الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حب الوطن بين غياب الوعي وتزييف الواقع

عطا درغام

2016 / 12 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


سيجيب التسعون مليون ..نعم نحب مصر، فهي الأم وهي الوطن.. وهي أرض الحضارة ومهبط الأنبياء والرسل. ويجب علينا أن نتجه إليها بالحب والعمل والإخلاص والتفاني وغيرها من القيم الجميلة كي نجعلها في مصاف الدول المتقدمة.
ما أسهل أن نقول ذلك بالكلام وبالأغاني التي تتحدث عن الوطن وحب الوطن وبطولاته. ومع الأسف ، فالواقع له رأي آخر ؛ إذ سيطرت علي الناس سلوكيات عشوائية كالأنانية والمصلحة الشخصية والفوضوية والسلبية واللامبالاة جعلتهم يسيئون إلي الوطن بأفعالهم ويرجعون به إلي الوراء عشرات السنين، وضاعت معها كل محاولات المفكرين وعلماء الدين للمواجهة والإصلاح.
وغابت القيم الجميلة التي كانت من أهم مقومات الشخصية المصرية ، وسمات حضارة السبعة آلاف سنة ، كالتدين والتضحية والتعاون والالتزام والأصالة والإخلاص وغيرها من القيم الجميلة التي حافظت علي هذه الحضارة كل هذه المدة.
وشيئًا فشيئًا اندثرت هذه القيم الجميلة وضاعت الشخصية المصرية بعد أن انبهرنا بكل ما هو زائف، وتعلقنا بزخرف هذه الحياة ، وابتعدنا عن تعاليم الدين السمحة التي تدعو إلي التيسير بين الناس وحفظ حقوقهم وممتلكاتهم وعدم التعدي عليها وإعطاء الطريق حقه كما أوصانا رسولنا الكريم ( صلي الله عليه وسلم). فأدي كل ذلك إلي انتشار الفوضي في تعاملاتنا والتعدي علي حقوق غيرنا.
سر في شوارع مصر أو سوق من الأسواق، فلن تستطيع السير لسيطرة الإشغالات والتعدي علي الأرصفة ، مما يؤثر علي سير المرور والازدحام والفوضى التي لا تليق في صورة غير حضارية. وذلك لسيطرة الأنانية والجهل والمصلحة الشخصية علي حساب الناس، فيفقدهم أي قيمة جميلة.
وقد يقع بصرك علي جدران العمارات ستجدها مشوهة بالملصقات والإعلانات وذلك لفقدان الإحساس بالجمال ، وإذا ساقتك قدماك إلي اتخاذ وسيلة من وسائل المواصلات ، ستجد أن الكراسي لم تسلم من أيدي العابثين ، ولن يفوت السائق أن يطربك بأغنية هابطة دون مراعاة لذوق..كلاكسات متبادلة بين السيارات في صورة غير حضارية فجة..إتلاف الطلاب لمقاعدهم..سباب وألفاظ قبيحة في الشارع أو في مباراة رياضية .
وقد تقوم في ساعة متأخرة من الليل منزعجا علي صوت كاسيت سيارة دون مراعاة لمشاعر الناس ، وعندما تلوم علي ذلك يكون الرد: ( وأنت مالك)
أصبح الناس مشغولين بالسعي وراء المادة التي جعلتهم ينسون الحقوق والواجبات .فهذا التاجر يتسابق مع جاره في توسيع تجارته ، ولو أدي ذلك إلي الاستيلاء علي الشارع، وهذا يتفاخر بسيارته الفارهة التي يقودها بسرعة جنونية ضاربًا بقواعد المرور عرض الحائط ، وهذا في سباق مع زميله للفوز بأكبر عدد من الزبائن دون أدني اهتمام بالمارة.
ونتساءل ...هل نحن متخلفون حضاريا...؟ ومن المسئول...؟..هل كل هذه الأفعال تليق بالوطن....؟
بالطبع لا... لقد سيطرت علينا اللامبالاة التي أصبحت تسيطر علينا في كل تصرفاتنا ،وذلك لفقدان الشعور بفقدان الإحساس بالمستقبل واختلاط المفاهيم لديهم.
أصبحنا محاصرين بالمشكلات ومنشغلين بهموم الحياة، فصحب ذلك الكبت النفسي الذي يخرج من خلال أعمال تخريبية إلي جانب الأفكار الخاطئة من الخارج من سوء الفهم وانعدام معني الحياة ، ويؤدي ذلك إلي الشعور بالسطحية وعدم الأهمية؛ فتتولد مثل هذه السلوكيات.
ويدفعنا أن نتساءل أين الأسرة التي تبث في الأطفال القيم الإنسانية وحب الخير وحب الناس ومساعدتهم واحترام حقوق الناس ، والحفاظ علي الممتلكات العامة وعدم إتلافها.انشغلنا عن تربية الأبناء بأعباء الحياة، وتركت الأولاد فريسًة للشوارع والدروس الخصوصية؛ فتولدت لديهم مظاهر سلوكية سيئة وانعكست بصورة سيئة علي المجتمع. وضاعت المدرسة بمناهجها العقيمة التي تعتبر الطالب مجرد آلة للصم وحفظ المعلومات فقط لا تركز علي الإبداع والابتكار.وإن كان يجب عليها أن تعمق في طلابها جب الوطن وأنه ملك لنا جميعًا وعلينا أن نحافظ عليه كما نحافظ علي ممتلكاتنا الخاصة.
وتقع علي عاتق وسائل الإعلام الدور الأكبر في إهمال علاج هذه المظاهر السلبية لدي الناس عن طريق الإعلانات الإرشادية ،واتي كنا نراها في التلفزيون وتحثنا علي النظافة والحفاظ علي الحدائق والمواصلات العامة بدلًا من التركيز علي سلوكيات خاطئة تؤثر علي الناس في مسلكهم الخاطيء في الحياة.
فلذا يجب أن تتكاتف جميع الوسائط التربوية ن كالأسرة والمدرسة والمسجد والكنيسة في تبصير الشباب والناشئين بالمفاهيم المعاصرة علي حقيقتها وأن نأخذ منها ما يتوافق مع ثقافتنا العربية والإسلامية.
ولا يمكن أن ننسي دور القانون، فغياب الرقابة والعقاب يشجعان علي التمادي في الفوضي وتطبيق القانون بصورة صحيحة وعادلة علي الجميع....الكبير قبل الصغير ، وأن تُفرض الغرامات علي المتسبب في الفوضي حتي يعود الالتزام والانضباط ويعرف الجميع ما له وما عليه. وبذلك تتحقق العدالة بين الجميع وتعود الثقة للمواطن في المجتمع والمؤسسات الحكومية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العامل الاساسى
ركاش يناه ( 2016 / 12 / 24 - 23:09 )

العامل الاساسى
_________

احييك استاذ عطا على مقالاتك عن الارمن فى مصر و تاريخهم ... و على مقالاتك الحديثة عن المجتمع المصرى و تحدياته

مصر سعتها 15 مليون نسمة ( قدرة البلاد على الإعاشة الكريمة ، و ايضا احتياجها لمواطنين يديرون الحياة فيها ) ... حسنا ، ماذا يحدس اذا إن نحن كدسنا فيها 100 مليون؟ اى ستة اضعاف الحمولة؟

سنبيع الفتيات لزواج القاصرات .. و الفتيان للسخرة فى مزارع الجنرالات ... و نقتل المواطنين بالتعذيب فى اقسام الشرطة و السجون ..

حل مصر يكمن فى تنزيل تعدادها من 100 مليون الى 15 مليون سلميا و تدريجيا فى 100 عام ، و تنزيل معدلات الفساد من 100 / 100 إلى 20 / 100 ، و فصل الدين عن العمل العام

....

اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية