الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتور مابوس 1922 (فريتر لانغ):سينما حديثة متطورة سابقة لعصرها ينقصها الكلام فقط

بلال سمير الصدّر

2016 / 12 / 19
الادب والفن


الدكتور مابوس 1922 (فريتر لانغ):سينما حديثة متطورة سابقة لعصرها ينقصها الكلام فقط
الدكتور مابوس الذي سيعتبر لاحقا كانعكاس شخصي للمخرج خاصة عندما هرم لانغ واصبح يلبس نظارة بعين واحدة،وهذا الكلام ينقصه الكثير من الدقة،وكل الاحترام للسيد فريتر لانغ الذي من المستحيل أن يكون على هذا القدر من الشر الذي عالجه من خلاله هذه الشخصية والتي سيعود الى معالجتها لاحقا عام 1933 وعام 1964 كآخر فيلم يحققه في حياته المهنية.
يقدم لانغ ملحمة شخصية من اربع ساعات تقريبا مقسمة على جزأين،يدعى الجزأ الأول منها بالمقامر العظيم/صورة عن العصر...
القصة بشكل عام تروى باطالة متعمدة،ولا يوجد أي حنكة ملاحظة في سردها،على ان الشيء الملاحظ والذي من الممكن قوله عن الفيلم بكل سهولة،أن هذه الملحمة التي تعاون لانغ على كتاباتها مع زوجته(Thea Von Harbou)،واعتبره العديد أول فيلم (Noir)،هو ان السينما التي نراها أمامنا هي سينما حديثة متطورة سابقة لعصرها ينقصها الكلام فقط....
نحن نقول ان هناك فن سينمائي تقليدي في كل شيء،خالي من المضمون حتى لو اعتبر لانغ أن شخصية مابوس هي تعليق اجتماعي على الانتفاخ(التضخم المالي)،وتدهور وانحطاط الوضع الحالي،وهذا الكلام صحيح لايمكن انكاره،ولكن من ناحية فنية لايمكن القول ان لانغ يعمد في هذه السردية المكثفة أن يقدم شيئا واضحا من نقده الاجتماعي....هذا ان كان ملاحظا في بعض اللقطات من الفيلم.
مابوس شخصية شريرة،تطورت فكرة الشر بالنسبة اليه ليس للقيام بالجريمة وحسب،بل امتلكه هاجس السيطرة والعظمة وحب الامتلاك والتحكم في مصير الناس واقدارهم...لكن هل بالضرورة أن تكون هذه الشخصية محسوبة على التعبيرية؟
هناك لقطة يظهر فيها مابوس من أمام خلفية سوداء كالوحش تماما،وهو يتلاعب بأحد لاعبي القمار ويفرض سيطرته الخفية عليه من خلال استخدام النظارات الصينية مربعة العدسة...
هذه اللقطة تشير الى تعبيرية ادبية اكثر منها سينمائية،فعندما يظهر مابوس على هيئة وحش،فهذا ليس تشويه للواقع بقدر ما هو انعكاس لما يدور في ذهن المحقق...
هذه اللقطة تتطور الى شيء أكثر عموما وشمولا،لأنه يتحول الى شخص وحشي تماما حتى بالنسبة للمشاهدين ويتمكن من التحكم الخفي بتصرفات الآخرين للقيام بما يريده منهم.
قلنا أن لانغ يتعمد رواية تفاصيل طويلة لا تحمل أي غرابة في الموضوع ولا في الشكل أو في الشخصية ولكن هناك اشياء اخرى يجدر علينا الاهتمام بها...
يستخدم لانغ التعبيرية بشكل واضح في الفيلم على انها ليست ذات جاذبية كبرى أو ذات منحى كبير في التأثير سوى في الملاحظة،ومن الوضح ان لانغ يحاكي قدرة الدكتور كاليغاري بالتحكم بتصرفات الآخرين من خلال الدكتور مابوس.
الدكتور مابوس يستخدم معاونا أحمق بدين مشوه،وعلينا أن لاننسى ان التعبيرية عالجت الجانب السيء للأنسان
من خلال شخصيات خارجة عن المألوف،ولكنها مع تطور وتقدم الزمن باتت تقليدية الاستخدام السينمائي،فهناك حاجز نفسي،ومن الممكن ايضا اخضاع الشخصيات التعبيرية للتحليل النفسي،ولكن هذا لايحمل القدر الكبير من الأهمية بقدر ما تحمل فكرة الشر نفسها هذه نقطة...
اما النقطة الأخرى،فهي اصرار لانغ على ان يضع البذرة الحقيقية للسينما التقليدية بمعناها المتعارف عليه الآن،أي القاعدة الاساسية لشعبية السينما،وعلى الرغم من ان عنصر الميلودراما تقريبا خالي من الفيلم الغالب عليه السرد،ولكن هذا لاينفي أن الميلودراما قد لاتكون خطأ كبيرا في ذلك الزمن وايضا ان كانت الحبكة غاية في السهولة ولكن من الضروري ان تفهم بحذافيرها.
والسؤال الذي يطرح نفسه،هل تستطيع السينما الصامتة أن تخترع حبكة صعبة...؟!
بالتأكيد نعم...قد يكون فيلم كلب اندلسي خير مثال على ذلك،على ان كلب اندلسي في بعض الأحيان يعتبر صورة أكثر منه فيلم،ولو كان غودار على قيد الحياة في ذلك الوقت لصنع أعقد فيلم عرفه التاريخ السينمائي الصامت،وليس من البعيد أن تخطر هذه الفكرة على بال غودار في الوقت الحالي....
من الجدير ذكره أن غودار حقق لقاءا مطولا مع المخرج فريتر لانغ على هامش تحقيقهما فيلم ازدراء،حيث شارك لانغ كممثل بشخصيته الحقيقية كمخرج.
الجزء الثاني من الفيلم بعنوان:الجحيم/مسرحية عن انس العالم المعاصر
يعتمد على نقد الصفة البرجوازية عند الانسان،وهذا يدفعنا الى القول ان لانغ يتمتع بحس من القلق الاجتماعي والنقد الاجتماعي...نقد المجتمع هو سمة واضحة لدى المخرج الألماني راينر فاينر فاسبندر...
في الجزء الثاني من الفيلم السرد بطيء جدا والأحداث طويلة جدا ومملة،وان كان هذا الوصف عام للفيلم إلا انه بارز وواضح أكثر في الجزء الثلني من الفيلم...
المحلل النفسي الدكتور مابوس(اسقاط واقعي منطقي لقدرة الدكتور مابوس على التحكم بالآخرين)،يحمل شيئا من افكار نيتشة حول العظمة وتفوق العرق الألماني،واعتقد ان الحالة الألمانية في ذلك الوقت كانت كذلك.
بلال سمير الصدّر
8/3/2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق