الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلام يا أرض القراصنة

مزوار محمد سعيد

2016 / 12 / 23
كتابات ساخرة


الأرض التي لا تلد أبناء مخلصين لها هي أرض تقتات من الضعف والهوان أكثر من اغتنامها من الشرف والرفعة والسمو، هذا رأيي يا أهل الغلوّ والتشدد، يمكنكم إهدار دمي الآن، واتهامي بالعمالة والخيانة أيضا.
يولد المولود على أرض لا يختارها، ولا يختار مشاعره وعلاقته بها وباتجاهها، وينتابه الكثير من السموّ من ناحيتها، فتغدوا هذه الأرض بترابها وخيراتها، بمآسيها والدراما التي تعتنقها، بدينها وتقاليدها جزء لا يتجزأ من المولود الجديد مهما كانت صفاته وطموحاته، مهما بلغ من التجرّد والتعمّد في مواجهة الحياة. من الجليل أن يحاول الفرد الفهم وامعان النظر بالداخل كما في عمق الوصول إلى منافذ الغدق وتحرير العتيق، كم يمكن أن يتواصل الجميع في الخفاء تواصل الكواليس والخساسة، بينما في العلن، في "البيغ-بكتشر" يتعانقون وتبادلون التهاني والتحيات، وكأنّ الأمواج الحضارية هي علنية فقط، والبربرية هي جوهر الإنسان في علاقته بنفسه حين ينظر إلى المرآة.
يسمى الإنسان بهذا الاسم لثقته في الوجدان وحبه لوجوده وذاته وكيانه وعشقه لكل ما هو جميل ورفيع في الوجود، لكن على أرض القراصنة !! لا يمكن أن يوجد فعل ما على أرض ما تغتال الفكرة والتمزّق التذاكر الروحية أمام أعتاب الذكر الحنيف. على هذه الأرض؛ العقل ذخيل، العنفوان مستهجن، الحركة مرفوضة وغادرة، وغير مسموح لها بالحياة، يمكن أن يصبح الجميع فوق الجميع، يصبح فوق الأرض مراتع لا تبنى على مضض، الحياة على هذه الأرض جوفاء لا قيمة لها، هي ثقافة الموت كما يصرخ بعض الأحياء فعلا، حيث الأفراد يحيون عمق التذاكي على العمق البشري، حيث ينام الفرد في خلد الارتقاء والانتقاء، يضيع في زمن من الأزمان لا كلها جزء عريق من الانتماء، ثم تحيى الأمور كلها ذات الأشواك، تغازل لمحة صورية قديمة، وهي تحيي لغة أرجاء تتزاحم على طريق سريع، تمرّ من خلاله كل أنواع المركبات، إلا مركبة هذه الأرض العاطلة منذ فجر الاستقلال، لـ: "وول ستريت" حبكت بليل، ولم يجد الفرد امتدادا له سوى في الموت والقبح. على هذه الأرض، نساء جاهدوا في سبيلها، فلم يجدن ما يسترهن في عمرهن المتقدّم على غرار نساء الدنيا، تقام للمرأة العاملة المجاهدة في سبيل وطنها على الأراضي الأخرى التماثيل التي تخلّدها، وتسجى لها القصائد، وتغنى لها الأغاني، ويُكتب إسمها على كل جدران المباني والتاريخ، وتقام لها الموائد وكل ما يحفظ كرامتها من قوانين، لكن نساؤنا يحرمن حتى من أسمائهن، بدعوى أنها عورة، أو أنّها انتقاص من شرف الرجال والدراويش. مفارقات عديدة على هذه الأرض، اشتباكات روحية صعبة على هذه الحياة التي تم قرصنتها منذ قرون، وهل سيصلح العطار ما أفسده الدهر؟
امبراطورية عميقة تحرف التاريخ عن مساره وتجعل الأيام على هذه الحياة بعيدة عن الرفاه وقريبة من سوط الظلم، ما أجمل أن تموت على أرض تلفظك، بعدما تكون قد قضيت عمرك كله تحارب من أجل رقيها وتقدمها.
سؤال يتغلّب على الأذهان، لمن بقي لديه ذهن، أسئلة تنتاب الإنسان الحي على هذه الأرض تكون بمثابة الخناجر بالجسد، حيث تقاطع الدنيا مسارات الجميع، دون أن يكوّنوا "جماعة"، رغم أنّ عقولهم لا تنساق سوى للعقل الجماعي، وكلّ مختلف عنهم هو بالنسبة إليهم هو: "مجنـــون".
عقلية "القطيع"، عقلية "الأتباع"، عقليات تحاول أن لا تبالي بوجودها من جهة، ولا تدر بأنها موجودة من جهات أخرى، لأن الإنسانية لديهم من الخرافات، ومشاعر الحب عندهم من السخافات، وسذاجتهم نوعا من أنواع الثقافات، لدى في رأيي: لا حياة على أرض القراصنة، تلك التي لم تتعلّم فقه الحياة.

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى