الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النسيان هو نسيانكن

محمد الدحاني

2016 / 12 / 9
الادب والفن


النسيان هو نسيانكن
• هل سبق وقرأت لأحلام مستغانمي؟
• نعم، قرأت لها روايتين فقط، "ذاكرة الجسد"، وهي رواية كتبت على عدة بحور؛ بحرالحب، بحر الجنس، بحر الإيديولوجية، بحر الثورة الجزائرية بمناضليها ومرتزقيها، أبطالها وقاتليها، ملائكتها وشياطينها، وأنبيائها وسارقيها" كما قال عنها نزار قباني. و"الأسود يليق بك"، وهي رواية تلخص التاريخ السياسي للمجتمع الجزائري، بانكساراته، وهزائمه وانتصاراته...
• هل فعلا كتابتها معادية للرجال؟
• أبدا، كل ما أعرف عنها أنها تكتب بأسلوب عاطفي، وأظن أن هذا الاختيار نابع من ذكائها، حتى لا تقع في قبضة الرقيب.
• لدي صديقة دائما تنشر على حائطها الفايسبوكي مقتطفات تظهر الحقد والكره للرجال، ما رأيك؟
• أظن صديقتك تتعامل مع أحلام بانتقائية ليس إلا.
• لازلت لم أقرأ لأحلام، لكن أشاطرك الرأي، حدسي يخبرني، أن صديقتي تقتلع عبارات أحلام من سياقها وتربتها، وتنشرها في صورة عدوانية على الرجال، وحتما ليست الرسالة التي تود أحلام تبليغها.
هذا جزء من حوار دار بيني وبين صديقي يوسف الطاسي، الذي استنتج دون أن يقرأ لأحلام أعمالها، وذلك انطلاقا من نفحته و فطنته الفلسفية الفطرية، أن صديقته تشوه رسالة أحلام، وتأخذها سلاح ضد الرجال.
من هذا المنطلق يمكن أن أغامر بالقول، أن صديقة "صاحبي زوين" تعاني من مكر عاطفي، أو خذلان عاطفي، أو عياء عاطفي. من يدري لعلها خارجة من علاقة عاطفية فاشلة وهذا ما يفترض على الأقل، إن وجدت طبعا؛ وصراحة إن اختياراتها لتلك المقتطفات يظهر بشكل جلي أن هناك ضمنيا علاقة عاطفية فاشلة. ولهذا لجأت الى لعب دور الضحية ، التي لم تجد وسيلة تدافع بها غير كتابات أحلام.
لهذا قررت أن أتعامل مع أحلام بانتقائية ردا على صديقة صديقي، لكن أشير أولا: ليس الهدف هو تشويه ما ترمو إليه أحلام، وإنما لنبين لصديقتنا أن هذا الاقتطاف يعني عدم احترام الذات من جهة، والكاتبة من جهة ثانية، والصديقات والأصدقاء الموجودين على صفحتها الفيسبوكية من جهة ثالثة. لأنها تسوق لهم/ن أحلام في غلاف نسوي شديد الكره للرجال.
نسيان.com، هذا هو الكتاب الذي ساقرأه، وأضع قراءتي هاته بين ايدكم، وأعترف أن هذا الكتاب محظور بيعه للرجال، يعني إن كان هناك كره وعداء للرجال سيوجد في هذا الكتاب. وقبل الشروع في كتابة هذه القراءة، أنبه أنني سأعتمد منهج صديقتنا، أي سأتعامل مع الكتاب بالانتقائية نفسها، لكن بأسلوب مقلوب، أي سأنتقي بعض الكلمات والعبارات التي "تسيء" الى "المرأة "، وسأتعمد اقتلاعها من تربتها لكي تكون أكثر فضاعة، وبهذا نضع صديقتنا أمام مرآتها التي ستظهر لها قبح عملها في وجهها.
عنوان الرواية التي بين أيدنا " نسيان.”com ويضمن ثلاث تأويلات، أولهما: دلالة اجتماعية تضامنية، تتمثل في تأسيس موقعين الكترونيين، يحملنا نفس اسم الرواية، وحسب لغة الكاتبة هما بمثابة حزب يطمح الى استقطاب أكبر عدد من النساء اللائي فشلن في استثمار علاقتهن العاطفية، ويرغبن في نسيانها من أجل أن يجدوا حبا جديدا يدافعوا عنه الى آخر يوم في حياتهن. ثانيا الرواية هي مجرد مزحة من الكاتبة للنسيان، هذا الأخير الذي إعتبرته في إحدى قصائدها أعظم خيانة، والشاهد على قولي كلامها: "كتبت هذا الكتاب لممازحة النسيان، ذلك لأننا لا نستطيع منازلة الذاكرة بجدية. هي تملك أسلحة لا قدرة لنا عليها" ص175. ثالثا: العنوان هو تهديد للنساء اللواتي وقعن على الميثاق الأنثوي، التي كانت صديقتها كاميليا هي أول من وقعت عليه، ويضمن أربع شروط هي:
 "أن أدخل الحب وأنا على ثقة تامة بأنه لا وجود لحب أبدي.
 أن أكتسب حصانة الصدمة وأتوقع كل شيء من حبيب.
 ألا أبكي بسبب رجل، فالذي يستحق حقا دموعي ما كان ليرضى بأن يبكيني.
 أن أكون جاهزة لنسيان كما ينسى الرجال" ص271.
إذا لم يلتزمن ويحترمن الموقعات هذه الشروط، فإن الروائية تقسم أنها ستحرر كتاب يمنع بيعه للنساء، وسيكن النسيان هو نسيانكن. بلغة الكاتبة: "اقسم بالله العظيم، والله ثم والله، إن لم تتعظن، لأكتبن كتابا خاصا بالرجال يحظر بيعه عليكن، أسدي فيه لهم نصائح لنسيانكن...بعد الآن النسيان هو نسيان كم" ص278.
عل طول صفحات نسيان كم نجد أحلام تفرق بين الرجال والذكور، وبين النساء والإناث؛ أي أنها تتجاوز التمييز البيولوجي الى التمييز الثقافي، والدور الذي يجب أن يقوم به كل نوع إجتماعي تجاه نفسه واتجاه الآخر. وكأن مستغانمي تريد أن تقول لنا: كل النساء يلدن الذكور والإناث، لكن المواقف وحدها هي التي تلد الرجال والنساء. فالرجولة في اعتقادها "هي التي تؤمن ايمانا مطلقا لا يراوده شك، بأنها وجدت في هذا العالم لتعطي لا لتؤذي، لتبني وتحب وتهب، لا لتقسو وتعذب" ص12، وبهذا التحديد لمفهوم الرجولة تطمئن النساء على حبهن مع الرجال،" عندما يحبك رجل...يود لو يقتسم معك كل ما هو له، بل لو يمنحك كل ما يملك ويغدو ضيفا عليك، لإعتقاده أنه يقيم فيك، ولا عقارات له في الدنيا سواك" ص165. نفهم من قولها، أنها تحاول أن تقنع بنات جنسها من التخلص من أحكامهن القيمية على الرجال، بتعبير آخر تريد أن تقول لهن: راجعوا أحكامكن المسبقة والمعممة على كل الرجال، وخاصة اللواتي ينكرن صفة الوفاء والاخلاص على الرجال. ونحن الرجال نعرف أن مثل هؤلاء النساء يعانون من عقد نفسية تجاهنا، وكما هم بعض الرجال الذين يخطون على نفس الدرب، ويعممون حكمهم على النساء ويتهمهن بالخيانة. والحقيقة أن الانسان بجنسيه، نجد الأوفياء والمخلصين والوفيات والمخلصات، والخائنين والخائنات...لهذا تقول أحلام: هناك رجال سادة للوفاء جاهزون للموت عشقا، كما ثمة نساء خائنات ظالمات وجبارات وخائنات أيضا" ص198.
حقيقة، أحلام مستغانمي حين تريد أن تحلل الشخصية العربية، لا تميز بين الرجل والمرأة، وإنما تحلل الانسان العربي بنوعيه، وذلك انطلاقا من محيطه، وكأنها تؤكد نظرية كارل ماركس الإنعكاسية، والتي تتمثل في أن الواقع الاجتماعي هو الذي يشكل ويحدد وعي الانسان وليس العكس. فماركس حين قال هذا لم يكن يفرق بين الجنسين، وإنما جعلها قاعدة سارية المفعول على الجميع، وصالحة للتعميم على النوع الاجتماعي. وعلى درب ماركس، وخاصة في هذه النقطة بالذات سارت الروائية في تحليل شخصيتنا.وذلك ما يميزنا كعرب من كسل، خمول واتكالية...لذلك تكتب " الانسان العربي قدري بطبعه...يحمل في تكوينه جينات التضحيات الغبية، للوطن والحاكم المستبد، وللعائلة وللأصدقاء"ص 65، وايضا تكتب "عبر التاريخ الشعوب العربية تكرر نفس الحماقة، والتي تتجلى في الاتكاء على محتل لتخلص من طاغية" ص274.
كما قلت سابقا أن هذا الكتاب يحظر بيعه علينا نحن الرجال ، وهذا في اعتقادي مزحة ألفناها، ولا طالما عودتنا عليها أحلام في العديد من منشوراتها التي كانت تكتبها على جريدة الأخبار المغربية، وذلك في عمود بعنوان "ممنوع على الرجال"، ودائما كنت أقرأ هذا الممنوع قبل قراءة عمود "شوف تشوف"، وهما عمودين يوجدان في آخر صفحة من الجريدة التي يديرها "رشيد نيني"، يعني أني كنت أقرأ الجريدة بالمقلوب، بمعنى أني كنت أبدأ بالصفة الأخيرة وأتجه نحو الأولى، وذلك في اطار الممنوع دائما ههههههه. نعم أنا أحد هؤلاء الرجال الذين يتسللون دائما لممنوعات أحلام، لأنني أجد فيها من البلاغة وفصاحة التعبير ما يروي عطشي المعرفي، وما يشبع جوعي الأدبي، وذلك وعيا مني أن "تجسسي" هذا لا يقلق أحلام ولا قارءاتها، لأن الكاتب لا يميز بين قرائه رجالا ونساء، كما لا تميز الأم بين أبناءها ذكورا وإناثا، وأحلام تعرف أن قراءها من الرجال سيظلون أوفياء لها، كما هم أوفياء لحبيباتهم تماما. وأحلام تعلم بتسللنا هذا، وتعبر عنه ب "أشتم رائحة رجال يتجسسون علينا بين الصفحات" ص130. لهذا نجد داخل كل ممنوعات أحلام ارشادات ونصائح ومواعظ مقدمة لنا بالمجان، إيمانا منها أننا لن نتخلى عنها.
هذه الكلمات "الرنانة" ليست تبريرات أقدمها على جريمة تجسسي، كما ستفهمها صديقة صديقي وأمثالها، وإنما هي بوابة لأنبهها وأمثالها، اللائي لن يترددن في اتهامنا أننا اقتحمنا "حريمهن" المحرم علينا، نقول لهن: مهلا أيتها العزيزات...وأعذورني أن اقول لكن: أن هذه الرواية ليست محظورة علينا فقط، بل حتى عليكن، لأن الكتاب كتبته أحلام "للصابرات وللعاقلات منكن، بنية دعم صمودهن في وجه عواصف الذاكرة ورياح الحنين" ص135.
بالعودة الى صديقة صديقي التي لا اشك أنها كانت من الحبيبات الطيبات الحنونات اللواتي أصبحن يتضرعن الى الله كي يهلك حبيبهن، والكاتبة قد وفرت لهن نماذج من هذه الأدعية، وهذه حقيقة لا غبار عليها، تترجمها معاملتها السيئة في الانتقائية لأقوال أحلام كما سلف الذكر، ببساطة لأن صديقتنا "تربت على الحاكم الأب، والقائد الأب، ولم تعرف للرجولة رمزا إلا حكاما شابوا على الكرسي" ص99. وصديقتنا هاته نموذج المرأة التي تشبهها احلام بالشعوب العربية التي " تتآمر على قضيتها، وتخون بنات جنسها ولاء منها لولي قلبها" ص13.
آخيرا اقول لصديقتنا وأمثالها رجاءا القليل من النضج، ولا تجعلوا أحلام سلاح لكن تحملونه في وجهنا، فأحلام تصرح للواتي ينقلنا عنها بأمانة ولا يفصلن قولها من سياقه، فتقول: " يروون عني أقوالا لست واثقة تماما من صحتها، ونصائح ما خبرت عواقبها. فأنا لا أملك لهم فتاوى ولا مواعظ ولا أحكاما شرعية" ص 21، إن كانت أحلام تقول هذا للذين واللواتي يتحملون المسؤولية الأخلاقية والمعرفية في النقل والاقتباس، فلا أظن أنها ستكرر نفس الكلام لصديقة صديقي وأمثالها، وإنما ستقول لهن بملىء حنجرتها إذا علمت بسلوكهن هذا أن النسيان هو في الأصل نسيانكن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في


.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/




.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي