الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
العالم ينتهي فينا
محمد هالي
2017 / 1 / 2الادب والفن
"هل بدأ العالم هل يبدأ؟
لنقول أنه ينتهي؟"(1)
ينتهي فينا لؤلؤة لا تتلألأ،
و نحن الجواهر بلا شمس،
حين اخترنا الظل مأوانا،
فبكينا من العالم في العالم،
و استسلمنا بلا لون،
لأنهم أكلوا حتى التخمة،
عندما أصبحوا غزاة،
شنقوا كل الجثث في قرية دارنا،
و انتحر الباقي في وادي السحاب،
و انتشر هواءهم،
فاختنقنا من دخانهم،
لا كلبا ينبح،
من مشيتنا،
و لا ذئبا يعوي من طلقاتهم،
فراغ نحن في العالم،
و فراغ في العالم،
ابتسمت أعناقنا المعلقة في سراب المشنقة،
و عدنا عندما حاصروا كل القرى بدعوى التوسع،
عدنا عندما جاب الصمت لواءنا، فتمزق من كثرة الدموع،
" سنوات تترادف، تغدو و تروح، في عباءات السلاطين"(2)
فنسجنا من أحرف العالم،
إسما للشمس،
و إسما آخر للدفء،
في كل جدع من أقدامنا،
و احتكمنا لقولنا في كل الهزائم،
و في زمن الانتحار،
بقيت جثثهم مأتم بلا تاريخ،
و من احتار في كوكبهم،
اقتلعته الرياح في احتضار،
لا انتصار،
و من راح يحلم بالكتب،
ظل في هوائه،
يحلم بالكلمات،
لغة لحلول الغد،
و الكل في مقلمة الصغار،
و صار الوافدون كرة في قلاعنا،
لا مفر من هذا الهروب،
و لا مفر من جلودنا الدافئة
في كآبة خشنة لحظة الفناء،
في زلزال احتضن كل صواعق العالم،
لا سلم في الحرب،
و مهما تعالى السامعون،
فنحن قتلى ككل دابة،
قتلت بدعوى السلم،
و كل مروحة صفعتهم،
انتظرنا عادتها علامة للأحفاد:
"ماذا يفعل الشعر
...في عصر لا يحده الورم لا تحده الفجيعة
عصر الهلاك، مجانا
عصر الغيلة، التذاذا
عصر يسمى الكتب أحذية
و السجون مقاصير
و الآلات آلهة"(3)
ومن خلق الحبر في عام الكآبة،
جهل التدوين المزيف لتواريخ ،
في محلبة تاريخهم،
و رسموا ،
و نحتوا،
و بكينا بعدما قهقهنا جنة لأولئك المضطهدين في العالم،
من بلد إلى بلد،
حتى اقتحموا الصومال بدعوى المجاعة،
و استنطقوا الوافدين إلى جنتنا ،
بدعوى البحث عن الإجرام،
و قتلوا،
و هلكوا،
و استعمروا،
لا فرق بين آه و إيه،
سوى الصمت الأبدي،
عن جهنم التي أحرقت كل القرى الثائرة،
بدعوى عصابات متمردة،
تمردت عن زمانهم،
فطردت من كل شبر من جثثنا،
اعتنقنا كل الأقاليم،
و مشينا بلا إقليم،
فقلموا كل الأظافر،
لأنها أسلحة مجهولة في ذاتنا،
نظرنا،
و أعجبتنا الاسطوانة التي دارت في رؤوسنا،
لا فرق بين الذوات عندما تنتفض،
بحثا عن التربة النقية:
"أف للعصر العربي الثالث
و سحقا للإذاعات و الصحف، للتلفزيون
و السينما
و سحقا للفيزياء و الذرة/
و لم نعد نعرف
هل ندور حول المهد أم اللحد ...؟" ( 4)
قتلوا كل الجراثيم في كوب دافئ،
و حنطوا كل الأفاعي في قافلة الصحراء،
و انغرسوا مرايا لطوفان قادم،
عصر بعصر،
دفنوا الأوراق في محفظة الجواسيس،
و اصطادوا الأقمار الساكتة في فضائنا،
و الناطقة في آذانهم،
أينفع المجال للدفاع عن المجال
أم نحن المشردين بلا مأوى،
مادمنا في مأواهم؟
خرافة تصطاد خرافة،
و نحن الماشون في أفق بلا آفاق،
تعودنا أن نسمع و لا نتكلم،
كل الموارد في أيادينا،
و كل الخطط في أياديهم،
كل الشوارب مشطوها ،
كم حاربنا في الهزائم،
و انتصروا،
و كم قاتلنا السمنة،
فحاصروا كل الأجراس الناطقة،
احتاطوا كثيرا منا،
و احتاطوا كثرا:
"اف للعصر العربي الثالث !
ألاف التواريخ تستيقظ بين راياته
ألاف الأعراق تتزاحم تحت قناطره
ألاف الأجناس تتقاطر تحت موائده ...
هو الجائع، السجين، العاري !
تهيأي، أيتها الملل، استيقظي يا قبائل !
هو ذا طقس الافتراس،
هو ذا خاتم الطقوس !"(5)
هوامش:
(1) (2) (3) (4) (5) قصيدة لأودونيس : مراكش / فاس و الفضاء ينسج التأويل / مجلة الثقافة الجديدة المغربية العدد: 15 / 1980
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح
.. هذا ما قالته الممثلة مي سحاب عن سبب عدم لعبها أدواراً رئيسية
.. -مساء العربية- يفتح صندوق أسرار النجم سعيد العويران.. وقصة ح
.. بيع -الباب الطافي- الذي حدد نهاية فيلم تيتانيك بسعر خيالي
.. الفنان #محمد_عطية ضيف #قبل_وبعد Podcast مع الاعلامي دومينيك