الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين الصالح لكل زمان

الطيب عبد السلام
باحث و إعلامي

(Altaib Abdsalam)

2017 / 1 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حتمية الدين.

ما يختبئ خلف هذه العبارة "الاسلام صالح لكل مكان و زمان" هو ألانسان.
الانسان المستمر في هذه الارض الذي لم يفنى و لم ينقرض،و حيثما وجد الانسان وجد التساؤل و تولدت الحيرة.
اسئلة الانسان الملحة،الا قطعية الاجابة،حيرته في منتصف الغابة.
من اين جاء و الى اين هو ذاهب؟
انها ليست اسئلة يجاب عليها بجرة قلم،هي مستمرة في الاتقاد و الاحراق.
مستمرة في الأخذ بكيان البشري و السيطرة عليه.
اسئلة لا اجابة مقنعة تجاهها،لا ولا حتى اكثر الاجابات اقناعا قادرة على اطفاء الخوف الفعلي الاكبر،التحديقة المتسائلة الى سكون المصير البشري.
هناك تقف اللغة صامته،تنفصل عن الواقع في الارض،يختلف اتجاه المعنيين تماما.
فالالم ك "كلمة" يختلف كلية عنه ك "حقيقة".
هناك لا تعمل اللغة،يعمل التساؤل وحده.
التساؤل المستمر! الى اين سنصل؟
و هل العدم كامل الانعدام؟ هل سنصبح بهذه البساطة موادا عضوية؟
هل ستصبح ذكرياتنا،عالمنا الحي الشديد التدفق هل سيؤؤل الى الا شئ؟
أن الاجابة هاهنا ليست قابلة للتصديق،عقلنا الباطن لن يوافق،سيتحايل على الاجابة بالاعيب ما،لأنه في صميمه لا يوافق.
لا يوافق ان يستبدل بغيره،لقد نجا من بحر العدم و لن يعود اليه مرة أخرى.
انه يلح على الخلود ايا كان الثمن و لو على جثة الحقيقة العقلانية.
انه حينها لن يفهم المنطق!! ينظر اليه نظرة الطفل الرضيع للوجوه البشرية،لا يفهمها و لا يعيها.
انه يريد الفعل لا المنطق،و ايا يكون الفاعل فأنه سيتسلم له و يتعلق به.
و الدين يرتب له ذلك الفعل،يصغي الى صرخاته الذاهلة و هو يغرق في السديم.
يغرق في التلاشي.
يسمع استغاثاته و يمد له الحبل،يعده بيابسة أخرى و اوكسجين اجد و انقى.
في اللحظة التي نتوخى بها المصداقية العلمية واقفين على الشاطئ يقفز الدين الى عرض البحر،يقفز صوب الغارقين،يقفز حيث لا يفهم الغارقون اي منطق سوى انهم يريدون الا يغادروا،يريدون البقاء بأي ثمن لأنهم لاوعيهم لا يفهم الفناء و لا يقبله.
من هناك يستمد الدين ديمومته،و من هناك ينشر اغصانه و تعاليمه و طقوسه.
من العصي على المنطقي!! من القفزة التي يغامر بها نحوه لينقذه.
لينقذ غريزة البقاء لديه حيث يلتفت عنه المنطق مكملا مسيرته متخليا عنه.
أن الدين هو البشري في لا تقبله لحقيقة فنائيه،الراعي الرسمي و الاوحد لما سيحدث "فيما بعد" و ما دام انه قد قدم هذه الضمانات بثقة "يحسد عليها" فأنه اجدر بما هو حادث "فيما قبل" جدير ان يوجه العقل البشري الى الطريق الذي سيحقق له السيناريو السعيد لما هو كامن "فيما بعد" و أن يحرص تمام الحرص على الا يحدث اي تشويش في خطته الاخلاقية و الطقوسية سيقود الى نتائج عكسية لما هو حادث "فيما بعد".
لهذا فالدين "صالح لكل زمان"،صالح باضطراد المسيرة البشرية الناظرة الى وجودها باعتباره "حدث استثنائي"،صالح ما دامت الحيرة كامنة في امعانها النظر لفرد منها ينطفئ و يرحل،و أنه سيكون في مكانه ذات يوم،حيث ينطفئ هو و يستمر من هم حوله في تنفس الاوكسجين و التلذذ بالحياة.
لما لا يكون معهم؟لما لا ينصرف هو الأخر؟ لما هو عاجز؟و أن كان لا بد ان يبقى وحده اليس ثمة حيلة ليكون لديه حياة بديلة؟عامرة باللذة و الديمومة؟.
انه حلم البشرية الازلي،الحلم الذي يفسره العلم بأن البشري ما هو الا حصيلة عطائيه و ان ذلك العطاء محط منافسة شرسة بين العطاءات الاخرى و ان عليه بذل كامل مجهوده ليفعل "امرا استثنائيا" يجعل من عطائه محط قيمة قصوى قابلة للديمومة.
و هي لا شك مهمة معقدة لن يستسيغها الا قلة القلة،لأن العلم لا يلتفت للاشياء المكررة.
بعكسه الدين الذي يقدم "الحلول السهلة" للجميع،اذ لا احد سيجازف بخلوده الحقيقي الذي يقدمه الدين ليغامر في خلود "معنوي" غير مضمون الحدوث و حتى حدوثه لن يكون "مفيدا في شئ" بعد ان تحول مجازا الى "لا شئ".
اننا مجبولون على الامتداد،خيالنا ممتد لا ينفد،ماضينا متصل دوما بالحاضر،قابل للاستدعاء،قابل للخلود جنبا الى جنب مع الحاضر.
فلما نكون نحن ايضا كذلك،لما لا تكون لذائذنا الدنيوية هي الأخرى رفيقة لنا في "روضة من رياض الجنة".
لذلك فالدين باق ما دام "اكسير الخلود" هو حلم الفلاسفة العصي و منال المعامل المستحيل.
ما نستطيع فعله هو "تقليل الاضرار" و فهم الدين في "سياغه" و الوقوف ضد محاولات "استغلاله" و اخراجه من عالم "طقس المعاد" ليصبح سلطة تحكم باسم "طقس المعاد" لأن لحظتها ستفسد الحياة و تصير بكامل ترقبا ل "قدر الله"،نستطيع ابعاده من جعل منطق المعاد منطقا للحياة.
نستطيع استيعابه في الحياة العلمية باعتباره العزاء حيث لا عزاء.
باعتباره طموح البشري في مد وجوده الى الا نهاية...
يالها من غاية نبيلة و حالمة!!!
ان مصادمته تعني مصادمة البشري في غريزته الام "غريزة البقاء"،و هي معركة لا شك خاسرة ما دامت تصر على مواجهة الدين في صعيد "اللغة" و تترك له الميدان في لحظة "الفعل".
علينا ان نصغي بكل اهتمام لنظرة المحتضر اليائسة،ان نطيل تأملها و أن نحاول الشعور بها،اذ انها بقدر ما انها سريعة بقدر ما تشكل لحظة الغياب الكامل للأنسان!! بذرة الخلود و الاستمرار..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احكام وتشريعات الله أم الانسان
احمد الخفاجي ( 2017 / 1 / 14 - 08:24 )
استنكاف الناس عن فعل وممارسة الكثير من احكام الاسلام وتجاوز الشعوب والمجتمعات لهذه الاحكام وهي كثيرة كزواج المتعه وارضاع الكبير وغيرها مما تأبى القيم والتقاليد الاجتماعيه والقبليه على ممارستها او القبول بها لهو دليل صارخ بان الدين غير صالح لكل زمان ومكان


2 - عن اي دين تتكلم
صالح ( 2017 / 1 / 15 - 00:21 )
وتقول انه صالح لكل زمان ، لا يا سيد دينك غير صالح لاي زمان ومكان لقد انتهت صلاحياته ( expire ) تعفن وطلعت رائحته وانت تشاهد وتسمع وتشم راءحة القتلى والموتى باالاف القتلى في البلاد الاسلام باسم الدين يقتل الانسان ويهجر ويغتصب وينهب ويهان ويباع في سوق النخاسة ، وتقول الدين صالح لكل زمان !!!!!!! موضوعك لا أهمية له وعنوانه غلط في غلط في غلط .


3 - الدين طالح لكل زمان ومكان!
ملحد ( 2017 / 1 / 15 - 19:11 )
كتبت: ( لذلك فالدين باق ما دام -اكسير الخلود- هو حلم الفلاسفة العصي و منال المعامل المستحيل)

تعقيب: المقولة اعلاه ,وكذلك من خلال قراءة محتوى المقال, يمكن الاستنتاج بسهولة ان الايمان شكل من اشكال الجبن!
فالمؤمن لا يستطيع تقبّل حقيقة فناءه بعد موته!فيلجأ الى تعاطي المخدرات(الدين) على شكل ابر مورفين..... لاعتقاده بانها طريقه الى الخلود!
اعتقد ان الكاتب يدرك هذه الحقيقة......
اما اذا اخذنا المحصّلة النهائية للدين, اي دين, عندها نستطيع القول بكل ثقة ان:
الدين طالح لكل زمان ومكان

تحياتي

اخر الافلام

.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية


.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في




.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو