الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفاهيم خاطئة في تلاوة القرآن وقراءته

سعادة أبو عراق

2017 / 1 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مفاهيم خاطئة في تلاوة القرآن وقراءته
أُنزل القرآن الكريم على غير ما هي الكتب السماوية الأخرى ، فهو انزل في فترة زمنية محددة ومعروفة ، وان الآيات التي نزلت مفرقة وربما متباعدة زمانيا ، تم ترتيبها من قبل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ،وكذلك ترتيبها ترتيبا طوليا وكتابة القرآن بالخط المسند، بحضور حفظة القرآن، من رسول الله مباشرة ، كل هذه الإجراءات كانت كفيلة بأن توثق الآيات القرآنية بما لا يجعل فيها مزيدا أو نقصا ، وبالتالي تجعل العقيدة ثابتة المرجع ، واضحة التعليمات، ولا مجال لوجهات النظر.
إذن يكون القرآن هو مرجع المسلمين الأول، لذلك فإن حفظ الآيات القرآنية عن ظهر قلب كان واجبا منطقيا فرضتها الظروف لعدم وجود مصاحف مكتوبة يقرأ منها، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لكي يتمثل به المؤمن وهو إزاء كل مشكلة تعترضه في حياته، أكانت مشكلة شخصية أو مجتمعية أو إنسانية. ومن هنا كان الحض متواصلا على تلاوة القرآن ، لكي يكون في متناول الذاكرة دائما.
ولقد ورد في القرآن الكريم الحث على قراءة القرآن وتعلمه والاستماع إليه (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)الأعراف204 وكذلك جعله لله ميسرا أي سَهلَ القراءة والتذكر)وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}(القمر: 17وهذا القرآن به شفاء للناس بمعنى الشفاء الروحي والمادي(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا [الإسراء: 82].وهو يقود إلى ما هو أكثر صوابا وحكمة{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ }ويصف تأثير القرآن على من يقرأونه وقلوبهم خاشعة {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}[الأنفال 2-3]
أما الأحاديث النبوية، فقد كان فيها التشجيع على قراءة القرآن أكثرا ترغيبا.
في مجال نشر القرآن (( حدثوا عني ولو آية )و ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه)
الترغيب بأن الله يجازي بالحسنات عن كل حرف يقرأه (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (الـم) حرف، ولكن ألفٌ حرف، ولامٌ حرف، وميمٌ حرف)
وان القرآن يكون شفيعا لمن يقرأه( اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه)
ولا بأس بمن يقرأ وهو يتعتع في القراءة فله أجران، فعن عائشة رضي الله عنها(الذي يقرأ القرآ-----------------------ن وهو ماهر به مع السَّفَرَة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران)
والرسول يخشى أن تخون الذاكرة أصحابها فيحذر (تعاهدوا هذا القرآن، فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عَقلها)
وجلسة قراءة القرآن جلسة رحمانية تحضرها الملائكة( وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله عز وجل، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده)
هنا نجد أن الله يأمر بالاستماع منصتين إلى تلاوة القرآن، للأسباب التي ذكرها الله تعالى ، وترغيب رسول الله المسلمين على قراءة القرآن وتدارسه ونقله وتعلمه وتعليمه للناس ، ذلك أن هذه الفئة من الصحابة قد وقع عليها تبعات حمل الرسالة ونشرها وحمل القرآن الكريم كما انزل بلا أي تحريف أو زلل ، وان تلاوة القرآن وترتيله ما هو إلا النغمة التي تراقصت عليها الأزمنة الإسلامية ، فهو موجود في كل عمل أو تفكير في حالات الولادة والموت ، الغنى والفقر ـ الصحة والمرض وغيرها.
ولكن هذه الدعوات المعتدلة التي تتفق مع القدرة الإنسانية وما فطر عليها ، أصابها معاضلة من المبالغين في حرف معاني الآيات وأقوال رسول الله عن مقصدها الأصلي:
1- أصبحت قراءة القرآن هدفا في ذاتها، لكي يكسب بتلاوته وقراءته الحسنات والتقرب من الله، ولعل في هذا المقصد زيغ عن مقاصد رسول الله حين قال ان في كل حرف حسنة وكل حسنة بعشر أمثالها، فما كان مقصد رسول الله إلا حفظ القرآن ودوام مراجعته، وليس كسب الحسنات، فما الفائدة حينما نقرأ القرآن من أجل الحسنات التي سنكسبها، إنها ستكون قراءة ببغائية ، فكما نرى اليوم حيث يحرص الكثير منا على ختم القرآن في رمضان ، ولا أظن من يقرأ جزءا في اليوم بقادر على فهم أكثر من الآيات العشر الأولى مما قرأ، فالذهن البشري لا يملك الفهم المتتابع لأكثر من نصف ساعة ، ثم تغدو القراءة صوتا لا غير.
2- إن الاستماع إلى القرآن يجب أن يرافقه الإنصات إلى ترتيل المقرئ الذي يعطي المعاني حقها من الاستقرار بالنفس، ولكننا نلاحظ مع التقنيات الصوتية التي تم بها تسجيل مئات القراءات على أشرطة واسطوانات سي دي وديجيتال بحيث أصبحت متوفرة، وان المقرئين من المملكة العربية السعودية يقرؤون قراءة سريعة لا يتملى منها القارئ، في حين تراجعت القراءات المصرية التي فيها تروٍ مما يعطي زمنا لتدبر الآيات القرآنية والتفكر بالمعنى المستتر .
3 - إن الاستماع الألكتروني من الأشرطة غير الاستماع الحي المباشر من المقرئ ، فالقرآن الذي نسمعه من الراديو أو الفضائية أو من مسجل السيارة أو في مجلس عزاء ، أو من مسجل الحافلة العمومية هي ابعد ما تكون عن مجلس التلاوة الذي وصفه رسول الله ، حيث يتم تهيئة النفس والذهن لتلقي إيحاء الآيات وتدبرها، إن تقديسنا للقرآن يجب أن لا يقتصر على أن نقرأه ونحن على وضوء فقط، بل ونسمعه كذلك ، وليس في كل مكان، لدفع الملل عن ركاب الحافلة، وأن نقرأه ونهدي ثواب القراءة لغيرنا، فحسناتنا ليست رصيدا بنكيا نسحب منه ونعطي غيرنا( وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ( إننا نمس بذلك هيبة القرآن الكريم دونما ندري.
4 - إن اقتصار المسلمين على قراءة القرآن دون غيره من الكتب، ما هو إلا مغالطة في فهم الرسالة الإسلامية، إننا لا نعيش بالقرآن وحده، ذلك أننا نعيش في عصر لا نملك أن نكون فيه مغيبين عما في العالم من توجهات يجب أن نطلع عليها ولو كانت ضد عقائدنا، وأظن ذلك خوفا من تلوث عقيدتنا، وأريد أن أطمئن هؤلاء الخائفين على الإسلام ، وينصبون أنفسهم حراسا عليه من الكافرين، بانه أقوى من أية عقيدة أخرى وأن الإسلام ليس متهافتا، بل متماسكا لم يصب منه الدهر ثغرة، بالإضافة إلى ضمان الله له(إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون(
5 - إن قراءة الفرآن لم تقد المسلمين إلى عادة المطالعة، واقتناء الكتب، الدينية وغير الدينية، والاستزادة من المعارف المختلفة، ذلك ان الهدف من قراءة القرآن _ كما يعتقد_ هو اكتساب الحسنات، ولا حسنات يكتسبها من قراءة غير القرآن، ان الله الذي فرض القراءة على المسلمين قبل ان ينزل القرآن، كا يعلم أن القراءة هي اساس الحضارة، وليست محصورة في المعابد، كما في الديانات السابقة عند الكهنة الفراعنة وغيرهم.
6 - للذين ينكرون عليَّ هذا الرأي أقول أن فهم القرآن لا يكون من القرآن وحده، إنما يكون من خلال العلوم الكثيرة التي تعتبر في ذهن صاحبها كشافات تنير له المعاني العميقة، ولم يكن الشيخ متولي شعراوي في تفسيراته المبتكرة إلا بسبب معارفه الكثيرة الواسعة والمتنوعة والعميقة، وكذلك الذين يتكلمون عن الإعجاز العلمي للقرآن الكريم.
7- إن الحركات الإسلامية في العالم العربي هي مسئولة مسئولية مباشرة عن مشكلة ضعف القراءة عند الشباب التابعين لها واقتصارهم على الكتب الدينية فقط، وأبعادهم عن قراءة الكتب الثقافية والعلمية وعدم توسيع مداركهم المعرفية، والابتعاد عن الفكر المخالف للدين أو الغير ديني، وجعلهم مرتهنين بالشيوخ يسألونهم عند الحاجة, إن هذه خطيئة لا تغتفر.
وأخيرا أقول إذا أردت أن تفهم القرآن عليك أن لا تقتصر على قراءة القرآن وحده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما الفائدة
بلبل ( 2017 / 1 / 11 - 23:48 )
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۗ-;- قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ۗ-;- وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (50
ما الفائدة من قراءة هذا الكلام وهل هناك الاه في كامل قواه العقلية ليقوله


2 - على النقد ان يكون يناء
سعادة أبو عراق ( 2017 / 1 / 17 - 17:04 )
أخي بلبل انا لست داعية ، انل انتقد ما أراه انحرافا او خطأ، بشرط ان املك الإقناع الكافي الذي يحترم من اخاطبه ، لا يمكنني ان قول هذا خطأ قبل ان املك القدرة على مناقشة قناعات الخصم ، فأنا لا استطيع اتن اقول ان هذه الآية زائدة او خاطئة لأني لن أجد من يسمعني ، فلماذا اذن اتكلم؟

اخر الافلام

.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن