الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خالد الكيلاني يكتب : لماذا العاصمة الجديدة ؟

خالد الكيلاني

2017 / 1 / 10
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


حضرات المواطنين اللي بيقولوا إيه لازمة العاصمة الجديدة ، ما كنا بفلوسها صلحنا التعليم أو الصحة ... حضراتكم طبعاً وطنيين وبتخافوا على البلد ، وعاوزينها تبقى أحسن ، وأنا معاكم إن إصلاح التعليم أولوية قصوى لتقدم هذا الوطن ، وأيضاً إصلاح أحوال الصحة ، فأملي ألا أرى في مصر مريضاً واحداً.
لكن تعالوا نحسبها كده :
هل تعلم حضرتك أنه خلال ال 36 عاماً الماضية تم إنشاء 30 مدينة جديدة ، منهم مدن مليونية مثل 6 أكتوبر والقاهرة الجديدة ، ومنهم مدن إنقسمت لعدة مدن مثل القاهرة الجديدة التي انقسمت للتجمعين الأول والخامس والرحاب ومدينتي ومدينة بدر وهليوبوليس الجديدة ؟ .
وهل تعلم حضرتك أن المدن التي أنشأت على أطراف القاهرة فقط ، مثل 6 أكتوبر ، والشيخ زايد ، والعبور ، والشروق ، وبدر ، والتجمعين الأول والخامس ، والرحاب ومدينتي ، قد إنتقل إليها مالا يقل عن 5 مليون نسمة من سكان القاهرة الكبرى ؟ .
وهل تعلم حضرتك أنه لولا إنشاء تلك المدن لكانت القاهرة قد إختنقت بمن فيها ، ولكانت حركة المرور قد توقفت تماماً ، واُضطر ساكنوها إما إلى أن يسجنوا أنفسهم داخل بيوتهم ، أو أن يذهبوا إلى أعمالهم مشياً على أرجلهم ؟ .
ومع ذلك فما زالت القاهرة تئن من أزمة المرور ، وإنتشار ثقافة الزحام ، وثقافة العشوائيات ، بكل ما جرته من مصائب على أخلاق المصريين في العقود الثلاثة الأخيرة .
وهل تعلم أن مصر تخسر سنوياً حوالي 40 مليار جنيه خسائر إقتصادية ، بسبب إختناق المرور في العاصمة فقط ، فضلاً عن أضعاف هذا المبلغ خسائر غير منظورة نتيجة لإنتشار أخلاقيات الزحام وثقافة العشوائيات .
وأن كل الكباري والأنفاق والطرق ومشروعات مترو الأنفاق التي يتم إنشائها داخل القاهرة الكبرى طوال العقود الأربعة الماضية لم ولن تحل مشاكل المرور ، لأنها ليست أكثر من مسكنات ، والمحصلة أنها تُعد إهداراً للأموال بلا طائل .
وحتى تتفهمون حضراتكم طبيعة المشكلة التي نعانيها من إستمرار القاهرة عاصمة لمصر ، فإليكم المعلومات التالية :
- القاهرة الكبرى بها 22 ‎%‎ من إجمالي السكان في مصر .
- القاهرة الكبرى بها 55 ‎%‎ من أماكن التعليم العالي في مصر .
- القاهرة الكبرى بها 43 ‎%‎ من إجمالي الوظائف بالقطاع العام في مصر .
- القاهرة الكبرى بها 40 ‎%‎ من إجمالي الوظائف بالقطاع الخاص في مصر .
- القاهرة الكبرى بها 48 ‎%‎ من إجمالي عدد الأسرة في المستشفيات في مصر .
- القاهرة الكبرى بها 50 ‎%‎ من إجمالي عدد السيارات الخاصة في مصر .
- القاهرة الكبرى بها 95 ‎%‎ من البعثات الدبلوماسية ( سفارات وقنصليات ) في مصر .
- القاهرة الكبرى بها 90 ‎%‎ من دواوين الحكومة في مصر .
أما لماذا حدثت في القاهرة هذه الكارثة المرورية ، التي تفرض علينا إنشاء عاصمة جديدة بديلاً للقاهرة التي ظلت عاصمة لمصر لأكثر من ألف عام ، فإليكم الأرقام التالية التي تحدد ماذا حدث في القاهرة طوال النصف قرن الأخير .
- كان عدد سكان القاهرة الكبرى في الستينيات 5 مليون نسمة ، بينما وصل عددهم الآن إلى حوالي 22.5 مليون نسمة .
- كانت وسائل المواصلات في القاهرة الكبرى تضم في الستينيات :
4700 أتوبيس نقل عام ومفصلي
+ شبكة ترام
+ شبكة ترولي باص
+ مترو مصر الجديدة
بينما تضم الآن رغم تضاعف سكانها بنسبة تُقدر ب 350 ‎%‎ ما يلي :
2000 أتوبيس نقل عام
+ 2.25 خط مترو أنفاق
+ عشرات الآلاف من وسائل النقل العشوائي ( ميكروباص وتوكتوك ) .
ووصل متوسط سرعة وسائل النقل في القاهرة الكبرى إلى 10 كم في الساعة بسبب الإختناقات المرورية .
كما وصل متوسط زمن رحلة العمل داخل القاهرة إلى 100 دقيقة .
مع عجز في توفير وسائل النقل بكافة مستوياتها ، وعجز في توفير أماكن الإنتظار ( تحتاج القاهرة ل 1000 جراچ متعدد الطوابق لاستيعاب 450000 ألف سيارة ليس لها أماكن إنتظار ) ما تسبب عنه فوضى في الإنتظار ، وتعطيل للمرور ، وإنهاك لأجهزة المرور التي هي أصلاً ضعيفة ومتخلفة .
فضلاً عن معدلات رهيبة في تلوث البيئة ، وإستهلاك زائد للوقود .
كل ذلك أدى لفشل الدولة في الحل رغم ضخامة الإنفاق .
ولو استمرت العاصمة في القاهرة ، لأنفقت الدولة أضعاف تكلفة العاصمة الجديدة من أجل حل مشكلة المرور ، في إنشاء كباري وأنفاق وطرق ، وطرق دائرية ومحورية ، وشراء وسائل مواصلات ، وإنشاء المزيد من شبكات مترو الأنفاق ... وسوف تظل الكارثة المرورية على حالها ، لأن معدل " الرحلات المتولدة " تزيد عن معدل مشروعات الطرق ووسائل المواصلات ، وكلما أنفقنا المزيد على الطرق والكباري والأنفاق في العاصمة الحالية ، كلما زاد معدل " الرحلات المكبوتة " التي كانت مؤجلة ، ويتم تنفيذها نتيجة إنشاء طرق ووسائل مواصلات جديدة .
والدليل على هذا الكلام أن إنشاء محور صفط اللبن مثلاً لم يقلل الزحام والتكدس على محور 26 يوليو ، وإنشاء عدة محاور للوصول للتجمع الخامس لم يقلل الزحام على المحاور القديمة أو طريق السويس ، وإنشاء الطريق الدائري الأول والطريقين لدائريين الثاني والثالث لم يخففا إزدحام وسط المدينة ... بل أن الزحام والإختناقات المرورية لم تعد في منطقة وسط القاهرة فقط ، لكنها إنتقلت إلى مصر الجديدة ، بل والتجمع الخامس نفسه ( شارع التسعين مثالاً ) .
ولسنا وحدنا في فكرة إنشاء عاصمة جديدة ، فالعديد من الدول تركت حكوماتها العاصمة التاريخية ، وأنشأت عواصم جديدة مثل نيچيريا التي نقلت عاصمتها من لاجوس إلى أبوجا ، والبرازيل التي نقلت عاصمتها من ساوباولو إلى برازيليا ، وتنزانيا التي نقلت عاصمتها من دار السلام إلى دودوما ، وساحل العاج التي نقلت عاصمتها من أبيدچان إلى ياموسوكري ، وكازخستان التي نقلت عاصمتها من ألما أتا إلى أستانا ، وميانمار التي نقلت عاصمتها من رانجون إلى نايبيداو ، وموسكو التي كانت أول دولة في العالم تنقل عاصمتها من المدينة التاريخية سانت بترسبوج إلى موسكو عام 1918 .
وأحدث العواصم الجديدة هي بوتراجايا عاصمة ماليزيا الجديدة بديلاً عن العاصمة التاريخية كوالالامبور .
التعليم هو الذي يمكن أن ينقل هذه الأمة إلى مصاف الدول العظمى ، وصحة المصريين هي التحدي الأكبر لنهوض المجتمع ، لأن العقل السليم في الجسم السليم .
ولكننا لا يمكننا النهوض بالتعليم أو الصحة أو أي شيء في وسط كل هذا الزحام والفوضى والعشوائية .
ولذلك كان لابد من نقل العاصمة بعيداً عن القاهرة حتى يستطيع المصريون أن يتنفسوا ، وعندما يستطيعون أن يتنفسوا ، ساعتها يمكنهم التفكير في إصلاح التعليم والصحة والبحث العلمي ، وكل المجالات .
خالد الكيلاني
( الأرقام الخاصة بأزمة المرور ، مصدرها وكالة " الچايكا " اليابانية وهي وكالة التعاون الدولي التابعة للحكومة لليابانية التي بحثت على مدار عامين " أزمة المرور في إقليم القاهرة الكبرى بين الواقع والحل" )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - برافو
ركاش يناه ( 2017 / 1 / 10 - 15:44 )

برافو
___

اجاب الاستاذ الكاتب عن الاسئلة السهلة و ترك السؤال الصعب

لماذا نتكاثر كالحشرات؟

دى مصيبة سودة يا جدعان!

...

اخر الافلام

.. ألمانيا والفلسطينين.. هل تؤدي المساعدات وفرص العمل لتحسين ال


.. فهودي قرر ما ياكل لعند ما يجيه ا?سد التيك توك ????




.. سيلايا.. أخطر مدينة في المكسيك ومسرح لحرب دامية تشنها العصاب


.. محمد جوهر: عندما يتلاقى الفن والعمارة في وصف الإسكندرية




.. الجيش الإسرائيلي يقول إنه بدأ تنفيذ -عملية هجومية- على جنوب