الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيناريوهات عذاب القبر

سعادة أبو عراق

2017 / 1 / 6
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


سيناريوهات عـــذاب القــــبر
المعتقدات الإيمانية الذي نتداولها نحن المسلمين بشكل يقيني، بعضها من لم يأت القرآن الكريم على ذكرها، إنما تم تخريجها حسب أحاديث شريفة ليست مقطوعة الصحة، وحسب تأويلات المفسرين لبعض النصوص القرآنية، لذلك من الضرورة بمكان أن نعيد قراءة الأحاديث الشريفة والآيات التي تم تفسيرها وفقا لمفهوم مسبق عن عذاب القبر.
1 - إن أول الأحاديث التي اعتمدت لإثبات عذاب القبر هو ما جاء في صحيح البخاري كما يلي (حدثنا عبدان أخبرني أبي عن شعبة سمعت الأشعث عن أبيه عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها (أن يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب القبر فقالت لها أعاذك الله من عذاب القبر فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر فقال نعم عذاب القبر حق قالت عائشة رضي الله عنها فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر.){صحيح بخاري }
إذن فإن اليهودية هي التي ذكّرتْ عائشة بعذاب القبر فسألت رسول الله فوافق على قولها، وهنا نتساءل ما دام رسول الله يعرف مسبقا بعذاب القبر لماذا كتم الخبر عن عائشة وعن الصحابة, هل كان بحاجة ليهودية لتذكره؟ إنه أمر يرينا مدى تدخل اليهود في التقعيد لبعض الأحكام, وما دام رسول الله كان يعرف بعذاب القبر، لماذا لم يكن يستعيذ منه بعد كل صلاة؟ وقبل أن تنبه اليهودية عائشة رضي الله عنها؟
ومن ناحية أخرى أليس محمد صلى الله عليه وسلم نبي المغفرة، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف يستعيذ من عذاب القبر، فهل لديه_ جل شأنه_ شك بإيمانه وسوية مسلكه؟
2- وفي رواية مسلم (عن عائشة قالت ثم دخلت علي عجوزان من عجز زفر المدينة فقالتا إن أهل القبور يعذبون في قبورهم قالت فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما فخرجتا ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له يا رسول الله (إن عجوزين من عجز زفر المدينة دخلتا علي فزعمتا أن أهل القبور يعذبون في قبورهم فقال صدقتا إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم قالت فما رأيته بعد في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر. {صحيح بخاري ج1 ص462}
وهذه رواية أخرى مختلفة بأن هناك عجوزان من يهود زفر تؤكدان أن هناك عذاب للقبر فلم تصدقهما عائشة حتى سألت الرسول صلى الله عليه وسلم فوافق على ذلك ، وبعدها أصبح رسول الله يستعيذ من عذاب القبر.
3- وفي رواية اخرى عن عائشة (وعندي امرأة من اليهود وهي تقول هل شعرت أنكم تفتنون في القبور قالت فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إنما تفتن زفر قالت عائشة فلبثنا ليالي ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل شعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور قالت عائشة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد يستعيذ من عذاب القبر)
ففيى هذا الحديث ينكر رسول الله ما قالته عجائز زفر، لكن الله أكد لرسوله قول اليهودية، بما يعني ان لليهود دور في الدين وفضل كبير، فيهوديات المدينة هن اللواتي نبهن إلى عذاب القبر، وهذا يدل على أن هذه الأحاديث من الإسرائيليات،
وتعليقنا على ما سبق هو ان الرسول الكريم لم يكن لينتظر عجوزا من اليهود لكي تخبره عن عذاب القبر، فالدين الإسلامي انزل من لوح محفوظ وليس بمشاركة عجائز زفر.
1 - ان اختلاف الأحاديث و تضارب الروايات تقود إلى التشكيك بها واعتبارها من الإسرائيليات، وهذا يخرجها من دائرة الأحاديث الصحيحة إلى المفتراة.
2 - ان قول رسول الله اوحي الي مناقض لمفهوم الوحي فالوحي هو للقران فقط
3 - والحديث الشريف الذي يُستشهد به هو ( مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير أما أحدهما : فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر : فكان يمشي بالنميمة فأخذ جريدة رطبة، فشقها نصفين، فغرز في كل قبر واحدة فقالوا : يا رسول الله ، لم فعلت هذا ؟ قال : لعله يخفف عنهما ) فإذا أخذنا هذا الحديث على ظاهره، بأن عذاب القبر يحصل لأبسط الأشياء. ولكننا نتساءل هل حديث رسول الله بؤكد عذاب الفبر ام النهي عن البول السافر والنميمة؟
4 - إن هذه الأحاديث كانت وما زالت بضاعة لدعاة الترهيب، الذين يعجبهم ان يستثيروا رعب السامعين، ويرون في ذلك خدمة للإسلام، ذلك أنهم لا يحاولون التفكير في غير ظاهر الأحاديث، إن هذا لن يجعل منا أطهارا كالملائكة، إنما يدفعنا لأن نصبح لامبالين ما دام العذاب سوف يطولنا على الصغائر من الأمور.
5 - لقد جعلت هذه الأحاديث مقاما ليهوديات في مرتبة عمر بن الخطاب، حينما قال ( الطيبون للطيبات والخبيثون للخبيثات ) فنزل قوله هذا في آية، واليهودية التي اخبرت النبي بعذاب القبر جاء الوحي وصدق على قولها، وما دام قد صدقها الوحي لماذا لم تنزل به آية؟
هذه الأحاديث وغيرها أوردها ابن كثير في كتابه تفسير القرآن العظيم، وهو في سياق تفسير الآيتين 45و 46 من سورة غافر، وكما هو أسلوبه الذي يورد به كل ما وقع عليه علمه، ولا يقوم بتفنيدها، وفيها ما يؤكد على دور اليهوديات اللواتي نبهن سيدتنا عائشة لعذاب القبر، ولكن يبدو انه ما كان مرتاحا لمسألة عذاب القبر.

ما ورد في القرآن الكريم
لم يرد في القرآن قولا صريحا في موضوع مهم وغيبي، وما كان الله ليترك هذا الموضوع لأشخاص يؤولون القرآن كما يشتهون وتملي عليهم قدراتهم التفسيرية، فالآية الواردة في سورة غافر(وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (غافر: {45-46} فالعذاب الذي حاق بآل فرعون هو عذاب دنيوي، أما النار الموعودون بها فإنهم يعرضون عليها، صباحا ومساء ،كي تتعرف عليهم النار وهذا لتأكيد عذابهم يوم القيامة، إنه لا يعني عذابهم في القبر صباحا ومساء، فالموت ليس به زمن، وفي تفسير للشيخ الشعراوي يرى ان النار تعرض عليهم لكي يرو مصيرهم، وهذا عذاب نفسي، أما الآية الأخرى التي يستشهد بها فهي (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ {التوبة:101( فإن العدد هنا (مرتين) للتكثير، وتفيد التأكيد, والآية الثالثة التي يُستشهد بها(وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ {الطور: 47] فالله يتكلم عن الذين يتحدثون عن آلهة إناثا ، ( وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم* فذرهم حتى يلقوا يومهم الذي فيه يصعقون* يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون) هنا ينتهي النص وما بعدها حكم عام للظالمين بأن لهم عذاب قبل الآخرة وليس في القبر.
إن كان هذا ليس مقنعا لمن تمكنت منهم هذه العقيدة, أرجو أن نناقش معا هذه الأفكار.
1 - جاء عذاب القبر في كتاب الموتى الفرعوني بأن أوزيريس إله الموت يحاكم البشر بان يفيقوا من القبور بأجسادهم ، ويكون الوحش باباي حاضراً، وفي رواية أخرى تمساح وأفعوان، تفعل فعلها مع العصاة ، لذلك فنحن لا ندري هل استقى المفسرون حكاية الأفعوان ( الشجاع الأقرع ) من تراث الشعب المصري الفرعوني. وكذلك (المرزبة) وهي عصا من حديد لا تنكسر مع الضرب، ونتساءل أيضا عما اقتبسناه من الأمم التي دخلها الإسلام في مصر وسوريا والعراق المغرب.
2 - لقد حصروا العذاب بحيز مكاني هو القبر، ولكن هناك كثير من الناس لا يدفنون، في حالات الغرق في البحار، والحرق الشديد الذي لا يبقي شيئا، والتهامه من قبل سباع البر والبحر حتى العظام، فأين قبورهم، إنهم يتكلمون عن قبر مادي لا قبر معنوي.
3 - وكما في كتاب الموتى للفراعنة، ينتزع ملائكة العذاب ( ناكر ونكير) اقراره بالإيمات بالله، اذ يُستجوب على النحو التالي ما اسمك ومن ربك وما دينك والنبي الذي بعث فيك) ويقوم الشيخ يلقنه من فوق قبره ( الله ربي ومحمد نبيي .....) وكأن الله لا يعلم بإيمانه، حتى يقدم له الملكان اعترافاته؟
4 - هل يصح مع عدالة الله أن يعذب إنسان على جرم واحد مرتين، فيوم القيامة هو يوم الحساب وليس القبر هو يوم الحساب.
5 - إن الإنسان حين يموت فإن روحه تذهب إلى البرزخ، وهو مستودع الأرواح، ولن تعود إلى الحياة إلا يوم القيامة.
6 - إن عذاب القبر وقيام الساعة وما سيحدث في الزمان من الغيبيات التي لم يطلع الله عليها احد من الأنبياء، ورسولنا الكريم كان إنسانا ولم يكن استثنائيا، ولو كان يعلم الغيب لم يذهب إلى الطائف ويرجع خائبا، ولو كان يعلم الغيب لعرف بنتائج معركة أحد، وحديثه الشريف واضح ( لو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير لنفسي)
7 - في العصر الحاضر حيث تطور الطب الحديث وعلوم البارا سكيولوجي، فوجدوا أن كل الذين ماتوا إكلينكيا ثم عادوا للحياة, تكلموا عن نفس رحلة الموت ، فبداية تفر الروح من الجسد، تطير بلا وزن كأنها الدخان, يرى ويسمع ولكن لا يمكنه التواصل، ويستطيع أن يخزن ما رآه وما سمعه في ذاكرته، وكما ذكرت فتاة كانت حسب التقارير الطبية ميتة, ولكنها شفيت فأعادت ما كان الأطباء يتكلمون به من مصطلحات طبية لا تعرف معناها, وسمعت أختها في الغرفة الملاصقة وهي تبكي وتقول لا تتركينا يا أليس، وجميعهم أيضا قالوا إنهم كانوا على شفا الدخول في نفق, وكان في آخر النفق ينتظرهم أقرباهم الموتى، ولم يقل أحد انه دخل النفق، ويبدو أن دخول النفق دخول لا رجعة منه، أي هو الموت الحقيقي، وجميعهم أكدوا أن ليس هناك رهبة للموت، بل كانوا مسرورين، ولم يذكر أحد انه رأى قريبه يعذب، وان هذه الدراسات أجريت على مسيحيين ويهود ومعظمهم لم يكن متدينا.
8 - لا نستطيع أن ننكر أن رغبة الواعظين في الترغيب والترهيب دفعهم إلى أن لا يبحثوا في صدق ما يقولونه أو يؤكدونه, مادام الهدف نبيلا, وهذه الغاية النبيلة التي دفعت علماء الحديث إلى قبول الأحاديث الضعيفة, اعتقادا منهم أنها إذا لم تكن نافعة فإنها لن تضر، ولكن هذا العمل أضر كثيرا في عقائد العامة وفتح السبيل للمفترين والمتلاعبين وبالتالي خلط ما هو صحيح بما هو مفترى، بل أثر على أساليب التفكير للمسلمين, وغدت الأسطورة مقبولة وصحيحة بانتسابها للرسول أو أحد الصحابة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا