البناء ,

فاطمة الريادة والإقدام وحياكة البدائل :

كانت رائدة في جرأتها وشجاعتها ، في نوعية الأدوات المنهجية التي تبنتها وهي تفكك تلك الثوابت الجامدة لعلنا نجد رأس الخيط من سلسلة الأغلال اللامتناهية ,,,,
ومن ثمت أنطقت العديد من الألسن التي كان التضليل أو الخوف يخرسها ، واستفزت ديناميكيات البحث والتفكير و الإبداع الفني والسينمائي لتسليط الضوء على واقع النساء وخصوصا للنهوض بأوضاعهن ,
كما أنطلقت ديناميات العمل النسائي من خلال تشجيع تأسيس حركة نسائية حداثية تحتضن مطالب النساء و تطلعاتهن ,
فطالبات فاطمة المرنيسي والمتأثرات بكتاباتها ،هن من عملن على تأسيس الأندية أو اللجان النسوية ضمن الجمعيات الثقافية والحقوقية الفاعلة في الحقل
المدني وهن من أطلقن جريدة 8مارس النسائية وبرزت إثرها العديد من الصفحات النسائية في الجرائد الكبرى مطلع الثمانينات التي تتبنى التعريف والتحسيس بالقضية النسائية ,
منهن من تتصدر المشهد في الحركة النسائية ومنهن من اختارت الاشتغال بصمت وإصرار في الصفوف الثانوية ، علما أن ألذ الفواكه وأشهاها ما قد تنمو تحت الظلال الوارفة لأشجار المعرفة والفعل المجتمعي الهاديء والرصين خارج كل المقايضات النفعية ,.

ولعها بالفئات المهمشة :
فاطمة المرنيسي ،المنحذرة أصلا من أسرة بورجوازية ترفل في نعيم البذخ المالي والاجتماعي ،مما أسند العديد من نجاحاتها ، كانت مهووسة باكتشاف
تلك النجاحات القليلة والنادرة التي قد تفرزها أحزمة الفقر والتهميش في بلد
تتشكل أغلبية ساكنته من الفقراء والمقصيين , الذين يناورون بما استطاعوا للعيش الكريم ,,,ولأثبات الذات الفردية أو الجماعية أمام جبروت المتسلطين بأنواعهم .
وما أثار فضول فاطمة التي لم تختبر الفقر أو الحاجة أو الحكرة يوما هو تلك الفئات التي تمكنت بفضل مهاراتها الخاصة والمميزة من تلمس بعض مجالات الإبداع ،فحرصت على انتشال البعض منهم نحو فضاءات الضوء
وجعلت رهن إشارتهم شبكتها العلائقية موفرة لهم سبل الظهور وتخطي سلسلة الحواجز التي تحول عادة دون النبوغ الشعبي من القفز نحو الواجهة ,
هكذا كان حال "الركراكية "،الفنانة التشكيلية الشعبية ـ التي التقطتها من أحد الأحياء البسيطة لمدينة الصويرة فتحولت لفنانة مشهورة تعرض داخل المغرب وخارجه وتترصدها التلفزيونات ووسائل الإعلام .
ونفس الأمر بالنسبة للفنان" بنور " المنحذر من مدينة زاكورة المهمشة وآخرين وأخريات ,
ونفس الشيء بالنسبة للعديد من الكتاب والكاتبات الذين فتحت لهم المرنيسي باب النشر الجماعي تحت إشرافها ورعايتها المعنوية واللوجيستيكية ,
فللنجاح طعم آخر بنكهته الجماعية ,


فاطمة العصية على التصنيف :

فاطمة المرنيسي سسيولوجية لم تخضع يوما لضوابط الحقل السسيولوجي الموروثة والباردة برود الثلج ,,,
ومن ثمة جمعت بين رصانة العلماء وحماسة المناضل الذي يجعل من التغيير هدفا لامحيد عنه ،فكسرت الحواجز بين العلوم في كتاباتها الشخصية أو الجماعية ,وحلقت ما بين السسيولوجيا والأدب والفقه و التاريخ كتابة وفكرا وإبداعا ,
ومن ثمت كونت مجموعات للتفكير والكتابة متعددة الاختصاصات والمناهل وألهمت عقلها الأبداعي الجماعي وتلك خاصية سسيولوجية بامتياز .
فالسسيولوجي يؤمن بالجماعة وبالمجتمع وحتى في فردانيته فهو يفكر باسم الآخرين ويجعل من نفسه ناطقا رسميا للفئات الاجتماعية التي تستولي على اهتمامه ,,,
اجتمع السينمائي والتشكيلي والفقيه والاقتصادي والشاعر والتاريخي والمحاسب وعالم النفس والمناضل ,اجتمعت المرأة والرجل والبورجوازي والفقير ـوالمغربي والأجنبي حول فاطمة بكل حب وفي بوتقة انتماء مشترك ,,,,,
أحبها الفقراء والرؤساء والأمراء والملوك ,فحازت على امتنان الأولين وجوائز الآخرين كدليل على نجاحها الإنساني أولا وأخيرا ,
حتى وإن ركزت على المرأة العربية والمسلمة بشكل خاص فالمرنيسي ساءلت قضايا مختلفة كقضية التنمية و الشباب والثقافة والدين والحب و الصناعات التقليدية و الفن التشكيلي ,,,,,
ولعل ما يبرر نجاحها هذا تأليفا وإنتاجا ومحبة من الناس هو أن فاطمة المرنيسي كانت مستعصية على أن تحتجز داخل انتماء محدد أو تصنيف محدد
ففاطمة تجسد انتماءها للإنسان في وحدته العصية على كل تشظية مهما فرقته الهويات الفرعية ,

استعصت على أغراء الاحتواء من طرف السلطة فرفضت تلك المناصب والكراسي التي يسيل لها لعاب الكبار، صغار النفوس الذين يقايضون علمهم أو مبادئهم أو حريتهم مقابل حفنة أموال وامتيازات تأخذ منهم ماهو أنفس واغلى ,,,,
استعصت فاطمة المرنيسي على ان تقوم داخل هوية ضيقة ،واختارت بلاحدود ،هوية كونية فضفاضة اتساع هذا الكون الذي رفرفت فيه بأجنحة حرة ,,,,وبلسان حر وبأحلام لازالت تحمل محبيها على أثير الأمل والخلق والإبداع ,,,,
ولعل فاطمة نجحت ان تكون سفيرة للمغرب وللعرب وللمسلمين إزاء العالم بتنوعاته وبطريقة راقية ومؤثرة وفعالة قد لا يتوفق فيها الرسميون ,,,,




علاقتي بفاطمة :
عرفت "فاطمة المرنيسي "كطالبة في علم الاجتماع ," حيث علمتنا بعربيتها المكسرة مناهج جديدة في البحث السسيولوجي إثر عودتها من الولايات المتحدة حيث ناقشت أطروحتها هناك .
ما أتذكره من فاطمة الأستاذة هو صرامتها في التنقيط وفي الفصل ما بين العلمي والإديولوجي في سياق مارست فيه الإديولوجيا سطوتها على كل المجالات ,
وأنا أدرس بفرنسا ، نبهتني مديرة المعهد الذي كنت أدرس به إلى مرور فاطمة من باريس , ودفعتني لدعوتها لزيارة المعهد. معهد العمل الاجتماعي والأبحاث الاجتماعية , الشعبة الدولية , لم تلب الدعوة ونصحتني عبر الهاتف بتغيير مسار الدراسة بحثا عن آفاق أرحب ,
لم أفعل لأنني كنت مكبلة بعقدة مع الوزارة التي أرسلتني للدراسة ضمن مشروع تأسيس معهد للخدمة الاجتماعية بالمغرب . ولأننا نحن الفقراء لا نختار إلا ضمن الهامش الضيق الذي قد نتوفق في انتزاعه من المالكين بزمام الأمور والذي لاتشكل فيه معايير الكفاءة والاستحقاق إلا مرتبة خافتة ضمن معايير الانتماء الاجتماعي بماله ومجده ونفوذه .
فالواقع يعاندنا على مختلف الواجهات ويمتص جزءا هاما من طاقتنا في مقاومات لاتنتهي ,,,,,,لإثبات جزء من وجود غالبا ما يكون الثمن فيه غاليا ونفيسا ,,,,,,قد لايترك للكثير منا إلا ترف الانتشاء بنجاحات الآخرين الذي قد نقتسم معهم ولو ذرة من أحد الانتماءات المشتركة ,

تلمست بطريقة عصامية درب الكتابة واستعصى علي النشر الورقي إلا من كتاب أوحد ويتيم ,
زرتها ببيتها بتمارة ضمن فعاليات المجتمع المدني وقدمت لها كتابي الأول :المرأة والتنمية " وأنا خجلانة فأخذته مني وقالت لي : ارفعي رأسك ياعائشة
ارفعي رأسك دائما وأبدا فكتابك جيد وصورتك رائعة على ظهر الكتاب وبدأت تكلم الحاضرين :او ليست جميلة هذه الصورة على ظهر الكتاب ,,وكأنها تسوق لكتابي وتحثهم على قراءته ؟؟؟,,,
فعلا : من أولويات فاطمة بعلاقتها بالآخرين : بث أو تدعيم الثقة بالنفس ,وتثمين المجهودات والكفاءات كما يفعل كل الكبار الذين يحرصون على توسيع دائرة النجاح حتى يغدو نجاحا مجتمعيا . فهي تنجح أيضا بهم ومعهم ,
التقيت فاطمة المرنيسي مرتين وهي تتمشى في محيط بيتها بأكدال وكانت تصافحنا بكثير من الود والمحبة ,
سبق أن استدعتني فاطمة المرنيسي لإدماجي في أحدى مجموعات الكتابة والنشر ولكن مكالمتها صادفت سفري لقضاء عيد الأضحى عند العائلة ولم أكن قادرة على الرجوع يوما قبل العيد في سياق يعرف أزمة للمواصلات ,

وحتى وإن لم أكن ضمن دائرتها القريبة جدا فأنا أتبنى الكثير من أفكارها التي كنت أتلقفها بمجرد صدورها على صفحات المجلات أو الجرائد أو الكتب بما فيها الممنوعة وأقرأها بكثير من الاهتمام والانتشاء لأنها ونظيراتها ونظراؤها فتحوا أمامنا مسارت غير مسبوقة في الحفر والاستقصاء التي كنا ندخل دهاليزها بقناديل عقول القرن العشرين ,
كم كانت فرحتنا كبيرة عندما استضافت فاطمة المرنيسي للكلية " الكاتبة المصرية "نوال السعداوي " وجعلتنا نراها أمامنا بعدما قرأنا كتبها كلها ,
وكم كانت فرحتنا كبيرة عندما أدمجتنا مع طلبة "بول باسكون " المهندسين الزراعيين لتفتح أمام بعضنا مسارات البحث القروي الميداني ,,,,,,
فالمجتمعات المركبة لايمكن دراستها وفهمها إلا بعلوم مركبة من اختصاصات متعددة ,
فاطمة المرنيسي أدركت قبل الجميع بأن علم الاجتماع ضروري لازدهار المجتمع في كل المجالات لذلك انفتحت على مختلف العلوم والتخصصات
هذا ما لم تدركه دولة توجست من شغب علماء الاجتماع الذين تصدروا مشهد المطالبين بدمقرطة المجتمع والمساندين بدون قيد أو شرط للفئات المظلومة اقتصاديا أو اجتماعيا فحاربتهم وقلصت مساحة حديقتهم اليانعة وغرست مكان شجرتهم الفتية طحالب تقتات على رصيد ثقافة الموت والمقابر التي تقتل حب الحياة وتزج بالوجدان العام داخل غياهب السلف المسمى صالحا و المتحكم في أدق تفاصيل احياء لايملكون من الحياة إلا رجع
صداها الآتي من مقابر السلف ,
, وهاهي ذي الحرائق مافتئت تشتعل يمنة ويسارا لاتبقي ولاتذر في الجسم المجتمعي فكم يلزمها الآن من ترسانات الإطفاء ؟؟؟؟


فلترقد روحك بسلام ،أنت التي جمعت حولها الناس حية وميتة ,,,,,,فالخالدون يقهرون الموت ببصماتهم الراسخة في صفحات الواقع وفي وجدان الناس محبة وامتنانا وعبر ثنايا التاريخ وبساط الجغرافيا ,
فذبذبات هذا الكون لازالت تتضمن ذبذبات كبار البشرية بأنواعهم ولعل أرواحهم لازالت ترفرف في البرزخ الأعلى وهي تنثر أنوارها العصية على الخفوت , فشكرا لفاطمة المرنيسي ولنظرائها ونظيراتها الذين أثثوا حياتنا بمرورهم الباذخ ,
الرحمة لأستاذتي فاطمة وأستاذنا معا، الرائع محمد جسوس الذي يستحق أيضا تكريما بمستوى عطاءاته التي لا تعد ولا تحصى ,,,,,,,في حقل السياسة وفي الحقل الأكاديمي ,

الرباط ‏03‏/12‏/2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر