الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصورة تكذب-العلاج النفسي الأدبي 11-

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)

2016 / 12 / 11
الادب والفن



- هذه صورتك؟!
- أجل صورتي.. لماذا أنت مستغرب؟!
-كنت تضعين ( الحجاب)؟!
- أجل، ألا يحق لي؟!
- طبعاً يحق لك، لكنني مستغرب لأني كنت أتخيلك علمانية منذ الأزل...
- هل تعتبر العلمانية ديناً! هذا خطأ شائع.. العلمانية ليست ديناً، تستطيع أن تكون يهودي علماني، مسيحي علماني، ملحد علماني، لا ديني علماني...

هي ليست دين، هي فصل للدين عن الدولة و السياسة..أياً يكن هذا الدين...
أنا كنت علمانية منذ الأزل، كنت أضع (حجاب الشعر) -بحكم العادة، و العائلة- لكني في عمري لم أضع حجاباً على عقلي..
دوماً عقلي قابل للتفكير، و للعمل، لحب الله، و تكسير الصنم…

من رواية " علي السوري" بقلم: " لمى محمد"
********************


الصورة دوماً تحكي حكاية ناقصة.. صورة الطفلة “ ألنار ” تحمل لعبتها و تضحك.. صورة حفل زفاف مهيب و عروسين جميلين.. صورة لفتيات عاريات تنط صدورهن نطاً كضفادع و قطط..

و تنهال التعليقات حول الصور.. و كل طرف يرى الصورة كما يحب أن يراها...

كل الصور في العالم تحكي أنصاف حكايا.. أنصاف حقائق.. لكن الحقيقة الكاملة تكمن في الحكاية.. في كل القصة و ليس في لقطة منها...

******************

-صورة " ألنار":

ماذا لو علمنا أن الطفلة “ ألنار” تم تشخيصها بمرض السرطان!
الشعور الذي ستمنحه الصورة حزن، أليس كذلك؟!
ماذا لو قلتُ لكم أن سرطانها ممتاز الانذار و أنها ستشفى كليا” بعد الجراحة : الشعور أمل..

ثم أخبرتكم أن عائلتها لا تملك مالاً لإجراء الجراحة: الشعور غضب..

و في النهاية جاء فاعل خير و تبرع بمال الجراحة : شعور السعادة و الامتنان…

و هكذا صورة واحدة.. لقطة واحدة.. لحظة واحدة لا تحمل إلا شعوراً واحداً و الشعور الواحد يسرقنا لدرجة التطرف و لدرجة الانحياز…

يقول “ الرومي” في هذا السياق:
“الحقيقة كانت مرآه بيد الله وقعت وتشظت، كل فرد أخذ قطعة منها، نظر إليها وخال أنه يملكها كاملة.”…

و الرومي حتماً محق، فالعقل هو ملعب المشاعر كلها و القصص الكاملة-ليس الناقصة-.. لذلك يتنحى العقل أمام الصورة الواحدة، و لذلك أيضاً: يكمن في اللقطة الواحدة كامل التطرف !

بقياس ما سبق على (الربيع) العربي: كل الناس تحسن التقاط الصور.. و كل الناس في اللاوعي قابلة للتطرف، بحسب ما تقتضيه مصلحتها…

و بوجود الفضاء الافتراضي (ملكوت الصور)، نُقلَتْ الصور بحسب الشعور الواحد لملتقطها.. و كمن خراب الدول في إعلام أنصاف الحقائق…

فشلت الثورات العربية فشلاً ذريعاً.. لاحقةً بفشلها الأنظمة.. تلك الأنظمة الهزيلة نفسها التي عوّدت شعوبها على سياسة الصورة الواحدة و الوجه الواحد الأوحد للحقيقة!

و إن كنا اليوم نقول الجميع بلا أي استثناء و لا أي تهميش حمل المسؤولية في خراب بلده، فنقول أيضاً :
“ كنّوا و استحوا، و شاهدوا “ألنار” بكامل عقلكم و مشاعركم.. لا بما تقتضيه مسايرة مصلحة قطيعكم “!
********************


-صورة حفل الزفاف المهيب:

عروسين جميلين.. فستان زفاف أسطوري: شعور فرح؟
ماذا لو قلت لكم أن العرس مفروض على العروس.. زواج مصلحة و تقارب نفوذ: شعور قرف؟
ماذا لو علمتم أن العرس لم يكتمل و أن العروس فرت مع حبيبها أثناء الحفل: أمل أم دهشة؟
ثم لو أخبرتكم أن الحبيبان قضوا في حادث سيارة: حزن؟
و حادث السيارة مفتعل: غضب؟
و هكذا..
اللقطة الواحدة خداعة.. و كاذبة.. أجل جزء الحقيقة : كذب كبير…

يهاجر سكان المنطقة العربية منذ زمن بعيد- و حتماً من قبل زمن الثورات بكثير- إلى الغرب.. أنا كنت منهم…

قايضت صوتي ثمناً لحضارة أخرى، و دخلت الولايات المتحدة بالكاد أتحدث الانجليزية.. تذكرون كيف باعت حورية الماء الصغيرة صوتها لتتبع حلمها.. أنا أيضاً قايضت صوتي في سبيل كتب غير منتقصة الأجزاء و كلمة “ لا “ غير جبانة.. في سبيل أحفاد بلا أحقاد.. و ملكوت لجميع المشاعر غير خاضع لسلطان القطيع .. كان أمامي خيارين:
الاستمرار أو الاستمرار…

لست بصدد ذكر من و ما وقف في وجهي، لأنني مازلت في أول الطريق.. لكنني حتماً أذكر و أستذكر كل يوم أن حصان الإرادة التي أعتليه سحريٌّ، و سوف يصل بي يوماً ما!

السحر في حصان إرادتك أنه غير متطرف.. متسامح و حكيم، و إن كان ليس كذلك، فهو ببساطة: ليس سحري..

حصانك يستمد قوته من الماضي.. لذلك لا تنسى ماضيك.. و لا تقتلع جذورك!

عندما قامت الثورات نسف البعض كل ما كان في أوطانهم.. اقتلعوا كل نسغ أكلوا منه يوماً.. جميع الأطراف في الحرب على الأوطان - إلا من رحم ربي- تطرفوا و لجأوا إلى ملكوت الصور!
من يعتقد أن خراب وطنه تم بيد طرف ما، فهو يقنع ضميره بأن تطرفه كان مقبولاً و سليماً…

البسطاء دفعوا جميع فواتير إقناع الضمائر المتطرفة!

ما نحتاجه اليوم هو “ زبد الأديان جميعا” ، و زبد أي دين هو التسامح..
سامح و استمر.. حصانك( السحري) سيصل بك إلى حيث تريد…
*******************



-صورة الفتيات العاريات: خجل..دهشة..
أقول لكم : الصورة لفتيات باعتهن “ داعش” لمال نفط و جوارٍ: شعور غضب.. قرف؟
الفتيات هربن من المقرف القذر : أمل ، فرح…
متنّ جميعاً في حادث تفجير - مجهول التبني- في العراق : حزن.. قلق.. خوف…

فشلت الثورات لكثير من الأسباب، أما خراب البلدان فبلا شك حدث بسبب تعميم ثقافة الوحوش.. تعميم الفرح بموت طرف ما، أو بأحسن الأحوال تجاهله!
يفشل الناس في حياتهم بسبب التعميم: تعميم السعادة: و السعادة جزء من ملكوت الشعور و لا يصلح أن تحتله..
و تعميمات أخرى…

قابلت الكثير من الناس في حياتي، صادقت قلة منهم.. زاملت الكثيرين..

و علمتني الحياة أن الناس يستطيعون الاستمرار في أي علاقة باكتشاف المشاعر الحقيقية فيها و حولها..
نعم تستطيع تقبل من عمم شعور غيرته حتى آذاك.. إذا ما قلت لضميرك “ التسامح زبد الدين”..
تستطيع التعامل يومياً مع من عمم شعور كرهه إلى محاولة قنص نجاحك.. إذا ما فعلّت شعور الشفقة عليه…

التطرف ملح الحروب، و الهواء لها.. الحياة الإنسانية لا تحتمل التطرف.. لهذا عاشت الحيوانات في قطعان، بينما تفرد الناجح و المتسامح في عقله و حلمه…


يقول الرومي أيضاً: “ هناك خارج ما تعتقده أنت صحيح.. و أعتقده أنا صحيح.. حقل جميل.. سوف ألاقيك فيه”…

و أقول لمن يقنع ضميره بأحقيته في التطرف:
“ هناك خارج حربي و حربك طفلين ضائعين لا يعرفان بعد معنى الكراهية.. تعال معي لنجدتهما…”…

يتبع…








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه