الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأهيل وتعليم الطفل التوحدي - 1 -

لطيف الحبيب

2016 / 12 / 29
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


معرفة وتحديد الصعوبات عند الطفل
التوحدي من الأوليات الاساسية حين
الشروع في العمل التربوي التعليمي
والتأهيلي الخاص به.


تبين اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق" الأشخاص ذوي الإعاقة" بوضوح أن الإعاقة ليست مشكلة المعاقين أنفسهم، انما تكمن في معوقات معينة في المجتمع والسياسة ,هناك علاقات معقدة بين الأشخاص المصابين بإعاقات والمواقف السياسية والبيئات المجتمعية المحيطة بهم تحول دون مشاركتهم المتساوية الفعالة في المجتمع " .
في المجتمعات المتحضرة تتسع اشكال الاستعداد الاجتماعي لقبول المعاق انسانا عضوا مفيدا في مجتمعاتها ,بعد ان تحركت مؤسسات الدولة التربوية والصحية والاجتماعية وسنت القوانين الخاصة بالمعوقين ,تتناسب وقدرتهم على العمل , هذه القوانين ملزِمة لكل فرد او مؤسسة خاصة في المانيا ودول شمال اوربا,
اما في مجتمعنا العربي مازال المعاق منبوذا "منتج بشري ناقص "مثلبة في فحولة الرجل وحرج وعيب للعائلة الكريمة ,يظل يعيش على حافة المجتمع ,وبالأخير هو من "اهل البلاء " لقد ابتلاهم الله ,فليس من الحكمة لا بل من الكفر الوقوف ضد مشيئة الله ,كما يعتقد اهل الدين الاسلامي, سبقهم الى ذلك كهنة المعابد وقساوسة الكنيسية ," ابناء الشيطان" كما وصفهم مارتن لوثر المصلح الديني الكنيسي "لان الله جميل ويحب الجمال ويفعل الخير وان المعوق قبيح من نسل الشيطان الرجيم الكاره لأفعال الخير والجمال ".
استطاعت حكومات الشعوب التي نعيش بين ظهرانيها تقديم ارقى الخدمات الى مواطنيها سواسية ,بدأ بحث العلماء على الاكتشاف الجديد في مختلف مرافق الحياة العلمية ,الصحية ,التربوية والاجتماعية ومنها الاعاقة والاضطرابات النفسية, شجعت المهندس المعماري لتوظيف طاقاته الإبداعية في خدمة المعوقين وتحوير البنايات طبقا لمتطلبات الإعاقة , كما وضعت شروط للبناء الجديد , والعمارات القائمة لتتلاءم مع احتياجات المعاق ,وتشترط في بناء سكن او مجموعة سكنية توفير المنافذ والمداخل الملائمة للمعاق حتى في الحدائق المحيطة وملاعب الاطفال , وفرت الفرص الكبيرة في الجامعات للتخصص في التربية الخاصة , كما انها اعدت للكادر التعليمي والتربوي مغريات مجزية في مجال تعليم وتأهيل الاطفال واليافعين المعوقين , حيث تجاوزت مداخيلهم ضعف مداخل المهن الاخرى , اضافة الى مجانية العلاجات والرقابة الصحية منها مثلا " الاحذية الطبية , الفحوص الدورية لتشخيص الاعاقة من مستشفيات وعيادات مختصة بهذه الاعاقات , استطاعت ان تكفر عن ذنوبها وما تشعر به من خجل وتأنيب ضمير من ما فعله اسلافهم الدينين والسياسيين , عملوا بجد ونشاط ورحمة وايمان لتطوير طاقات المعوقين , دفعت الدولة الاعلام المكتوب والمرئي الى توعية المجتمع ونشر ثقافة احترام الاخر عبر دعم المؤسسات المدنية المختصة بشؤون المعوقين , توفير الرحلات الصيفية الى منتجعات الراحة والاستجمام داخل البلاد وخارجها بأسعار زهيدة ,غدت هذه النشاطات قوانين تضمنها " قانون ذوي الاحتياجات الخاصة " واهم ما جاء فيه ليس توفير الرعاية الاجتماعية فحسب بل توفر العمل المناسب لطاقاتهم والملائم لقدراتهم في دوائر الدولة ,والزام الشركات والمصانع والمتاجر ومؤسسات الخدمية الاهلية الاخرى لتوفير نسبة معينة من فرص العمل للمعوقين . بذلت الدولة جهودا حثيثة للوصول الى الحلول الناجعة لأسئلة يفرضها واقع المعوق ومسار حياتيه اليومية منها : كيف يمكن مساعدة الطفل التوحدي ليتمكن من انجاز يومه , وخلاصه من اليأس وانعدام القدرة؟؟ . كيف يمكن طمأنة اولياء امور التوحدين وتذليل صعوبة شعورهم بالذنب؟؟. توالت البحوث والدراسات في مجالات الاعاقات وخاصة اعاقة التوحد الحديثة العهد, تطرقت هذه البحوث والدراسات الى مفصل مهم " علاقات المجتمع بفئات المعوقين" , يجب أن يكون المجتمع اليوم أكثر استعدادا من أي وقت مضى لقبول , مجموعة متنوعة من الناس ,مختلفة السلوك والتصرف "لعطب جسمي او عقلي ما "عن السلوك والعلاقات الاجتماعية المألوفة السائدة في حياتهم اليومية ,كما لا ينبغي النظر إلى هذه المجموعة المتنوعة من الناس على انها الاخر المختلف ,الأسوء سلوكا وتصرفا ,وتقيمها بضعف القدرة والكفاءة ,لأننا لحدالان في طور تعليمها وتأهيلها.
تحققت نجاحات في الجهد المبذول على مختلف الأصعدة ومنها الاجتماعية للوصول الى هدفنا الواضح والجلي "دمج الاطفال التوحدين بقدرالإمكان في كل انواع المدارس لتعليمهم سوية مع التلاميذ الغير التوحدين " ليس كأنداد وزملاء لهم في صف او قسم واحد بل ليتعلم الطفل التوحدي عبرها التكيف والتألف مع بيئة جديدة وما تقدمه هذه البيئة من جديد حتى لو كانت صعوبات التعلم والتأهيل تشمل حوالي 3 إلى 5٪ من التلاميذ التوحدين, هذه النسبة لم يرد ذكرها في احصائيات التوحد بل هي تخمين احصائي عبر خبرة طويلة في العمل مع التوحدين.
صعوبات تعليم التلميذ التوحدي ليست بالهينة ,وليست خافية على المختصين ولا على المدارس ايضا ,عدد الطلاب المسجلين والذين يعانون من التوحد معروفين جدا اما بتفوقهم في مجالات مثل الرياضيات والرسم والموسيقى عن الاخر او بانزوائهم في داخلهم ,سواء في الصف الدراسي او في الساحات المدرسية ,ونادرا ما تحدث حالات التذمر التي تتحول الى هياج عنيف . لا بد من التصدي لصعوبات الاندماج "كإعاقة اجتماعية ", لذلك نحن بحاجة إلى تثقيف المجتمع والعمل على كسر أحكامه المسبقة القادمة من غبرة التاريخ الديني ابتداء بالمسيحية وانتهاء بالإسلام , فرفضهم واقصائهم من المشاركة في الحياة الاجتماعية وزجهم في زوايا مظلمة عند حواف المجتمع يسبب لهم قلق حاد وعدم استقرار اجتماعي يفضي الى تشديد عزلتهم واتساع نطاقها ,يؤدي الى تصاعد حدة اضطراباتهم وانطوائهم, ينكصون الى جوف قواقعهم ,يمارسون سلوكهم التكراري الذي بدوره يفجر تراكمات " العداء الذاتي " بأشكال وصور متعددة منها ضرب الرأس بالجدران , لكم الحنك بعنف او السقوط على الارص بقوة .
ما هو معروف من طرق تربوية وتأهيلية وعلاجية طبيعية تسهم في تدريب وتأهيل الأطفال الذين يعانون من الاعاقات المختلفة ، تتوافق بعض الشيئ مع برامج اعداد الأطفال الذين يعانون من التوحد,فتعليم الأطفال المصابين بالتوحد يواجه صعوبات كبيرة,المعلم يأخذ على عاتقه تذليل هذه الصعوبات في تحديد مبدأ ومفهوم التعليم والتربية والتأهيل الخاص بالأطفال التوحدين ,ذلك لاتساع واختلاف فضاء هذه الاضطرابات, و تداخل اعراضها وتناهي دقة تشابهها , فالتوحد اضطراب نمائي يصيب الاطفال بعد السنة الثالثة "الاولاد اكثر من البنات ", عطب واضح في لغة التواصل , نكوص الى الذات والانطواء, صعوبة - بعض الاحيان -انعدام التواصل الاجتماعي, اضطراب في السلوك الاجتماعي لعطب الادراك والوعي. على الرغم من الالتباس وعدم وضوح رؤية المقاييس التشخيصية وتعددها وامكانياتها لتحديد مبادئ ومفاهيم طرق التعليم واساليب التربية والتأهيل الخاص بالأطفال التوحدين لتعدد انماط هذه الاعاقة " كانر سندروم الشائع باسم " التوحد الطفولي ",اسبيرغر سندروم , ريت سندروم ,التوحد النمطي اضافة الى ما عرف حديثا من الاعاقة المضاعفة "التوحد مع دالة الدوان " الا انها تسير إلى الامام لجرأتها في التحليل والتشخيص والتجريب لولوج إشكاليات هذه الاعاقة المتفردة . الأطفال الذين يعانون من التوحد غالبا ما تكون بداية طريقهم التعليمي والتأهيلي متعبة جدا للكادر التعليمي لشدة الصراع " بين المألوف المعتاد والجديد " فمحاولة الطفل التوحدي التمسك بما مألوف لديه من عادات وتقاليد اكتسبها عن المظاهر الحياتية اليومية او تقليد لما يقوم به شخصهم " الثقة " وعدم الحياد عنه, تقيد الكادر التعليمي وتحد من قدراته عند محاولته تبين وايضاح شيء ما للنفوذ الى دواخل الطفل التوحدي بوسائط وطرق تعليمية جديدة، غالبا ما يتصدى لها الطفل التوحدي بمقاومة قوية، وتصرف سلبي لهذا الجديد الخارج عن مألوفه وان فشلت مقاومته , في وقت لاحق لا يظهر اي اهتمام في المعلومات التي تطرح في الدرس بل يعزف عن الدروس تماما وكثيرا ما تفشل الطريقة التعليمية الأولى في شد انتباه الطفل التوحدي ,فالتجريب وتغير الطرق التربوية والتعليمية والتأهلية هو الذي يفضي الى اقتناص الاسلوب الصحيح المناسب للتعامل مع هذا الطفل او ذاك ,وهذا السلوك والاسلوب في العمل التربوي يتطلب اعداد خططا تربوية ومناهج عمل رئيسية وبديلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث