الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في العَجَلة .. النَدامة

امين يونس

2016 / 12 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


عندما يمُرُ بلدٌ ما ، بظروفٍ صعبة ويُعاني من أزماتٍ حادّة ويئنُ ناسه من الحرمان وسوء العَيش ، فأن قادته وحكامه ، في العادة ، يتصرفون بأقصى سُرعة ، ويُأجلون إلتزاماتهم غير الضرورية ، بل ويقطعون زياراتهم ويعودون على الفَور ، لِمُعالجة الأوضاع . إلاّ في أقليم كُردستان العراق ، فلا حاجةَ للإسهاب في كَم الأزمات المُستفحلة ، والحدود الخطرة التي وصلتْ إليها معاناة شرائح واسعة من المُجتمع ، والخلافات والتقاطعات بين الأحزاب السياسية ... ورغم كُل ذلك ، فأن أصحاب القرار في السُلطة ، أي الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني ، ليسا مُستعجلَين البتّة .. فحتى بعد كلمة السيد " مسعود البارزاني " قبل حوالي الشهر ، التي وردَ فيها بأنهُ مُستعد للتخلي عن رئاسة الأقليم ، ودعا الأطراف السياسية لترشيح شخصٍ آخر مكانه ، ودعا الأحزاب السياسية للجلوس على طاولة المفاوضات لإيجاد حلول للمشاكل الراهنة ، فأن الخطوات العملية التي أعقبَتْ ذلك ، ولا سّيما من قِبَل حِزبَي السُلطة ، كانتْ بطيئة كثيراً وغير جّدية بدرجةٍ كافية . وأدناه بعض المُلاحظات :
* الحزب الديمقراطي الكردستاني ، من الناحية الفعلية ، مُسيطرٌ على معظم إيرادات النفط والغاز وكذلك لهُ اليد الطولى في العلاقات الخارجية . ويتصرفُ بالفعل وكأنهُ " الحزب القائِد " . إضافةً إلى ان جميع ممثلي الديمقراطي ، سواء في بغداد أو أربيل وفي جميع المواقع ، يعزفون على نفس النغمة ويرددون نفس الطروحات .
* الإتحاد الوطني الكردستاني ، رغم محاولات رأب الصدع الداخلي ، فأنهُ مُقّسَمٌ بصورةٍ دراماتيكية ، وهذا الإنقسام يُؤثِر سلباً على مُجمل الحالة في الأقليم . ومن مظاهِر الإنقسام : كُتلة الإتحاد في مجلس النواب العراقي ، نّسقتْ مع حركة التغيير والحزبَين الإسلاميَين ، من أجل تمرير مشروع ميزانية 2017 ، والتي ألزَمتْ فيها الأقليم بتصدير 550 ألف برميل نفط يومياً من خلال " سومو " وتدفع بغداد بالمُقابِل رواتب موظفي الأقليم ورواتب البيشمركة . إلا ان الإجتماع الأخير لمجلس وزراء الأقليم ، والذي صدرَ عنهُ بالإجماع قرارٌ برفض مشروع ميزانية بغداد لسنة 2017 لأنه ليس في صالح الأقليم ، فأن ممثلي الإتحاد كانوا موجودين في الإجتماع ، ولم يصدر عنهم ، ما يُخالِف ذلك . وهذا يُناقِض تماماً ، ما قامتْ به كُتلة الإتحاد في مجلس النواب في بغداد .
أصبح من الشائِع ، ان يدلي قيادي في الإتحاد ، بتصريحات متشددة ضد سياسة حكومة الأقليم بصدد علاقتها مع بغداد وإنعدام الشفافية في ملف النفط والغاز .. وبعدها بساعات فقط ، يخرج قيادي آخَر من الإتحاد ، بتصريحات مُهادِنة ومُنسجمة مع سياسة الحزب الديمقراطي .
* بما ان أغلب الإنتقادات تصبُ على الحزب الديمقراطي ، فأنهُ المَعني بصورةٍ رئيسية بأن يُبادِر إلى إيجاد حلول . ولكن مُجرَد القيام بتشكيل وفدٍ مُفاوِض ، إستغرقَ عدة أيام ، ثم بدأ بزيارات في أربيل ، لأحزاب ثانوية لاتُؤثِر فعلياً على مُجريات الأحداث ، كالأحزاب التركمانية والمسيحية والحزب الشيوعي ..الخ . وحتى زيارته للإتحاد الإسلامي ، كانتْ على الأغلب ، لجَس النبض أولاً وتثبيتْ " حيادية " الإتحاد الإسلامي ثانياً ! . في حين لم تبدأ المحادثات والمفاوضات الجدية ، مع كُل من حركة التغيير والإتحاد الوطني ، بعد . ويبدو ان " التماطُل " وتضييع الوقت ، يتقاسمه كُل من الديمقراطي والإتحاد ، من خلال :
- إنعقاد مؤتمر الإشتركية الديمقراطية الدولية ، في السليمانية ، برعاية الإتحاد الوطني ، وإنشغال قيادات الإتحاد بهذهِ الفعالية . وكأننا نعيش في تَرَف حياة مُستقِرة هانئة ، لاينقصنا شئ ، سوى عقد مؤتمرات عقيمة لا طائل من وراءها .
- إنشغال قيادات الحزب الديمقراطي ، ببعض مراسيم التعازي ، لعدة أيام .
- سَفر السيد " كوسرت رسول " إلى إيطاليا ، لإستلام جائزة تكريمية من إحدى المُدن الإيطالية . في حين كان في إمكانهِ إيفاد أحد مُساعديهِ للإنابةِ عنهُ والإعتذار بسبب إنشغالهِ بحل أزمات الأقليم ، لكنه لم يفعل وسافر ووفَر حجةُ إضافية لتأجيل المفاوضات .
- التسابُق المحموم ، في عقد كونفرنسات ومؤتمرات ، في كُل من الجامعة الأمريكية في دهوك والجامعة الأمريكية في السليمانية ومراكز البحوث في أربيل ، ودعوة شخصيات عالمية وأكاديميين وحضور كبار المسؤولين الحكوميين والحزبيين في الأقليم ، تحت يافطات كبيرة . طبعاً ، ان إنشغال معظم المسؤولين الفاعلين ، في هذه المؤتمرات ، هو أحد أسباب التلكؤ في البدء بمحادثات جدية بين الفرقاء السياسيين .
- تنظيم تظاهُرات وتجمعات في أربيل ودهوك وغيرها ، للتنديد بتصريحات نائبة في مجلس النواب العراقي ، وإنتظار ردود أفعال من الجانب الآخَر ، من أجل إشغال الناس بهذه الأمور الصغيرة .
.....................
بما أننا إقترَبنا من نهاية العام وحلول أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة ، فمن المنطقي " حسب مقاييس الساسة في الأقليم " ، أن تُؤَجَل جميع محاولات عقد إجتماعات بين الديمقراطي وحركة التغيير والإتحاد الوطني ، إلى مطلَع عام 2017 ... لسببٍ وجيه : إرتباط العديد من المسؤولين الكبار ، بمواعيد سفر الى الخارج بمناسبة الأعياد . وليسَ من المعقول أبداً ، إلغاء رحلات أولئك السادة .. بينما بالمُقابِل ، يُمكن بسهولة ، أن يتحمل الناس ، شهراً آخَر أو شهرَين أو حتى أربعة ، لأنهم تعّودوا على ذلك ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليس إلآ ؟
حسن الكوردي ( 2016 / 12 / 17 - 12:19 )
تحياتي . كل الذي يُقال ويجري في أقليمنا المميز والدم قراطي المتطور العظيم جداً جداًً والذي يعيش الشعب برفاهية نضام صحي وصرف صحي وتعليمي والخ والبعيد عن الدكتاتورية وحكم الشيوخ وتصريح السيد رئيس ألأقليم كلها ليس إلآ ضرطة في سوق الصفافير .!؟ .وشكرا لك

اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو