الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلب وافول عالم القطب الواحد والمضي في التقسيم الطائفي للعراق

سمير عادل

2016 / 12 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ليس انتهاء الحرب في مدينة حلب وطرد العصابات الاسلامية التي يسميها الاعلام الغربي بالثوار منها يعني انتهاء الحرب في سورية، ولا يعني ان القوى الدولية الداعمة لتلك العصابات والتي ذاقت مرارة الهزيمة في حلب مثل الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا، الى جانب القوى التي تسعى للهيمنة الاقليمية مثل السعودية وقطر وتركيا ستستسلم بسهولة. ولكن الانتصار في حلب لصالح روسيا وايران والنظام السوري، يعني ان العالم الاحادي القطب بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وصل الى عتبة النهاية، وقد بدأت تطوى صفحاته منذ تولي باراك اوباما الادارة الامريكية.
المرحلة الانتقالية التي يمر بها العالم عبر الصراع بين الاقطاب الامبريالية لإعادة تقسيم العالم، هي الاخرى بدأت تشرف على نهايتها بعد حسم المعارك في حلب. وبات الان معروف لكل تلك الاقطاب ان الشرق الاوسط ليس ساحة لعب دون منافسة للولايات المتحدة الامريكية والتي تريد بريطانيا ان تحل محلها، وباتت تتلون مناطق النفوذ وتفرز حدودها. وكل ما قيل على لسان المسؤولين في الاتحاد الاوربي وفي البيت الابيض وفي الكرملين، بأنهم لا يريدون ان يدخلوا مرحلة الحرب البادرة من جديد منذ دخول الجيش الروسي الى جورجيا في ٢٠٠٦ وضم جزيرة قرم الى الاتحاد الروسي عام ٢٠١٤، فلقد دخلوها جميعا عشية معركة حلب، وستتجلى بشكل أكبر بعد الانتصار في حلب. وهكذا نجد مثلما كان قبل سقوط الكتلة الشرقية، المنافسة في جميع الميادين الاعلامية والدبلوماسية والفنية والرياضية. الخ، نجدها اليوم بعد حسم المعركة لصالح روسيا وحلفائها في حلب. فالحرب الاعلامية لا تقل سخونة عن الحرب العسكرية التي وصلت مدياتها في حلب، الحرب الدبلوماسية والتفنن في استخدام المفردات والمقولات والعبارات لتعبئة الراي العالم مثل تصنيف الارهابيين الاسلاميين، كاحرار الشام وجيش الفتح على سبيل المثال بالثوار والمعارضة المعتدلة، والعزف في البكاء على المدنيين في حلب بينما يغض الطرف عن القتلى الذي يسقطون يوميا بالعشرات في اليمن بيد التحالف العربي المدعوم امريكيا، ويصدح ترديد "الحرب على الارهاب" في معسكر انتصار حلب، بينما يصدح الطرف المهزوم بالعويل على سقوط الضحايا من المدنيين.
الانتصار في حلب ثلم الحلف المسمى بأصدقاء سوريا، وبات كل طرف يبحث عن مصالحه بعيدا عن المظلة الامريكية. فتركيا باعت العصابات الاسلامية بالجملة بما فيها عملاء السعودية وقطر في حلب الى حلفائها الصاعدين الجدد روسيا وايران، وذهبت الى روسيا بوتين للتوقيع على اعلان موسكو الذي يتضمن "الحفاظ على وحدة سورية وصيانتها كدولة علمانية". وفرنسا وبريطانيا تندبان حظهما وتعلنان هزيمتهما في حلب بكل روح رياضية عالية، وينتظران مع بقية دول الاتحاد الاوربي المفاجأة بعد تولي ترامب الادارة الامريكية في العام القادم. اما السعودية وقطر اكبر الخاسرين في حلب، وقنواتهما الفضائية "العربية" و"الجزيرة" تلطمان ليل نهار من وحشية جرائم نظام الاسد تجاه شعبه، في حين ترقص قنوات "الميادين" و"المنار" و"الاخبارية" فرحين بالتخلص من العصابات الاسلامية.
لا شك ان الحرب في سورية كانت منذ البداية حرب الوكالة الدولية، حتى ان تحولت الى حرب مباشرة بعد انخراط روسيا فيها في ايلول عام ٢٠١٥. وكان المرسوم الروسي الاخير بعد الانتصار في حلب الذي وقعه بوتين قبل يومين، في توسيع قاعدة طرطوس العسكرية وزيادة عديد القوات الجوية الروسية، هو لترسيخ وتقوية النفوذ العسكري الروسي في المنطقة، والاستعداد لتكملة خطوات المرحلة الانتقالية، وترسيخ حدود مناطق النفوذ.
في الجانب المجاور من سورية وهو العراق، تحاول الولايات المتحد الامريكية تعويض ما خسرته في حلب، وقد جاء على لسان اشتون كارتر وزير الدفاع الامريكي قبل اسبوعين ان قواته لن تخرج من العراق بعد التخلص من داعش. واذا كان الانتصار في حلب يتمكن في تقويض مشروع التقسيم الطائفي في سورية، لكن في العراق يجد الوجود الامريكي صعوبة في ازاحة الوجود الايراني ونفوذه. وهذا يعني ان الانتصار في حلب وخسارة النفوذ الغربي في سورية، يعني الاصرار على التقسيم الطائفي للعراق وشرعنه التقسيم لضمان النفوذ الامريكي والاقليمي السعودي والقطري والتركي في المنطقة.
بعكس ما يتفاءل عدد ليس قليل ان العالم المتعدد الاقطاب هو أفضل من العالم احادي القطب، فأن المرحلة القادمة هي أكثر دموية وأكثر لا امن في العالم. فقد شهدنا ان الحرب الباردة كانت أكثر سخونة من اية حرب مرت على البشرية في التاريخ الحديث. واذا كان القطب الغربي الرأسمالي ابان الحرب الباردة قدم التنازلات لصالح الطبقة العاملة عموما واللاجئين والنساء والاطفال من ارباحها لتشديد المنافسة امام القطب الشرقي الذي عرف بالاشتراكية، وتسويق النموذج الرأسمالي الديمقراطي في العالم امام النموذج السوفيتي-الاشتراكي، فأن العالم المتعدد الاقطاب الرأسمالي الجديد والمؤمن بشكل مطلق باقتصاد السوق، وليس هناك اي تشويش او ديماغوجية حول رأسمالية الدولة على انها اشتراكية، وكما رأيناه وعشناه منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، في شن حملات تلو الاخرى ضد الطبقة العاملة والذي توج بعد الازمة الاقتصادية في عام ٢٠٠٨، فأن الرأسمالية ليس لديها ما تتملق لاجله او تقدم التنازلات حوله، فأن تشديد الهجمة على العمال والنساء واللاجئين ستأخذ مديات اوسع. وهذا ما نعيشه هذه الايام في صعود اليمين العنصري في الدول الغربية، والهجمة على المهاجرين واللاجئين، واجراء اصلاحات هيكلية في بنية النظام الرأسمالي التي في الحقيقة تحت عنوان الاصلاح، التي هي تقويض المزيد من حقوق الطبقة العاملة عن طريق سياسة التقشف ليس على صعيد الدول الغربية فحسب بل على الصعيد العالمي برمته.
أن العالم المتعدد الاقطاب الامبريالية، سيشهد صراع ومنافسة شديدة على مناطق النفوذ والاسواق التي باتت اضيق وأصغر ولا تتحمل فائض الرساميل والانتاج البضاعي للدول الامبريالية المتصارعة، وستدفع ثمنها الطبقة العاملة وعموم البشرية الكادحة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وعلى صعيد السلم الدولي والاقليمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254