الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات سجين سياسي بتهمة ترويج أفكار متطرفة - 1

محمد وجدي
كاتب، وشاعر، وباحث تاريخ

(Mohamed Wagdy)

2017 / 1 / 9
سيرة ذاتية


" مين ؟ " ... " افتح بوليس " ..توقعتهم من قبل ، ولكن توقعت أن يبدأ الأمر باستدعاء ، ثم استفسار ، ولكن أن يحدث هذا بلا مقدمات ، فهذا هو العجب العجاب ..

المهم . فتحت الباب ... وجدت عددا لا بأس به من الجنود والضباط ... ( يكفي لاحتلال مدينة صغيرة وإعلانها منطقة مستقلة ) - هذا الزخم من الشرطة صار مدعاة لفخري أمام كل زملائي المسجونين ، وتلك النجوم الساطعة والنسور البراقة على أكتافهم جعلتني كلما اشتد التفاخر والمزاح حول أفضلية أحدنا أتحدى قائلا مقولة الراحل فؤاد المهندس : " إنت اعتقلك سبع ضباط وعشرين عسكري وثلاثة سيارات شرطة ؟ " ... فيجيب الآخر متأسفا حاقدا على حظي - البمب طبعا - : " لا " ، فأرد : " تبقى مش من مستوايا " ، وأعيد الكرة ثانيا سائلا محتدا : ""وانت انضربت من رتبة رائد فما فوق ؟" ، فيجيب بكل تحسر " لا " ، فأجيب " تبقى مش من مستوايا " .


+ "إزيك يا ابو حميد ؟ " ... عرفت فيما بعد أن صاحب الصوت هو رائد بالمباحث العامة " ونسميها أيضا مباحث أمن الدولة وبندلعها ساعات سويسرا البلد ... " أهلا باشا .خير ؟ " ، أبدا عاوزينك في كلمتين وهترجع على طول " ، وفي لحظة واحدة وبقدرة قادر ، كأن علاء الدين دعك مصباحه السحر فخرج المارد ، وقد كان الأمر هذه المرة جمع كل كتاب ومجلة وكراسة وورقة في الحجرة .

+ كان أبي مسافرا في هذا الوقت ... سألت أمي : " لماذا تأخذونه ؟ " ... أجاب بصلف : " اسكتي خالص عشان لو حد نطق بكلمة واحدة كرسي في الكلوب وهاقلبها ضلمة " ... كل هذا وأنا - نصف نائم - ، فقد كانت الساعة تقترب من الثالثة صباحا ، وحتى ذلك الوقت كنت ما زلت أنام مبكرا ، ومن يومها حرمت النوم على نفسي مستغرقا قبل الفجر .........


********

خرجت معهم وسط الصمت المطبق والذهول الشامل الذي لزم البيت .... أما الشارع الصغير الهادئ الذي كنت أقطن فيه ، فقد كان على غير حاله في تلك الساعة من الليل .

كان كل الأهالي قد استيقظوا ، وخرجوا من الشرفات ليروا أي تهمة تنتظر هذا الفتى الذي لم يكن قد أتم عامه الحادي والعشرين بعد ... سألت امرأة : " فيه إيه يا محمد ؟ " .. على الفور انطلقت الكلمات البذيئة من فم ذاك الرائد تتوعدها بتلفيق تهمة جاهزة إذا لم تعد أدراجها ، وتلزم بيتها .... أما الأستاذ " سيد " فقد اكتفى بمصمصة الشفاه ، واسترجاع ما حدث له أيام السادات عندما سجن بتهمة " العيب " ، وخرجت تنهيدة من صدره تعلن البكاء على وطن سليب أسير



" عملت كدة لي " .... هكذا سأل أحد الجنود في السيارة .... كنت قد بدأت أفيق وأدرك تماما ما أنا فيه .... سألته "وماذا فعلت؟" ... رد وعلامات الحيرة على وجهه : " مش عارف بس أكيد حاجة كبيرة " ... ضحكت وقلت : "أنا كذلك لا أعرف " .



كنت " الزبون الأول " ، ولكني لم أكن الأخير ، فقد جاءوا بآخرين من تيارات مختلفة :

أ- س. ف : " دعوة سلفية " .

ب- ش . ص " تنظيم الجماعة الإسلامية " .

ج – ع . ن : كادر في غالحزب الشيوعي المصري " تحت التأسيس " ، وعضو في عدة منظمات لحقوق الإنسان "ترى من سوف يطالب حقوق هذا الحقوقي ؟!!! " .

وغيرهم .



في الخامسة صباحا وصلت السيارة رحاب أمن الدولة الشريف... كان النهار قد بدأ ينشر نوره ، وتراجعت جنود

الظلمة القهقرى، وأذن الله بميلاد يوم جديد على بلد لم يعد يعرف للجدة والتغيير شكلا .



في الاستقبال أخذت بياناتنا ، وبطاقاتنا ، وربطت أعيننا بقماشة تسمى " الغمة " ، وتم اقتيادنا إلى إحدى الغرف التي كان يحرسها جنديان ، وكانت غرفة خالية م كل شيء ما عدا دراجة بخارية ، ومكتب متهالك ومقعد خشبي كسيح مثل هذا الوطن المهيض .



بدأت الجرأة تنتابنا ،وبدأنا بالهمس : " الأخ منين ؟ . طب اسم الكريم ؟ " ، ودخلنا في مرحلة جرأة جديدة .. إذ بدأنا نرفع جزءا من " الغمة " عن أعيننا لنستبين حالة الغرفة والمكان من داخل وخارج .



" بِلدي . عاوز الحمام " ( بِلدي اختصار بلدياتي مستخدمة بين الجنود بعضهم البعض في الجيش بين المجندين ) . هكذا قال س.ف ... رد الجندي " اخرس خالص " ، " اخرس ازاي ؟ أموت يعني ؟" .... " ما تموت ولا تروح في نصيبة " .



رفعت " الغمة " نهائيا لأتابع هذا الموقف وأنظر ما سوف يسفر عنه . كان الاشتباك الكلامي قد احتدم ، وفي لحظة واحدة كان الجندي داخل الغرفة ثائرا لاعنا لآبائنا مجيلا النظر فينا . توقفت عيناه عندي فجأة ف.......


يـــــــــــــــتــــــــــــــــبـــــــــــع









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على