الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة العربية : جسد مهدد , إنسان مسجون – ماجدة سلمان

مازن كم الماز

2016 / 12 / 21
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


.. بغض النظر عن وضعها , سواء كانت فلاحة في الجزائر أو طبيبة في القاهرة أو سكرتيرة في بيروت أو طالبة في بغداد أو عاملة في سوريا أو منقبة في حريم رجل ما في السعودية , تشترك المرأة العربية أخواتها بمصير مشابه : حياة على الهامش , سجن , سيكون عليها أثنائها أن تكفر عن ذنب أنها ولدت امرأة في مجتمع مفرط الذكورية حيث تتساوى المرأة بالعار و الخطر . لنبدأ بولادتها , التي تعتبر مناسبة للحزن و ليست للفرح . تستقبل بخيبة أمل صريحة . كانوا ينتظرون ولدا , ستجلب ولادتها الخزي على والدتها , و الصدمة لوالدها . "الرجال يخلفون رجالا" . نقول دائما في ثقافتنا "هي أنجبت طفلة , و هو أنجب ولدا" . هكذا يقولون , على العكس من كل قوانين الإنجاب . ما يحدث في اليوم الذي تغادر فيه تلك الطفلة رحم أمها ليس إلا علامة مبكرة على ما سيأتي : إنها بداية حياة تعيشها "بوضعية المتهم" التي ستتعرض خلالها باستمرار لقمع دائم و هائل و عدم قبول أو رفض تجاه التغيرات الاجتماعية و الاقتصادية التي تفرضها "أوقاتنا المعاصرة" . قمع قد ينتهي أحيانا بحكم بالإعدام إذا "لوث" شرف الذكر بفقدان ابنته لعذريتها , أو غالبا بحكم بالسجن المؤبد خلف حجاب أسود , خلف جدران منزل العائلة حيث يتصرف الذكور كسجانين . تصور حياة الطفولة دائما في حكايات الجدات و الروايات على أنها عالم مسحور و حياة فرحة . لكن طفولة المرأة العربية قصيرة جدا , حيث تحضر بسرعة للدور السلبي و التابع الذي خصص للمرأة العربية , أن تتحمل الرجل دون حتى أن تعرفه أو أن يفهمها . ما زالت العائلة العربية , حيث يقرر مصير المرأة العربية و ينفذ , في جوهرها عائلة إسلامية . الإسلام و قوانينه و عاداته و تدخله في أبسط تفاصيل السلوك الإنساني , لم يضعفه لا انتصار الإمبريالية و لا هزيمتها . بالعكس . بسبب تلك المفارقة التاريخية , ما زال الإسلام هو القوة الأساسية و المحركة للعائلة العربية . لا يوجد اليوم أي بلد عربي اليوم ( ما عدا لبنان بسبب تركيبته الإثنية الدينية ) لا يذكر دستوره الإسلام كدين رسمي للدولة . و لا يوجد أي بلد عربي ( ما عدا تونس و اليمن الجنوبي ) لا تعتمد قوانينه المتعلقة بالأسرة على الإسلام أو تصدر مباشرة عن شريعته ( القانون الإسلامي ) .

المراهقة

لا تعترف التقاليد العربية الإسلامية بمراهقة الفتاة العربية و لذلك لا تعيشها الأخيرة أبدا : تشعر الأسرة بالتهديد الدائم من وجود الفتاة عندما تتجاوز مرحلة الطفولة و تبقى دون زواج . يطرح بلوغها ( أول طمث ) مشكلة العذرية الملحة – يجب مراقبة شرف الفتاة منذ هذه اللحظة , و أن تخبأ و تبقى تحت السيطرة . يعني البلوغ نهاية الطفولة و بداية العزلة في العالم الضيق لفضاء المرأة : عالم الحريم , حتى إن لم يستمر الأخير بالوجود بشكله التقليدي السابق . تكفي نظرة سريعة على المقاهي العربية حيث يجتمع الذكور فقط , أو السيرعند المساء في الشوارع الممتلئة بأماكن الترفيه و قضاء الوقت , لكي ترى الفصل الذي يخلق عالمين منفصلين عن بعضهما البعض يبقي الفتيان و الفتيات بعيدا عن بعضهما البعض . يمكننا أن نرى نتائج هذا الفصل عند النساء كما بين الرجال . في سيرتها الذاتية بعنوان صرخة أخواتي المسلمات , تحدثت زبيدة بيطاري عن معاناتها و صدمتها عندما أخرجها أبواها الجزائريان , الذين يعيشون حياة عصرية بالكامل , بالقوة من مدرستها بعد دورتها الشهرية الأولى و فرضا عليها أن تغطي وجهها بالنقاب ثم أن تتعلم الأعمال المنزلية لكي تتزوج رجلا , زوجا لم تعرفه أو تراه من قبل . أخيرا ستجد زبيدة عملا في باريس كخادمة عند عائلة فرنسية . "في معظم المجتمعات الريفية التقليدية لا توجد مراهقات عازبات . تتزوج 50 % من الفتيات قبل سن البلوغ , و 37 % في السنتين الأوليتين بعد أن يبلغن" ( مليكة بلغيتي , علاقات و وضعية العائلة الريفية , الرباط 1970 ) .

العائلة العربية الإسلامية

ليس هناك اختلاف بين أدوار المرأة في العائلة العربية الإسلامية : فهي إما أم , أخت , أو زوجة . لا يمكن للمرأة أن تكون صديقة أو حبيبة . إنها تعيش في مجتمع لا يختلط فيه الجنسان , و يمكنها أن تلتقي رجلا فقط في ظروف خاصة جدا : عندما تضع مولودا عليها أن تخبر ذكرا ما ( أخاها أو أباها ) أو عندما تتزوج . فقط عندما تنجب المرأة العربية ذكرا تكتسب أهمية ما في العائلة أو وضعية اجتماعية . معدل طلاق النساء العاقرات أو اللواتي ينجبن إناثا فقط مرتفع جدا في المجتمع العربي . المرأة العربية الي تعرف جيدا أن السلاح الوحيد الذي بحوزتها لتحتفظ بزوجها و تفوز باحترام عائلته هو إنجاب أطفال ذكور , غالبا ما ترفض أن تتعاطى حبوب منع الحمل . محاولات منظمات كجمعيات تنظيم النسل في مصر و جنوب لبنان في هذا المجال فشلت تماما حتى الآن . لم تأخذ هذه المحاولات في الاعتبار مقاومة المرأة العربية , المستعدة لتعاني من الحمول المتكررة و المتعاقبة على أن تخسر مصدر "قوتها" الوحيد في المجتمع العربي الإسلامي : أبناؤها الذكور , لذلك فإنها ترغب بالإنجاب باستمرار . "تسجل البلدان العربية أعلى معدل ولادة في العالم و هذا المعدل أعلى في البلدان الإسلامية منه في بلدان أمريكا اللاتينية الأكثر فقرا" . تأخذ علاقة الأم بابنها الذكر أبعادا مهمة في العائلة العربية و تحتل مكانا غالبة في المجتمع الإسلامي . الأم هي المرأة الوحيدة التي يمكن للرجل أن ينظر إليها , يعجب بها أو يحبها . تسترجع المرأة كل مشاعرها المكبوتة , و كل متاعب حياتها , في ابنها , الذي هو مصدر فخرها و بقائها : إنها تود لو تملكه إلى الأبد . غالبا ما تتدخل والدة الابن الذكر لتمنع ظهور و نمو الحب و العاطفة بين ابنها و زوجته . إنها تطالب ابنها أن يأخذ جانبها دائما ضد زوجته . في روايته الرائعة السراب , وصف نجيب محفوظ العلاقة بين الأم و ابنها و زوجته . عندما تزوج شاب برجوازي صغير من القاهرة امرأة شابة جاءت لتعيش معه و مع أمه . شعرت الأم بالغيرة و خوفا من أن تفقد سلطتها على ابنها فعلت كل ما بوسعها لتمنع أي اتصال جنسي بينه و بين زوجته باستغلالها لشعوره بالاحترام تجاهها . بالنسبة له المرأة الوحيدة التي تستحق الاهتمام هي والدته و أي اتصال جنسي مع زوجته يبدو له و كأنه زنا محارم . "يستطيع الرجال أن يحبوا أمهاتهم فقط" , هذا ما قالته بمرارة الشاعرة اللبنانية إيثيل عدنان .

الجنس و الإسلام

طالما كان الإسلام يضيق بالنساء . لا يرى الإسلام المرأة أبدا ككائن ضعيف أو من دون روح أو إرادة . على العكس , يعتقد الرجل المسلم أنه لا يمكن إخضاع النساء أو ترويضهن و لذلك فإن القمع فقط ذا الطبيعة القسرية ( ليس القمع النفسي فقط ) , و بشكله الشرعي أو القانوني , ضروري لإخضاعهن لإرادة الرجل . النساء فتنة , أي جمال غاو ( مغر ) و يؤدي إلى الاضطراب أو الفوضى . إنها تملك روحا لا تحمل وزر الخطيئة الأولى ( لا يعتقد الإسلام أن الإنسانية تتحمل وزر الخطيئة الأولى ) . لذلك لا يدين الإسلام الجنس على أساس الخطيئة الأولى , إنها المرأة التي يجب كبح جماحها و وضعها تحت السيطرة , لأنها تهديد دائم لشعور الأمان عند الرجل . يحب على المرء أن يقرأ ما كتبه ابن قيم الجوزية , أحد أكثر لاهوتيي الإسلام تعصبا أو تقليدية , و هو يصف أسباب الاقتران ( بين الجنسين ) : "الاقتران هو أكثر الهبات كمالا التي أعطيت لنا , فيها يجد الإنسان صحة و سعادة و راحة روحه" . بينما يضع الزهد المسيحي الأولوية للامتناع الطوعي عن ممارسة الجنس , يجب إشباع الشهوة الجنسية في الإسلام ليصبح المجتمع أكثر انسجاما كمجموعة , كأمة . لا يرى الإسلام أنه على المرأة أن تهذب شهوتها الجنسية و أنه عليها أن تستجيب لها فقط لكي تنجب أولادا , لذلك قرر الإسلام تقييد ( سجن ) النساء المسلمات في الفضاءات التي يخضعن فيها لسطوة الرجال . بما أن الرجال و النسوة , المسلمين و المسلمات , هم كائنات جنسية بالمعنى الإيجابي ( جنة الإسلام هي مكان للمتعة الجنسية الأبدية ) يجب أن تقنع المرأة بأن تشترك بنفس الزوج مع أربعة نسوة أخريات و مع ( عدد غير محدد من ) المحظيات , و سيكون الرجل قادرا على أن يجد متنفسا "لشهوته" بطريقة شرعية , بموافقة الدولة . يقول المثل العربي : ما اجتمع رجل و امرأة إلا كان الشيطان ثالثهما . يجب على الرجل ألا يسمح لزوجته أبدا أن تتواجد في مكان يوجد فيه رجال آخرون , فلا يسمح لها بالذهاب إلى الأماكن العامة و يصبح عندها "حقها" في إدارة تجارتها بلا أي قيمة . كثير من السيكولوجيين ( علماء النفس ) و المستشرقين رأوا في هذه النظرة عن الجنس و الاعتراف بالمرأة ككائن أنثوي على أنها نوع من النسوية في الإسلام . فالنساء يوجدن و يملكن رغبات كالرجل , و لهن حق الإشباع الجنسي بنفس الطريقة أيضا كما يملك الرجل الحق بالاستمتاع ... لكن نتائج هذه الفكرة تؤدي إلى العكس تماما . كما لاحظت فاطمة مرنيسي في كتابها خلف الحجاب "في المجتمعات التي تعتبر عزل المرأة و مراقبتها أمرا ضروريا يكون مفهوم الشهوة الجنسية الأنثوية مفهوما فعالا ضمنا" . المجتمع العربي الإسلامي الذكوري يحمي نفسه ضد أفكاره هذه عن الشهوة الجنسية النشطة في المرأة بفرض قوانين تحد من حركة المرأة و تجعلهن خاضعات تماما لرغبة الرجل : من فرض الحجاب إلى حق الرجل في تطليق زوجته عندما يشاء , إلى فرض ولي أو وصي ذكر يقرر الوقت المناسب لكي تتزوج المرأة أو لا . عندما تسير امرأة عربية في الشارع دون حجاب و هي ترتدي ملابس معاصرة لن يمر وقت طويل حتى تعرف أن الشارع ليس مكانا آمنا لها . لن تتوقف ردة فعل الذكور عند امتداح جمالها أو دعوتها لصحبتهم فقط , بل سيوجهوا لها إهانات جنسية صريحة , و قد يلاحقوها لساعات . الأخلاق الإسلامية الجنسية ترى جنسانية المرأة كتهديد لتوازن المجتمع إذا لم توضع تحت السيطرة . لهذا فإن سير المرأة في الشارع هو رمز لذلك التهديد الذي يظهر في احتمال أن تكون أو تصبح "حرة تماما" . بينما ترى الأخلاق المسيحية جنسانية المرأة كشيء منفعل , تراها الأخلاق الإسلامية الجنسية بشكل مختلف . في الرؤية المسيحية , هناك ميل للاعتقاد بأن المرأة تمتلك جنسانيتها كواجب يبرره الإنجاب . لا يرى القرآن و التراث الإسلامي الأمر على هذا النحو : الأمة الإسلامية المتوازنة أو المستقرة هي مجتمع مشبع جنسيا . لا يجب على البشر أن يتجاهلوا رغباتهم الجنسية بل عليهم أن يشبعوها ضمن شروط أو قيود تحددها مصلحة المجتمع المسلم . و في هذا السياق يجب إخضاع النساء ( السيطرة عليهن ) و أن تنظم جنسانيتهن : الإسلام , الذي يدعي أنه ألغى الاختلاط أو الجنس غير المشروع و الانحطاط ( الأخلاقي ) الذي ساد المجتمعات قبل الإسلامية ( الجاهلية ) أبقى معظم الزواج أو الاستمتاع السابقة ( الجاهلية ) إذا كانت لصالح الرجل . ما غيره الإسلام ليصبح أكثر "تحضرا" كان جنسانية المرأة . تعتبر جنسانية الرجل شهوانية في الإسلام و قد شرعت و قوننت ضمن هذا الفهم . يمكن للرجل أن يتزوج أربع نساء بما أن جنسانيته ليست حصرية ( لا تكتفي بامرأة واحدة ) – و يرى الإسلام أن الرجل غير مستقر و لذلك يحق له أن يطلق زوجته عندما يريد . في المجتمع الإسلامي , يجب على النساء و النساء فقط أن يخضعن و يتم عزلهن للحفاظ على توازن و استقرار المجتمع , بينما يمكن للرجل أن يبحث عن متعته حيث يشاء . نساءكم حرث لكم ( ملعبكم ) ( فاذهبوا إلى ملاعبكم ) . طالما رأى الإسلام جنسانية المرأة كحالة فعالة و لم يدنها لذلك , ستسيطر الدولة الإسلامية على حياة و أفعال أتباعها ( رعاياها ) من خلال سيطرة شديدة الصرامة على حركة المرأة و حقها في أي استقلالية . "في المجتمعات التي تعتبر عزل النساء و مراقبتهن ضرورة ستكون جنسانية المرأة ضمنا فكرة فعالة ... في الإسلام تهاجم النساء كتجسيد للتدمير و رمز للفوضى الاجتماعية : إنها فتنة , ما يعني الجمال و الاضطراب أو الفوضى في نفس الوقت . إنها تمثكل ما لا تمكن السيطرة عليه : جنسانيتها خطر كامن دائم التهديد" ( فاطمة مرنيسي , ما خلف الحجاب , دار الساقي لندن , 1985 ) .

كخلاصة : ما أن يصبح الرجل و المرأة معا لوحدهما فإنهما سيرتكبان الزنا , و إذا لم ترفض المرأة عملية الاتصال الجنسي تلك "بشكل طبيعي" بل وجدتها ممتعة , و فوق كل ذلك , إذا كان هناك شعبان أو جنسان يعيشان في مجتمع أبوي , كما هي حالة المجتمع الإسلامي , لا يوجد عندها سوى حل وحيد : فصل الجنسين من خلال عزل النساء . عزل النساء هو نتيجة لعلاقات القوى التي تعمل ضدها , و لا يمكن تبريرها بالقول أنها مختلفة بطبيعتها عن الرجل , و أنها تفضل حياة التضحية . مثل هذه التبريرات التي تحاول تفسير وضعية المرأة الأدنى على أساس طبيعتهن المختلفة , أخذت في وقت متأخر عن المسيحية الغربية مع تزايد نفوذ الغرب . أدى ذلك إلى تشوش و تناقضات لا يمكن تذليلها على الصعيد الفكري و في العلاقة بين الجنسين اليوم في العالم العربي . تحصل المرأة العربية على حرية الحركة أو حق التواجد في المساحات التي تقتصر على الذكور , و تمارس السلطة إلى جانب الذكر فقط عندما تصبح مسنة أو متقدمة في العمر . أي عندما يرى المجتمع أنها لم تعد نشيطة جنسيا . لأنها لم تعد فتنة , مصدرا للغواية , لم تعد مادة جنسية ذات غرائز تحتاج للسيطرة و الإخضاع . غالبا ما يرى المرء نساءا في الخمسينيات من العمر , يقوي وجودها عدد كبير من أبنائها الذكور , و هن يدخن و يضحكن أو يتحدثن إلى الرجال دون أية مشاكل . كما يقول الرجال في ثقافتنا : "لقد انتهين" ( جنسيا ) . فقط عندها يمكن للمرأة أن تقتحم عالم الرجال , أن تسير في الشوارع , حتى بعد حلول المساء , دون أن تفقد احترام المجتمع .

نشر لأول مرة في مجلة خماسين , مجلة اشتراكيي الشرق الأوسط , العدد السادس عام 1978

نقلا عن
http://libcom.org/library/arab-women








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت


.. انهيار امرأة إيرانية خارج محطة مترو -تجريش- في طهران بعد اعت




.. صاروخ إسرائيلي يقتل عائلة فلسطينية من ثمانية أفراد وهم نيام


.. نساء الرقة: منظومة المرأة الكردستانية مظلة لجميع نساء العالم




.. نساء عفرين والشهباء تحتفين بالذكرى السنوية لتأسيس KJK