الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ومستقبله

فالح الحمراني

2016 / 12 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



قراءة في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ومستقبله
بمناسبة انعقاد مؤتمره العاشر
فالح الحمراني
على الرغم من ان الصخب الإعلامي لم يرافق هذه المرة انعقاد المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي، الذي يعد بحق اعرق الاحزاب السياسية العراقية، واكثرها صمودا ودفاعا عن القضية العراقية في بناء الدولة العصرية القائمة على المواطنة وتخطي الانتماءات الاخرى دون نفيها، الا ان هذا المؤتمر ربما سيكون انعطافة في تاريخ الحزب وتطوره وتكيفيه مع التطورات الداخلية والتحديات التي تحيق بالبلد. فالمؤتمر انتخب قيادة جديدة، معظها من الشباب نسبيا، الذين حتما سيستوعبون اكثر الجديد في حركة التاريخ، وتخلصوا من الدغومائية والوصفات الجاهزة للتعامل مع حركته بروح جدلية، وياخذون في تقيمهم للواقع مجمل مكوناته وابعاد حاضره واستشرافاته. ولابد انهم يدركون التغيرات التي طرأت على العالم بفعل الثورات التكنولوجية المتسارعة التي غيرت نوعيا حياة الشعوب والافراد، وتغير مفاهيم قوى الانتاج وطبيعة الطبقات وصراعها، في ظل العولمة والظواهر والمؤسسات الجديدة الاخرى.
لقد تراوحت الحركة الشيوعية بالعراق في مكانها وتراجع جماهيريتها في الشارع. ولحقت بها الهزائم تلو الاخرى في الانتخابات منذ التحولات في العراق التي بدأت في 2003 . وغاب ممثلوها عن مؤسسات صناعة القرار، رغم عراقة الحزب الشيوعي العراقي وكونه كان دائما حركة فاعلة في سيرورة العملية السياسية بالعراق.واضعفت الانقسامات قدرات الحزب. كما انسحبت من صفوفه شخصيات كان يكون لها دورا مؤثرا منه، وتقاعد الاخرين من العمل السياسي في مرحلة تاريخية حساسة. ان كل هذا يؤكد ان الوضع الراهن يحتاج لمراجعة جديدة جدية للحركة الشيوعية في العراقية. مراجعة موضوعية وهادئة من دون انحيازات وانفعالات. ينبغي ان تكون من ضمن مراجعة لتاريخ العراق الحديت وادراكه.
ان الغموض والكثير من الاسئلة الكثيرة ما زالت تلف تاريخ الايديوجية والحركة الشيوعية في العراق. وهل نشؤها واستمراريتها هو فعلا انعكاس لعوامل اقتصادية واجتماعية وتاريخية موضوعية محلية. ام ان ظهوره كان انعكاسا لصراع الايديولوجيات التي تبنتها الدول النافذة، من اجل تحقيق اهدافها الجيوسياسية ومصالحها الخاصة وبسط نفوذها في العالم، او على هذه او تلك من دول العالم. هل ان العراق منذ ان تغلغل الفكر الشيوعي كان مستعدا، في ظل تطوره ومستواه الوعي الاجتماعي والاصطفاف الطبقي فيه، لقبول الفكر الشيوعي وليد الثورة الصناعية في اوروبا. فالعراق لم يكن دولة صناعية خلقت جيشا من البروليتاريا التي عليها ان تحفر قبر للبرجوازية، كانت طبقة الاقطاع والفلاحين هي السائدة، فضلا عن طبقة موظفي الدولة التي ادرجت ضمن الطبقة البرجوازية او البرجوازية الصغيرة. لقد تحولت الطبقة الكادحة، او ما يسمى في الاصطلاحات الماركسية " البرولتياريا الرثة" هي المعادل الذي وضُعت عليه الرهانات لقيادة الحركة التاريخية نحو تحقيق الاشتراكية ولكنها لم تكن مؤلهة لذلك. وهذا بالتاكيد ليس بالحكم الشامل والنهائي من جانبنا، لان الحركة الشيوعية مرت بصعود وهبوط سواء من ناحية التنظيم او الفكر. وسارت في منعرجات. ان كل مرحلة تتطلب الدراسة والتدقيق. ولكن الاستنتاج التاريخي من قراءات هذا التراث المجيد، يوصلنا الى نتيجة واحد ان دخول الحركة الشيوعية للعراق كان طفرة على التاريخ وتجاوز واقع الوضع الاقتصادي والاجتماعي ومستوياته في العراق، وانها كانت استجابة لتطلعات " قوى نزيهة من الشباب" لبناء دولة عراقية تنصهر في بوتقتها كافة المكونات العرقية والدينية وتمثلها سلطة سياسية مقبولة من كافة الاطراف تكون عصرية ومستقلة وتستند على القانون والدستور. ان هذه التطلعات مازالت مشروعة ليومنا الراهن، ويمكن النضال من اجلها، ولكن من منطلقات نظرية وطنية بحته ذات منحى يساري وميول علمانية ، وتوضع على اساس الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والموروث الفكري والهوية الوطنية وليس على ايديولوجيات لاتمت بصلة بواقعنا...الخ ويمكن ان تسترشد بالفكر العلمي ومنهجيته بما في ذلك الفكر الماركسي. وان تكف عن خلق اصنام ومعبودين لها.
علاوة على ان قرار تاسيس الحزب لم يكن داخليا بحتا. وبهذا الصدد تؤكد الدراسة التي كتبها المستشرق الروسي " الدار مينياتيدينوف " المستندة على الوثائق الروسية الرسمية التي تشير الى ان تاسيس حزب شيوعي في العراق كان بناء على قرار سوفياتي تبناه الكومنترن لخلق قوة اجتماعية / سياسية بالعراق تنهض لمواجهة بسط بريطانيا نفوذها في البلاد وفي المنطقة عموما. ويدعم هذا الراي الباحث السياسي المستشرق جريجوي كوساتش في بحثه عن الشيوعين العراقيين الاوائل في الكومنترن فيقول " ان نفاذ صبر الشباب (العراقي) الوطني " الثوري" دفعه لتبني الفكر الشيوعي، وجعلهم يتوكلون على مساعدة القوة الاجنبية الوحيدة القادرة على تقديمها اي الاتحاد السوفياتي، واخرا ج البلاد من الازمة الوطنية الداخلية. ولكن هذه القوة اهتمت بتنفيذ مصالحها الخاصة، وان الالتزمات التي اخذتها على عاتقها حددت تحركها، وانها بنفسها سعت للخروج من العزلة الدولية، فهل كان بوسع الشيوعيين العراقيين تغيير الوضع على الارجح، كلا".
.ومن الصعوبة التكهن ألان في مستقبل الحزب الشيوعي العراقي.وبماهي المدة الزمنية التي سيزاول بحيوية نشاطه فيها على الساحة السياسية العراقية. وهل سيصبح قوة مؤثرة ومشاركة في صنع القرار ولها مكانها في مؤسسات التشريع والتنفيذ؟. وهل سيواصل حمل الاسم " الحزب الشيوعي" الذي تخلى عنه الكثير من اشقاءه من الاحزاب الشيوعية، واحتفظ البعض منها به كما في روسيا لكونه " ماركة مسجلة". لان تغيره قد يغيض الجيل القديم الذي يشكل قاعدة واسعة للحزب. ولكن هناك قناعة بان العراق بحاجة الان اكثر الى حركة يسارية وليس حزب. حركة واسعة التمثيل والقيادة تمثل كافة الشرائح الاجتماعية ومكونات المجتمع تحت خطوط برنامج موسع، وتسير تحت شعارات مفهومة للجماهير وتعكس تطلعاتها في الحياة الكريمية وانهاض الاقتصاد وضمان الامن الشخصي وامن الدولة وتوفير العدالة والتكافؤ لكافة مكونات الشعب وتحترم عقائدها وانتماءاتها. ان هناك دلائل ومؤشرات على ان زمن الاحزاب قد فات بفعل التطورات العميقة، التي طرأت على المجتمعات ووعيها، وبدأ عصر التيارات والحركات الجماهيرية الواسعة التي تقودها قيادات واعية، ترسم المنطلقات وتمثلها بجد ونزاهة في مؤسسات الدولة. وهذا ما يحدث في مختلف بلدان العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عاشت ابدك استاذ فالح -مقاله رصينه يجب دراستها بامع
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2016 / 12 / 9 - 10:28 )
مقاله ممتازه وجريئه تثلج قلوب كل الحريصين على العراق وشعبه المظلوم
استنتاجات السطور الاخيره قضيه جوهريه نظريا وعمليا للتحول من نادي ايديولوجي شبيه بالمتحف الى فعل ديناميكي مؤثر في تشكيل الحياة في العراق-شكرا للكاتب المحترم


2 - إنت وين والحب وين !!؟
فاخر فاخر ( 2016 / 12 / 9 - 13:18 )
أنت تقول ..
وتغير مفاهيم قوى الانتاج وطبيعة الطبقات وصراعها، في ظل العولمة والظواهر والمؤسسات الجديدة الاخرى.
لكن عالمك هذا يأكله الارهاب والمخدرات وتجارة الرقيق وتبييض الأموال وفيه أقوى دولة وهي الولايات المتحدة مدينة بعشرين ترليون دولار والدولة الثانية وهي روسيا
الفاشية تعيش اليوم على تصدير المواد الخام
العلامة الكبرى على انحطاط عالم اليوم هو انحطاط المستوى الفكري للأحزاب الشيوعية التي لم تعد تذكر ماركس أو لينين وأنت تشجعها على الانحطاط

لا يمكن أن يكون هناك شيوعيون من غير تلامذة ماركس ولينين الأمناء والنجباء

اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان