الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البوليزاريو و انعدام الشرعية و الصفة لتمثيل الصحراويين

جلال مجاهدي

2016 / 12 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


يعد مشكل الصحراء الجنوبية المغربية التي يطلق عليها تجاوزا الصحراء الغربية من المشاكل المستعصية التي خلفتها الامبريالية الاستعمارية الاسبانية , الكيان المسمى البوليزاريو الذي أنشأه الوالي مصطفى السيد رفقة عشرين فردا آخرين سنة 1973 لم يبدأ انفصاليا بل كان يهدف أول الأمر إلى تحرير إقليم وادي الذهب و الساقية الحمراء من الاستعمار الاسباني و كانت تربطه ببعض الاحزاب المغربية اليسارية روابط متينة و هو ما يتضح من خلال مذكرته السياسية التي رفعها لها المنشورة على حلقات في صحيفة 23 مارس طيلة شهر يناير 1973 و التي من خلالها كان يؤكد على مغربية الصحراء الجنوبية في إطار مشاوراته معها حول بلورة تصوره لحركة البوليزاريو , تدخل الاتحاد السوفياتي و الجزائر و ليبيا على الخط هو من حول اتجاه اتجاه الحركة نحو الانفصال لخلق كيان اشتراكي حسب زعمهم وكان ذلك بتخطيط كل من رئيس المخابرات الروسية يوري أندروبوف ورئيس المخابرات الجزائرية قاصدي مرباح و الرئيس الليبي معمر القدافي , وفي هذا الخضم تم الإعلان عن الجمهورية الصحراوية في 27 فبراير 1976 بعدما استطاع المغرب استرجاع أقاليمه الصحراوية إثر المسيرة الخضراء , البوليزاريو في بادئ الأمر لم تكن تتشكل سوى من نواتها المؤسسة لها إضافة إلى ما يقارب 600 محارب , كانوا ينتهجون حرب العصابات على الجيش الاسباني , استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية من الاسبان أدى إلى تسريح ما يناهز 3000 عسكري صحراوي كانوا تابعين للجيش الاسباني في الصحراء و الذين خاضوا من قبل حروبا ضد إخوانهم الصحراويين و كانوا أدوات قمعية استعمارية عانى منهم سكان الجنوب الويلات, هؤلاء الجنود المرتزقين تم تجنيدهم مرة أخرى تحت لواء البوليزاريو مقابل أجور شهرية تدفعها لهم الجزائر و هذه المرة لخوض حروب أساسا في مواجهة بلدهم الأصلي المغرب , البوليزاريو بعدما أعلنت عن ميلاد جمهورية وهمية ببئر لحلو جنوب الجزائر و بالنظر لعدم تعاطف غالبية الصحراويين المستقرين معها و الذين كانت تربطهم بالملوك العلويين روابط البيعة و الولاء اضطرت إلى اقتياد مجموعات كبيرة من الرحل و بعض المستقرين من منازلهم و من خيامهم قسرا بواسطة عساكرها للاستقرار في منطقة اقتطعتها لهم الجزائر بتندوف سميت زورا بمخيمات اللاجئين و قد بلغ عدد المهجرين قسرا أول الأمر 7000 فردا أغلبهم من الرحل الذين لا وطن لهم و الذين كانوا يجوبون الصحراء ما بين مالي و موريطانيا و الجزائر و المغرب باحثين عن الماء و الكلأ , أضيفت لهم 3000 من مالي نزحوا إلى المخيمات القسرية هروبا من الجفاف و المجاعة إيجاد هذه المخيمات كان أمرا وجوديا بالنسبة للبوليزاريو طالما أن لا وجود للكيان دون وجود بقعة أرضية تأويه و بدون أفراد يشكلون مجتمع صحراوي لتوهيم الرأي العام الدولي كما يحصل الآن
البوليزاريو من خلال معرفة تاريخها و واقعها , يتبين أنها لا تمثل الصحراويين بل جزءا يسيرا فقط من الانفصالين و حتى الانفصاليين يوجد قسم كبير من بينهم معارضون لها , أما الأغلبية العظمى من سكان الصحراء المعروفين بالمستقرين فهم متمسكين بمغربيتهم و لا زالوا على ولائهم لبلدهم المغرب , النظام المغربي كرد فعل على سياسة البوليزاريو بإحداث مخيم صوري يأوي جمهورية صورية و حركة انفصالية صورية و في صراعه مع محاولة استمالة الصحراويين إلى طروحاتها الانفصالية , كانت له الغلبة داخليا حيث استطاع الارتباط ببساطة مع القبائل المستقرة الموالية له عن طريق نسج تحالفات مع عائلات نافذة وتمكينهم من امتيازات اقتصادية و اجتماعية و من صلاحيات سلطوية و تكونت حولهم قاعدة جماهيرية تستفيذ من وضعهم و من وضعها كمجموعات موالية للمغرب , كما استطاع بواسطة انتهاجه سياسة الدمج القيام بتحويل ديموغرافي لأقاليمه الجنوبية أثرت في بنية و تركيبة المجتمع الصحراوي
احتكار البوليزاريو للتفاوض باسم الصحراويين و احتكارها لرفع الدعاوى باسمهم و احتكارها للنطق باسمهم أمام المنظمات الدولية و أمام هيئة الأمم المتحدة لا يصح و تنعدم صفتها و شرعيتها في ذلك بالنظر لكونها لا تمثل سوى قسم فقط من الانفصاليين في حين تبقى مجموعات انفصالية أخرى غير ممثلة و الأهم من هذا كله فإن الغالبية الكبرى من ساكنة الصحراء الموالية للمغرب غير ممثلة و ليس من حق البوليزاريو التحدث باسمها
في هذا الاطار حاول المغرب فيما سبق و بطريقة غير واعية كفاية استثمار هذا الشق حين أسس المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية المعروف بالكوركاس و حين حاول الدفع به كطرف في المفاوضات المباشرة مع البوليزاريو إلا أن ذلك لم يكن كافيا
انعدام صفة و شرعية البوليزاريو لتمثيل الصحراويين هو أمر واقعي و إظهار هذه الحقيقة و إثباتها و طرحها مثبتة أمام المنظمات و المحاكم الدولية و في المحافل الدولية هو أمر يرجع إلى الصحراويين أنفسهم و إلى النظام المغربي معا فالصحراويين الموالين للمغرب مثلا يمكنهم إيجاد إطار قانوني يمثلهم تحت إشراف الدولة كما يمكنهم رفع عرائض موقعة جماعيا بمطالبهم لدى الجهات المعنية و ما إلى ذلك من وسائل تنيط اللثام عن احتكار البوليزاريو لتمثيلهم زورا كما أن النظام المغربي يمكنه الدفع في هذا الاتجاه و المطالبة بسحب الاعتراف بالجهة الانفصالية و بمن يمثلها بناء على أدلة و وقائع واضحة و حالية تنضاف إلى الحقائق التاريخية
و في معرض الحديث تجدر الاشارة إلى أنه و ضدا على ما كرسه الحكم الاستئنافي الصادر عن المحكمة الاوروبية بتاريخ 21 دجنبر 2016 و الذي جاء فيه بأن الأمم المتحدة تعترف بالبوليزاريو فإن قرارات الامم المتحدة إلى غاية القرار الأخير عدد 2218 المؤرخ في أبريل الماضي لم تقع في الخطأ القانوني الذي وقعت فيه المحكمة الاوروبية فهي لم تشر أبدا إلى تمثيلية البوليزاريو للصحراويين أو الاعتراف بها , بل إن كل القرارات كانت تشير فقط إلى وضعية طرفين كانا في وضعية حرب و كانت تسعى إلى إيجاد حل سياسي للوضع و منه فإن البوليزاريو لا صفة لها في تمثيل الصحراويين و لا شرعية لها في ذلك و حيثية القرار الذي ذهب في الاتجاه المذكور غير مصادفة للصواب
الشخصية القانونية الاعتبارية للبوليزاريو منتفية طالما أنها بنفسها تصرح بأنها مجرد حركة كما أن صفتها للتمثيل و التقاضي منتفية في غياب أي توكيل أغلبي للصحراويين و في غياب أية مسطرة انتخابية أو غيرها تعطي لها الشرعية و منه الصفة لتمثيلهم و النظام المغربي مطالب باستثمار المسألة لصالحه على أحسن وجه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص