الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة متانية في وثيقة الاتحاد الأوربي بخصوص مستقبل سورية

منذر خدام

2016 / 12 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


قراءة متأنية في وثيقة الإتحاد الأوربي بخصوص مستقبل سورية.
منذر خدام
نص الوثيقة
الهدف1:استطلاع فهم عام بين اللاعبين الأساسيين في المنطقة حول ما بعد الصراع، والشكل النهائي للدولة، و العمل المشترك لإعادة إعمار البلاد.
الهدف2: لتحديد درجة الأرضية المشتركة، ومناقشة أفكار بناءة قد تخلق حوافز لجميع الإطراف التي لديها أجندة ايجابية.
الأسئلة العامة الأساسية
- كيفية الحفاظ على وحدة وسلامة وسيادة الدولة السورية
- كيفية ضمان الحفاظ على المؤسسات الحكومية متضمنة القوات المسلحة وقوات الأمن ولكن مع إعادة تشكيلها تحت قيادة مدنية ، تكون منتخبة من الشعب السوري ويعملون تحت إمرتها ويتم مسائلتهم من قبلها,
- كيف يمكن التأكيد على أن جميع الأطراف في البلاد سوف يشعرون بأنهم جزء من العملية السياسية، وأن حقوقهم مصانة، وأنهم مشاركون في الدولة ومحميون من قبلها.
- كيفية تنسيق جهود ناجحة لإعادة الإعمار في سوريا حتى يحدث انتقال سياسي شامل ذو مصداقية وكيفية تقاسم العبء؟
- كيفية تجنب أن تصبح سوريا المستقبلية جنة أو أرضا خصبة للإرهاب
1. الأهداف
مفاوضات سورية وانتقال ضمن إطار قرار مجلس الأمن 2254 الذي يجب أن يخرج بنتيجة تحترم المبادئ التالية:
- وحدة سوريا _وحدتها وتكامل أراضيها التي لا تتجزأ ،بلد لجميع المواطنين السوريين
- حكومة شرعية وقابلة للمساءلة ونظام سياسي تعددي مع احترام دور القانون وحقوق الأفراد مبنية على المساواة في المواطنة
- بلد ذو ثقافات متعددة حيث تشعر جميع الاثنيات والمجموعات الدينية أن هوياتها محمية ولديهم مدخل متساو إلى الحكومة
- دولة مؤثرة ومؤسسات فعالة تركز على امن المواطن والخدمات مع جيش وطني واحد وشرطة وقوات امن قابلة للمسائلة
- نظام سياسي مستقر واقتصاد قوي يؤمن تعليما ملائما وطبابة للسكان وتكون جذابة للاستثمار الخارجي
2. الطريق إلى الأمام
- التحدي في إنشاء نظام سياسي من حيث المجتمعات المتنوعة والمناطق في البلاد تستطيع أن تعيش بسلام مع بعضها في إطار سياسي واحد. هذا سيكون اكبر تحد بعد ترك الخلافات بعد صراع أهلي طويل مع اعتبار أن البناء السياسي السابق سمح ببداية هذا النزاع ومن غير المرجح أن يخلق استقرارا طويل الأمد أو نموا اقتصاديا كافيا
- شكل نهائي للدولة مرض يحتاج أن يتضمن أربعة عناصر : نظام سياسي قابل للمسائلة . اللامركزية أو انتقال السلطة, المصالحة وإعادة الإعمار
2.1 نظام سياسي تعددي وقابل للمسائلة
دستور 1973 وفر للرئيس نفوذ كبير. ولكن نفوذ محدود واجتماعات غير منتظمة لمجلس الشعب في سوريا, نفوذ يستطيع الرئيس حده(البند 114 من الدستور) ،حزب وحيد (البعث) يأخذ غالبية المقاعد في البرلمان , والانتخابات قدمت خيارا ضيقا بين المرشحين والرئيس يقود الحكومة والحزب ولديه سيطرة كاملة على الأمن الوطني
إن دستور عام 2012 الذي صادقت عليه الحكومة قدم انفتاحا معينا وتحديثا للدولة السورية لكن الكثير من المعارضة يريدون العودة إلى دستور 1950 الذي تم تبنيه بعد الاستقلال ويتضمن أحكام حقوق الإنسان ونظام أكثرية برلمانية للحكومة والذي قد يشجع اللاجئين على العودة.
أسئلة:
-كيف يتم بناء نظام سياسي على أساس المسائلة ليتصرف كمتحكم بالسلطة التنفيذية؟
-هل سيمكن بناء نظام أكثرية برلمانية في سوريا يتيح للسوريين المشاركة في النظام السياسي واتخاذ القرار؟ كيف يتم العمل بنظام انتخابي لضمان تمثيل شعبي وسياسي؟
-هل الضمانات كافية للتأكيد على تمثيل المرأة والأقليات في المجتمع السوري مثل الأكراد والعلويين والمسيحيين
-كيف يمكن تحقيق التوازن بين السلطات وتأمين مسائلة فعالة لقوات الأمن الوطني
- هل يمكن تصميم نظام سياسي متعدد الأحزاب بحيث يحول دون خطر أن يصبح اثنيا أو مناطقيا أو دينيا طائفيا ؟ كيف سيتم تمثيل الشرائح المختلفة؟
- ما الدور الذي قد يأخذه المجتمع المدني في سوريا بعد الصراع؟ متضمنا الوحدات التجارية والجمعيات الثقافية والدينية؟
2.3 المصالحة
إعادة بناء الثقة بين المجتمعات المختلفة في سوريا ستكون مهمة كبيرة لكن أساسية إذا كان البلد سيستعيد وحدته, وإذا كان تمثيل النظام السياسي مقبولا من الجميع.
أسئلة
- ما هو النطاق الذي سيبدأ فيه العمل على المصالحة على المستوى المحلي, عبر تحركات في المجالس المحلية, الثقة والجماعات المدنية الاجتماعية, والآلية التقليدية لحل النزاع في المجتمعات؟
- ما هي المؤسسات أو الهيكليات على المستوى الوطني التي قد تحقق هكذا مصالحة؟
2.4 إعادة الإعمار :
إعادة إعمار سوريا ستكون مهمة هائلة حين يصبح الانتقال السياسي على الطريق. قبل ذلك, أي من المستثمرين الخاصين أو المؤسسات الدولية لن تساعد على الأغلب.
إن مفهوم إعادة الإعمار حافز مهم لأجل اتفاقية سلام, والتخطيط يحتاج أن يبدأ الآن لتمكين التنفيذ السريع ويحتاج أيضا ان يتضمن الشرائح السورية
إعادة إعمار تصاعدية ستكون حاسمة للنجاح ولتجنب الفساد وعدم الكفاءة.
الاتحاد الأوروبي مستعد للتعاون في الاستقرار المباشر بعد الأزمة وفي الإعمار على المدى الطويل بعد الأزمة في سوريا ليدعم عمل مؤسسات الدولة وليصل إلى السوريين جميعهم بالتعليم، الطبابة، العدالة، الحماية عبر سوريا.
إعادة تأهيل البنية التحتية، عودة اللاجئين والنازحين الطوعية والآمنة، وخلق اقتصاد فعال ليشكل دخلاً للدولة وفرص عمل للسكان.
أسئلة:
-هل يجب أن تبدأ إعادة الإعمار فقط في حال بدء عملية الانتقال السياسي؟
-ما نوع المشاركة التي تخططون لها واستقرار ما بعد الأزمة وإعادة الإعمار في سوريا؟
-ما نوع المصادر التي تستطيعون حشدها وأي أقسام ستشتركون فيها؟
-هل نستطيع من الآن تحديد مناطق التعاون وآليات المشاركة في عملية إعادة الإعمار الجماعية؟ في 15 تشرين الثاني 2016



قراءتي في الوثيقة الأوربية لمستقبل سورية
بتاريخ 18/11/2016 قدمت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوربي السيدة فردريكا موغريني لوفد من المعارضة السورية ضم السيد حسن عبد العظيم المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، والسيد انس العبدة رئيس إئتلاف قوى الثورة والمعارضة، والسيد يحي القضماني نائب رئيس الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن منصة الرياض لبعض المعارضين السوريين، وثيقة على درجة عالية من الأهمية تتضمن أسئلة كثيرة تسمح الإجابة عنها في رسم تصور محتمل لسورية المستقبل كدولة وكنظام سياسي وكعلاقات دولية. تأتي أهمية الوثيقة من ناحيتين: الأولى أنها تضيء على مسار التفكير الأوربي بخصوص سورية، وما تتوقعه أوربا من شكل وبنية للدولة السورية، والثانية أنها تستشعر قرب انتهاء الأزمة بصورتها العنيفة وبدء مرحلتها السياسية، ولذلك فهي تطلب من السوريين وغير السوريين الانشغال بقضايا ما بعد الأزمة.
بالتأكيد كان لدى موغريني، ومن خلفها الاتحاد الأوربي إجابات عن الأسئلة التي تضمنتها الوثيقة، ولديها بالتالي تصور كامل ومفكر فيه لمستقبل سورية الدولة والنظام السياسي والعلاقات الدولية، لكنها تريد اختبار مدى اقتراب فهم " اللاعبين الأساسيين " في المنطقة من الرؤية الأوربية من خلال الإجابة عن أسئلة الوثيقة" الاستبانة"،وهذا كان واضحا لا لبس فيه من الهدفين الرئيسين اللذين تصدرا مقدمة الوثيقة.
فقي الهدف الأول نقرأ" استطلاع فهم عام بين اللاعبين الأساسيين في المنطقة حول ما بعد الصراع، والشكل النهائي للدولة، وعلى العمل المشترك لإعادة إعمار البلاد".
وفي الهدف الثاني نقرأ " تحديد درجة الأرضية المشتركة، ومناقشة أفكار بناءة قد تخلق حوافز لجميع الأطراف التي لديها أجندة ايجابية".
للوهلة الأولى تبدو الوثيقة ( من خلال الهدفين الرئيسين في المقدمة) وكأنها موجهة لحكومات الدول المتدخلة في الأزمة السورية، وليس للسوريين أنفسهم. من جهة لكونهم في وضعية الملعوب به، وليس اللاعب ، ومن جهة ثانية لكونها تتحدث عن أطراف لديها " أجندات ايجابية" وهو قول ينطبق على الأطراف الخارجية، وليس على السوريين، معارضين أكانوا أم موالين إلا في إطار تبعيتهم لهذا الطرف الدولي أو ذاك. إذا صحت هذه القراءة لأهداف "الوثيقة " فإن تقديمها من قبل موغريني لوفد من المعارضة السورية لا يعدو كونه نوع من "علم وخبر" بما بدأت تقوم به أوربا من "حوار " مع جميع الأطراف الدولية لتشكيل سورية المستقبل.
للأسف الشديد انشغل السوريون على امتداد سنوات الأزمة بما يزيدها تأزما، وليس بما يمكن أن يحول دون تأزمها أكثر فأكثر، أو بما يمكن أن يشكل مخارج سياسية واقعية منها، وهذا يعود بطبيعة الحال إلى طبيعة النظام الاستبدادي القائم في سورية منذ عقود من السنين، وتشكيله لشخصية السوري، ثقافة وأنماط تفكير وعلاقات، بما ينسجم مع جوهره وطبيعته. مع ذلك ينبغي الإقرار بواقعة أن الأزمة- الكارثة قد مست جميع السوريين وغيرتهم بدرجات مختلفة، بحيث يمكن القول بثقة أن أكثريتهم الساحقة لا يمكن أن تقبل العودة إلى نمط الحياة السابقة، ولا بد بالتالي من العمل على ولادة سورية جديدة. من هذا المنطلق وفي خدمته سوف تشكل مساهمة النخب السورية المختلفة: السياسية والثقافية والاقتصادية وغيرها التي لديها " أجندات ايجابية" تجاه بلدها وشعبها أن تنخرط في عملية " عصف فكري" لاستشراف شكل وبنية الدولة السورية التي يطمحون إليها، وسوف تكون مساهمة جميع السوريين في عملية العصف الفكري هذه ضرورية. وبغض النظر عن أن " وثيقة موغريني" هي نتاج أوربي، وتعكس بالتالي نمط التفكير الأوربي تجاه مستقبل سورية، إلا أنها تضمنت كل الأسئلة الجدية، التي في الإجابة عنها يمكن صوغ تصور محتمل لسورية المستقبل كدولة ونظام سياسي وعلاقات دولية.
وهكذا سوف أبدأ بعرض أجوبتي الشخصية عن الأسئلة التي تضمنتها الوثيقة سؤالا فسؤال، مع أن أجوبة أكثر الأسئلة قد لا يكفي معها الموقف المبدئي، بل تحتاج إلى شروح وتفاصيل كثيرة، من الضروري إطناب القول فيها، ربما في جلسات حوار خاصة معمقة، أو في مقالات.
تحت عنوان "الأسئلة العامة الأساسية" تعرض الوثيقة الأسئلة الآتية:
س- كيفية الحفاظ على وحدة وسلامة وسيادة الدولة السورية.
ج- لا يوجد بين السوريين من يريد تقسيم سورية، أو على الأقل لم يعلن أحد منهم أنه يريد ذلك، وهذا بحد ذاته مهم جداً لضمان وحدة سورية أرضا وشعباً. السؤال بحد ذاته، كما يبدو لي، ليس موجها إلى السوريين، بل لأصحاب الأجندات الخارجية من غير السوريين. ما يريده السوريون هو التأسيس لهذه الوحدة بصورة مختلفة، بحيث يشعر الجميع أنهم سوريون لا فرق بينهم في الحقوق والواجبات، وأن مصالحهم كجماعات أثنية ودينية، أو حزبية ونقابية وغيرها مصانة دستوريا وقانونيا وعملياً. وهنا يأتي دور شكل بناء الدولة والنظام السياسي والإداري المنشود لها.
س- كيفية ضمان الحفاظ على المؤسسات الحكومية متضمنة القوات المسلحة وقوات الأمن، ولكن مع إعادة تشكيلها تحت قيادة مدنية ، تكون منتخبة من الشعب السوري، ويعملون تحت إمرتها ويتم مسائلتهم من قبلها.
ج- الموقف من المؤسسات الحكومية ليس واحدا فهو يختلف بحسب المؤسسة ومدى قرب دورها أو بعدها من النظام السياسي، بل من السلطة تحديدا. فلا يمكن مثلا التعامل مع وزارة التربية أو الوزارات الخدمية المختلفة، مثلما يتم التعامل مع وزارة الدفاع والمؤسسات التابعة لها. القوات المسلحة وأجهزة الأمن في كل دولة هي من أعمدتها الأساسية، بل في كثير من الحالات تسبب انهيارها بانهيار الدولة ذاتها. في سورية للأسف شوه الاستبداد جميع مؤسسات الدولة، وبصورة خاصة الأجهزة الأمنية وجعلها في خدمة السلطة واستمرارها. من حيث المبدأ فإن إصلاح المؤسسات الحكومية على اختلافها يحتاج إلى زمن طويل نسبيا، وبصورة خاصة مؤسسات الجيش والأمن لأن هذه الأخيرة موضع خلاف حاد بين السوريين( موالاة ومعارضة) من جهة، ولأنه لا يمكن تجاهل رأيها الخاص( رأي الجيش على وجه الخصوص) ودورها فيما يخص صوغ مستقبل سورية من جهة ثانية. إن الحديث عن إعادة هيكلتها كشرط لأي حل سياسي، عداك عن المطالبة بمحاكمة قادتها، يعني فشل الحل ذاته. قد يكون من المفيد، خلال المرحلة الأولى من الانتقال إلى الحالة السياسية، العمل على كيفية الاستفادة من قدراتها التنظيمية والتعبوية، بل وقدرات جميع المسلحين المحليين، في إعادة إعمار البلد. ينبغي أن يكون واضحا أن الانتقال من نظام الاستبداد وثقافته ومنظوماته الحاكمة، إلى الديمقراطية وحكم القانون والحرية والمسؤولية، هو عملية تستغرق زمنا ليس قصيراً، قد يؤدي التسرع في قطع مراحلها إلى انتكاسات خطيرة. ما له صيغة الاستعجال من منظار أغلبية السوريين هو إعادة بناء المؤسسات الأمنية على أسس وطنية تخصصية واحترافية، وجعلها تشتغل وفق القانون وتخضع للمساءلة. في ظروف الديمقراطية المستقرة سوف تعمل جميع أجهزة الدولة وفق القانون الديمقراطي وفي خدمة الشعب.
س- كيف يمكن التأكيد على أن جميع الأطراف في البلاد سوف يشعرون بأنهم جزء من العملية السياسية، وأن حقوقهم مصانة، وأنهم مشاركون في الدولة ومحميون من قبلها.
ج- هذا يتوقف على طبيعة وشكل النظام السياسي الذي سوف يتم اعتماده في سورية. ففي ظل نظام سياسي ديمقراطي برلماني أو مختلط ، وإدارة لا مركزية لكثير من وظائف الدولة سوف يكون ثمة مجال لأوسع مشاركة شعبية في إدارة الشؤون العامة للمواطنين.
س- كيفية تنسيق جهود ناجحة لإعادة الإعمار في سوريا حتى يحدث انتقال سياسي شامل ذو مصداقية وكيفية تقاسم العبء؟
ج- هذا السؤال موجه إلى الدول المتدخلة في الشؤون السورية، بل إلى غيرها أيضا لأن إعادة إعمار سورية مهمة دولية. ما يعني السورين، و مستهدف بالسؤال ، هو كيف أن إعادة الإعمار يمكن أن تشكل حافزا لهم للتفاهم على تجاوز مرحلة الصراع، والتركيز على بناء دولتهم على أسس ديمقراطية.
س- كيفية تجنب أن تصبح سوريا المستقبلية جنة، أو أرضا خصبة للإرهاب.
ج- سورية لن تكون في المستقبل أرضا للإرهاب، بل ما كان لها أن تكون كذلك لولا قمع النظام المستبد الحاكم من جهة، ولولا الدعم المتعدد الأشكال للقوى الإرهابية من قبل دول إقليمية وغير إقليمية من جهة ثانية. ما عاناه السوريون من جراء الأزمة، على الأرجح، سوف يجعلهم يكفرون بكل أشكال الإرهاب والقمع، خصوصا إذا أتيح لهم المشاركة في صنع مستقبلهم.إن إنشاء نظام مشبع بقيم الحرية والعدالة والقانون يتيح لجميع السوريين فرصاً متكافئة للمشاركة سوف يخلق ثقافة وسلوكاً بعيدين عن ثقافة وسلوك الإرهابيين.
تحت عنوان "1-الأهداف" تطرح الوثيقة قضية مركزية، وهي تأمين عقد " مفاوضات سورية، وانتقال ضمن إطار قرار مجلس الأمن 2254 " على أن يتم احترام المبادئ الآتية:
"- وحدة سوريا _وحدتها وتكامل أراضيها التي لا تتجزأ ،بلد لجميع المواطنين السوريين
- حكومة شرعية وقابلة للمساءلة ونظام سياسي تعددي مع احترام دور القانون وحقوق الأفراد مبنية على المساواة في المواطنة.
- بلد ذو ثقافات متعددة حيث تشعر جميع الاثنيات والمجموعات الدينية أن هوياتها محمية ولديهم مدخل متساو إلى الحكومة.
- دولة مؤثرة ومؤسسات فعالة تركز على أمن المواطن والخدمات مع جيش وطني واحد وشرطة وقوات أمن قابلة للمسائلة.
- نظام سياسي مستقر واقتصاد قوي يؤمن تعليما ملائما، وطبابة للسكان، وتكون جذابة للاستثمار الخارجي."
ج- إن جميع هذه المبادئ منظور إليها من موقع المعارضات السياسية المختلفة تبدو مشتركة بينها جميعا، بمعنى أنها من الأسس والمبادئ التي سوف تبنى عليها الديمقراطية المنشودة، لكن من منظور المعارضات المسلحة، والنظام سوف تكون مشكلة. إن اعتماد هذه المبادئ من قبل النظام سوف يعني تغيير جذري في بنيته، لست واثقا أن السلطة الحاكمة مستعدة له بعد كل القتل والدمار الذي تسببت به للبلد والشعب. المشكلة لا تكمن أصلا في المبادئ ذاتها، بل في كيفية فهم النظام لها وتعاطيه معها، وخصوصا في تأمينها الدستوري والقانوني والإجرائي.
أما من جهة المعارضة المسلحة التي تتحرك في فضاء سياسي وثقافي إسلامي، فإن اعتماد هذه المبادئ سوف يعني عمليا القضاء عليها.
من وجهة نظري فإن كلا الطرفين (النظام والمعارضة المسلحة بطبيعتهما الاستبدادية) لن يكون لهما دور في مستقبل سورية على المدى المتوسط والبعيد، لكن سوف يكون لهما دور في المفاوضات، وبالتالي في المرحلة الانتقالية. هنا سوف يكون دور الخارج مهما وخصوصا دور الاتحاد الأوربي( الذي أصدر هذه الوثيقة) في استخدام حوافز الإعمار للضغط على الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاق بخصوص إنشاء نظام ديمقراطي حقيقي على أساس مبدأ المواطنة المتساوية، فهو وحده الكفيل بتامين هذه المبادئ دستوريا وقانونيا ومؤسساتياً.
تحت عنوان "2. الطريق إلى الأمام" تطرح الوثيقة الأوربية جملة من التحديات سوف تواجه مرحلة ما بعد الصراع المسلح من وجهة النظر الأوربية تتمثل أولا في "- التحدي في إنشاء نظام سياسي من حيث المجتمعات المتنوعة والمناطق في البلاد تستطيع أن تعيش بسلام مع بعضها في إطار سياسي واحد. هذا سيكون اكبر تحد بعد ترك الخلافات بعد صراع أهلي طويل مع اعتبار أن البناء السياسي السابق سمح ببداية هذا النزاع ومن غير المرجح أن يخلق استقرارا طويل الأمد أو نموا اقتصاديا كافيا "
وثانيا تحدي التوافق على "- شكل نهائي للدولة يحتاج أن يتضمن أربعة عناصر : نظام سياسي قابل للمسائلة . اللامركزية أو انتقال السلطة, المصالحة وإعادة الإعمار".
فيما يخص "التحدي الأول" لا اعتقد أنه يمثل تحديا حقيقياً فلم يكن في سورية خلال تاريخها الحديث مشكلة اقوامية أو مناطقية أو دينية أو طائفية على شكل مطالب سياسية خاصة بها، باستثناء المشكلة الكردية وهي مشكلة حديثة جداً في الحقل السياسي، بل لا يوجد إجماع بشأنها في الوسط الكردي. ربما من الأصح الحديث عن مشكلات سياسية وثقافية وغيرها تتعلق بالمشاركة في الحياة السياسية التي قضى عليها النظام الاستبدادي، وهي مشكلات مشتركة بين جميع السوريين. إن بناء نظام ديمقراطي حقيقي يعتمد النظام الانتخابي النسبي والدائرة الواحدة لكل سورية،واللامركزية الإدارية المحلية وعلى مستوى المحافظات كفيل بحل أغلب هذه المشكلات. ربما المشكلة الكردية سوف تكون بحاجة إلى مزيد من التفكير بشأنها خصوصا في ظل ثقافة قومية عربية نافية لحقوق الكرد السياسية بصورة عامة، وثقافة كردية مغالية في المطالب، ولأن حل هذه المشكلة لا يتعلق بالداخل السوري فقط، بل بالاعتبارات الإقليمية أيضاً. من وجهة نظري اللامركزية الإدارية على مستوى المحافظات يمكن أن تحل اغلب هذه المشكلة، وإذا اقتضى الأمر يمكن إنشاء محافظتين جديدتين في شمال محافظة الحسكة، وفي الريف الشمالي الغربي لريف حلب يشكل الكرد فيهما أغلبية السكان.
فيما يتعلق بتحدي " التوافق على الشكل النهائي للدولة" ( التحدي الثاني) تفصل الوثيقة الأوربية فيه، فتخص كل عنصر من عناصره بجملة من الأسئلة. وهكذا تحت عنوان "1-2 نظام سياسي تعددي وقابل للمسائلة" تقول الوثيقة أن " دستور 1973 وفر للرئيس نفوذ كبير. ولكن نفوذ محدود واجتماعات غير منتظمة لمجلس الشعب في سوريا, نفوذ يستطيع الرئيس وحده(البند 114 من الدستور) ،حزب وحيد (البعث) أن يأخذ غالبية المقاعد في البرلمان , والانتخابات قدمت خيارا ضيقا بين المرشحين، والرئيس يقود الحكومة والحزب ولديه سيطرة كاملة على الأمن الوطني". ومع أن " دستور عام 2012 الذي صادقت عليه الحكومة قدم انفتاحا معينا وتحديثا للدولة السورية لكن الكثير من المعارضة يريدون العودة إلى دستور 1950 الذي تم تبنيه بعد الاستقلال ويتضمن أحكاما تتعلق بحقوق الإنسان ونظام أكثري برلماني للحكومة والذي قد يشجع لاجئين أكثر على العودة"
ج- لا نقاش حول دستور 1973 ودستور 2012 فكلا الدستورين مرفوضين من وجهة نظر المعارضة، فهما دستوران لنظام استبدادي شديد المركزية والمحافظة. ويبدو لي أن النظام ذاته لن يمانع بإجراء تعديلات جوهرية على دستور 2012 المعمول به حالياً، أو كتابة دستور جديد، لقد كان قادته قد عبروا عن ذلك. بطبيعة الحال سوف يظل احتمال الارتداد عن مواقف النظام المعلنة من مسألة التعديلات الدستورية قائما، وعلى الأرجح سوف يتمسك النظام ببقاء رئيسه حتى نهاية ولايته الحالية في عام 2021 بصلاحيات الدستور الحالي في أية مفاوضات قادمة، خصوصا إذا استطاع وحلفاؤه تغيير موازين القوة على الأرض بصورة حاسمة لصالحه.
من جهة أخري فإن دستور 1950 الذي تعده بعض المعارضات السياسية مقبولا، ترفضه معارضات أخرى وتحسبه غير ملائم لوضع سورية الحالي. قد يكون مقبولا خلال المرحلة الانتقالية لفترة غير طويلة (هذا في حال عدم التوافق على إعلان دستوري مؤقت) ريثما يتم إعداد دستور جديد.
من وجهة نظري لا بديل عن إعداد دستور جديد يلحظ حيادية الدولة عن كل الكيانات الأهلية والحزبية، وان يتيح أوسع فرص ممكنة للمشاركة السياسية. الخلافات بين السوريين حول طبيعة النظام السياسي للدولة ،برلماني أم رئاسي، لن تكون عصية على الحل. ربما يستحسن تفضيل النظام البرلماني، نظرا لكون النظام الرئاسي مستقر في ذاكرة كثير من السوريين كنظام استبدادي لطالما عانوا منه.
تطرح الوثيقة جملة من الأسئلة تخص "مسألة نظام سياسي تعددي قابل للمساءلة" وهي:
س-هل سيمكن بناء نظام أكثرية برلمانية في سوريا يتيح لشرائح أكثر من السوريين المشاركة في النظام السياسي واتخاذ القرار؟
ج- إن التوافق على بناء هكذا نظام سياسي لن يشكل مشكلة أساسية من حيث المبدأ، ربما المشاكل سوف تعترض هذا الخيار عندما يتم مناقشة النظام الانتخابي. وخصوصا في ظل غياب حياة سياسية حقيقية لعقود من السنين. خلال المرحلة الانتقالية إلى هكذا نظام سوف تضغط البنى الأهلية، وكذلك الزعامات التقليدية لتبني نظام الدائرة الصغرى، فهي الوحيدة التي تؤمن لها فوزا شبه مؤكد. هذا النظام الانتخابي سوف يحافظ على البنية المجتمعية الأهلية، وينعش هوياتها على حساب الهوية الوطنية الجامعة.
س- هل يتم العمل بنظام انتخابي لضمان تمثيل شعبي وسياسي؟
ج- إن أفضل نظام انتخابي لسورية الديمقراطية ،من وجهة نظري،هو النظام الانتخابي السياسي النسبي والقوائم الحزبية، والدائرة الواحدة لسورية. هذا النظام يتيح لجميع فئات المجتمع التعبير عن نفسها في الحقل السياسي، عبر الأحزاب السياسية المعبرة عنها، بما يتناسب مع حجمها هذا من جهة، ومن جهة ثانية يحول هذا النظام دون ممارسة البنى الأهلية لدورها الحاسم في الحياة السياسية، بل ويعمل على المدى الطويل على صهر البني الأهلية في الحقل السياسي في هوية وطنية جامعة. من الأهمية بمكان في هذا المجال أن يفرق القانون الانتخابي بين مستويات انتخابية. فمثلا الانتخابات البرلمانية على المستوى الوطني يمكن للقانون الانتخابي أن يحصرها في القوائم السياسية الحزبية الوطنية فحسب، أما الانتخابات للمجالس التشريعية على مستوى المحافظات فيمكن أن تتنافس فيها القوائم الحزبية الوطنية والأحزاب الأهلية المحلية. أما الانتخابات على مستوى المجالس المحلية في القرى والبلدات والمدن فيمكن أن تشارك فيها القوائم الحزبية والأهلية والأشخاص منفردين. (المقصود هنا بالأحزاب الوطني هي الأحزاب العابرة لجميع أشكال وجود السوريين الاثنية والدينية ، وتشتغل على مستوى الوطن سياسيا وتنظيميا، أما الأحزاب الأهلية فهي أحزاب أثنية أو قبلية أو دينية تشتغل على مستوى المحافظات وعلى المستوى المحلي.)
س-هل الضمانات كافية للتأكيد على تمثيل المرأة والأقليات في المجتمع السوري مثل الأكراد والعلويين والمسيحيين.
ج- قلت في السابق أنه لم يشهد تاريخ سورية الحديث مطالب سياسية خاصة للمجموعات الاثنية والدينية في سورية ربما باستثناء الأكراد، وبالتالي فإن أي نظام طائفي في سورية لن ينجح. في ظل الديمقراطية في سورية لن يكون لمفهوم الأقليات أي معنى، فالجميع سوف يكونون مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات. في الحقل الثقافي من حق جميع المكونات الاثنية في سورية أن تنمي ثقافتها الخاصة، بما في ذلك لغتها إلى جانب الثقافة الوطنية الجامعة واللغة( أو اللغات الرسمية). أما على المستوى السياسي فإن اللامركزية الإدارية والانتخابات المحلية سوف تسمح لها بالمشاركة في تنمية مصالحها الخاصة.
أما فيما يخص تمثيل المرأة والشباب وغيرهم من الفئات الاجتماعية فيمكن حل هذه المسألة عن طريق إلزام القوائم الانتخابية بحصة معينة لكل فئة منها.
س- كيف يمكن تحقق التوازن بين السلطات كافة ومسائلة فعالة لقوات الأمن الوطني.
ج- نحن لا نريد اختراع الدولاب من جديد. في النظام الديمقراطي المنشود يمكن تحقيق التوازن بين جميع السلطات، كما يمكن مساءلة الجميع، في هكذا نظام الجميع تحت القانون أفرادا ومؤسسات وأجهزة.
س- هل يستطيع نظام سياسي متعدد الأحزاب أن يصمم بحيث يتجنب خطر أن يصبح اثنيا أو مناطقيا أو دينيا طائفيا ؟ كيف سيتم تمثيل الشرائح المختلفة؟
ج- اعتقد أن النظام الانتخابي الذي اقترحته في جوابي الأسبق يتيح بالمجال لأوسع تمثيل لمختلف شرائح المجتمع ويحول دون خطر الانزلاق إلى الطائفية أو المناطقية أو الاثنية ..
س- ما الدور الذي قد يأخذه المجتمع المدني في سوريا بعد الصراع؟ متضمنا الوحدات التجارية والجمعيات الثقافية والدينية؟
ج- لاشك بأن هيئات المجتمع المدني المختلفة بما فيها النقابات والجمعيات سوف يكون لها دور مهم في الحياة السياسية في ظل النظام الديمقراطي المنشود. فهي ليس فقط معنية بالدفاع عن مصالح منتسبيها، بل وتساهم في خلق نوع من التوازن في الحياة السياسية إلى جانب الأحزاب.
تحت عنوان (2.2 اللامركزية) تطرح الوثيقة الأوربية القضية الآتية: " الدولة السورية الآن مبنية على حكومة مركزية قوية مع أن النزاع الأهلي قد خلق مناطق مستقلة جدا وشبكات محلية تقدم الخدمات الأساسية لمواطنيها. لإنشاء نظام برلماني هناك حاجة إلى شكل ما من الإدارة اللامركزية لتحكم و/أو مجالس محلية قد تساعد في ضمان وحدة البلاد والإبقاء على تقديم الخدمات الحالية، وتجنب خطر تقسيم سوريا إلى أجزاء. هكذا لامركزية قد تغطي : الإدارة, قوات الشرطة (يجعل من السهل إدماج الميليشيات المحلية) الخدمات الصحية, التعليم ( مع مناهج وطنية ولكن ربما اختيار التعليم بلغات مختلفة, الكردي, الآرامي .. الخ) والثقافة"
ج- اعتقد أن بناء هذه المسألة على الوقائع التي خلقها الصراع المسلح هو بناء خاطئ، لأن هذه الوقائع ليست مستقرة، ولا تشكل مطالب للجماعات المحلية، وفي ظل بسط الدولة لسيادتها على الجغرافيا السورية سوف تختفي. إضافة إلى ذلك فإن الخدمات التي كانت تقدم للناس في مناطق سيطرة المسلحين لم تكن منسجمة مع الاعتبارات الوطنية، وخاصة التعليم.
تطرح الوثيقة الأوربية عددا من الأسئلة تتعلق بهذه المسألة سوف نجيب عليها تباعاً:
س- هل هناك نوع من اللامركزية يمكن أن يقبل في سوريا ؟ أن كان كذلك ما هي الوحدات الجغرافية التي ستكون مناسبة (محافظات؟ مناطق/ مجالس محلية؟ بلديات؟) وكيف تستطيع تجنب أن تصبح مجزئة أو تشجع النزعة الانفصالية؟
ج- ينبغي النظر إلى اللامركزية من زاوية تفعيل أجهزة الدولة المختلفة وترشيد عملها وفق مبادئ الحوكمة، وتنشيط الاقتصاد والاستثمار، وتقديم أفضل الخدمات للجماعات المحلية. من هذا المنطلق يمكن اعتبار التقسيمات الإدارية القائمة مناسبة جدا لتلبية احتياجات الناس والجماعات المحلية شريطة تمكينها فعليا.
س- أي من مسؤوليات الدولة قد تصبح لا مركزية؟ الصحة, التعليم, الثقافة, الاستثمار, النقل, الشرطة, أو غيرها؟
ج- يمكن نقل جميع المهام الخدمية التي لها علاقة مباشرة بحياة الناس إلى المحافظات مثل الصحة وخدمات الطرق والنقل والمياه والكهرباء والسكن والتعليم والسياحة وخدمات الشرطة والقضاء والإعلام وغيرها مما له طابع محلي. ينبغي أن يلحظ في كل محافظة وجود مجلس تشريعي محلي ينتخب بدورة مجلس تنفيذي( مجلس وزراء محلي) ورئيس المجلس التنفيذي( المحافظ). تتحدد صلاحيات المجلس التشريعي في المحافظة في إصدار الأوامر والتعليمات الإدارية التي يمكن أن يكون لها قوة القانون على مستوى المحافظة. وفي مجمل الأحوال ينبغي أن يحتفظ المركز برسم السياسات الكلية وإصدار القوانين والتشريعات الناظمة لعمل جميع مؤسسات الدولة وأجهزتها على امتداد الوطن. ثمة حاجة في المستقبل لإلغاء وزارات مثل وزارة الإعلام، ووزارة الثقافة، وزارة الإسكان وغيرها. وقد يكون من المناسب استحداث وزارة للمشروعات الوطنية والإستراتيجية.
س- إن كان كذلك ما هي آلية مشاركة الإيرادات التي ستضمن مصادر كافية للمسؤوليات المحلية؟
ج- إن تحديد موارد السلطات المحلية مهم جدا لحسن سير عملها، ولذلك لا بد من إجراء دراسات مسحية لاحتياجات هذه السلطات والإدارات المحلية والعمل على تغطيتها ماليا من مواردها الذاتية بصورة رئيسة. بطبيعة الحال سوف تشكل النشاطات الاقتصادية على مستوى المحافظة المصدر الرئيس لدخلها، عن طريق الضرائب والرسوم وغيرها.كما يمكن استحداث صندوق وطني لدعم بعض المشاريع المحلية، أو لدعم السلطات المحلية. ينبغي التمييز بدقة بين حصة المركز وحصة الإدارات المحلية من مجمل مصادر الدخل.
تطرح الوثيقة تحت عنوان (2.3 المصالحة) مسألة في غاية الأهمية. فبحسب الوثيقة فإن " إعادة بناء الثقة بين المجتمعات المختلفة في سوريا ستكون مهمة كبيرة لكن أساسية إذا كان البلد سيستعيد وحدته, وإذا كان تمثيل النظام السياسي مقبولا من الجميع."
تطرح الوثيقة سؤالين يتعلقان بهذه المسألة وهما:
س- ما هو النطاق الذي سيبدأ فيه العمل على المصالحة على المستوى المحلي, عبر تحركات في المجالس المحلية, الثقة والجماعات المدنية الاجتماعية, والآلية التقليدية لحل النزاع في المجتمعات؟
س- ما هي المؤسسات أو الهيكليات على المستوى الوطني التي قد تحقق هكذا مصالحة؟
ج- مما لا شك فيه أن النسيج الوطني قد تعرض لتهتك كبير، ربما يحتاج ترميمه لسنوات عديدة. في هذا المجال سوف يكون دور النظام السياسي الديمقراطي المنشود والإدارات المحلية حاسماً. بطبيعة الحال لا يمكن تجاهل أيضا دور هيئات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات وكذلك المؤسسات الدينية في تسريع عمليات المصالحة . ومما له أهمية استثنائية في هذا المجال إصدار عفو عام وشامل عن كل السلوكيات الجرمية خلال الصراع المسلح ، وإعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس وطنية احترافية، وتامين ذلك بصورة قانونية. كل ذلك لا يعني عدم النظر في بعض قضايا العدالة الانتقالية من زاوية تحصيل الحقوق وتسريع عمليات المصالحات. وتبقى عملية إعادة الإعمار، وتأمين عودة اللاجئين والمهجرين إلى مناطقهم أساسية في هذا المجال.
تحت البند (2.4 إعادة الإعمار) تطرح الوثيقة القضايا الآتية :
"- إعادة إعمار سوريا ستكون مهمة هائلة حين يصبح الانتقال السياسي على الطريق. قبل ذلك, أي من المستثمرين الخاصين أو المؤسسات الدولية لن تساعد على الأغلب.
-أن مفهوم إعادة الإعمار حافز مهم لأجل اتفاقية سلام, والتخطيط يحتاج أن يبدأ الآن لتمكين التنفيذ السريع ويحتاج أيضا أن يتضمن الشرائح السورية
- إعادة إعمار تصاعدية ستكون حاسمة للنجاح ولتجنب الفساد وعدم الكفاءة.
الاتحاد الأوروبي مستعد للتعاون في الاستقرار المباشر بعد الأزمة وفي الإعمار على المدى الطويل بعد الأزمة في سوريا ليدعم عمل مؤسسات الدولة وليصل إلى السوريين جميعهم بالتعليم، الطبابة، العدالة، الحماية عبر سوريا.
-إعادة تأهيل البنية التحتية، عودة اللاجئين والنازحين الطوعية والآمنة، وخلق اقتصاد فعال ليشكل دخلاً للدولة وفرص عمل للسكان.
أسئلة:
- هل يجب أن تبدأ إعادة الإعمار فقط في حال بدء عملية الانتقال السياسي؟
- ما نوع المشاركة التي تخططون لها واستقرار ما بعد الأزمة وإعادة الإعمار في سوريا؟
- ما نوع المصادر التي تستطيعون حشدها وأي أقسام ستشتركون فيها؟
- هل نستطيع من الآن تحديد مناطق التعاون وآليات المشاركة في عملية إعادة الإعمار الجماعية؟
ج- يبدو لي أن المعني بالإجابة عن هذه الأسئلة هو الدول المتدخلة بالأزمة السورية بصورة رئيسة، وكذلك المؤسسات الدولية والأمم المتحدة. بالنسبة لنا نحن السوريين من مصلحتنا أن تبدأ عمليات إعادة الإعمار مباشرة بعد التوافق بين السوريين على الحل السياسي وتوقف العمليات العسكرية.
كلمة أخيرة بودي قولها وهي أنني منذ أن تمرد الشعب السوري على نظام الحكم، كان الهم الكبر الذي شغلني واشتغلت عليه هو كيف سوف يكون شكل وبنية الدولة السورية في المستقبل؟ ففي 17/4/2011 طرحت في دراسة مطولة رؤيتي للانتقال من النظام الاستبدادي القائم إلى النظام الديمقراطي، أعدت تطوير رؤيتي هذه في مؤتمر سمير أميس للمعارضة غير الحزبية في حزيران 2011، وفي مؤتمر الإنقاذ الذي تقد في دمشق بتاريخ 23/9/2012 ،وفي جميع وثائق هيئة التنسيق الوطنية عندما كنت عضوا في مكتبها التنفيذي. وكنوع من النشاط الثقافي قمت بإعداد دستور لسورية المستقبل عبرت من خلاله عن رؤيتي التفصيلية لشكل النظام السياسي المستقبلي في سورية...جميع هذه الوثائق وغيرها يمكن قراءتها على موقعي على الحوار المتمدن أو على موقعي الخاص.
www.ahewar.org/m.asp?i=230 هذا رابط موقعي على الحوار المتمدن
https://www.facebook.com/newmounzer.khaddam وهذا رابط موقعي على الفيس بوك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجرب التاكو السعودي بالكبدة مع الشيف ل


.. لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس




.. بعد 200 يوم.. كتائب القسام: إسرائيل لم تقض على مقاتلينا في غ


.. -طريق التنمية-.. خطة أنقرة للربط بين الخليج العربي وأوروبا ع




.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: حزب الله هو الأقوى عسكريا لأنه م