الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائفية والبطالة والفقر روافد تصب في حفرة الإرهاب

فلاح أمين الرهيمي

2016 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


الطائفية والبطالة والفقر روافد تصب في حفرة الإرهاب
إن القوانين الاقتصادية وضعت من أجل بناء قاعدة متينة ومستقرة تخلق التوازن والاستقرار بين السلع والحاجيات وأبناء الشعب حسب قاعدة (من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته) الذي يساعد على توفير السلع والحاجيات في متناول جميع أبناء الشعب وفي بعض الأحيان تفرض قوانين اضطرارية بحيث لا تؤدي إلى خلل في معيشة أبناء الشعب وحينما تمنح الدولة زيادات في رواتب الموظفين والمتقاعدين تفرض ضوابط وثوابت في السوق بعدم زيادة أسعار السلع والحاجيات والخدمات حتى يستطيع الموظف والمتقاعد من استغلال الزيادة في راتبه في توفير بعض متطلبات العائلة الترفيهية أو بعض الضروريات التي كان يتعذر على رب العائلة قبل زيادة راتبه القيام بها وإنجازها. إما في العراق المذبوح وشعبه المستباح نجد التناقض والتنافر العجيب والغريب في تلك الظاهرة، ففي الوقت الذي يعيش أكثرية أبناء الشعب العراقي في مستوى الكفاف أو دون مستوى الفقر بسبب الفساد الإداري المستشري في الدولة العراقية التي جعلت خزينة الدولة خاوية وبدلاً من أن تلاحق الدولة (اللصوص والحرامية) وتستعيد منهم الأموال المسروقة أو تزيد رواتب الموظفين والمتقاعدين اتجهت إلى فرض زيادات مجحفة من الضرائب على الطاقة الكهربائية والماء ورفعت يدها من دعم البطاقة التموينية والخدمات الصحية والتربوية وغيرها التي أصبحت ترهق ليس الموظف والمتقاعد التي زادت الاستقطاعات في رواتبهم وإنما جميع أبناء الشعب. كما أدى ذلك إلى كساد في السوق بسبب ضعف الطاقة الشرائية لدى الموظفين وأفرزت هذه الظاهرة إلى اختفاء الطبقة الوسطى فأصبح الشعب العراقي يتكون من طبقتين الأولى أتخمها الفساد الإداري والطائفية والثانية تعيش في مستوى الكفاف أو دون مستوى الفقر وقد أفرزت هذه الظاهرة أيضاً انتشار ظاهرة التسول ولعجز أولياء الطلبة من معيشة عوائلهم وتكاليف مصاريف الدراسة إلى سحب أبنائهم من كراسي الدراسة ورميهم في العمل كعمال في تشييد الدور السكنية أو عتالين أو بائعين أكياس نايلون كما أدت عجز الدولة عن إقامة المشاريع الإنتاجية واستصلاح الأراضي الزراعية إلى ظاهرة البطالة بين الخريجين من الجامعات ومجتمع الفلاحين الذين يمتهنون الزراعة وأصبح كثير منهم يمارس مهنة (سواق تاكسي) وأصبحت الدولة تعتمد على إنتاج النفط فقط (دولة ريعية) والاعتماد على الضرائب من الموظفين وعلى الاستقطاعات من رواتب الموظفين والمتقاعدين كما أصبحت الدولة عاجزة عن دعم المؤسسات الصحية والتربوية والخدمية كما ضاعفت أسعار الوحدة الكهربائية والماء والعلاج في المؤسسات الصحية وغيرها.
إن الدولة تبرر فرض الضرائب والاستقطاعات وانقطاع التيار الكهربائي وشحة توفر الماء وغيرها بأعذار وأسباب ما أنزل الله بها من سلطان، فتعزي أسباب انقطاع التيار الكهربائي والماء إلى عدم تحمل الطاقة الكهربائية بسبب التوسع الكبير في استعمال المكيفات ووسائل التدفئة والطباخات على الطاقة الكهربائية لأن إنتاج الطاقة الكهربائية لم تشيد المكائن الكافية وبقيت تلك المكائن التي تنتج الطاقة الكهربائية كما كانت أكثر من عشرة سنوات بينما كان المفروض بالدولة أن تأخذ بنظر الاعتبار التوسع السكاني والتنمية البشرية خلال الفترة الزمنية ما قبل أكثر من عشرة سنوات وكذلك تعزي أسباب انقطاع المياه عن بعض المناطق إلى نفس الأسباب وإن هذه الأسباب والعوامل تتحمل مسؤوليتها الدولة وليس المواطن. ونفس الشيء بالنسبة إلى السعة الكبيرة في استعمال وسائل التدفئة والتبريد والثلاجات والطباخات وإن هذه السلع هي مستوردة من خارج العراق ألم يكن من المفروض بالدولة أن تمنع استيراد هذه الوسائل ولم تترك الحدود مفتوحة وسائبة بدون حسيب أو رقيب ؟
إن الدولة تتحمل ظاهرة الطائفية والفقر والبطالة حسب قاعدة تقول (كيف ما تكون الدولة ينعكس على الشعب سلبياً أو إيجابياً).
فالطائفية بالرغم من وجودها قبل قرون من الزمن في العراق إلا أنها لم تكن بهذه السعة والعمق في الفترة ما بعد عام / 2003 والذي بدأها (الملعون) بريمر الحاكم الأمريكي على العراق بعد احتلاله من قبل الولايات المتحدة الأمريكية عام / 2003.
في أحد الأيام ركبت سيارة تاكسي فتبين لي أن السائق من أهالي الموصل فسألته عن حياته ومعيشته فقال لي : إن عائلتي تتكون من خمسة أفراد كنا نعيش في أحد الجوامع وأخيراً استأجرنا غرفة في حي المحاربين حشرنا أنفسنا فيها وشكى من مساعدة الدولة له ولعائلته وهو لا يملك سوا هذه السيارة مصدر معيشته وعائلته وأجور الغرفة .. فسألته برجاء أن لا يكون سؤالي محرجاً له وقلت له : أنتم السبب في دخول داعش إلى الموصل فأجابني بألم وعيونه قد اغرورقت بالدموع .. نعم إن البعض من أهالي الموصل من الطوائف الأخرى ساعدت داعش على دخول الموصل وكان أملهم أن تخلصهم وتساعدهم من الاضطهاد والتفرقة الطائفية ..!! أما البطالة والفقر الذي خيما بكابوسهما على صدور الشعب العراقي .. فيكفي ذلك أي إنسان يذهب في صباح أحد الأيام إلى تجمع عمال البناء بمنطقة باب الحسين في مدينة الحلة ويسأل عن عدد الخريجين والطلاب الذين تركوا دراستهم ورموا بأنفسهم في العمل من أجل لقمة العيش لهم ولعوائلهم .. أما البطالة من خريجي الكليات الذي قضوا شبابهم في الدراسة وسهروا الليالي من أجل العلا ينتظرون تخرجهم وعندما يحققون طموحهم في النجاح تستقبلهم مستنقعات البطالة فيشدون أحزمة السفر والهجرة إلى أرض الله الواسعة من أجل لقمة العيش فتستقبلهم حيتان البحر وأسماكه بعد غرق المئات منهم في البحر الأبيض المتوسط .. ومن يريد أن يعرف أكثر فعليه الذهاب إلى المقاهي التي كثرت أعدادها فيشاهدون أولئك الشباب يستنشقون دخان النركيلة وفي أحد الأيام أخذت أمزح مع أحدهم فقلت له : حينما رأيت الدخان يخرج من أنفك تصورت أنها فتحة مصنع لصناعة الطابوق ..!! فقال لي : بحرقة وألم إنني أريد أن أموت ..!!
أما الفقر الذي عض بنابه كثير من العوائل فأخذت تجوب الشوارع والأسواق تمارس عمليه التسول والمساعدة من الآخرين ..!!
هل نلوم هؤلاء البشر إذا أصبحوا إرهابيين .. أو حرامية .. أو منحرفين ..!!؟
إن الأكثرية من أبناء الشعب العراقي أصبح تمسكهم قوتان ... قوة وحسب ونسب فيدرك حاجته ورغبته فيطمئن .. والآخرون يتمسكون بالصبر .. ولكن ما هو مصير وسلوك الإنسان الذي لا يملك القوة والنسب والحسب ولا يملك الصبر .. فيصبح في حالة يرثى لها من الحيرة والألم والمأساة والصراع النفسي والعذاب.
إن المسألة ليست هل وإنما لماذا ومتى تنتهي هذه المسرحية والسيناريو الذي جعل الإنسان العراقي يركض وراء لقمة العيش له ولعائلته ... هل هذا السلوك والتصرف مقصود حتى يبقى الإنسان العراقي يبحث فقط عن لقمة العيش له ويشبع بها بطون أفراد عائلته الخاوية وحتى يصبح بعيداً عن السياسة وحتى عن تربية أطفاله ..!!؟
فلاح أمين الرهيمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج


.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص




.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #


.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في




.. شبكات | -دبلوماسية الشاورما- في زيارة الرئيس الألماني لتركيا