الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفهوم القومي في الإرث الثقافي للشرق الأوسط

لاوند ميركو

2017 / 1 / 14
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


أول مايتبادر لذهن الإنسان من أن المفهوم القومي هو الحقيقة المطلقه الغير قابلة للجدل والنقاش كمفهوم طبيعي يأتي في إطار الحقيقة البشرية تشرعه جميع القوانين الوضعيه والعقائد السماوية للتمييز بين المجموعات البشرية المختلفه التي تربطها وسيلة مشتركه للتفاهم ونقل الأفكار والرؤى فيما بينهم بالدرجة الآولى وهي اللغة .
فاللغة الواحدة تعتبر من أولويات التمييز بين الجماعات البشرية المنتشرة في جميع أنحاء العالم وهي العنصر الأساس الذي استندت إليه نظريات التمييز بين البشر لتسمي كل جماعة على حدة واضعة بذلك اللبنة الآولى لعملية التقسيم والتفريق المجتمعي في مرحلة من مراحل الفوضى التاريخية التي مرت بها الجماعات البشرية عبر العصور.
تأتي النظرية القومية إلى جانب مفهوم التدول والتأطير المجتمعي كإحدى أهم الحاجات المكتسبة التي تفرض على الإنسان الفرد والجماعات بشكل عام وفق قوانين وحقوق تأخذ مكانها بديلا عن القوانين والحقوق الطبيعية لتساعد على تسهيل بسط الهيمنات المتنوعه على المجتمعات ضمن مايسمى بسياسة // فرق تسد // وتبني الحدود في كل مكان تصل إليه للسيطرة على أكبر مساحة ممكنه بشكل تشرعه هذه المفاهيم ونقصد بذلك المفهوم القومي ومفهوم التدول.
وقد ولدت النظريات القوميه في مراحل لاحقة مفاهيم العنصرية والشوفينية والفاشية والنازية وغيرها من المفاهيم التي تميز الأعراق عن بعضها البعض ما أفسح المجال لسياسات الإمحاء والإنكار وفرض اللون والصبغة الواحدة على المجتمعات البشرية وخلق المونارشيات الحاكمة والدكتاتوريات المختلفة كطراز حتمي لتسيير شؤون المجتمعات وهي بمجملها وليدة الإصلاح البروتستانتي في أوربا وولادة الكنائس القومية التي شرعتها معاهدة واستيفاليا في العصور الوسطى التي اجتاحت القارة الأوربية وقد انتقلت إلى الشرق الأوسط في بدايات القرن العشرين بعد معاهدة فرساي التي أنهت الحرب العالمية الآولى رسميا وشرعت لبنود التقسيم التي وضعها كل من سايكس وبيكو عام ١٩١٦ لأراضي وممتلكات الرجل المريض في ذلك الوقت.
حقيقة الأمر أن الإرث الثقافي والفكري لشعوب الشرق الأوسط منذ نشأتها وحتى القرن العشرين لم تشهد أو تعرف أي سلطة أو حضارة من لون واحد ذات صبغة عرقية واحدة حيث تشاركت شعوب المنطقة وعلى مر العصور ببناء الكيانات المختلفة والتي تشارك الجميع في إدارتها وصياغتها على اختلاف المشارب والإنتماءات في إطار من العيش المشترك والإخاء الجمعي لكافة الشرائح فظهرت حضارة السومريين والأكاديين والميديين والبابليين والآشوريين وحتى الإسلاميين وغيرها من الحضارات المختلفة وجميعها لم تكن قائمة على أسس وقواعد عرقيه .
في المائة عام الأخيرة تعرض الشرق الأوسط للإغتراب الأعظم في تاريخه عبر الدويلات التي قامت على أسس عرقية تحت مسمى المعاصرة والتحديث النهضوي من ظلامات الإمبراطوريات وغيرها من الأزمان الغابرة حيث انتشرت هذه الأشكال المجتمعية وفرضت نفسها على المجتمعات لتساهم بشكل قسري في إخصاء جميع شعوب المنطقة وتدجينهم وفق معسكرات الموت البطيئ في كيانات متنوعه عرقيا وعقائديا وبثت الخلافات فيما بينهم لتفسح المجال أمام الهيمنات المركزة أن تصول وتجول كيفما شائت في المنطقة وخلقت أشرس أنواع الحروب والأزمات التي عانت منها بالدرجة الأولى هذه الشعوب .
وما يؤكد تلك التوجهات استمرار التأزم المجتمعي الذي تخلقه سلطات الحكم في مراحل الانتقال الذي تحياه المنطقة قسريا حيث تبقى الشعوب التي نأت بنفسها عن التدول القومي الأوفر حظا لانشاء البديل العصراني وما تشهده تجربة شمال سوريا الوليدة تأتي في إطار التجارب العملية لشعوب المنطقة كطور للانتقال الأخلاقي بين المجتمعات وتتماشى رؤى الاحتضار التي تعيشه الهيمنات ومخاض التحولات الثورية كثنائية جدلية ترعى خاصية الصراع القائم منذ القرن الماضي وحتى اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عودة جزئية للعمل بمستشفى الأمل في غزة بعد اقتحامه وإتلاف محت


.. دول أوروبية تدرس شراء أسلحة من أسواق خارجية لدعم أوكرانيا




.. البنتاغون: لن نتردد في الدفاع عن إسرائيل وسنعمل على حماية قو


.. شهداء بينهم أطفال بقصف إسرائيلي استهدف نازحين شرق مدينة رفح




.. عقوبة على العقوبات.. إجراءات بجعبة أوروبا تنتظر إيران بعد ال