الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طفلةٌ بحزامٍ ناسف

مريم الحسن

2016 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا تعرفين عن الثورات يا طفلة الميدان الصغيرة
ماذا تعرفين عن الحياة يا فراشة الأحياء الفقيرة
ماذا تعرفين عن كذب الحروب و عن صدقها
ماذا تعرفين عن المؤامرات و المعارضات و خبثها
و سنتان هما كل عمرك
قبل اشتعال اللهيب في ديارنا المستعمرة و الأسيرة
و سنتان هما عمر بكائكِ و لآلئ بسمتكِ
قبل أن يغزونا الحريق و ألسنة اللهيب
بثوبٍ قيل أنه الربيع
و قبل أن يغزونا الخراب و الدمار
بواقع أكاذيب الجزيرة
ماذا تعرفين يا صغيرتي عن مدينتك و عن قصصها
ماذا تعرفين عن تاريخها و عن عزّها و عن مجدها
و ثمان زهرات هن كل مشوار جناحيكِ
و ثمان سنوات هن عمر الطفولة
حول خصركِ
و في وجهكِ و في يديكِ
قبل أن تنسفك أكاذيب المعارضات الخائنة
و مفخخات الثورات المنافقة
و تطيري أشلاءً ممزقة
بوجهٍ دامى
و رأسٍ مقطوع ...
لم يتركوا منه إلا أثاراً مغبّرة .. لربطة شعرٍ حول الضفيرة
ماذا تعرفين عن تعداد السنين
و عن عمر العطر في الياسمين
ماذا تعرفين عن الذكريات و البسمات
ماذا تعرفين عن الفرح و اللعب و الرقص مع الضحكات
أكنتِ تضحكين قبل الموت؟
أ غرّد فمكِ يوماً بهكذا صوت؟
هل غنّيتِ ألحانه مع الرفيقات على الطرقات
أم أن كل أفراحك كانت بسمة شكرٍ
لرغيف خبزٍ
بلّله ملح مقلتيكِ على أرصفة الشوارع في المدينة
و خبّأته الدموع من الجوع
صورة أو خيال
في خوف ذاكرتكِ و في حزن نظرات عينيكِ؟
ماذا تعرفين عنا؟
عن أهلك؟
أحقاً كنّا أهلك؟
هل احتضنا حقاً قهركِ
أم أننا أضعناكم و ضعنا
و صرنا تجار حروب
و صرنا ثواراً بلا قلوب
و صرنا أصواتاً صادحة
على المنابر
و جيبنا أمام فقركم مثقوب
ماذا تعرفين عن كل هذه القذارة التي عشعشت في فخامة منازلنا
و ترف قصورنا و ملابسنا
و زخارف كنائسنا و جوامعنا
و فاضت من أكاذيب الوحوش في شوارعنا
و انهمرت كالمطر زخّات زخّات من نفاق منابرنا
خجل الكلام أمامكم
أبعد اغتيال طفولتكم
و تفخيخ أجساد براءتكم
مطرحاً للخطب أو للشعر أو للتنظير
أو للشرح أو للتفهيم أو للتنوير
صمتٌ ...
هو الصمت فقط لغة الألام
صمتٌ...
هو الصمت فقط أبلغ الكلام
ماذا تعرفين عن غباء العرب؟
هل تعرفين من هم العرب؟
هل سمعت بهم يوماً؟
هل كنت تعلمين أنك عربية؟
هل سمعت عن حالة تسمى استمراء قيد العبودية؟
العرب يحبون القيود
و العرب يعشقون التآمر و التباغض و نقض العهود
تعودوا الذل فاستعذبوه
و تفننوا في صوغ و تجميل
و تقديم و تزيين أشكال الخيانة و التبعية
ماذا تعرفين عن سورية
جميلة جداً كانت سورية
عروسة هي في الشرق كانت
لم يكن مثلها جميلة بين الأقطار العربية
ماذا تعرفين عن الإسلام
أكنت يا ترى مسلمة أم كنت مسيحية؟
أم كنت سنية
أم كنت شيعية
أو ربما علوية
أو حتى درزية أو اسماعيلية
هكذا هو الإسلام يا صغيرتي مذاهب و طوائف
هكذا أرادوه
فأسروه و استعبدوه
و صدقتهم كل آذان الرعية
الحرب خطط و فنون يا صغيرة
و نحن منذ مئات القرون نعيش الرق
كما الدواب في الحظيرة
و نعيش الحروب بكل أنواعها و نعيش استمراء العبودية
مع أننا كنا نملك كل اسباب النهوض
و خصّنا الله بجينات المقاومة و الصمود
و نملك كل أدوات الحرية
لكننا تعودنا العبودية
فصرنا أغبياء و صمدنا لتحيا التبعية
الحرب فنون و خطط يا صغيرة
ماذا تعرفين انتِ عن الاستراتيجية
سأقول لكِ ما الاستراتيجية
سأحدثكِ عن استراتيجيات العرب
استراتيجيتنا يا صغيرتي أن نصدق كل ما يقال لنا
خاصة إذا وصلنا نقلاً عن فلان عن فلان الذي مات قبل الفٍ أو ألفَي عام
أو أتانا على شكل دراسات أو تقارير من أفواه الغرب
الغرب ماهرون
و الغرب أقوياء و أذكياء
و نحن مجرد عرب أشقياء و أغبياء
هذا ما رددوه لنا لسنوات و لسنوات
هذا ما قالته لنا أخبار الصحف و الكتب
و التلفزيونات و الإذاعات
و الإشاعات
هذا ما أشاعوه عنا
حتى صدقناهم بأنا
نحن هم أراذل القوم
و نحن الذين سكنا فيما مضى أرض العلوم و الإنسان و الرسالات
و سكنا و نسكن حتى اليوم مهبط أسرار السماوات
و مع أن ديننا دين حرية
و ديننا دين سلام و رحمة و إنسانية
ديننا دين النهوض و رفض التبعية
لكننا أسرى
و الغباء فينا استشرى
و حاكمنا كان أحمق أو ربما كان ذكي
فكرسي ملكه اغتال فينا الإسلام
و صدقنا نحن كذب الحكام
فأذلّونا
و جهّلونا
و ثقّفونا
على أن الأمل فينا قد مات
و شبحه ينتظر القيامة معنا كما الأموات
و الإسلام هو ما نعيشه و نمارسه من خزعبلات
هو طوائف و مذاهب و خرافات
و كأن الله قال تفرقوا
و كأن الله قال تحزّبوا
و لم يقل بأن من اعتصم بحبلي و ما تفرق
ما خسر
و فاز بنعيم الأرض
و جنة عرضها الأرض و السماوات
هكذا نحن يا صغيرة
أمم كثيرة في امة واحدة نتقاتل و نتناحر
نعيش على كلأ الماضي و ننسى غدنا و الحاضر
لا نعرف شيئاً عن المستقبل
المستقبل ليس من اختصاصنا
المستقبل اختصاص زرعه الله في جينات الغرب
و نحن علينا فقط أن ننزف الدماء
و أن نموت
و أن نجوع
و أن نُنكت على جراحنا
و نبكي عليها
إذا ما لمع سؤال عن حالنا في الخاطر
هذه هي استراتيجيتنا يا صغيرة
فضحوها
و كشفوها على العلن اليوم الدواعش
مرآتنا هي داعش
من تآمر علينا؟
هل حقاً تآمروا علينا
أم أننا نحصد اليوم ما زرعناه بالأمس من جهلنا بيدينا
الحرب خطط و فنون يا صغيرة
و استراتيجيات
و التقدم و التطور و الحاضر و المستقبل أيضاً استراتيجيات
و الاستراتيجيات تصوغها العقول
و نحن العقل فينا قد مات
قتلناه و دفنّاه منذ مئات السنين
و اليوم هو مثلنا ينتظر قيامته من بين الأموات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE